الاثنين، 7 ديسمبر 2009

حــقــوق شــقــائــق الـرجــال

حــقـــوق شــقــائــق ا لــرجــا ل
كـتبت السـيدة/ مى مجـدى بجـريدة "المـصرى اليوم " بالـعـدد514 المــوافــق 9/11/2005م بصـفـحة أخــبار الوطن ما نصه : - فى سابقة هى الأولى من نوعها ظهر أول أمـس {الأثنين الموافـق 7/11/2005م } الـدكـتور أسـامـه الغـزالى حـرب رئيـس تحـرير مـجـلة السـياسـة الدولية وعـضو لجـنة السـياسـات بالـحـزب الـوطنى فـى مـؤتمر إنتخـابى لتأييد الكـاتبة الصـحـفـية / أمـينة شـفـيق مـرشحـة حـزب الـتجـمع وجـبهـة المعـارضة فـى بولاق أبو العـلا !!!
وتعــد هـذه هـى الـمـرة الأولى التـى يدعـو فـيها عــضـو ناشـط بالحــزب الـوطـنى لـمــسـانـدة مــرشـحــة حــزب معـارض ؛ وأقـيم المؤتمر فـى شـارع نصر الدين الشـيخ بمـنطـقـــة الـفـرنسـاوى ببولاق أبوالـعلا وحـضره نحــو الـفـى مـواطن . إنتهـى النص

هـذا الخـبر أسـعـدنى كثيرا ً ولا شـك أنه أسعـد الكـثيرين لأنه قـــدم لنا نمـوذجـا ً يدل عــلـى أن القـيادات الفـكـرية بمصر وطنيه بالـدرجـة الأولى ؛ وتنتمى إلى هـذا الوطن وتقـف إلـى جـوار ما تراه صالحا ً لجـمـهـور المـواطنين بغـض النظـر عــن الإنتماء الحـزبى ؛ والدكـتور/أسـامـه مـن هـذه الـقـيادات المـتميزة وكثيرا ًما قرأت له مـقالات جـادة ومـتزنة وعـاقـلة ؛ ولقـد جاء تصرفه هـذا من باب التأكيد عـلى حـرية الرأى والفكر وهـذا ما نتمنى أن نراه مـن كل المثقـفـين والعـلماء فـى كل المواقـع عـلى أرض مـصر المـحـروسـة .

وحـقيقـة ومـن بعـد أن قرأت هـذا الـخـبر أكـثر مـن مـرة لسـعـادتى به ؛ تذكرت ذلك الشـعـار الذى يتصدر جـمـيع الشعـارات الإصلاحية ألا وهـو شعار{ حـقـوق المرأة } ومـن أجـلـه إنعـقـد العـديد مــن المؤتمـرات هــنا وهـناك وأوهـموا الناس بأن المـدى الحضارى بين حـقوق المرأة فى بلاد الغـرب وحقـوقها هـنا بالشرق مـدى واسـع جـداً والحـقيقة بخـلاف ذلك تماما ً .
فإن كـانت الـمـسـألة مــسـألة أفـراد فـلـدينا مــن نوابغ العـامـلات فــى مجــالات الـتعــلـيم والـبنوك والـصـحــة والصـحـافة والتـلـفـزيون والإذاعــة والســينمـا والإدارة والوزارة والقضاء نماذج مشرفة تكاد تفوق العاملات فى بلاد الغـرب ؛ ونكتفى بذكر مثلين مـن بنات أسـرة الزمر الأول فى مجـال التعـليم يؤكـد ويوضح أن لنسـائنا وبناتنا دورا ً إيجـابيا ً فـى طلب العـلم ومشاركـة فاعـلة لتعـليمه للأخـرين ؛ ولقـد جاء تأكـيد هـذا الدور فـى رسـالة تلقتها زوجـتى السـيدة / رشيدة عـبدالستار الـزمر مـن التلمـيذ/ احمد عـبد النبى حامد خـلف بمناسـبة أداء فـريضة الحـج عـام 1417هـ المـوافـق 3/4/1997م وسـأكـتفى بســرد بعـض المقاطع مـن الرسالة .
يقـول أحـمـد فــى مسـتهل رسـالته " غــادرنا المـدرســة الإبتدائيـة /هـــدى شــعـراوى ونحـن نحـمل فــى أنفـسـنا صفـات كـريمة نتباهى بها فـى كل مكان غـرستها فينا أم عـطـوف أعـطـتنا الكـثير ولاتريد مـنا شـيئا ًســوى أن نكـون صالحـين."

ويقـول أحـمد فـى صدر رسالته " لقـد أكرمها الـلـه بحـج بيته الحـرام وهـذا التكريم لـم يأتى مـن فراغ وإنما ثمـرة سـنين قضـتها فـى سبيل العـلم والتعـليم ."

ويقـول فى خاتمة الـرسالة " ونحن الآن فى كل المدارس كـرداسـة الـثـانويـة والـجــيـزة والـسـعـيـديـة والأورمـان الـنمـوذجـية نقـف وقـفـة واحــدة نـودع فـيـهـا الـمـربيـة الـفـاضلـة وهـى ذاهــبة إلى بيت الـلـه الـحــرام ونترقـب حـركـات عـقـارب الـسـاعـة حتى تعــود لنا أمـنا سالـمـة غـانمة وقـد غـفـر الـلـه لـهـا ."

وفـى المـثل الثانى نؤكـد أن لأسـرتنا مـشـاركـة بارزة فى تثقـيف المجـتمع مـن خـلال وسائل الإعـلام وبخاصة جـهاز التلفـاز الذى أصبح يتخـطى كـل الحـواجـز ليصل إلى كـل بيت وشاركـت أسـرتنا مـن خـلالـه بالـمـذيعــة / فـريـدة يحـيى الـزمر صاحـبـة المـواقـف الـجـادة والأداء المـتميز والفـائزة بلقب أحـسن مذيعـة لعـدة سـنوات .

وفى لقاء منشور بجريدة الأسبوع يوم الأثنين الموافـق 30/3/1998م أوضحـت السيدة/ فريدة إعـتراضها على اللجـنة التى تشـكـلت لإعادة تقـييم الســادة العـامـلين فــى الإذاعـة والتـلفـزيون بدعــوى تطـوير أجـهـزة الإعـــلام فقـالت "الشـاشة التلفزيونية لا تحتاج إلى تغـيير فى شكل المـذيعات ولكنها تحـتاج إلـى ثورة فـى المضمـون ؛ وإذا كانت الشاشة قـد شاخت فإنها شاخـت فى برامجها وليس فى مذيعاتها والدليل عـلى ذلك أن هناك برامج مسـتمرة منذ عـشرين سنة بنفـس المذيعـة ونفس الشـكل ."
وأسرتنا فـيها الكثير من مثل هـذه النماذج التى تدل عـلى العـدل والإنصاف والمساواة .

ويكـفـينـا أن نذكــر مـثلا ً واحـدا ً للـرد عــلى هــؤلاء المـتشـدقـين بدول الغـرب ويظنون أنهـم سبقـونا لكن فـى حـقيقة الأمـر نحـن الذين سبقـناهم ؛ هذا المثل فى شريعة الإسلام وعـقيدتنا التى تقـر حـق الزوجة فى ذمتها المالية فهى مستقـلة عـن الزوج ولها حـق التصرف فـى أملاكها وأمـوالها بكامل حـريتها دون تدخـل مـن الـزوج وعــلـى عـكس المجـتمعات الغـربية التى تجعـل للزوج والزوجـة ذمـة مالـية واحـدة يتصـرف فـيها الزوج وحـده ؛ وهـــذا الحـق الذى حـفظته الشـريعـة الإسلامية للمرأة هـو حــق أساس ومنه تنبع كافة أشكال الحقوق وسمى ما شئت حق إخـتيارالزوج وحـق التعـليم وحق العـمل وحق الإنتخـاب وحـق الترشح للعمل السياسى والعام ؛ ولوتحقـق هــؤلاء المـتشـدقـون بشـعـار حـقـوق المـرأة وأنصـفـوا لـوجـدوا الحـركة النسائية بمصر لا تتوقـف بقـيادة السيدة الفاضلة حـرم رئيس الجـمهـورية ومعـها مـن السيدات الفضليات كثيرات مـن مثل السـيدة / حـنان الصعـيدىأمـينة المـرأة بحى مصر القديمة وعضو مجلس إدارة جمعية الفسطاط وهى التى قالت فـى المؤتمر السـنوى للجـمـعـية ما نصـه الـمنشـور بجـريدة الـجـمهـورية عـدد الـجـمعـة المـوافـق 20/11/2009مـ " إن الجـمـعـية قـامـت بـمسـح مـصـر القـديمـة ودار السـلام لـمـعـرفــة وضـع الـمـرأة فـى تلك الأحـياء الشعـبية ومـدى مشـاركتها بهـدف رفـع الوعـى السـياسـى وتحـفـيز المشـاركة ؛ فـقـامت الجـمعـية بعـقـد ندوات توعـية وإصدار النشرات ؛ وجاء فى نتائج البحث أن النسـاء غـير المتعـلمات ولـم يلتحـقـن بالـتعـليم 20% بينمـا تصل نسبة عـمالة النساء إلـى 70% . وأكـدت السـيدة / حـنان فـى المؤتمرعـلى أن أهـم أسباب إبتعـاد الـمـرأة عـن الـمشـاركة الـسـياسـية والعـمل العـام إنشغـالها فى توفـير الحاجات الأساسية لأسرتها ."

ونحـن إذ نؤكـد عـلى أن الـمشـكـلـة الـتى تواجـه نساء مصر ليسـت مشـكلة غـياب تشـريع فالشريعة إلإسلاميـة تقـرر لها كامل الحـرية وكل المساواة ولكن المشكلة هـى فى غـياب الوعى وقصور الإدراك بمقاصد الشـريعة من قـبل الـمجـتمـع ومـن قـبل الـمـرأة ذاتهـا ومــع كــل هــذا التقـصير نجـد المرأة المصرية سـبقـت مثيلاتها فى كـثير مـن الدول المتقـدمة فمثلا لم تحـصل المرأة فى سويسرا عـلى حـقـوقـها السـياسـية إلا فـى عـام 1971مـ أى بعـد خـمسة عـشر عـاما ً من حـصول المصرية عـليها .

ونـحــن عــنـدمـا نقــرأ قــول النبـى فـــى حـجـة الــوداع " ألا فأسـتوصوا بالنسـاء خـيرا ً " نفـهـم أن البنت أخـت الولد لـها كـل الإحـترام والتقـدير ونؤكـد عـلى أن المـرأة نصـــف الـمـجـــتمـع ومـسـئولـة عــن النصـــف الآخـــر آبـاء وأخــوة وأزواج وأبـنـاء ترعـى شــئونـهـم والــمـصـــريـة عــلـــى وجــــه الـــخــصــوص تـقـــوم بواجـبها عــلى أحــسـن مــا تســتطـيـع وقــدر الطــاقــة فـهــى عــمــــدة الـبيت تـديـرشـــئونــه وتـدبـر أمـــوره بحــكمـة واقـتـدار .
ونحـن الـرجال وبكـل المفاهـيم الـواعـية والراقـية نقـف إلــى جـوار الأم والأخـت والزوجـة والإبنة ونرفع شعار "النساء شقائق الرجال ".
&&&&

الثلاثاء، 1 ديسمبر 2009

ومــن يـتـوكـل عـلـى الله فـهــو حــســبـــه

{ ومــن يـتــوكـل عـلـى اللـه فـهـو حـسـبــه}

هذه آية كريمة من كتاب الله عز وجل يعرض فيها رب العـزة حمايته ويعـد بها من يطلبها ويتوكل عليه ؛ وهى حماية ما بعدها وما قبلها حماية ؛ وسعت المتوكلين فنجتهم من الهم والغم برحمة من الله لم يمسسهم سوء .
صدقت ربنا وتعاليت وبلغ رسولك الكريم ونحن على ذلك من الشاهدين ؛ ولنا فى التوكل عليك تجارب تجلت فيها قدرتك بالحفـظ والحـماية والعـون والتوفيق نذكـر بعـضها حتى تكتمل الفائدة والله المستعان .

فى صباح يوم الأحد الموافق 16/6/2003م وقفت على الطريق لأركب إلى مقرعـملى ببنك البراجيل حيث كانت الساعة تقترب من السابعة والنصف ؛ وجاءت سيارة ركوب أجرة بالنفر فأشرت اليها فتوقفت فاتجهت اليها لأركب فـوجدت السائق قد إنطلق مسرعا ولم ينتظر وتركنى !! فقلت فى نفسى لا حول ولاقوة إلا بالله لقد تركنى للأفضل وذهب لقدره !! قلت هذه الكلمات وأنا أنظر إلى تلك السيارة
وهى تبتعد ؛ ثم التفت جانبى فوجدت الشيخ/ سامى حفناوى شحاته يقف بسيارته لأركب معه حيث كانت الساعة السابعة والنصف تماما ً ؛ ونزلت بكومبره فوجدت الحاج/ عبد العزيز غـيضان يقف أمامى بسيارته وينادى لأركب معه فركبت ووصلت إلى مقـر البنك حيث كانت الساعة السابعة وخمسون دقيقة ؛ نعم وصلت البنك مبكرا ً وبدون تكلفة أجرة الركوب فيارب ارزقنا حسن التوكل عليك آمين .

موقف آخر أشد وأقسى وأصعب إنه موقف أحداث إغـتيال الرئيس محمد أنور السادات فى سنة 1981م ؛ ونبدأ الحكاية من أولها لنستلهم منها العبرة والعظة .
فى مساء يوم الخميس الموافق 24/9/1981م ذهبت إلى الطبيب / محمد عـوض تاج الدين فى عيادته بحى شبرا البلد للكشف حيث كان متعاقدا ً مع بنك التنمية والإئتمان الزراعى ؛ ولعلمى من تجارب سابقة مع أطباء آخرين أنهم يقدمون زبائن الكشف النقدى عـلى غـيرهم أسرعـت فى دفع رسوم الكشف نقـدية وأخفيت أوراق البنك لأدخل سريعا ً دون إنتظار ؛ وبعد قليل دخلت عـلى الطبيب فسألنى عـن شكواى وأجرى فحوصه ثم ضرب يده بجانبى الأيمن بطريقة جعلتنى أتألم وأشعر وكأن هناك قرن فلفل موضوع بجانبى ثم قال : الزايدة ملتهبة ومطلوب عـمل جراحة عاجلة ! وبعد إتمام الكشف قدمت له أوراق البنك وأخبرته بدوافعى لهذا التصرف فقال : لا.. لا هنا لا يوجـد فرق أو تعـطيل ثم إستدعى التومرجى وأمره برد قيمة الكشف وأعـطاه التحويل لإثباته فى السجل المخـتص ؛ ويبقى أن نشير إلى أن هذا الطبيب هـو وزير الصحة فى وقتنا الحالى من عام 2005م .
عدت إلى شقة أخى عبود الزمر بالعقار رقم 9 شارع عفيفى قسم أول الجيزه بقصد أن أكون قريبا ً لبنك المحافظة فأذهب إليه صباح السبت الموافق 26/9/1981م لتنفيذ توصية الطبيب بعمل جراحة عاجلة ؛ ولم أكن أدرى أن هناك قدرا ً مقدورا ً فى ظهر الغيب وأنى سأكون فى ذلك السبت بمبنى وزارة الداخلية بسبب ثقيل جدا ً يرتفع إلى مستوى البلاء وسنرى ذلك فى السطور التالية .

مساء يوم الجمعة الموافق 25/9/1981م وفى حوالى الساعة العاشرة والنصف مساءا ً سمعت طرقا ً شديدا ً ومتواصلا ً على باب الشقة فأسرعـت نحوه وبمجرد فتحه إندفعـت قوة من الشرطة ودخلت ترفع فى وجهى السلاح وأحدهم يسألنى أنت عـبود؟ فقلت : لا أنا أخوه أحمد !! وفى لحظات كان الأخرين قد أخذوا أماكنهم رافعين أسلحتهم بينما عـدد منهم يقوم بتفتيش الشقة ويتقدمهم العميد/ نبيل صيام والعقيد/ أحمد همام ؛ عرفت إسميهما فيما بعد ؛ وفى تلك الساعة العصيبة جعلت ذكر الله فى عـقلى فألقى الله عـز وجل سكينته فى قلبى فلم أفزع منهم الأمر الذى جعل العقيد/ أحمد همام يتعجب ويقول لزملائه : أحمد واحد من إثنين إما أنه خطير جدا ً ويمثل علينا دور البراءة أو أنه لا يعرف عـن الموقف شيئا ً !!!
لقد كان من المتوقع فى مثل هـذه المواقف أن يكون هناك خوف وفزع وتصرف طائش فأحاول الهرب منهم أو أعـتدى عـلى أحدهم بالضرب فيطلقون النار عـلى شخصى فأسقط قتيلا ً أو مصابا ً ؛ ولكن شيئا ً من هـذا لم يحدث ؛ ودعـوت الله فى نفسى أن ينصرفوا من قبل مجيئ عـبود مخافة وقوع تبادل لإطلاق النار خاصة وأنه يحمل سلاحا ً ناريا ً ويجـيد إستعماله ؛ ويبقى أن نشير إلى أن العقيدأحمد همام
هومحافظ أسيوط الحالى فى 2005م .

قامت القوة بضبط أسلحة وذخيرة فى حجرة نوم عـبود الزمر وعـندما أرادوا تفتيش حجرة الحاجة أم عـبود قالت أنها مريضه ولا تقوى عـلى القيام من فراشها ولكن أحمد همام أراد تفتيش السرير وأمى تصر عـلى رفض القيام من فراشها وتتكلفت بغطائها ثم قالت : أخرجوا حتى أقوم ! فلما خرجوا أمرتنى بغلق الباب ثم قامت وهى ملتفة بغطائها ووقفت الى جـوار السرير وقالت ادخلوا عـندكم السرير فتشوه
فقام أحدهم بتقليب المراتب والوسادة ونظر أسفل السرير فلم يجد شيئا ًوأنا واقف إلى جوار أحمد همام وأخرين يحملون أسلحتهم وفجأة وجـدته يقول : إتفضلى أقعدى ياحاجة وارتاحى عـلى الكرسى ! وأمى ترفض وهـو يعيد طلبه وهى ترفـض وأنا أتعجب وقلت لأمى أقعدى هنا فلما قعدت ظهرت المفاجأة !! لقد ظهر سنكى سلاح آلى من تحـت الغطاء!! فاندفع أحدهم وانتزع السلاح من يد أمى بينما إندهشت أنا وألجمتنى المفاجأة ؛ وأسرع أحدهم وجاء بإبنة الحاج عـلى طلبه واسمها جملات وأمرها بتفتيش الحاجة ذاتيا ً مخافة أن يكون معها أسلحة صغيرة فى طى ملابسها فلم تجد شيئا ً.
وبعد حوالى ساعـتين جاء النائب العام بشخصه إنه الأستاذ/ رجاء العـربى عـرفته بمجرد دخوله من باب الشقة لسابق معرفتى بشكله من صورته المنشورة بالصحف وكان بينه وبين قوة الشرطة كلام لم أسمعه ؛ وبعد منتصف الليل بقليل نبهنا العقيد أحمد همام وأعطانا الفرصة لنستعد للذهاب معه للتحقـيق واخذونى وأمى وزوجة عـبود فى سيارة شرطه إلى مبنى أمن الدولة بالدقى ؛ومن خلال فتحات صغيرة خلف السائق ينبعث منها بعـض الضوء من لمبة كابينة القيادة حيث يركب العـقيد/ أحمد همام سمعـته يقـول لأخر بجواره:- كده عـبود لازم يسلم نفـسه لينقـذهم مـن الحبس !! سمعـت هذه الكلمات وأحسست أن الموقـف جـد خـطير فنحـن رهائن ومع هذا لم تزل السكينة فى قلبى والهدوء يتملكنى والحمد لله ؛ وبعد ساعة أخذونا فى سيارة ترحيلات حديدية مغلقة تماما ً وبها فتحات صغيرة لإدخال الهواء وينبعث منها بعـض الضوء من أعـمدة الإنارة عـلى جانبى الطريق وبعـد قليل توقـفت السيارة فـنظرت فوجـدت لافتة مكتوب عـليها مبنى وزارة الداخـلية حـيث كانت الساعة فى يدى تقترب من الثالثة صباحا ً؛ كل هـذا يحدث والسكينة لم تزل ترخى سدولها عـلينا فى تلك الساعات الصعــبة ؛ وصعـدت سلما ً ومن خلفى أحـد أفـراد القـوات الخاصة يضع سلاحه الألى فى ظهرى بينما يمشى أمامى ضابط فتوة برتبة ملازم أول شاهرا ً مسدسه ويده عـلى الزناد!! كل هذا والسكينة تتملكنى لدرجة أنى قلت فى دعابة :- الله .. الله لقد صرت ولا شاه إيران !! فالتفت الضابط نحوى مندهشا ً من قولى وقال :- ربنا ينجيك فقلت :- يارب .. يارب .

دخلت مكتب المحامى العام فوجدته فى إنتظارى واستجوبنى بنفسه حتى الفجـر وكان لطيفا ً معى ؛ سألنى بمنتهى الأدب والحـذر ورددت عـليه بمنتهى الصدق والوضوح وفى ذات الوقـت كنت أتابع الأستاذ كاتب محضر التحقـيق وأعـيد عـليه إملاء أقوالى عـندما يتأخر عـن كتابتها ؛ فتعجب المحامى العام من هـذا المسلك وأخذ ينظر لى تارة وللأستاذ الكاتب تارة أخرى والدهشة فى عـينيه !!! ثم إستدعى الساعى وأمره بإحـضار مشروب عـصير ليمون من بعـد أن خـيرنى فاخـترت الليمون ثم قال : ياأستاذ أحمدأمرك ووضعك كله خير وسيتم الإفراج عـنك فى الصباح فقـلت الحمد لله رب العالمين ثم نظرت إلى الأستاذ كاتب التحـقـيق فوجـدته قد وضع القـلم والأوراق جانبا ً وأخذ ينظر لى وهـو يبتسم ومسرور !! ثم خـرجت من مكتب الأستاذ المحامى فى حـراسة لتدخل أمى ثم زوجة عـبود لإستجوابهما كل عـلى إنفراد.

خرجت من المكتب فأدخلونى حجرة أخرى بها عدة كراسى ويقف على بابها جندى للحراسة ؛ وأثناء قعودى على الكرسى غلبنى النعاس فنمت فى الوضع قاعدا حتى أيقظنى صوت الضابط ينادى :- ياأستاذ/ أحمد إصحى إنت نايم !! فنظرت حولى فوجدت أمى وزوجة عـبود تقعدان بجوارى ؛ وبعد دقائق جاء ضابط آخر وقال :- أستعدوا للذهاب المخابرات تطلبكم فقلت :- الحمد لله رب العالمين لطفك يارب ثم نظرت فى ساعـتى فوجدتها تقترب من الثامنة فى صباح السبت الموافق 26/9/1981م وسمعت صوت الطلاب يحيون العلم فى طابور الصباح فى أول يوم للدراسة بمدرسة مجاورة لمبنى الداخلية .

خرجنا مسرعين من الحجرة خلف الضابط ومن خلفنا عدد من جنود الشرطة المسلحين ؛ وأمام مدخل المبنى وجدت ثلاث سيارات بيجو بيضاء اللون تقـف متراصة فى صف واحد ويقـف إلى جوارها عدة رجال بالملابس المدنية بينما يقـف عن بعـد رجل أنيق الملبس ذو هـيبة ينظر نحوى عـلى وجه الخصوص ونظرت نحوه فلم أعـرفه وبالتأكيد هو يعرفنى ومن المؤكد أنه رتبة أمنية كبيرة جاء لينظر ويتأكد من تسليمنا لرجال المخابرات العسكرية !!
أسرع أحدهم وفتح باب السيارة الوسطى وأشار لنا بالركوب فيها فركبت أنا من ناحية اليمين وأمى فى الوسط وزوجة عبود عن شمالها وركب أحدهم بجوار السائق بينما أخذ الأخرون يركبون السيارتين الأولى والثالثة ثم تحرك الركب فى تؤدة حتى خرج من بوابة الوزارة وعسكر الحراسة يؤدون التحية العسكرية ؛ وانطلق الركب فى شوارع القاهرة المزدحمة وقائدى السيارات الثلاثة يحافظون عـلى قرب المسافات بينهم وكلما قابلتهم إشارة مرور سمعت صفيرا ً من السيارة الأولى وإشارة باليد من قائدها فيتم فتح الإشارة على الفور ليمر الموكب !! وهكذا كلما تقابلنا مع إشارة يتم فتحها ويقف عسكرى المرور منتبها ً يؤدى التحية وأنا أحمد الله فى سرور وانشراح صدر وسكينة حتى وصلنا إلى مكان لا أعرفه وقت دخولى إليه وعرفته فيما بعد من اللوحات الإرشادية داخل الموقع؛وهاهى الأبواب تفتح سريعا ً فندخل وجنود الحراسة يؤدون التحية وأنا أحمد الله .

وقفت السيارة ونزلنا منها وأصطحبنا أحدهم إلى حجرة بها عـدة كراسى جلد وكنبه كبيرة ومكتب معلق من خلفه صورة للرئيس السادات بالزى العسكرى وعلى صدره وشاح القضاء ونوافذ الحجرة مرتفعة وعـليها قضبان حديدية ويقف عـلى بابها حرس بالسلاح .
وهنا سألتنى أمى إحنا فين ؟ فقلت : فى المخابرات الحربية والحمد لله ؛ وبعد نحو ساعة جاء أحدهم بملابس مدنية واصطحبنى إلى حجرة أخرى وهـو يهرول أمامى ويقول : تفضل تفضل ياأستاذ/ أحمد فلما دخلت من الباب وجدت رجلا ً مهيب الطلعة وأمامه مكتب كبير وعـن يمينه جهاز كهربى ينبعـث منه ضوء أحمر وأخضر وله ذبذبة مسموعة!! وبمجرد دخولى عـليه نهض من فوره وصافحنى قائلاً أهلا ً ياأستاذ /أحمد !! وكان أول كلامه معى أن سألنى عما إذا كانت هناك أى إهانة أو معاملة غـير لائقة وأجبته بالنفى والحمد لله ، وقعدت إلى جوار الجهاز حيث أشارلى وقعد الضابط الأخر أمامى وبدء فى إستجوابى بعد أن أوضح لى أنه يعلم الكثيرعـن شخصى وعائلتى وأسرتنا الزمر!! أحدهم يسأل والثانى يحاورنى ويفند ويناقش إجابتى والجهاز إلى جوارى يرسل ذبذبة وضوء حتى إنتهت الأسئلة بقول الرجل المهيب : أنت فعلا ً لا تعرف شيئا ً عـن هذا الموضوع ! ثم قال : هل لك أى مطلب؟ فقلت : أنا جوعان وأريد طعاما ً لأنى لم أكل من ليلة أمس ! فضحك وقال حالا ً سيأتيك الأكل ولمن معـك .

وخرجت من عـنده وقد فطنت إلى أن ذلك الجهاز هو جهاز كشف الكذب كالذى تعرض له محمود عـبدالعزيز فى مسلسل رأفت الهجان وعادل إمام فى مسلسل جمعه الشوان وهى مسلسلات تبين دور المخابرات المصرية داخل إسرائيل وتم عرضها بالتلفزيون المصرى فى سنة 1978مـ وأعيد عرضها عدة مرات وكنت أتابع مشاهدتها يوميا ً ولم يخطر عـلى بالى أنى سأتعرض لهذا الجهاز فى سنة 1981مـ !! وعـدت إلى تلك الحجرة وبعد دقائق جاء رجل يحمل سندوتشات جبنه رومى وبيض وبطاطس وثلاث زجاجات من مشروب سفن أب ووضعها أمامى فوق منضدة صغيرة وسألنى من أنتم ؟ فلما علم بأمرنا قال : ربنا معاكم .
إبنتى سومية كان لها تعليق خفيف بعـد أن قرأت السطور السابقة فى يوم الأربعاء 1/11/2005مـ فقالت : ياسلام عليك !! الناس كلها من حولك خائفة ومرتبكة وأنت قاعد تأكل البيض والبطاطس !!

بعد ساعة لحقت بى السيدة امى وزوجة عبود ورقدت عـلى الكنبه وغـلبنى النوم فنمت حتى صحوت عـلى صوت ينادى إصحى ياأستاذ/ أحمد فانتبهت فوجدت رجلاً واقف فوق رأسى يقـول : قم روح فقلت : أروح على البيت فقال: نعم فقلت: إحنا لا نعرف الطريق من هنا !! فقال : العربية ستذهب بكم حتى باب البيت بالجيزة .

توقفت السيارة أمام البيت رقم 9 بشارع عفيفى متفرع من الصناديلى قسم أول الجيزة فى حوالى الساعة الخامسة عصرا ًوعلى الفور أحاط بنا عدد من المخبرين ورجال الشرطة يريدون معرفة شخصية السائق وزميله وهما يرفضون الإجابة عليهم فقلت لهم : هذه سيارة المخابرات لقد أفرجوا عـنا ! وأسرع أحد رجال الشرطة ليتكلم بجهاز لاسلكى يحمله ؛ وصعدنا إلى الشقة بالدور الثالث فوجدنا الباب مفندق ويتواجد بداخلها عـدد من المخبرين ورجال الشرطة !! وبعد دقائق جاء أحدهم يطلبنى للرد على سيادة العقيد/ أحمد همام فى تليفون الحاج/سيدحسين طلبه عضو مجلس الشعب بالدور الرابع ؛ واسرعـت إليه ومن خلفى عـدد من المخبرين فوجدته يسألنى عما حدث معنا فقلت له الموقف فى عجالة فقال منزعجا ً معقول أمن الدولة والمحامى العام والمخابرات تفرج عـنكم !!! فقلت : وسيارة المخابرات جاءت بنا حتى باب البيت ووجدنا المخبرين متواجدين بالشقة ونحن نريد أن نسترح واستدعيت أحدهم ليتكلم معه فأمرهم بالخروج من الشقة والتواجد أمام باب البيت حتى صدور تعليمات أخرى ؛ بعد قليل سمعت طرقا ً على الباب فأسرعت اليه فوجدت الدكتور/ ممدوح محمود عيسى جاء ليطمئن علينا وهو أول شخصية من أقاربنا حضرت ونحن داخل الحدث !!واستمريقـف معنا ويتابع من قريب هو وأخيه الأستاذ/ أنيس وأبيه الأستاذ / محمود فشكر الله لهم وقفتهم الشجاعة فى وقت الشدة حيث إبتعد الكثيرون ؛ وذهبت أنا بصحبة الأستاذ/ سيد عبدالرحمن زوج شقيقتى إلى مستشفى فينى بالدقى لعمل الجراحة التى أوصى بها الدكتور/ محمد عوض وتمت الجراحة فى يوم 29/9/1981م وأفقت من البنج فوجدت أمامى زوجتى/ رشيدة تحمل ولدى الطفل /محمد ومعهم الحاج/ محمدعبدالفتاح عبود والأخ/مجدى عبدالستار حضروا جميعا فى سيارة الحاج/ حسين عامر الزمر ثم وقعت حادثة الإغتيال وأنا طريح الفراش بالمستشفى وخرجت منها فى يوم 8/10/1981مـ بصحبة زوجتى فى سيارة عمى/ حسين عامر وحقيقة فإن هذا الرجل أظهروفاء ورجولة وشجاعة فى الوقوف معنا ولم يبتعد على الرغم من الضغوط والتحذيرات التى تلقاها من الأخرين .

عدت إلى بيتى فى ناهيا بشارع الحسنيه ومكثت به طريح الفراش نحو شهر واول من جاء لزيارتى فى تلك الفترة عمى/ إبراهيم زين الدين يرحمه الله والأخ/ خالد إبراهيم سعيد الزمر ؛ وفى تلك الفترة علمت بخبر ضبط عبود وطارق يوم13/10/1981مـ من شاشة التلفاز وأذاع به الأستاذ/ احمد سمير .

وعلى نقيض ما أبديته أنا من صبر وثبات وتوكل على الله أظهر الكثيرون خوفا ً وفزعا ً وجزعا ً وصل لحدأنهم ظنوا أن مجرد مقابلتى فى الطريق يؤذيهم ويضيرهم فابتعدوا عـنى وتجنبوا مجرد السلام فى مقاطعة إعـتبرتها إبتلاء من الله ليبلونى فأخترت الصبروالشكر والحمد لله .

وبحسبة عـقلية بسيطة لو عـقلوها لكان تصرفهم بخلاف ما عـقلوه ؛ فهؤلاء يفترضون ويتوقعون إعتقالات وحبس لأقارب عبود ولوكان تخوفهم فى محله لكنت أنا أول المحبوسين بل ووجودى أمام أعينهم ينفى حدوث توقعاتهم ولكنهم لم يعقلوها وأوقعهم الشيطان فى حبائله وصغرهم وأوهمهم ووسوس لهم فتصرفوا تصرفات صغيرة لا تليق ولاتصح من ذوى قرابة ؛ وصرت أضحك وأحمد الله كلما رأيت أحد الخائفين وهـو يبحث عـن مخرج يهرب منه حتى لا يتقابل معى وكأنه أرنب يهرب من الصياد فهذا يلتفت فى تصنع مكشوف حتى لا يكلمنى وأخر يغير مسارطريقه إلى الناحية الأبعد أويسرع فى سيره ليبتعـد وآخر لا يقوى عـلى ردالسلام وكأنه لا يسمع ولا يرانى ؛ جار لنا بالجيزة تقابلت معه فتركنى وذهب يجرى !!! أمى الحاجة/أم عـبود الزمر كان لها تعليق لطيف تقول فيه : ولا يهمك إنها هيبة يتمناها الرجال فأضحك وأقول : نعم هيبة ولاهيبة جدى حسن وجدى عباس!!!
والعجيب أن يتساوى فى هـذا الخوف القريب مع البعيد والمتعلم مع الجاهـل والبسيط بذى المكانة وهـم يظنون أنهم يحسنون صنعا ً ويحافظون عـلى أنفسهم ومكانتهم ونذكرهم أنه من أساليب إبليس اللعين تخويف المؤمن من كل شيئ حتى يصبح جبانا ً فيصغر فى أعين إخوانه وتضيع مكانته بين الناس من حيث يعتقد أنه يحافظ عليها ويقع عليه ما كان يحذر منه وأعلم أخى الكريم أنه لا يغنى حذر من قدرفأنتبهوا أيها السادة يرحمكم الله ويصلح أحوالكم .
الأستاذ/ على ابراهيم الزمر كان له تعليق لطيف يمتدح فيه صبرى والتزامى بالأدب مع هؤلاء فقلت له : أنا أتعامل مع الناس على قدرهم ولا أنتظر من القطة فعل الأسد !! فضحك وقال : الله الله عـلى حسن فهمك وسعة صدرك .
وهكذا كانت ثمرة التوكل على الله والصبرعلى البلاء نصرة وهيبة وحفظ وحماية ورحمة ونجاة والحمد لله رب العالمين .
&&&&

الاثنين، 16 نوفمبر 2009

دروس مــهــمــة فـــى عــلــو الــهــمــة

دروس مــهــمــة فــى عـلـو الــهــمــة

إن التعـبئة المعـنوية غاية فى الأهـمية من أجل تنمية الأوطان فى كل المجالات لهذا كان من الضرورى إعادة النظر باستمرار فى أمور التنمية المعـنوية من خلال الإهـتمام بالتدين الصحـيح فى البيت وفى المدرسة وفى الشارع وفى الحـقـل وفى المصنع وفى جميع مناحى الحياة حـتى تصبح التنمية المعـنوية الإيمانية هى الركيزة الأولى فــى حـياة الناس وتأتـى معـها ركائز أخــرى تنير لنا الطـريق نحـو التقـدم والإزدهار .
والحاجة فى مجـتمعنا ملحة إلى التنمية المعـنوية لإستنباط اتجاهات وسلوكيات تساعـدفى التجـديد وتقضى على السلبيات وتعـلى من قيمة العـمل والتعاون والتكافل والتراحـم والتواصل والتسامح وقـول الحـق فى شجاعة والعـدل بين أفـراد المجـتمع بما يجعـل المواطن المصرى صانعا ً للتنمية وليس متلقى لها فحـسب ؛ وفى سلوكيات أبناء أسرة الزمروجدت هـذا التجديد وفى روح أبنائها لمست تلك القـيم والتجديد والقـيم هـما جناحاالحـضارة الحـق التى تمتلك أسرتنا كل مقـوماتها .
السيدة/ شاهيناز زوجة فضيلة الشيخ/ محـمد الطويل تؤكد عـلى هـذه المعانى فى كلمات بسيطة فى قـولها وكبيرة فى معـانيها ؛ تقول السيدة وتحـديداً فى يوم الإثنين الموافق 16/8/2004م مانصه " لقد دخـلت بيوت كثيرة فـوجـدت بيوت عـائلة الزمرأحسن البيوت فى النظام والإحـترام والكـرم ."


ياربى إجعـلنا خـيرا ً مما يظنون وسامحـنا وأغـفـر لنا مـن ذنوبنا مالا يعـلمون وثبتنا عـلى الإيمان والإسلام اللهم آمين آمين .

فى يوم الأربعاء الموافق 10/7/2002م وبمقر بنك البراجيل حيث كانت الساعة12 ظهرا ً وفى حضور كل من الزملاء / عـبدالواحد ويحـيى والحسينى دخل عـلينا الحاج/ رزق عـلى محـمود عبدالباقى الحـنبولى من أهالى قرية البراجيل وكان بينه وبينى كلام وحديث تشعـب حـتى سمعـته يقـول :- أول سماعى عـن عـيلة الزمر وأنا فى صباى ألعب مع الأولاد فى الشارع ؛ وعـندما تقع مشادة كلامية بين النسوة أو بين الرجال كنت أسمعهم يقـولون لبعـض " أنت فاكر نفسك من بيت الزمر ولا حـد قـدك"ومن يومها وقع فى قلبى ونفسى حـب عـيلة الزمر .
فلما سمعت هـذا القـول من الحاج/ رزق قلت له :- ياحاج أنت الوقت كبرت وعـرفـتهم عـن قرب فما رأيك فـيهم ؟ فقال" عـرفـتهم أناس محـترمون ويستأهلون أن يكونوا مضربا ً للأمثال "... ونحـن نعـتز بهـذه الشهادة خاصه أنها جاءت عـلى لسان الحاج/ رزق ..عـضو المجلس الشعـبى بقـرية البراجيل وعـضو مركزأوسيم وهـو من الرجال القلائل الذين يتقـدمون لخـدمة الناس فشكر الله له صدقه ومروءته.
وحقيقة فإن المثل الذى سمعه الحاج/ رزق فى صباه كان مثلا ً شائعا ً بين الأهالى فى كافة بلدان المحافظة مما يؤكد أنه قد صار من الأمور المسلمة فى ثقافة الأهالى أن أبناء بيت الزمر لا مثيل لهم وأنه من حـقهم وحدهم الإمارة على الناس وليس من حـق أحد غـيرهم !!هكذا فهـم العامة للأمور ولكن لأسرتنا فهـم آخـر سنوضحه فى نهاية المقال .
فىهذا المقال نقدم نماذج من مواقف الرجال تدل على علو الهمة ؛ نكتبها فى سطور موجزة من باب التذكير والعرفان والتواصل مع المجتمع الذى نعيش فيه لتكون سيرتهم مثلا ً للسائرين ومنارة للقادمين ولعـل ماعـملوه من حسنات يشفع لهم فيما اقترفوه من سيئات ففى رحمة الله متسع والرجاء فى غـفرانه عـظيم .

1- العمدة /حسين عامر الزمر جلس يوماً عـلى أحد مقاهى الوراق فى مطلع الستينات ووضع أمامه بندقيته التى تعـود أن يحملها معه ؛ وفجأة دخلت كبسة شرطة يقودها الضابط " حازم " لتطويق القاعـدين بالمقهى ؛ فلم يعبأبه العمدة ولم يحرك ساكنا ً فاتجه إليه حازم وقال : أنت قف وكلمنى ! فقال العمدة : أنا حسين الزمر عـمدة طناش أنت مين وعايز إيه !العمدة قال هـذه الكلمات وهـو قاعد مكانه ويتكئ على البندقية بين قدميه وكأنها عـصا !فاندفع الضابط وانتزع البندقية من يد العمدة فقال العمدة : عـيب هات البندقية !! كل هذا يحدث والعمدة يقعد مكانه ولم يظهر أى إهتمام لذلك الضابط المغـرور ؛ وانصرف الضابط وانصرف العمدة كلاً فى طريقه وبعد أيام وقعـت المفاجأة وشاعـت بين الناس فى جملة مفيدة ومفادها " عـمدة الزمرأعطى درسا ً للشرطة ".
لقد تعود الضابط / حازم أن يركب فرسا ً يجرى بها فى الشوارع والأسواق ولقدرأيته بنفسى وهـو يجرى فى شوارع مدينة الجيزة ويسوق أمامه الباعة الجائلين والمخالفين للنظام ؛ وفى إحدى الليالى خرج حازم كعادته يتجـول بالفـرس فى شوارع الوراق وفجأة خـرجـت عـليه مجـموعة من الرجال الملثمين فأوقعـوه فى كمين لم يستطع الإفلات منه ثم أنزلوه من عـلى الفرس وجـردوه من سلاحه الميرى وقال أحدهم : - هات سلاح العـمدة وخـد سلاحـك ! وفى ذات الليلة عاد حازم ببندقية العمدة وتسلم سلاحه الميرى ثم عـاد لعمله وطلب نقله إلى مكان آخر .
2- فى عام 1971م تقدم الأستاذ/ عـزيز همام الزمر للإنتخابات عـن مقعد العمال وتقدم الأستاذ/ أحـمد حسين ناصر عـن مقعـد الفئات بدائرة مركز إمبابه ؛ وفرحت أنا كثيرا ً بهذين الرجلين خاصة أنه يمكن إختيارها معا ً ؛ لكن عـلى ما يبدو أنه كانت هناك ترتيبات حكومية لإختيار حسن حافظ وعـزيز الزمر مرشحا حزب مصر الحاكم بينما كان أحمد ناصر مستقل ، وجئت إلى ناهيا وتوجهت إلى لجنة مشيخة الحاج/ عـبد الفتاح عـبود الزمر ومقرها نقطة الشرطة ؛ فلما إقتربت منها عـلمت من الواقفين لدى الباب أن الحاج /عـبد الفتاح قد أعـلن تأييده لأولاد البلد المرشحين أحـمد ناصر وعـزيز الزمر ففرحت بذلك كثيرا ً لأنه أمر جاء بما تحبه نفسى وتشتهيه !! ودخلت عـلى عـمى الحاج/ عـبد الفتاح فوجدته يقـف فى اللجنة وقد إنعقدت عـلى إختيار أحمد وعـزيز بطريقة عـلنية !! وهذا الموقف لم يجرؤ عـليه أى شيخ حصه فى ناهيا أو خارج ناهيا ولكن عـمى الحاج/ عـبد الفتاح عـبود له من مثل هذه المواقف الشئ الكثير ؛ وانتهى وقت اللجان وجاءت الأخبار بسقوط أحمد ناصرونجاح عزيز وحسن ؛ وخرجت مسيرات الغضب يقودها أحمد ناصر تهتف بحياة الحاج/ عـبد الفتاح الوطنىالحـر وسقـوط حزب الحكومه وهكذا كانت صورة أبناء بيت الزمر فى ذاكرة الأهـالى لاتخـرج عـن كونهم يقـفـون مـع ما يرونه عـدلا .ً

3- فى عام 1979م وبمقر بنك أبورواش سمعـت الحاج/ خفاجه رحيم يقـول :- الفتوة عـباس الزمر فى شبابه ذهـب ومعه مجـموعة من أصحابه للسهر فى إحدى المقاهى الساهـرة بمصر وبينما هـو جالس وأصحابه من حـوله والغوانى يرقصن أمامه دخل الأميرإبن أفندينا ومعه تشريفة من الحرس الملكى فشد إنتباه الجـميع إليه وراحـت الغوانى يرقصن بين يديه ؛ فاغـتاظ عــباس الزمر من هذا الموقف وأراد أن يعطى درسا ً للجميع يظهر فيه قوته ويذكر الناس بهيبته !! فما العـمل وهـذا إبن أفندينا والوضع يحـتاج إلى الحيلة والذكاء ؛ فأصطنع مشادة مع أصحابه تحـولت إلى إشتباك بالأيدى والعـصى والكراسى ؛ وتدخـل حـرس الأمير لفـض النزاع لكن عـباس إعـتدى عـليهم بالضرب ثم إقترب من الأمير فوجـده قدتملكه الخـوف والفـزع وراح يصيح قائلا ً أنا الأمير أنا إبن الخديوى !! فلطمه عـباس عـلى وجه فسقط الطربوش من عـلى رأسه !!وتمكن عباس من الخروج من الحانة وتركها وقـد إنقلبت رأسا ً عـلى عـقب !! فلما عـلم أفندينا بالحادثة وعـلم أن ذلك العباس هـو حـفيد عامر بيك الزمر عـضو مجلس شورى النواب ومدير الجيزة عام 1866م أرسل فى طلبه فلما دخـل عـليه ألقى السلام إليه وهـو مرفوع الهامة منتفخ الأوداج كأنه الليث وتعجـب أفندينا من هيئته ثم قال " أنت حـفيد رجل عـظيم من بيت كريم وشريف ولكن تصرفت تصرفا ً حقيرا ً فكيف ضربت ولدنا الأمير بعد أن قال لكم أنه إبن أفندينا ! " فقال عـباس : - لقد رأيت أمامى شابا ً يقول أنا إبن أفندينا فاعـتقدت أنه أبله ولم يخـطر ببالى أن إبن أفندينا يدخل فى مثل هـذه الأماكن الموبوءة ؛ فضحـك أفندينا وقال :-عـفارم عـباس أحمد!إبن أفندينا لا يصح أن يدخل هـذه الأماكن !إنصرف عـباس لقد عـفونا عـنك .
وأصبح عـباس احمد الزمر من بعـد هـذه الحادثة أكثر هـيبة بين الناس فى البلاد وشاع الخـبر بين الأهالى فى عـبارة موجـزة مفادها " إبن الزمر ضرب إبن أفندينا" وهكذا كانت هـيبة بيت الزمر بين البيوت والعائلا ت فى مصر .

4- وفى عام 1994م سمعت الشيخ/ محمد التهامى يقول :- من خمسين سنه جائت إمرأة من ناهيا وأشترت منى زرع على أن تسدد ثمنه بعد إنتهاء السوق ؛ ومر يوم ويومان ولم تأت ؛ فذهبت إليها حيث تقعد بسوق السهرايه فماطلت معى ! فنظرت من حولى فوجدت الشيخ/ عبدالحميد طلبه الزمر فلجأت إليه فلما علم بموقفى تعاطف معى وقال للمرأة : أنت أخذتى منه زرع ؟ فقالت : أيوه أخذت فقال : إدفعى ثمنه فقالت : مش هو معاى ! فنهرها الشيخ / عبدالحميد وأشار إليها بكل حماس وقال: إدفعى أحسن لك ! فخافت المرأة وقالت : حاضر حاضر ثم ناولتنى الثمن فانصرفت شاكرا ً للشيخ وقفته مع الحق . وينهى الشيخ / محمد التهامى كلامه بجملة موجزه تتردد كثيرا ً بين الناس مفادها " عيلة الزمر كلها ناس طيبين ويقفوا مع الغلابة ."

5- فى يوم 22/6/2003م ظهرا ً وبمقـر بنك البراجـيل حـضر الحاج/ صافى عـلى كسبر من أبناء قرية كفر حكيم وسمعـته يقـول :- عـمك الحاج/عـبد الفتاح عـبود يرحمه الله قاد وتزعـم هجوما ً مسلحا ً عـلى معـسكر الكامب الإنجليزى فى عام 1949م بجبل أبو رواش ومعه عـدد من الشباب من ضمنهم والدى/ عـلى كسبروفى جوف الليل وفى الوقت المناسب تجـسـسوا وتحـسـسوا وتعـسـسوا طريقهم إلى داخل المعـسكرفى غـفلة من الحـراسة وأخـذوا يحــملون الأمـتعة والمعـدات والذخائر وخرجـوا بها ثم قعـدوا من قريب يتفحـصوا ماحـملوه وفجأة وجـدوا عـسكرى إنجليزى يقـف من وسط الغنائم والأمتعة لقد كان نائما ً فحـملوه من ضمن ماحملوه فى ظلمة الليل وهـو لا يدرى وهـم لا يعلمون بوجوده ضمن الأمتعة ؛ وها هو الآن قد أفاق من نومه وهـب مذعـورا ً يتلفت حوله ويتحسس سلاحه !! وأدهشت المفاجأة الجميع عـدا عـمك الحاج لقد أسرع فأطلق عـيارا ً ناريا ً من بندقيته صوب العـسكرى فأرداه قـتيلا ً فى الحال !!ثم حـملوا الأمتعة والمعدات والذخائر والسلاح وذهبوا بها غـنيمة من قوات الإحتلال.
صحـيح أن دوافع الحدث كانت الحـصول عـلى الغنائم لكن هـذا لا يمنع أن يكون من دوافعه أيضا ً الإنتقام من الإحتلال ومعاقبته عـلى تحكمه فى البلاد والعباد بدون وجه حق ولما لا وقائد الهجوم مـن بيت الزمر المعـروفين بوقـفـتهم الشجاعة مع المطلب الشعـبى ؛ وضرب المحـتل والكيد له يلقى قـبولا ً شعـبيا ً فينتشر خـبر الحدث بين الجـماهير ليؤكد صفات البطولة والشجـاعة فـى بيت الزمر.

6- وحين قامت الحـرب العالمية الثانية نزلت بعـض جيوش الحلفاء فى قريتنا ناهيا وسيطرت عـلى مداخـل الطرق ؛ وفى ليلة موعـودة بالشجاعة والبطولة والفخار عاد الشاب /عـبد المجـيد محمد الصياح الزمر فى ساعة متأخرة وكان لا بد أن يمر عـلى أحـد الأكمنة لتلك الجيوش حيث كانوا يستوقـفون كل من يمر عـليهم لتفتيشه ذاتيا ً وبطريقة مهينة لن يقـبلها الشاب /عـبد المجـيد وهـو الرجـل الشهم الشجاع لذا فـقد تصرف بطريقة تشرف كل مصرى فأستحق وسام الشجاعة مقدماً من الأهالى .
لقد إقترب عـبد المجـيد الزمر من الموقع وهـو راكبا ً الفرس فأشار إليه قائد الكمين بأن ينزل من عـلى الدابة فتجاهـل إشارته !! فأقترب قائد الكمين وبجانبه جندى مسلح وأصرا عـلى إنزاله من عـلى الدابة !! فما كان من عـبد المجيد إلا أنه إلتف من فوق الفرس وبسرعة وكأنه يترجـل فضرب قائد الكمين بقـدمه فطرحه أرضا ً وفى ذات الوقـت دفع بيده القـوية جندى الحـراسة فأرتطم وجهه بمؤخـرة الفرس فسقـط مغشيا ً عـليه ثم قفز بخـفة ليركب دابته وينطلق مسرعا ًإلى القرية تاركا ً وراءه قائد الكمين يطلق صفارته يطلب النجـدة من زملائه لكن بعـد فوات الآوان ؛ ويشيع الخبر بين الأهالى فى عـبارة موجـزة مفادها " بيت الزمر ضربوا الإنجليز بالشلوت " وهكذا كانت مواقـف أبناء الزمر وهكذا صورتهم المضيئة بين العائلات فى مصر.

7- فى عام 1987م تقريبا التقيت بالحاج/ محمد أحمد حساسين من أبو رواش وسمعته يقـول مانصه :- فى سنة 1944م تقـدم للإنتخابات أحـد الرجال العاملين بالخاصة الملكية بمديرية الجـيزه ضد رشوان بيك الزمر وفوجـئنا برشوان بيك يدعـونا للحـضوربمنزله وذهبنا جـميعا ً وكان عـددنا يقترب من ثلاثين رجلا ً من شباب أبورواش والقـرى المجاورة ويتقدمنا الحاج/ سالم القبلاوى رئيس العمال بالخاصة الملكية بأبى رواش ؛ وفى بيته إستقبلنا رشوان بيك وأمر بتقـديم الشاى وجلس أمامنا عـلى أريكته وأمامه منضدة خشبية وجلسنا نحـن عـلى عـدة أرائك مقابلة له إلى جـوار أناس آخـرين سبقـونا هناك ؛ وقال رشوان بيك " مرشح الخاصة الملكية يتعشم أن ينتخبه زملاؤه العاملون وهـذا عـشم إبليس فى الجنة ! لأن جـميع العاملين بالخاصة سينتخـبون رشوان الزمر وأنتم ستنتخـبون رشوان وسيسقط مرشح الخاصة وأتحـدى جـلالة الملك " وضرب المنضدة بيده ضربة شديدة فارتعشت الأيدى وسقطت أكواب الشاى عـلى الأرض وكنت أنا قـد ارتديت جلبابا ً جديدا ً إستعدادا ً لهذه المقابلة سقـط عـليه الشاى فأفسده!! ولم ينطق أحد منا ببنت شفة من هـيبة رشوان بيك وجـرأة كلامه فقـد كان له هـيبة كهيبة الليث فى الغاب !وهكذا شاع الخبر بين الأهالى فى عـبارة موجزة مفادها " بيت الزمر يتحـدى جلالة الملك " وهكذا كانت سمعة أسرة الزمر بين الأسر والعائلات فى أنحاء المديرية .

8- فى صباح يوم الثلاثاء الموافق 5/7/2002م وقـفـت عـلى الطريق لأركب قاصدا ً مقـر عـملى ببنك قرية البراجيل حـيث كانت الساعة قـد تجاوزت السابعة بقـليل وفجأة وجـدت سيارة نقل بمقطورة تقـف أمامى والسائق يلقى السلام ثم سألنى:-إتجاه كفرحكيم من هنا ؟ فلما أجبته بنعم قال : إن كنت ذاهب إلى هناك فاركب معنافصعدت سلما ً عاليا ً لأصل إلى المقعـد المجاور للسائق داخل كابينة متسعة ومكيفة وبعـد لحظات ناولنى كارت خط السيروقال : - أنا ذاهـب إلى مقـر شـركة جـيزه للغـزل والعـنوان مكتوب هنا ؛ فنظرت فيه وقرأت اسمه / مصطفى عبدالقادرسائق من الدقهلية وقلت نعم إنها فى كفر حكيم ؛ وبعـد لحظات قال :- إنت من البلد هذه ؟ فقلت نعم إنها ناهيا من البلاد القديمة فقال:- ناهيه .. ناهيه إنها من البلاد القديمة ولها تاريخ معـروف وفيها عـيلة الزمر معـروفه ! فقلت نعم معـروفة عـلى مستوى المحافظة ؛ فوجدت السائق قد التفت نحوى واعـتدل وقال : - محافظة الجيزه إيه يا أستاذ!! قل عـلى مستوى الدولة كلها !! فسرنى قوله وأدهشنى حماسه فسكت ولم أعـقب وبعـد دقائق وصلت إلى كوبرى كومبره فنزلت فيها وذهب هوإلى كفرحكيم.
عـيلة الزمر معـروفة عـلى مستوى الدولة كلها كما يقـول السائق من محافظة الدقهلية بينما أبناء ناهيا لا يعـرفون قدرها ويقللون من شأنها كذبا ًوظلماوعـدوانا والله إنه لأمرعجـيب وغـريب يحـتاج إلى وقفات من أجـل التصحيح .

9- فى يوم14/10/2006م الموافق 21من شهر رمضان 1427هـ ونحن فى إنتظار إقامة صلاة العشاء بجامع سيدى عمر سمعت صوتا ً يتكلم فى سماعة مكبر الصوت ؛ إنه صوت الأستاذ/ مجدى حلمى الزمر يقول :- الإخوة المصلين خارج المسجد عليهم أن يدخلو المسجد خاصة أنه يوجد متسع كبير كما أن الصلاة خلف الإمام مع رؤيته أفضل ؛ والسيدات بمصلى النساء عليهن أن يتقين الله ولا يرفعن أصواتهن فيشغلن الأخرين كما نطلب منهن أن ينتظرن قليلا ً بعد الصلاة ولا ينصرفن إلا من بعد إنصراف الرجال حتى لا يكون هناك إختلاط مع الرجال ونهى الله عنه ؛ كما يتنبه على الرجال من رواد المسجد أن يلتزموا الخروج من الباب الرئيسى وترك الباب الجانبى لخروج النساء ؛ وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال.
هذه كلمات فى النظام مع كونها بسيطة إلا أنها تعبر عن فكر راق وذوق رفيع وهمة عالية يتصف بها الأستاذ/ مجدى الزمر فجزاه الله عن همته خير الجزاء .

10- صباح يوم الخميس الموافق 15/10/2009م ركبت سيارة ميكروباص بالنفر متوجها ً إلى البرجيل من أرض اللواء ؛ وبالقرب من الكوبرى الدائرى ركب أناس ونزل آخرين وفجأة وجدت إمرأة تقعـد معنا عـلى الكرسى الخلفى إلى جـوار الشباك ترسل ورقتين عـملة نقدية من فئة الربع جنيه إلى السائق لإستبدالها ؛ وعلى مايبدو أن السائق كان يبحث عن فكه فلم يجد وهناك راكب يريد ربعا ًوالسائق ليس معه؛ ولكنى لم أنتبه لهذا الحوار فسبقتنى المرأة وأرسلت الربعين وفازت بالثواب العظيم وأردت أن أصلح من تقصيرى عـن عـمل الخير وأن أصحح النية فنظرت إلى المرأة وقلت بصوت مسموع للجميع :- شكرا لكى ياحاجة لقد أخذت ثوابا ً عظيما ً من هذا العـمل البسيط !! فالتفتت نحوى مندهشة ولسان حالها يقـول أى ثواب وأى عـمل!فقلت بصوت مسموع :- عـمل بسيط وثوابه عـظيم لقد ساعـدتى فى أداء الحقـوق! فضحكت ولم تعقب بينما أخـذ الركاب الأخرين ينظرون نحوى بدون أى تعليق .
وحقيقة أنى دائما ًما أسرع لإخراج النقود الفكة إذا إحتاجها السائق بنية المساعـدة فى آداء الحقوق ومنع الخلاف والنزاع ؛ وإذا جاءنى ضمن الفكة عملة فاسدة فإنى أقوم بتمزيقها بنية عـدم الغش وبنية منع الشر فربما أخذها منى شخـص وأراد أن يصرفها مع آخـر فلا يرضى بها ويختلفون ويتشاجرون لذا أتخلص منها وأدعـو الله أن يعوضنى خـيرا ً منها ؛ فى شهر يونيه 2009م دخلت علينا بالبنك إمرأة وناولت الصراف ثلاث ورقات متهالكة من فئة النصف جنيه وقالت :- لقد أخذتها منك ولا أحد يريد أخذها منى ! فأمسكها الصراف وأخذ يفكر فأسرعت إليه من قبل أن ينطق بكلمة وأخذت من يده العملة الفاسدة ومزقتها أمام المرأة وأعطيتها بدلا ً منها من جيبى وقضيت عـلى إحـتمال الجـدل والشجار بينهما ؛ الصراف أخذ يضحك أما المرأة فقد إندهشت وأخذت العملة وانصرفت وهى تضحك أيضا ؛ وعـلى مايبدو أن هـذا التصرف كان درسا ًقاسيا ً فى عـلو الهمة بتوفيق من الله والحمد لله رب العلمين .
فى مطلع شهر أغسطس 2004م الحاج/ عـبدالغفار محمد طلبه شحاته يؤكد عـلى هذه المعانى ويقول :- عـيلة الزمر هى واجهة البلد من قديم ولم تزل ؛ ولم تكن هناك بيوتا ً سوى بيوت الزمر ؛ ولم يكن هناك دوّارا ً إلا دوّارهم ومنه تخرج رجال مثل حفناوى بيك ورشوان بيك والعمدة عـبداللطيف عـبود ؛ وفى شبابى تشرفت برؤيتهم والقعود معهم ؛ وكنت أتمنى أن أرى حفظا ً للجميل من أبناء قريتنا ناهيا بدلا ً من هـذا النكران والجحود ؛ رحم الله الحاج /عـبدالغفار وأسكنه فسيح جناته وشكر له كلمته الصريحة والشجاعة وجعلها فى ميزان حسناته فهو من بقية الرجال القلائل الذين يعرفون لبيت الزمر قدره المعتبر ومكانته الرفيعة .
المستشار / محمود غـراب يقـول:- عـيلة الزمر تقلدت المناصب العامة وشاركت فى المجالس النيابية والتشريعية مبكرا ً وتعاملت مع الأهالى بكل رفق ولين الأمر الذى زرع لها رصيد محبة فى القلوب وجعل المسئولين بعد ثورة يوليو52يتعاملون معها بكل إحـترام فلم ينالها ما نال العائلات الأخـرى مـن أذى وسـوء .رحم الله المستشاروأسـكنه فسـيح جـناته وشكرله كلمته الشـجاعة ومواقـفه البطولية.

أسرتنا تتواصى فيما بينها بالحـق والعـدل والتواضع واحترام الكبير ومساعـدة الفقير والزهـد والإقبال عـلى الأخرة وهاهـوالشيخ/ عـبود الزمر فى نصائحه التربوية يقـول : - يابنى لا تكابر إن لزمك الحـق وتواضع دائما للمخلوق واعـلم أن مـن إجلالك لله إكرام ذى الشيبة المسلم فانظر إلى الكبير بعـين التقدير فهـوالذى سبقك إلى الطاعة ؛ وانظر إلى الصغير بعين التفضيل فذلك الذى سبقته إلى المعصية ؛ وبين التقدير والتفضيل يذوب الكبر ويذهـب العجـب ويتبلور التواضع .... يابنى احـفظ اذنيك من سماع العيب ولسانك من قول الزور والنميمة وعـينك من شر النظرة المسمومة وبطنك من أن تكون وعاء لمحرم ؛ وحافظ عـلى نظافة ملابسك وتبرع بالقـديم الصالح منها إلى الفقراء واخدم نفسك بنفسك .... يابنى اقبل هـدية من أهداك ونصيحة من نصحـك وأشكر للجـميع فضله ولا ترد سائلا ما استطعـت وأمدديد العـون للفقـراء والضعـفاء .... يابنى أحسن الظن بالله بعـد إحسان العمل ولا تترك العمل ركونا ً إلى واسع رحمة الله فتصيبك خيبة الأمل .
هذه بعـض المفاهيم التى تتواصى بها عـيلة الزمر نكتبها عـلى شاشة هذا الموقع الطيب ليستفيد منها الأخرون من أبناء قريتنا الحبيبة ناهيا .
وحقيقة نحن مطالبون شرعا بأن نتعامل مع الناس بمفهوم أخوة الإيمان والإسلام خاصة وأن أسرتنا الزمر لها نسبا ً وصهرا ً وقرابة مع جميع الأسر والعائلات فى ناهيا وخارج ناهيا وإذا ما تحققت هذه الأخوة الإيمانية فى حياتنا ومعاملاتنا سيأتى ونرى منها الخير العـميم ؛ ونحن أبناء بيت الزمر نعى ونفهم ذلك الكلام الذى قاله الصديق أبوبكر للأنصار عـندما جاءه مال من البحـرين فساوى فيه بين الناس فغضبت الأنصار وقالوا : فضلنا عـلى الناس .. فقال ابوبكر: صدقتم إن أردتم أن أفضلكم صار ما عـملتموه للدنيا وإن صبرتم كان ذلك لله عـز وجل .. . فقالوا : والله ما عـملنا إلا لله تعالى وأنصرفوا .

ونحن وبحمد الله نعلن وبكل وضوح وثبات ويقين أننا لا نطلب تفضيلا ً لأن ماعـملناه وعـمله الأجـداد إحتسبناه عـند الله تعالى ؛ ونعلن وبأعـلى صوت أننا قد اخترنا أخوة الإيمان والإسلام فمرحبا ً بكل العائلات والأسر إخـوة فى الله ؛ وما قصدناه من هـذه السطـور والكلمات أن يعـرف الناس فضل إخـوانهم وما أجـمل العرفان بالجـميل من الناس ؛ ومن المؤكد أن هـذه القناعة والعرفان بالجـميل ناتج
عـن مواقـف كـريمة ومشـهودة عـملها أبناء بيت الزمر عـلى مر السنين تبرهن على أنهم يضعون الكرامة نصب أعينهم وفوق كل إعتبار فلا يتمسكون بالمناصب إذا كان معها مهانة أوإحتقار فجاءت منهم مواقف جادة وكريمة لايقوى عليها سواهم وهى بمثابة دروس مهمة فى علو الهمة والحمد لله رب العلمين .
&&&&&
&&&
&

الخميس، 12 نوفمبر 2009

إبــطــــال عــــــادة

إبطـال عـادة

فى صلاة الجمعة 30من شعبان 1430هـ الموافق 21/8/2009م أعلن فضيلة الشيخ / عـرفه الفزانى وقال :- أنه يجـب عـلى المسلم أن يتبع سنة النبى صلى الله عـليه وسلم وأن يمتنع عـن فعل العادة إذا لم تكن من سنن النبى الخاتم ؛ وعـلينا جميعا أن نقـول سمعنا وأطعنا ؛ ونحـن فى مسجد عـمر تعـودنا فى صلاة التراويح أن نقـرأ سورة الإخلاص ثلاثا ً ونصلى ونسلم عـلى النبى بعـد كل ركعتين ؛ وهـذه عادة جـرت فى مسجـد عـمر والمساجد الأخرى وليس لها أصل فى الدين ولا فى السنة الشريفة !وإذا كنت ياأخى متمسك بهـذه العادة فأنظر ماذا تقـول لسيدنا محـمد عـندما يسألك لماذا فعلت مالم أفعله فى الدين ؟ لذلك أعـلن أنه بمشيئة الله تعالى سيتم إبطال هـذه العادة بدءا ً من صلاة تراويح الليلة ونأمل أن يتم إبطال كل هـذه العادات المخالفة للشرع الحـنيف . هكذا قال الشيخ / عـرفه من عـلى منبر رسول الله صلى الله عـليه وسلم .

عـندما سمعـت هـذا المقال سعـدت به وتخوفـت منه فى ذات الوقـت ! أما سبب سعادتى ذلك أن الله قدر لى أن أكون حاضرا ً بالمسجـد ساعة إعلان وقـف وإبطال هذه العادة عـلى لسان الشيخ عـرفه حفظه الله وقواه وشد أزره وسدد خـطاه ؛ وأما سبب تخـوفى فمرجعه إلى أن المصلين بجـامع سيدى عـمر قد تعودوا عـلى هـذه الطريقة فى صلاة التراويح والإبطال قد يسبب جدلا ً وخصومة خاصة من العـوام وهم كثرة كثيره بالجامع ؛ وتوقعت أن تكون صلاة التراويح فى هـذه الليلة الموعـودة ليلة ألأول من شهر رمضان مصحوبة بالمنازعات وعـلو الأصوات بين معارض ومؤيد ؛ لكن الله قدر لنا السلامة والتوفيق والنجاح فى إبطال هـذه العادة لتصبح ثالث عـادة يتم إبطالها بالجامع العتيق كان أولها الصلاة عـلى النبى جهـرا ً عـقب الأذان وكأنها من جملة كلماته ؛ وثانيها خـتم الصلاة والدعاء جهـرا ً .
فضيلة الشيخ / فتح الله ياسين جـزر عـضو لجنة الفتوى كان متواجـدا ً معنا وأمنا فى صلاة الجمعة ولم يعـقـب عـلى هـذا الإبطال وهـذا دليل عـلى صحـته وموافـقته للسنةالشريفة وفيه رجـوع لصحيح السنة .

فى صلاة العشاء من تلك الليلة المباركة ذهبت وقعـدت بالصفوف الأولى وقـبل إقامة صلاة العشاء فوجئت بصوت الشيخ/عـرفه ينساب بكل ثقة وشجاعة ليعلن أنه جاء لصلاة العشاء والتراويح الليله عـلى وجه الخـصوص وعـلى غـير عادته ليؤكد عـلى إبطال تلك العادة وأنه يتحـمل المسئولية أمام الله ورسـوله ؛ ونبه عـلى المصلين ضرورةالإذعان لفتوى العلماء وقال " المشكلة علقها برقبة عالم وأخرج منها سالم" وبحمد الله إنتظم الصف وقامت صلاة العشاء والتراويح فى أول ليلة من رمضان بدون البدعة التى تعودنا عـليها سنوات طويلة حتى آن الآوان وجاء الخير على لسان فضيلة الشيخ/ عـرفه أطال الله فى عـمره لينفعنا بعلمه وفكره آمين .&&

الخميس، 22 أكتوبر 2009

فــى ذكــرى الـشــهــيـد أحــمــد عــبــود

فـى ذ كـرى الشـهـيد أحـمد عـبود
هناك ألوان من اللهو الحلال شرعها الإسلام لما لها من أثر كبير فى ترويح النفس وإستعادت نشاطها وحيويتها مثل الجرى على الأقدام وقد كان الصحابة رضوان الله عـليهم يتسابقون عـلى الأقدام والنبى يقـرهم عـلى ذلك ؛ وهناك المصارعة بالأيدى والأكتاف ؛ وهناك اللعـب بالحـراب والعصى وهناك مهارة ركوب الخيل والسباحة ؛ ولقد شرع الإسلام ممارسة هذه الألعاب من أجـل أن تأخذ الأمة بأسباب القـوة والنصر والسيادة ؛وتحقـيقا ً لقول رسول الله صلى الله عـليه وسلم" المؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف " وقول عـمربن الخطاب" عـلموا أولادكم السباحة والرماية ومروهم فليثبوا عـلى ظهورالخيل وثباً.
ولقد ورد فى الأثر أن النبى صلى الله عليه وسلم صارع "ركانة " وكان رجلا شديدا ً فقال: شاة بشاة يامحمد ؛ فصرعه النبى فقال: عاودنى فى أخرى يامحمد فصرعه النبى فقال: عاودنى فصرعه النبى ثالثة فقال ركانة: ماذا أقـول لأهـلى ؟ شاة أكلها الذيب وشاة هـربت فما أقول فى الثالثة؟ فقال النبى : ما كنا أن نجـمع عـليك أن نصرعـك ونغرمك خذ غـنمك .

ويذكر التاريخ أن الأمير جمال الدين أمير المدينة المنورة قد خرج على رأس جيش قوامه الأشـراف لمناصرة السلطان صلاح الدين الأيوبى فى حـربه ضد الصليبيين ؛ وخـروج الأمير بنفسه وشخصه عـلى رأس قيادة الجيش يدل عـلى براعـته وشجاعـته فى ساحات الوغـى والقتال ؛ فلما انتصر صلاح الدين أهـدى للأمير إقطاعـية بأرض مصر قبالة ساحل المدينة المنورة وهى المنطقة المعروفة الأن بمحافظة قنا ؛ وصار الأمير يأتى لهذه الأرض المنزرعة ليتنزه فيها عـبر البحر الأحمر ؛ ثم تولى الإمارة من بعـده إبنه الأمير مهنا ؛ وبعد وفاته وقعـت خلافات وخصومات رحل عـلى إثرها ولداه هاشم وجماز إلى أرض جـدهم بمصر عام 640هـ تقريبا ً ؛ وكان لجماز ثلاثة من الذكور هم " عـماره" و "نائل"و"نجد" ولهاشم ثلاثة من الذكور هم "بوير" و"كروان" و"دغـيم " واستقـر بهم المقام بهذه الأرض الخصبة ومع الشعـب المصرى الذى أحب آل البيت وأكرمهم وأعـزهم وناصرهم وما أظن أن الله ما حمى مصر من شرور كثيرة إلا كرامة لأهل البيت النبوى الشريف؛ والأمير مهنا هو جد قبيلة الأشراف فى مصر فهو والد هاشم وجماز وانحدرت أسرتنا من نسل" بدر" بن "نجد" بن"جماز" بن"الأمير مهنا " ويصل نسبه إلى سيد الشهداء الحسين بن عـلى رضى الله عنهما .

ونعود إلى فنون الفروسية فنجـد الرماية والمبارزة والطعـن والتحطيب من ألوانها التى أباحها الشرع ؛ وحض عـلى تعلمها ، ثم تطورت هذه الألوان لتصبح رمايه بالبندقية والمدفع والصواريخ والدبابات وقصفا ً بالطائرات؛ ولقد برع أجدادنا على مر العصور فى هـذه الفنون بدءا ً بفـن التحطيب وإنتهاء بقيادة الجـيوش ؛ ولقد ورد عـلى لسان أحد شباب العـرب أبيات شعـرية لها معان جميلة يقـول فيها :
أقـذف السـرج عـلـى المهــر وقـرطـه اللجامـا
ثم صب الـدرع فــى رأسـى وناولنى الحسـاما
فـمتـى أطلـب إن لــم أطـلب الــرزق غلامـــا
سـأجـوب الأرض أبغــيــه حــلالا لا حـرامــا
فلعــل الطـعـن ينفـى الفـقـر أو يدنـى الحـمامـا
وعـلى نهج رسول الله وجدنا أبناء بيت الزمر قد أحـبوا فنون الـفـروسية وبرعـوا فيها حتى أصبحوا مضرب الأمثال وقدوة الزمان ؛ يقـول شهود العيان أنه فى فـرح أحد أبناء شارع الحسنية وعـلى عادة أبناء الزمر فى المشاركة فى الأفراح والأتراح حضر "هانى الزمر " راكبا ً فرسـه الأصفـر المسمى "منصور" وهــذا المنصور كان فرسا ً عجيبا ً فهو يسمع الأمر لفظا وقولا فيستجيب له دونما لكزة أو إشارة !!
فعـندما يقـول له الفارس/ هانى : نم يامنصور تجـد منصور قـد سقـط عـلى أقـدامه ونام عـلى جانبه ثم يصعـد هانى ليقف مـن فوقه يلوح بالبندقية ويطلق منها أعــيرة نارية ثم يـقـول : قم يامنصور فنجـد منصور قـد نهـض بطريقة تجعـل هانى راكبا ً مـن فوقـه ! يحدث هـذاعـلى دقات الطبل البلدى والمـزمار والأهـالى يتصايحـون قائلين : أهـلـه.أهـلـه.

العمدة عبداللطيف عـبود كان له فرسا ً يهتم بها ويدربها حتى أنها كانت تقوى أن تسير على أقدامها الخلفية وتصفق بحوافرها الأمامية !! وهذه الحركة بالذات كانت من أغـرب الحركات التى شدت إنتباه المتسابقين فى معـرض الخيول حيث كانت هناك مجـموعة من أبناء بيت الزمر قد تعـودوا على المشاركة فى هـذا المعرض السنوى منهم الشيخ/ السيد حسن حسن أغا الزمر والشيخ/ أحمد حسين حسين أفندى الزمر وأحمد بيك محمد حمزه الزمر ؛ وأتذكر أول مشاهدة ولقاء مع أحمد بيك فى مطلع الستينات تقريبا ً حيث رأيته وقد أقبل راكبا ً فرسه البيضاء وبيده سوطا ً فلما إقترب من والدى لكز أرجل فرسه الأمامية فوجدت الفرس قد مدت أرجلها الأمامية إلى الأمام والخلفية إلى الخلف حتى إقتربت بطنها من الأرض فترجل أحمد بيك عنها بكل رشاقة ؛ ولفت نظرى وسامة هـذا الرجل فى ذلك الوقت رأيته بعد ذلك يحتفظ بفرسه ويهوى ركوب الخيل حتى وافته المنية ؛ ولأحمد بيك لقطة تذكارية فى سن الشباب وفيها يضع الطربوش الأحمر على رأسه ويلبس سترة مزركشة وعندما شاهدتها معلقة فى بيته ظننت أنها لأحد أمراء الأسرة المالكة
فلقد كان بحق أمير أسرة الزمر .
ومن ألوان الفـروسية لعبة التحطيب وهى فـن إستخدام العصا فى الدفاع عـن النفـس وكانت شائعة فى بلاد الريف عـموما ً ؛ وأراد عـبود الزمر أن يتعلم لعبة التحطيب وهو فى سن العاشرة من عـمره فأخذ يتردد على جده الحاج /عـبدالمجيد فى بعـض أيام الأجازة الصيفية ليتدرب عـلى هـذه اللعبة !! ومن أصول وقواعـد اللعبة أن يكون الدفاع كله عـن الرأس ؛ فلما إنكشف رأس عـبود ضربه جده ضربة خفيفة أوجعت عـبود فبكى منها وأنصرف ؛ وبعد أيام جاء الحاج/ عـبدالمجيدلزيارة إبنته أم عـبود بالمنزل وفجاءة رأينا عـبود يأتى مسرعا ً من إحدى جنبات البيت حاملا ً فى يده عـصا ً مندفعا ً بها إلى جـده ويصيح سأضربه كما ضربنى !! يقول عـبود :فلما هويت بالعصا ناحية جدى فوجئت به يختطف عـصا والدى ويصد بها ضربتى ونهـرنى والدى وأراد أن يضربنى فـتدخـل جـدى وأتاح لى فـرصة الفرار.
هناك قصة لطيفة وقعـت أحداثها فى عام 1952م تحديدا ً وكان سن عـبودالزمر وقتها خمس سنوات ؛ لقد عـوده عـمه الحاج/ عـبدالفتاح عـبود أن يلاعـبه بالعصا لعبة الحجل وفيها يقـف عـبود ممسكا ً بالعصا يلوح بها عـشر مرات عـلى الأرض بينما يقفز عــمه إلى أعـلى قـفـزات متتالية فإذا أبطأ أصابته العـصا فى قـدمه ؛ واللعبة هدفهاالتدريب عـلى خفة الحركة وسرعة القـفـز مع تنظيم الأنفاس ؛ ثم جاء الدور عـلى عـبود وأمسك عـمه بالعصا يلوح بها عـشرا ً وعـبود يـقـفـز لأعلا فأسرع عـمه أو أبطأعـبود فأصابته فى قدمه وأوجعته فـبكى ؛ وبعـد ساعة تسلل عـبود فضرب عـمه بحجـرفى قدمه فأصابه إصابة شديدة أخـذ يعانى منها لعدة سنوات .
عـبود الزمر له مواقـف تدل عـلى براعـته وفطنته عـندما كان يشغـل منصب مفتش أسلحة بالجيش المصرى منها أنه دخل يوما ً فى إحدى الوحـدات العسكريه للتفـتيش فاصطحـب عـددا ً من الضباط قيادة الوحـدة إلى تبة ضرب النار ثم رسم دائرة قطرها 30سم ووقـف عـلى بعـد عـشرة أمطار منها وأطلق ثلاثة أعـيرة من طبنجـته رسمت مثلثا ً سيقانه أوتارا ً للدائرة !! وتعـتبر هـذه الإصابة من أعـلى درجات التصويب بالطبنجة ؛ يقـول عـبود : إذا نجح القادة فى إخـتبار التصويب فلاشك من نجاح الجـنود وفاقـد الشيئ لا يعـطيه ويقـول : دخلت يوما ً فى تحدى مع زملائى الضباط فـوضعـت لوحا ً من الخشب أفـقيا ً ثم ثبت من فوقه عـشرة كعوب لأظرف طلقات فارغة متراصة ومتجاورة ثم وقـفت عـلى بعـدخـمسة عـشرة مترا ً وأمسكت بالبندقية فى وضع الإرتكاز عـلى الركبتين وأطلقـت عـشرة أعـيرة نارية فى عـشر ثوان فسقـطت جـميع الكعوب بعـد إصابتها وبالترتيب !! ويقـول : نحـن ضباط المخابرات مدربون عـلى إصابةالهدف من أول طلقة وحياتنا معلقة بها فإن أصابت الهدف نجوت وإلا فالموت المحقـق .
عـبود الزمر له دور مشرف فى إعادة تشكيل سلاح المشاه ومشاركة فاعلة فى حرب الإستنزاف كما شارك فى حرب أكتوبر1973م ضمن إحدى الفرق المدرعة وبالتحديد فى معـركة التطوير المعـروفة إعلاميا ً بمعـركة الدبابات الكبرى وكان وقتها برتبة نقـيب ؛ فلما وقعـت أحداث الثغـرة صدرت الأوامرإلى وحـدته بالعـبور غـربا ً للمشاركة فى حصار الثغـرة فكان من ضمن أول وحـدة إستطلاع تقـدمت لهذا الحصار ؛ وفى مناورات الجيش عام1977م حصل عـبود عـلى المركز الأول ودرع القوات المسلحة وحصل عـلى شهادة شكر وتقـدير من إدارة المخابرات العسكرية بتوقيع اللواء / محمد حسين فهمى شوكت مدير المخابرات .

فى مطلع الستينات بينما كنت أمشى فى شوارع مدينة الجـيزة وتحـديدا ً بشارع الصناديلى سمعـت أصوات طلقات نارية ثم رأيت الناس تجـرى فى الشارع يلتمسون السلامة فجـريت معهم وسمعـت أحـدهـم يقـول : إنه سعـيد الزمر مفـتش التموين دخـل لضبط أحـد الجـزارين المخالفين لقـواعـد التسعـيرة المعـمول بها فقام صبى الجزار بطعـن أحـد المخبرين بالسكين وفـرهاربا ً يجـرى فى الشارع فأسرع المفتش من خلفه وأطلق عـليه النار فأصابه فى قـدميه .
حقيقة لقد كان المفتش سعـيد الزمر يعرف واجبات وظيفته تماما ً ويعى المسئولية الملقاة عـلى عاتق جهاز التموين عـلى وجه الخصوص وفى تلك الفترة فسمعت أنه رفض رشاوى بمبالغ كبيرة وأرشد عـن المخالفين وعاقبهم ؛ وسمعـت أنه دخل يوما ً للتفتيش عـلى الفرن الوحـيد بقريتنا ناهيا فوجـد الوزن مخالف فأمر بتقطيع الأرغـفة وأغـلق الفرن !وهذا ليس بالشيئ العجـيب إنما مثار العجـب أن هذا الفرن كان ملكا ً لإبن عـمه ومع هـذا لم تمنعه القرابة من أداء واجبه على الوجه الصحيح .
وفى العـصر الحـديث قدمت أسرة الزمر خـيرة أبنائها للإنخـراط فى الجـيش والمشاركة فى أعـمال الفروسية والبطولة بدءا ً بالشريف أحـمد يوسف الزمر حـيث خـرج لمناصرة ثورة محـمد بيك أبوالدهب ضد عـلى بيك الكبير فى 1773م لتبقى مصر فى ظل دولة الخلافة وسط تأييد شعبى كبير .
ولأسرة الزمر مشاركة مهمة فى الحـفاظ عـلى حـياة محـمدعـلى باشا وتدعـيم أركان حكمه ؛ فقـدمت الضابط/ حسن بيك أحـمد يوسف الزمر ليقـود الجـيش السلطانى الخاص بحـراسة وحـماية محـمد عـلى فى تحركاته وسكناته داخل القـطر المصرى خاصة بعـد مذبحة القلعة فى1811م الأمر الذى جعـل محمد عـلى ينطلق بكل حماس لتأسيس دولة مصر الحديثة وتحـقيق الحـلم والمطلب الشعـبى ومن هنا كان لبيت الزمر يد بيضاء فى بناء مصر فى العـصر الحديث .
عـندما ضج الشعب من ظلم وقـسوة الخديوى توفـيق واشتعلت الثورة العـرابية وكعهد أسرتنا الزمر الوقوف مع الإرادة الشعـبية شاركت بضابطين من أبنائها فى هـذه الثورة الرائدة عـلى مستوى العالم العـربى وهما أميرآلاى/ محمد بيك عـمر الزمر نائبا ً للزعـيم عـرابى واليوزباشى /أحـمد أفندى عامر الزمر ؛ خـرج الضابطين من بيت الزمر لمساندة الثورة ضد الأنجليز وضد السراى وضد السادة – وهما من السادة – من أجل الشعب بما يعتبر شيئا ً نادرا ً فى ذلك الزمان !! ولا غـرابة فى ذلك لأن بيت الزمر كعهـده دائما ً يقـف مع الإرادة الشعـبية والمطلب الشعبى .

بعد هذه المواقـف والكلمات والسطور ربما يقـول القارئ الكريم ما دخل ذكرى الشهيد أحمد عـبود بكل هـذه الأحداث التى أسهبت فـى سردها ؟ وأقول لك حفظك الله ياأخى الفطن؛ لقد أردت بهـذا السرد والإسهاب أن أوضح لك بعضا ًمن صفة وأحداث ومبادئ بيت الزمر والتى بها إستحـق وصفه بأحسن البيوت وإستحق أن يكون مضربا ً للأمثال بين الناس والعائلات ؛ وفى هـذا البيت وفى هذا الطهـر والنقاء تربى الشهيد/أحمد عـبود الزمر فسطـر بدمه أروع ملحـمة فى الفـداء والشجاعة والفروسية والشهادة أعـلى الدرجات وثوابها فى أعلا الجنات .
ونقلا عـن موقع الفرسان جاء عـلى شاشته ما نصه "ولد اللواء أحمد عـبود الزمر فى شهر أكتوبر من عام 1928م ونال الشهادة فى 19/10/1973 الموافق يوم الجـمعة 27 من شهر رمضان المبارك وعـن عـمر يناهز خـمسة وأربعـون سنة وكأنه عـلى موعـد مع القـدر؛ فى هـذا الشهر كان مولده وفيه كان إستشهاده .
يعد البطل أحـمد عـبود الزمر من نجوم العسكرية المصرية عـلى أمتداد سبعة عـشرة سنة خاض خلالها كل الحروب منذ شارك فى صد العدوان الثلاثى عام 1956م وشارك فى حـرب تحـرير اليمن من الملكية عام 1964م وأشترك فى حرب يونيو 1967 م ونجح فى أن يكبد العدو خسائر جسيمة فى الأرواح والمعدات بمعركة رأس العش فى 1/7/1967م .

فى رأس العش كان موقع الشهيد البطل وسريته المكونة من ثلاثين مقاتلا , وبدأت المعركة الشرسة لصد محاولة قوات العدو الإسرائيلى المدرعة إحكام السيطرة على الضفة الشرقيه للقنال من خلال القضاء على السرية الموجودة برأس العش , وعلى الفور أصدر البطل أوامره للرجال للتصدى لمدرعات العـدو ومنعها مهما كان الثمن , وينطلق الرجال فى بسالة نادرة رغـم عـدم التكافؤ الواضح بين عـدو يزهـو بقوته ونصره الزائف وبين رجال لا يمتلكون إلا أسلحة خفيفة وصدور ممتلئة بالإيمان وما هى إلا ساعات قليلة حتى أرتدت قوات العـدو الإسرائيلى مزعـورة بعد أن تكبدت خسائر هائلة وقرر العـدو الأنتقام من هذا الموقع وتدميره ليكون بمثابة إنذار أخير للقوات المصرية التى تحاول التصدى لقواته المدرعة , ومع فجر يوم 2/7/1967م تقـدمت المدرعات الاسرائيلية مدعـومة بنيران المدفعـية والطيران إلا أن رجال السرية المصرية بقيادة البطل أحمد عـبود لم ينهاروا وتواثبوا فى خفة النمور وجرأة الأسود بين قذائف المدفعية وهدير الدبابات ليحولوا المنطقة إلى كتلة مشتعلة من الحديد والنار وتتعاظم خسائر العـدو وتبوء كل محاولاته للسيطرة عـلى هـذا الموقع بالفشل , فينسحب شرقا بعيدا عـن رأس العش بعد أن تلقى درسا قاسيا فى فنون القتال الحقيقى عـلى أيدى أبناء مصر الأوفياء ".

وفى موقع الفرسان أيضا جاء مانصه" فى النصف الثانى من شهر أكتوبر 1973 م صدرت الأوامر للبطل بتنفيذ مجـموعة من الضربات والهجمات المضادة ضد قوات العدو فى ثغـرة الإخـتراق بالدفرسوار وعـلى الرغـم من التفوق الصارخ لقوات العـدو مقارنة بالقوات المصرية إلا أن رجال مصر الأبطال نجحـوا فى ايقاف تقدم العـدو ومحاصرته تماما ولمدة تزيد عن 36 ساعة متصلة إستمر الموقع والقوات المصرية بقيادة البطل صامدا ً ولكن هـذا الصمود لن يستمر فالفرقة التى يقودها لن تتحمل أكثر ولأن مصلحة الوطن أغـلى من أى إعـتبار فقد أراد أحمد عـبود أن يناور بقواته ليضعها فى موقع أفضل فأمر بتكوين مجموعات سيطرة تنسحب لموقع خلفى وتركز الدفاعات عـليه بدلا ً مما ستتعـرض له تلك القوات مع الهجوم الكبير المتوقع من قوات العـدو, وهكذا أشرف البطل بنفسه عـلى الخـروج فـى مجموعات أثناء الليل شارحا ًللقادة أسلوب السير وكيفية تركيز الدفاعات فى الموقع الجديد , وظل البطل مع من تبقى من قواته للعمل كموقع تعـطيلى لإيقاف العـدو حتى تستكمل الدفاعات فى الموقع الخلفى ضاربا أروع الأمثلة فى المساواة بين القائد ورجاله رابطا ً مصيره بمصير الجـنود رافضا ً أن يعيش هـو ويموت أحد رجاله الذين أبقاهم فى الموقع التعـطيلى , وظل يقاتل بسلاحـه الشخصى ويواجه نيران العـدو مع رجاله الشجعان أكثر من 4 ساعات فى معـركة غـير متكافئة حتى نجحت سرية دبابات معادية فى الوصول إلى مركز قيادة البطل وأطلقـت القذائف ليصاب البطل وبعـض من رجاله فيلقى ربه شهيدا ً ضاربا ً المثل فى التضحية نحو الوطن الغالى " إنتهى النص .

ومن كتاب المعارك الحربية عـلى الجبهة المصرية للمؤرخ العسكرى جمال حماد وفى صفحة 489 ورد ما نصه " فى الساعة التاسعة صباح يوم الجمعة 19/10/1973م الموافق 27 من شهر رمضان المبارك قام العدو بمهاجمة منطقة مرابض اللواء مدفعـية التابع للفرقة 23 مشاه ميكانيكى الذى كان يقع غـرب الموقع الدفاعى ببضعة كيلو مترات بقـوة حوالى كتيبة دبابات مدعـمة بالمشاه الميكانيكية وأشتبكت وحـدات المدفعية مع الدبابات الأسرائيلية وجها لوجه فى معـركة عـنيفة استغرقت ثلاث ساعات استخدمت فيها المدفعية أسلوب الرمى المباشر ضد دبابات العـدو , ورغم ما تكبده العـدو من خسائر جسيمة فقـد أنتهت المعركة بتدمير لواء المدفعية المصرى بعـد قتال شرس , وإيذاء قيام قوة كبيرة من دبابات العـدو بالألتفاف عـلى الجنب الأيسر للموقع الدفاعى الرئيسى أرتدت بعض قوات هـذا الموقع إلى منطقة تقاطع عثمان احمد عثمان وقد بعث قائد الفرقة العميد أح /أحمد الزمر بآخـر رسالة لا سلكية الى الفريق سعـد الشاذلى الذى كان موجودا وقتها فى مركز قيادة الجيش الثانى بالاسماعـيلية فى الساعة الواحدة ظهرا, وكانت رسالة موجزة ذكر له فيها أن العدو يهاجم موقع السرية اليسار من الكتيبة وأنه متجه الى مركز قيادته وعـلى أثر ذلك مباشرة انقطعـت جـميع الإتصالات بين قائد الفرقة وقيادة الجيش الثانى واعتبر قائد الفرقة منذ ذلك الوقت فى عـداد المفقودين , وقد اتضح بعـد ذلك أن العميد ا ح/ أحمد عـبود الزمر قائد الفرقة 23 ظل صامدا فى مركز قيادته المتقـدمة فى شجاعة وثبات حتى النهاية ولم يفكر فى مغادرة موقعه للنجاة بحياته رغـم أن الموقف كان ميئوسا ًمنه , وعـندما اقتحمت الدبابات الإسرائيلية مركز قيادته خـر شهيداً تحـت جنازيرها فضرب بذلك أروع الأمثال فى البطولة والإيمان والفداء ." إنتهى النص

بعد وقف إطلاق النار وفض الإشتباك بين القوات أمكن العثور على جثمان الشهيد فى خندق وقد ماتت يداه على السلاح فاستحق أن تصفه الصحافة بأنه بطل الإستبسال حتى أخر طلقة ؛ وتم دفن الجثمان بمدفن الأسرة بشارع الطحاويه بحوش والده محمد بيك وسط جنازة عـسكرية وعـندما عـزفت الفرقة سلام الشهيد أخرج العقيد/ إبراهيم سعـيد الزمر مسدسه وأطلق الأعـيرة النارية تحـية للشهيد .
وفى جامع عمر مكرم بميدان التحرير كان فرش العـزاء فلما جاء وفد من الجيش للعزاء وجدت عـمى العميد بحرى/ حسين عـبود الزمر يتصدى لهم بكل حماس ويقـول بصوت عال :- كل ما يهمنا أن يكون اللواء أحمد الزمر قـد أدى دوره بصدق وأمانة وشجاعة ؟؟ فأجابه الضباط فى تأثر شديد بكلمات مفادها أنه قائد وبطل وشهيد ضحى بنفسه وروحه ليفتدى قواته وزملائه .

فى عام 1987م تقريبا ً التقيت بالأستاذ/ على زيتون من أفراد الشرطة العسكرية المكلفة بحراسة الشهيد احمد عبود وسمعته يقول :- لقد تم إستدعاء سيادة العميد وتنصيبه بقيادة الفرقة بعد أن كان مديرا ً لعمليات المنطقة المركزية وعلى الفور تم دفع الفرقة إلى الثغرة ؛ وكان سيادة العميد فى منتهى الحكمة والثبات والشجاعة فى مواجهة خدعة العدو التى لم تكن تخطر ببال أحد ! لقد فوجئنا بقوات مصرية تتجه صوب مواقعنا فأوقفنا الضرب حتى اقتربت هذه القوات وأخذت مواقعها ثم قامت بضربنا فوقع فزع شديد بين العسكر وتبين بعد ذلك أنها قوات للعدو ركبت دبابات ومدرعات مصريه استولوا عليها من حرب 1967م !!
فلما تبين لسيادة العميد أن الموقف يتطلب المناورة بسحب الفرقة من مواقعها أصدر الأمر ووقف بنفسه ليطمئن على إخلاء المواقع وسلامة الجنود ؛ فلما اشتد القصف قلت له إركب ياسيادة العميد مع العائدين للخلف فرفض وركبت أنا وظل هو مع جنود المؤخرة لحماية إنسحاب الفرقة وهناك إنتظرنا عودة سيادة العميد ..........
إنقطع كلام الأستاذ على وانحبست الدموع فى عينيه وقال : بطل لا مثيل له .

وللشهيد أحمد عبود الزمر لقطة تاريخية وهو فى سن ثلاث سنوات وفيها يقف مرتديا ً الشورت الأبيض ويمسك البندقية وقد بدت فوهة البندقية تقترب من رأسه وانتهت حياته بلقطة تاريخية أيضا ً حيث تم العثور على جثمانه وهو يجلس القرفصاء فى الخندق وقد ماتت يداه على السلاح ؛ واحتفظت أنا باللقطة الأولى
واحتفظ التاريخ باللقطة الثانية .

وعند زيارتى للمتحف الحربى بالقلعة وجدت صورة الشهيد معلقة ضمن الشهداء الذين نالوا الشهادة وحازوا وسام نحمة سيناء ؛ ويؤكد المؤرخ العسكرى جمال حماد فى تحقيقاته العسكرية أن القائد الأسرائيلى عندما إقتحم الموقع المصرى بعد استشهاد كل من فيه وقف يؤدى التحية العسكرية لجثمان الشهيد أحمد عبود وفى احتفال رائع بذكرى أغلى أيام مصر كرم الرئيس محمد حسنى مبارك نخبة من القادة والضباط والجنود وأسماء الشهداء الذين أدوا دورا ً بارزا ً فى تحقيق نصر أكتوبر العظيم ومنهم الشهيد اللواء / احمد محمد عبود الزمر قائد الفرقة ثلاثة وعشرون مشاه ميكانيكى وقام السيد رئيس الجمهورية بتسليم ميدالية مقاتلى أكتوبر للسيدة حرم الشهيد فى حفل مهيب حضره جميع المسئولين بالدوله فى يوم الإثنين 5/10/1998م ؛ وهكذا شاركت أسرة الزمر فى كل ألوان الفروسية والإستشهاد هو أعلا درجات الفروسية ورحم الله الشهيد وأسكنه فسيح جناته .&&

الأربعاء، 7 أكتوبر 2009

أســـرة الـــزمـــر فــى 6 أكــتــوبــر

أسرة الزمر فى 6 أكتوبر
فى حرب 6 أكتوبر 1973م شاركت أسرة الزمر فى صنع النصر بأكبر عـدد من الضباط أبنائها ؛ وبمناسبة مرور 25 عاما ً على ذكرى انتصارات أكتوبر قـرر السيد رئيس الجـمهورية / محـمد حـسنى مبارك – القائد الأعـلى للقـوات المسلحة وقائدالقـوات الجـوية فى حـرب أكتوبر 73م – قـرر منح ميدالية فـضية لجـميع أفـراد القـوات المسـلحة الذين شـاركوا فـى حـرب أكـتوبر ؛ وجاء خـبر ذلك القـرار عـلى صفحات الجـرائد فى يوم الأحد 20/9/1998م وعـليه فإن الأسماء الأتية بعـد من الضباط أبناء أسرة الزمر يستحقـون هـذه الميدالية وهـم :-
1- الشهيد اللواء/ أحـمد محـمد بيك عـبود الزمر ---------------- قوات مسلحة
2- عـميد/ حـسين عـبود بيك محـمد بيك عـبودالزمر ------------- قوات بحرية
3- عـميد/ احـمد عـبود بيك محـمد بيك عـبود الزمر ------------- قوات بحرية
4- عـميد/ إبراهـيم سعـيد حـسن أحـمد الزمر --------------------- دفاع جوى
5- عـميد/ نبيل محـمود محـمد حـمزه الزمر -------------------- قوات مسلحة
6- عـميد/ حـسين أحـمد حـسين حـسين أفندى الزمر ------------ قوات مسلحة
7- مقـدم/ عـبود عـبد اللطيف حـسن محـمد بيك الزمر--------------المخابرات

وقـدمت أكـبر الرتب من الشـهـداء فـى العـمليات الحـربية إنه العـميد اح / أحمد الزمرقـائد الفـرقة 23مش ميكا , وصفـته الصحـافة فـى ذلك الوقـت بأنه بطل الإستبسال حتى أخـر طلقة ؛ وفى يوم الأثنين الموافـق 5/10/1998م وفى حفـل مهـيب حـضره جـميع المسئولين بالدولة يتقدمهـم السـيد رئيس الجـمهـورية أعـلن مقـرر الحفـل عـددا ًمن أسماءالضباط الذين أدوا دورا ً بارزا ً فـى تحـقـيق نصر أكتوبر وعـد منهم اسم الشهيد اللواء/ أحـمد محـمد الزمر ؛ ولا يخـفى عـلى القارئ الكريم فرحة الشعـب بنصر أكتوبر فبهـذا النصر إستردت مصر كرامتها وعـادت إلى مكانتها بين الدول مرفـوعة الهامة مسموعة الكلمة ؛ وهكذا كانت قـريتى ناهـيا عاملا مهما ً من عـوامل النصر فى العاشر من رمضان ؛ وهكذا كانت أسرة الزمر فى مقـدمة الصفـوف تؤدى دورها بكل تفانى وشرف وتقـف مـع المطلب الشعـبى والإرادة الشعـبية .
حدث 6 أكتوبر 1981م ممتد ومتشعـب لكثرة الآراء وكثرة الأطراف المهتمة به داخليا ً وعـربيا ً ودوليا ً ؛ لكن هـو أولا ً وأخيرا ً حـدث مصرى لرئيس مصرى حكم مصر لفترة وعـلى يديه جاء قرار الحـرب فى 6/10/1973م ومعه تحقـق النصر بسواعـد الرجال الشجعـان مـن أبناء مصر المحـروسة ؛ وكما تعـلمنا فـى دوّار الزمركيف نتعامل مع رؤوس العائلات وزعـمائها نحترم ونجل قدرهم مهما كانت درجةالخلاف والتخاصم بيننا ؛ فالدوّار بمثابة المدرسة الأولى لأبناء أسرتنا على مر التاريخ تعـلمنا فيه كيف نتحاور مع الأخـرين بكامل الإحترام نسمع منهم ويسمعـوا منا فى إطار شاورهـم فى الأمر وأمرهـم شـورى بينهم ؛ ومن قبل أن يظهـر مصطلح"الديمقـراطية" بعـشرات السنين ؛ وإنطلاقا ً من هـذه المفاهـيم الواعـية نقـول بأن هناك سلسلة من الأخطاء وقعـت فعجـلت بقلب الموازين ضد الرئيس السادات خاصة من بعـد معاهـدة السلام مـع اليهـود ؛ الدول العـربية تعلن قطـع العلاقات مـع مصر فـيتشـددالرئيس السادات ويعـلن سـبهم وشـتمهـم عـلـى الهـواء !! حديث الشيخ الشعـراوى الأسبوعى تم وقـف إذاعـته فوصلت للتليفزيون برقيات من الجـماهير الغاضبة وصل عـددها نحـو ثلاثة مليون برقـية كلها تطالب بعـودة البرنامج ؛ فعـاد بعـد حـذف كل تفـسير يمـس اليهـود مـن قـريب أو بعـيد وغـضب الشيخ الشعـراوى وغادر البلاد الى المملكة العربية السعودية !! السادات يعـلن حل نقابات العـمال والمحـامين والصحـفيين والأطباء ويعـتقل عـدد منها ؛ ويحـول الصحفيين للعـمل كتبة بهيئة الإستعلام!! السادات يعـلن حملة إعـتقالات سبتمبر1981م وهى القـشة التى قصمت ظهـر البعير !! هذه الإعـتقالات شملت عـلماء أفاضل يقـول السادات عـن أحـدهم : الشيخ المحلاوى مرمى فى السجن زى الكلب !! وشملت صحفيين من مثل حسانين هيكل ووزراء من مثل عـبد العـظيم أبوالعـطا ورؤساء أحـزاب مثل فؤاد سراج الدين رئيس حزب الوفد الجديد !! وشخصيات شعبية مثل حافظ سلامة قائد المقاومة الشعبية !! وطالت الأب شنوده فحدد إقامته بدير وادى النطرون !! وطالت الإعتقالات الأستاذ/ أحمد حـسين ناصر المحامى وعـضو الهيئة العليا لحـزب الوفد الجديد والدكتور/ عـصام محمد العريان عـضو نقابة الأطباء والرجلين من أبناء قريتى ناهيا حفظها الله .
وزاد الطين بله أن الرئيس السادات يعـلن فـى أحـاديثه مـع الصحـافة أنه يتمثل مصطفى كمال أتاتورك زعـيم تركيا الملحـد !!! ولا يخفى عـلى القارئ الكريم أن زعيم تركيا هـذا هو الذى أسقـط الخلافة الإسلامية وخلع عـن تركيا ثوبها الإسلامى وأنكر صريح النص وصريح السنة !!! ومن المؤكد أن السادات عندما يعلن إعجابه بهذا الزعيم ويتمثل به لا يخفى عـليه كل هـذه الأمور !!!
وعـموما ً فقد تصاعـد الغـضب الشعبى ضد السادات عـلى كل الأصعـدة النقابية والدينية والحـزبية وشاع الغـضب فىأوساط الطلاب والعمال والفلاحين والمفكرين والمثقفين وهـو لا يعبأ به ولا يحاول التهدئة حتى أصبح هـناك رغـبة شعـبية تريد التخلص من الرئيس السادات !!! وننصح القارئ الكريم أن يعـود إلى الصـحـف والمجـلات الصادرة فـى تلك الفـترة ليطلع بنفـسـه عــلى مــدى الغـضبة الشعـبية والعـربية ضد السادات .

وجاء قـدر الله وتم إغـتيال السادات فى طابور العـرض العـسكرى ظهـر يوم 6/10/1981م وبطريقة لم يسبق لها مثيل عـلى مر التاريخ السياسى والعسكرى بمصر ! وجاء التعقيب الشعبى سريعا ً عـلى الحدث فى جـملة واحـدة سمعتها من أناس لا أعـرفهم قال أحدهم :- السادات راح كبش فـداء لمصر من شرور كثيرة !
وقع الحدث وتحقق المراد وتخوف الجميع وفزعـوا من تحمل المسئولية والتزموا الصمت والحذر خوفا ً عـلى مناصبهم عـدا قلة قليلة طالبت بعدم المحاكمة وطالبت بتكريم المشاركين فيه أبرز هؤلاء القلة الشيخ/ صلاح أبو إسماعيل والشيخ/ حافظ سلامه والشيخ/ محمد الشريف والمستشار/ محمود غـراب والأستاذ/ احمد ناصر هذا الخوف فى عـصر الإستقلال والحـريات بينما نجد الزعـيم / سعد زغلول وزير المعارف يسجـل فـى مـذكراته يوم 13/5/1909م إعـتراضه عـلى حكم المحـكمة الصادر برفت التلميذ / عـباس حـلمى لأنه شارك وقاد مظاهرات الحزن عـلى وفاة الزعـيم/ مصطفى كامل ؛ الزعـيم/ سعد لم يمنعه منصبه الوزارى من الإعـتراض ومصر تحت الإحتلال .

يقول الزعيم/ سعـد مانصه :- تكلمنا فى مسألة التلميذ/ عـباس حلمى المرفوت من مدرسة الخديوية بسبب المظاهـرات وقلت : إن والده يلقى المسئولية فـى ذلك عـلى الأحزاب والجرائد أولا ً ثم عـلى الحكومة التى أهـملت شأن التلاميذ وقلت : - وله الحـق فى ذلك! فقال المستشار "غورست":- يعنى أن الحكم الذى أصدرته المحكمة عـلى إبنه فـى غـير محـله ؟ فنظرت إليه شذرا ً وقلت : هـل عـندك شئ أخـر تريد الكلام عـنه ؟ انتهى النص.
وجاءت المقادير بمجموعة من شباب قريتنا ناهيا تقف من وراء الحدث وتشارك فيه مع آخرين من بلدان أخرى يتقدمهم :-
1- عـبود عـبداللطيف الزمر.
2- طارق عبدالموجـود الزمر.
3- نبيل عـبدالفتاح ابوحـمود.
4- عـباس عـبدالغنى شنن.
5- إبراهيم محمد حلاوه .
6- ممدوح عـبدالعزيزالحلفاوى.
7- فتحى أحمد بندارى .
8- كمال عـبدالعزيز سنوسى .
9- أحمد ابراهيم النجار .
10- جمال عـبدالعزيز عـبدالهادى .
11- حـمدى حـسن هـب .
12- جادأبوسريع القصاص.
خـرجت هـذه المجـموعة من قريتنا ناهـيا بغـرض الوقوف مع المطلب الشعـبى
وهو مطلب بلورته الصحـف والمجلات والحـركات النقابية والطلابية فى ضرورة
التخلص من الرئيس السادات ! فخـرجت مـع الأخـرين لتحـقـيقه فـكان مـاكان ولـلـه الأمر مـن قـبل ومـن بعــد .
بعد صدور حكم المحكمة فى30/9/1984م المــوافق 5 من شهـر المحـرم 1405هـ أعلن المستشار /عـبد الغفار محمد أحمد رئيس محكمة أمن الدولة العليا فى حديث منشور عـلى صفحات جريدة الأهرام أن عـبود الزمر إستحـق الإعـدام فيما نسب إليه من إتهام ؛ لكن المحكمة إستخـدمت مادة 17 مـن قانون العقـوبات للتخفيف عـن عـبود الزمر ذلك لأن هيئة المحكمة تولد لديها شعـور وإحساس بأن عـبود الزمر ورفاقه كانوا يقصدون الإصلاح !!! وليس من حق أى جهة أن تسأل عـن تفسير هـذاالشعور خاصة أن المحكمة تعاملت مع المتهمين من واقع إتهامات يعاقب عـليها القانون وقـرر إيداع نسخة مـن تفاصيل المحاكمة بدار الوثائق المصرية لحفـظ التاريخ وقال : أنا أحمل إستقالتى فى جيبى ولا أقبل أى ضغـوط أومساس بنزاهةالمحكمة !!!إنتهى الكلام ونحن نقـول شكر الله لك وقفتك الشجاعة وجعلها فى ميزان حسناتك آمين .
وبهذه المناسبة نحـفظ للرئيس مبارك مقولته التى قالها فى مؤتمر صحفى من بعـد الإغـتيال :- لن يضار أى شخص من أسرة الزمر بسبب عـبود وطارق !! ونشكر له تمسكه بهـذا التعهـد حـتى الأن ، كما نشكر للسيد الرئيس مبارك وقوفه إلى جوار المطلب الشعـبى وإنحيازه للشعـب ونحن أبناء أسرة الزمر نعتز بوقفته هذه خاصة أننا نقف معه فى ذات الخندق إلى جـوار المطلب الشعبى ونأمل أن نسمع منه قرارا ً بالإفراج عـن عـبود وطارق بمناسبة ذكرى إنتصارات أكتوبر والله المستعان وعـليه قصد السبيل .&&


السبت، 3 أكتوبر 2009

ظــلــم الأقــارب وصــلـة الأرحــام

ظلم الأقارب وصلة الأرحام

الرحم فى الأصل هو المكان الذى ينشأ فيه الجنين فى بطن أمه ؛ وذوى القربى هم الذين اشتركوا معا ً فى رحم واحد مثل الأخوة يليهم أبناء الخال والخالة وأبناء العم والعمة لأن الأم والخالة اشتركتا فى رحم واحد وكذلك الأب والعم وهكذا ذوى الأرحام درجات بحسب درجة القرب .
وصلة الرحم من الأمور الهامة فى الإسلام وتأتى أهميتها بعد أهمية بر الوالدين مباشـرة بنص الأيه 36 من سـورة النسـاء " واعـبدوا الـلـه ولا تشـركوا به شـيئا ً وبالوالدين إحـسانا ً وبذى القـربى واليتمى والمسـكين والجـار ذى القـربى والجـار الجـنب والصاحب بالجـنب وابن السبيل وما ملكت ايمنكم إن الله لا يحـب من كان مختالا ً فخورا ً " .
وصلة الرحـم من ذوى الأرحـام تعـنى جلب كل خـير إليهم ودفع كل شر عـنهم بالقول والفعل حسب الإستطاعة وقدر الطاقة وحسب حالة القريب ؛ فإن كان فقيرا ً كانت صـلته بالمال ؛ وإن كـان مظـلوما ً فـصلته بنصـره وتأييده ؛ وإن كـان عـلى معـصية فصلته بالنصح والدعـاء لـه ؛ وإن كان مريضا ً فـصلته بالزيارة وإبتغـاء العلاج له ؛ وإن كان ذو كربة فصلته بالزيارة والتخفيف عـنه .
وهـناك من الوسائل المتاحـة الآن لصلة الأرحـام ما لم يكن متاحـا ً من قـبل مثل إرسال البرقيات للتهانى أو العـزاء وكذلك الإتصال الهاتفى أو إرسال الخطابات المكتوبة بالبريد أو بالبريد الألكترونى ؛ كل ذلك مما يوجد الألفة والمحبة ودوام الصلة .
عن جابر بن عبدالله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من أسخط الله فى رضا الناس سخط الله عليه وأسخط عليه من أرضاه فى سخطه ؛ ومن أرضى الله فى سخط الناس رضى الله عنه وأرضى عنه من أسخطه فى رضاه حتى يزينه ويزين قوله وعمله فى عينيه . " رواه الطبرانى .
والمؤمن الذى لا يبالى بسخط الناس فى سبيل إرضاء الله لا يبلغ هذه الدرجة من الإيمان إلا بعد أن يروض نفسه على الصبر والمجاهدة وترك المراء من القول مع الإلتزام بحدود الله وأداء الفرائض والمسارعة بالأعمال الصالحة بعزيمة قوية ونقس راضية زكية ؛ وما دام المؤمن على هذه الحال فهو بلا شك فى معية الله ورعايته وفى الحديث القدسى أن الله عزوجل قال :" من عادلى وليا ً فقد آذنته بالحرب .. "
وحين تكون المقابلة والإختيار بين رضا الله بسخط ذوى الأرحام وبين رضا ذوى الأرحام بسخط الله فإنها تكون صفقة رابحة لمن يختار رضا الله ولو بسخط ذوى الأرحام جميعهم ودون ذلك الصفقة الخاسرة .
ولا يصح مقاطعة ذوى الرحم إلا فى حالة كونه فاجرا ً كذابا ً لا يأمن شره ولا تجدى معه النصيحة لجهل لإستحكم فى عقله فلا تزيده الصلة إلا بغيا ً وعلوا ً وعدوانا ً وإستكبارا ً على الناس ؛ وفى هذه الحالة تكون مقاطعته واجبة حتى يعود إلى رشده وعقله وصوابه ويلتزم أمر الله وشرعه .
ومع كل هذه المفاهيم والمبادئ السامية نجد أن غالبية ذوى الأرحام قد أصيبوا فى أخلاقهم فاشتعلت فى قلوبهم نيران العداوة والكراهية لأهلهم بدلا ً من أن تسكنها أواصر المودة والرحمة ؛ فلا يكاد حديث المجالس يخلو من مرارة الشكوى من ظلم ذوى القربى وتأكيد حقيقة المثل القائل " الأقارب عقارب "؛ فاحذر ياأخى ولا تكثر من العتاب والمحاسبة وكن رقيقا ً لينا ً مع ذوى رحمك ؛ وتذكر دائما ً أن رحمة الله قريب من رجل أعان ذوى رحمه على صلته وبره ورحمة الله قريب من المحسنين.

وحسبنا أن نلفت أنظار الذين لا يعلمون إلى أن الإسلام وهو يأمر بصلة الأرحام يحذر فى ذات الوقت من البغى والظلم بين الأقارب حيث يقول صلى الله عليه وسلم "اتقوا الله وصلوا أرحامكم ؛ وإياكم والبغى فإنه ليس من عقوبة أسرع من عقوبة البغى" ومن البغى أن الرجل يذكر ذوى رحمه بالسوء ويأمر الأخرين بقطيعتهم ويشيع كلاما ً يقصد به التقليل من شأنهم بين الناس ؛ ونرى فى هذا الحديث أن الأمر بصلة الأرحام يتجاور مع التحذير من البغى ؛ بل إن التحذير من البغى ليأخذ من الأهمية مدى أبعد يتضح ذلك من الوعيد والإنذار بسرعة عقوبة البغى فى الدنيا قبل الآخرة .
وإذا كان مطلوبا ًمن الأبناء أن يبروا بالوالدين وذوى القربى فإنه مطلوب وبذات القدر من الآباء وذوى القربى أن يكفوا أيديهم وألسنتهم عن الإضرار بذويهم فلا يظلموهم ولا يخذلوهم أويحقروا من شأنهم ؛ وصحيح أن السنة النبوية تحذرنا من قطع الأرحام لكن صحيح أيضا ً قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " رحم الله والدا ً أعان ولده على بره " وصحيح أيضا ً قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " صلوا أرحامكم ولو بالسلام " إذا ً فليس على هؤلاء الذين يعانون أذى الأرحام وظلمهم حرج فى أن يكتفوا فى علاقاتهم معهم بإلقاء السلام حين تلتقى الوجوه ؛ ونحن وبكل الأسف نعمل بأدنى مستويات صلة الأرحام فنكتفى بالسلام حين تلتقى الوجوه ثم ينفض اللقاء فلا نعرف عن بعضنا شيئا ً حتى نلتقى بعد شهور أوسنوات
وهذه مصيبة كبرى نسأل الله أن يعافينا منها آمين .
بعد صلاة فجر الخميس 13 من شهر رمضان 1430هـ الموافق 3/9/2009م ونحن قعود على سطح الحرم المكى قبالة الكعبة المشرفة فوجئت بالعاملين يقومون بجمع السجاد المفروش نظرا ً لإحتمال سقوط أمطار على المملكة ؛ فنظرت فى السماء فوجدتها ملبدة بغيوم كثيفة وسحب سمرة وثقيلة فقلت الحمد لله هذه ساعة مباركة إجتمعت فيها كل شروط الإجابة والقبول ؛ سقوط المطر وفى وقت السحر وفى الحرم المكى فأنتقلت إلى مكان آخر وقعدت أدعو لذوى الأرحام حتى شروق الشمس ؛ يارب ارحم ذوى الأرحام من أقارب أبى وأمى واغفر لى ذنبى وتقصيرى فأنت أعلم بحالى ؛ وأخذت أدعوا لهم اسم اسم وشخص شخص يارب ارحمهم وسامحهم وعاملهم بالإحسان واحفظ أولادهم وأزواجهم وأحفادهم وسد ديونهم واشفى مريضهم ورد غائبهم وردهم للحق والعدل والدين آمين .
ولعل المواقف والتعليقات المدرجة فى سطور هذه المدونة تكون دافعا ً للقارئ الكريم ليعمل على صلة رحمه ؛ فيارب ألف بين قلوبنا وتب علينا واهدى بنا واجعلنا سببا ًلمن اهتدى والحمد لله رب العالمين &&

السبت، 26 سبتمبر 2009

بـيـــان إلــى كــل مــن أنـكــر وادعــى

{ بيان من جمعية الكلمة الطيبة إلى كل من أنكر وادعى }
بسم الله الرحمن الرحيم
إعلم ياأخى الكريم أن التاريخ هو علم يبين لنا أحوال السابقين وأقوالهم وأفعالهم ولوترك الأجـداد أعـمال النقـل والوصف والرواية عـن رسول الله صلى الله عـليه من قـول وفـعـل وأمـر ونهى وعـمل لـما وصل إلـينا الدين وما أصبحـنا مسـلمـين لـكـن قضاء الـلـه عـز وجـل يحـيط بهـمـم الرجال يقـويهـم ويـشـد مــن أزرهـــــم فيتناقـل الأبناءعـن الأباءعـن الأجـداد ويكـتب أصحاب الأقلام وأولى النهى وهكذا
يستمر التاريخ ويستمر ذكر أحوال السابقين لنستلهم منهم العبرة والعظة والمثل .
وإذا كان العالم كـله يضحى بالغـالى والرخـيص من أجـل الحـفاظ عـلى تاريخـه خـشية العـبث به أونسيانه فـماذا نحـن وأنتـم فاعـلون ؟ ومن العجيب أن نرى أناسا مـن حولنا يصنعـون لأنفـسهم تاريخـا ً بالأكاذيب أو بالمـواقـف المفـتعلة والفارغـة بينما نحن أبناء ناهـيا قد نسينا ما صنعه الأجداد من صروح وأمجاد !! بل وأهـملنا صناعة التاريخ الجديد !! مـع عـلمنا بأن التاريخ ما هـو إلا حـلقات متصلة نشارك فى صنعها بأعمالنا وأيدينا ؛ وفقـد أى حلقة من هـذه الحلقات يقطع السلسلة ويتسبب فى ضياع التاريخ ونسيانه وبالتالى تضيع الأمة وتفقد مكانتها بين الأمم .
ومن أعجـب العجب أن نرى اليهـود فى دولتهم قـد فطنوا لهذا الأمر وخـطورته فأخذوا يصنعون لأنفـسهم حلقات من التاريخ الكاذب المزيف وهـم عـلى الباطل !!!
فـى الطريق نحـو مدينة القـدس المحـتلة هـناك هـياكل سيارات قـديمة متروكة وفى أماكن متباعدة ؛ وهـى هياكل شاحنات قديمة تعـود إلى الثلاثينات والأربعـينات من القرن العشرين وقد تم طلاؤها حديثا ً لحمايتها من الصدأ والتآكل فتظل أطول مدة ممكنة ؛ فهل تعلم ياأخى الناصح ما السر وراء ترك هـذه الهياكل القـديمة والحـفاظ عليها بمشهد من الشعـب الإسرائيلى ؟
لقد كانت هذه الشاحنات تقل الفارين اليهود أثناء حرب 1948م ! وإسرائيل تبقى عـليها أمام أعـين الناس لتكـون تذكرة للأجـيال المتعاقـبة تذكرهـم بما لاقاه آباؤهـم وأجدادهم من معاناة !! انظر ياأخى إنهـم يصنعـون تاريخا ً من لا شئ ومن معاناة كانت لهم وهـم لصوص محتلون !! هكذا يصنعون فى دولة عـمرها لا يساوى عمر بيت قديم فى قريتنا ناهيا .
والعجب كل العجب أن نرى فـى قـريتنا ناهيا أناسا ً محـسوبين فى عـدادالمتعـلمين والعلماء نراهم لا يدركون ميراث قريتنا الثقافى والإجتماعى والسياسى وإن أدركوه تعـمدوا إغـفاله وإنكاره لا لشيئ سـوى أن هـذا المـيراث الضخـم والفـخـم منسـوب للأخرين وفى غالبه لأبناء أسرة الزمر! فهل هـذا جـزاء من تقدم وتحـمل المسئولية فقاد وحقـق وصنع تاريخا ً لقريتنا تتباهى به عـلى مر العـصور !!!
والشيئ بالشئ يذكر فلقـد كان من أهم ما حرص عليه هولاكو بعـد سقوط بغـداد أمام الهـجـوم التتارى أن يدمر جـميع المساجـد ويأمر بإتلاف مكتبة بغـداد وتدمير محـتوياتها حـتى لايكون هـناك تاريخ عـن الخلافة العـباسية وتاريخ عـن المسلمين فهل يقوم مثقـفـينا وأنت معهم ياأخى بمثل ما قام به المجرم هولاكو فيدمرون تاريخ قريتنا ناهيا وهم يحسبون أنهم يحسنون الصنع ؟ خيب الله قصدهم وخالف ظنهم .
ونقـول لكل من أنكر وأدعـى إنتبه مـن غـفلتك ولا تعـتدى عـلى تاريخ بلدك بهـذا الحمق وهـذه الجهالة ، وجمعـية الكلمة الطيبة ترد عـليك بالكلمة الطيبة وتقـول لك سامحك الله وهـداك ووقانا شرك وتدعـوك أن تقرأ التاريخ لتعلم ضخامته وفخامته.
ونحن إذ نوضح أمام ناظريك دورين بارزين لقـريتنا ناهيا لعلك تقنع وتعـود إلى رشدك ؛ أما الأول فيأتى مع تولية / محـمد عـلى الحكم وبدء عـصر النهـضة وبناء مصر الحديثة ، فنجـد لناهـيا دورا ً بارزا ً فى الوقـوف مع المطلب الشعـبى آنذاك فهاهو الشيخ / محمد المهدى الحفنى الحنفى مفتى المذهب الحنفى بمصر ومن أبناء قـريتنا ناهيايذهـب مـع المطالبين بعـزل خـورشـيد باشا ويكـتب بخـط يده محـضر المطالبة ؛ فهل هناك شرف أعـلى من هـذا الشرف ؟
أما الدور الثانى فيأتى مـع تحـقـيق نصر أكتوبر 1973م حيث قـدمت ناهيا أكـبر الرتب من الشهداء اللواء/ احمد محمد عـبود الزمر بطل الإستبسال حتى أخر طلقة وهـو واحد من الذين أدوا دورا ً بارزا ً فى تحـقـيق نصر أكتوبر بشهادة المؤرخين فى سجلات التاريخ الحربى والعسكرى فهل هناك شرف أعلى من هذا الشرف ؟
وبين هذا الشرف وذاك التشريف مواقف كثيرة ومتميزة تجعل ناهيا فى مصاف البلاد العريقة إبحث عنها يامن تدعى العلم والسبق لنفسك واعلم ياأخى أن هناك حقائق بانت من بعد قراءة وبحث ؛ هذه الحقائق كقول ربنا عز وجل " وجعل القمر فيهن نورا ً وجعل الشمس سراجا ً " آيه 16 من سورة نوح ؛ نعم إنها حقائق لا ينكرها إلا أعمى عين وبصيرة أوحاقد وحاسد وقانا الله شرهم وخالف ظنهم ونحبك أن لا تكون واحدا ً منهم .

هذه الحقائق ساطعة سطوع الشمس فى كبد السماء وباذغة بزوغ القمر فى دجى
الليل ؛ هذه الحقائق يجب أن تعلمها ويعلمها الأخرين ؛ حقيقة أن أسرة الزمر فى ناهيا وعلى مدى تاريخها الطويل قامت بدعم المشروع التنموى بالقرية والحضارى بمصر وقادت الكلمة الحرة والرأى الصائب وتقف إلى جوار الضعفاء تدافع عنهم وتقف مع المطلب الشعبى تصنعه وتحققه .
وقد تبين وبكل صدق أن أسرة الزمر مثلها بين الأسر والعائلات الأخرى كمثل مصر بين دول العرب ؛ فى وقت السلم والرخاء تلقى تطاولا ً وتحقيرا ً من شأنها وفى وقت الشدائد يتقاعس الجميع وتتقدم مصر وأسرة الزمر لتأخذ دورها ومكانتها فى الصدر والصدارة وهذا قدرنا ونرضى به والحمد لله .
واعلم ياأخى أن الريادة والقيادة أساس وتاريخ وعطاء وامتداد وتواصل بين الأجيال وكل هذه الصفات تحققت فى أبناء أسرة الزمر فكيف لا تكون رائدة لهذه المنطقة وقائدة لمصر ؟ ياأخى لقد دقت ساعة العمل فواجب علينا نحن أبناء ناهيا أن نكون قدوة حسنة على مر التاريخ وأن نكون على مستوى المسئولية وعلى مستوى الإصلاح السياسى والدستورى بمصر ؛ ونستعد لتقديم رئيسا ً لمصر فى المرحلة القادمة ذلك لأن قريتنا ناهيا رائدة بكل المقاييس وستظل فى الصدر والصدارة بجهود الرجال وحماس الشباب وحكمة الشيوخ ؛ ومهما دجى الليل فالتاريخ علمنى أن النهار بأحشاء الدجى يثب وعلى الله قصد السبيل والحمد لله رب العالمين &&
بقلم محاسب / احمد عبود
عضو مؤسس بالجمعية

الاثنين، 10 أغسطس 2009

عـبــود وطـارق الـزمـر قـضـوا 28 عـامـا ً فــى الـسـجـن .. ألـم يـأن الأوان للإفـراج عـنـهـمــا

عبود وطارق الزمر قضوا 28عاما ً في السجن.. ألم يأن الأوان للإفراج عنهما
بقلم د/ ناجح إبراهيم
28 عاماً كاملة بالميلادية.. وقرابة 29 عاماً بالهجرية قضاها الشيخ/ عبود الزمر وابن عمه د/ طارق الزمر في السجون المصرية.. في أول سابقة من نوعها في التاريخ السياسي المصري.. بل أظنها في تاريخ السجون السياسية في العالم كله.. فمانديلا مكث في السجن 27عاماً.. ومع ذلك يضرب به المثل في العالم كله على طول مكثه في السجون.
وقد كان لنا أخ طريف كان يقول للشيخ عبود منذ قرابة عشرين عاما ً كاملة " عبود مانديلا! في وصلات المزاح الليلية أثناء فترات السجن الانفرادي في السجون.. وكان ذلك تقريبا ً في عام 1987م .. وكأنه يقرأ الغيب أو يستشرف المستقبل.
وكان يطلق هذا اللقب أيضاً على عدة إخوة منا.. وكلهم مكثوا قرابة ربع قرن تقريباً.. وكان أطول رقم قياسي للسجون السياسية في الستينات ما مكثه بعض قادة الإخوان المسلمون وهو 19عاماً حيث سجنوا 1954م وخرجوا عام 1973م .. وكان من بين هؤلاء الشيوخ أحمد حسانين ومصطفى مشهور وحامد أبو النصر رحمهم الله جميعاً.
وكنا نظن أن أحداً منا لن يتخطى سقف العشرين.. فلما جاوزناها لم يتصور أحدنا أن يمكث واحد منا أكثر من ربع قرن.. حتى كسر الشيخ عبود ود/ طارق هذه القاعدة ليسجلا سبقاً مؤلماً وحزيناً ومؤسفاً في الوقت نفسه في تاريخ السجون السياسية في تاريخ مصر كله.
والشيخان عبود وطارق من أسرة كريمة وعائلة عريقة معروفة بالرجولة والشهامة والتدين والوطنية والأدب والرقي في الوقت نفسه.. وقد كانت أسرة الزمر دائماً رغم وطنيتها في صف الحكومة وحزبها..ً حتى كسر هؤلاء مع آخرين بعدهم هذه القاعدة.. ليكون بعض الأسرة في صفها.. والبعض الآخر في صف معارضيها.
وقد أدخلت الأسرة الشيخ عبود في شبابه الكلية الحربية ليتأسى بعمه الشهير والبطل المعروف اللواء / أحمد عبود الزمر.

وكان اللواء الزمر من أبرز القادة العسكريين المصريين في حرب أكتوبر المجيدة.. وكان قائداً لإحدى الفرق المدرعة التي تصدت للجيش الإسرائيلي في ثغرة الدفرسوار.. والتي دخلت منها قوات شارون من شرق القناة إلي غربها.. ثم استترت بالأشجار الكثيفة في قرى الإسماعيلية.. وفشلت في حصار مدينة الإسماعيلية.. ولكنها حاصرت مدينة السويس وهي تتقدم جنوباً.
وقد أبلت هذه الفرقة بلاءًَ حسناً ودافعت عن الطريق المؤدي إلي القاهرة ببسالة منقطعة النظير.. ورفض اللواء / أحمد الزمر الاستسلام أو إخلاء مركز قيادته أو الإنسحاب منه.. وظل يقاوم بنفسه مع جنوده وضباطه حتى دمرت الدبابات الإسرائيلية مركز قيادته وقتلته.
ولذلك استحق عن جدارة أن ينال أرفع الأوسمة العسكرية ومنها نجمة سيناء من الطبقة الأولى.. وهي أرفع وسام عسكري مصري.
وقد كان اللواء/ أحمد الزمر رغم شجاعته ورجولته يصيبه الزكام كثيرا ً.. فكان يقول للضابط الصغير عبود الزمر: رحم الله والدي هو السبب في ذلك.. فقد أنجبني وهو كبير في السن.
وترجع هذه القصة إلى أن والد اللواء/ الزمر تزوج زوجة أخرى في المنيا بعد أن كبر سنه وأنجب منها اللواء/ أحمد الزمر.
ومن الأقدار العجيبة أن اللواء/ أحمد الزمر كان مشهورا ً بالكفاءة العسكرية منذ صغره.. ومن أجل ذلك كان يعمل ضابطاً كبيراً بمبنى القيادة العامة للجيش المصري في الستينات تحت رئاسة المشير عامر.
فلما حدثت نكسة 1967م احتجز عبد الناصر كل ضباط القيادة العامة لمدة عام كامل في مبنى الكلية الحربية.. ثم سرحهم من الخدمة.. حيث اعتقد أن ولاءهم جميعاً للمشير عامر وشمس بدران.. وكان ذلك خطئاً فادحاً.. وذلك لأن هؤلاء الضباط كانوا من أكفأ ضباط الجيش المصري.. ولم يكونوا جميعاً موالين للمشير عامر أو شمس بدران.. وكان وجودهم بجوار الرجلين طبيعياً بحكم عملهم فقط في القيادة العامة.
وقد أحسن السادات حينما أعاد اللواء/ أحمد الزمر ومعظم هؤلاء الضباط إلى الخدمة العسكرية مرة أخرى.. وأعاد تأهيلهم عسكرياً بدراسات داخل مصر وخارجها.. وكان هؤلاء من أسباب نصر أكتوبر 1973م.. فقد أبلوا جميعاً بلاءً حسنا ً في هذه الحرب ومنهم اللواء/ أحمد الزمر.
وقد كان اللواء/ أحمد الزمر يحب الشيخ عبود حبا ً شديدا ً وخاصة بعد أن أصبح الأخير ضابطاً مثله.. وقد خاض الأثنين حرب أكتوبر فاستشهد الأول..

أما الشيخ عبود الزمر فقد كان وقت الحرب برتبة النقيب في سلاح الإستطلاع في وحدات المدرعات .. وقد أبلى في هذه الحرب بلاءً حسنا ً.
وكان الشيخ عبود يحب والدته حباً شديداً.. وكانت هي تحبه كذلك حباً جماً وخاصة بعد وفاة والده.. وكان يخصها بالدعاء في كل أزمة يمر بها .. فكان يدعو قائلا " يا رب سلمني من أجل أمي "
وقد تحقق دعاؤه وسلمه الله في حرب أكتوبر رغم شجاعته ورجولته.. فلم يحدث له مكروه وعاد إلي أسرته سالماً بعد أن عبر مع من عبر قناة السويس.. وأظنه لم يكن يتصور أنه سيواجه فترة طويلة وعصيبة في سجنه قد تكون أصعب وأشق من أهوال الحرب.
ولما دمرت الدبابات الإسرائيلية في الثغرة عدداً كبيراً في منصات صواريخ الدفاع الجوي المصري تحرك الطيران الإسرائيلي فوق القوات المصرية بحرية وكثافة.. وكان يقصف الجيش المصري بطريقة تسمى القصف المساحي.
وقد دخل السجن في سن السادسة والثلاثين تقريباً.. وكان برتبة المقدم واليوم جاوز الرابعة والستين.
لقد دخله وهو في ريعان شبابه وفتوته وقوته.. واليوم قد تجاوز مرحلة الكهولة إلي مرحلة الشيخوخة وأصيب بعدة أمراض مزمنة.
ولك أن تقارن بين صورته وهو في قضية السادات بثوبه العسكري وعضلاته المفتولة.. وبينه الآن وقد أبيض شعره تماما ً وظهرت التجاعيد في وجهه.
وحياة الشيخ عبود الزمر فيها من العجائب الكثير والكثير.. ومنها ما قصه عليّ في يوم من الأيام حيث قال لي : "إن المرحوم عباس رضوان كان قريباً لأسرتي وكان ضابطاً في الجيش ومن المقربين للضباط الأحرار.. وقد اختير للعمل في المخابرات المصرية.. ثم تدرج فيها حتى أصبح من أكثر المقربين من رئيسها صلاح نصر وكذلك المشير عامر .. ثم أصبح وزيرا ً في عهد عبد الناصر.. تم قبض عليه وسجن في السجن الحربي ضمن تنظيم شمس بدران بعد نكسة 5يونية 1967م .. وحكم عليه بالسجن عدة سنوات"...
وحينما كان عباس رضوان ضابطاً مرموقاً كانت والدة الشيخ عبود الزمر تدعو كل يوم :
يا رب يا عبود يا ابني أراك مثل عباس رضوان .. هكذا كانت تدعو وهي ترجو الخير لإبنها .. حتى صار ابنها ضابطا ً في الجيش.. ثم التحق بالمخابرات الحربية.. ثم دخل السجن الحربي أيضاً.. وفي السجن الحربي جاء الضابط ليدخله إحدى الزنازين وهو يقول :
هل تعلم يا شيخ عبود زنزانة من هذه ؟..ومن الذي كان يسكنها قبل ذلك ؟
فقال : لا
فقال الضابط: إنها زنزانة عباس رضوان الوزير المعروف.
وعندها تذكر كل شريط حياته ودعاء أمه المستمر له.
وبالرغم من أن طريق الشيخ عبود الزمر كان يختلف جذريا ً عن طريق عباس رضوان .. إلا أن جزء ً كبيرا ً من سيناريو حياتهما قد تكرر.
وهذا يجعلنا دائما ً نتوقف عند قوله تعالى " وَيَدْعُ الإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً "
فكثيراً ما يدعو الإنسان بشيء ظاهره حسن وخير ونعمة.. وباطنه شر وسوء ونقمة.
ولذلك فأنا أوصي كل مسلم ومسلمة ألا يدعو بشيء محدد في الدنيا.. فلا يدعو أن يتقلد المنصب الفلاني.. أو يتزوج فلانة.. أو يدخل كلية كذا.. ولكن عليه بالأدعية العامة.. وأعظمها وأفضلها ما هو موجود في القرآن والسنة.
فيدعو الله أن يرزقه الزوجة الصالحة المباركة.. والعمل الصالح المبارك الحلال.. ويترك أمره لله.. فهو سبحانه الذي يعرف من هي الزوجة الصالحة وما هو العمل الصالح.. وما هو المال الصالح.. والمنصب الصالح.. فإذا أراد شيئاً معـيـنـا محدداً فعليه بالإستخارة.. ولكن لا يدعو به تحديدا.
ورغم تلك الأهوال التي قابلها والتربية العسكرية التي عاشها وفترة السجن الطويلة التي قضاها فإنني لم أر أكثر منه أدباً وخلقاً ولطفا ً وحلما ً وصبرا ًومن د/ طارق الزمر .
فحينما نذهب لزيارتهما ومعنا الشيخ كرم وبعض الإخوة الآخرين نكون في غاية الحرج أن نطرق من قريب أو بعيد مسألة الإفراج عنهما.. لأننا لا نملك من أمرنا أو أمرهم شيئاً في هذه المسألة بالذات.. رغم محاولاتنا المتكررة لتيسير ذلك ولكن دون جدوى.. وهما في الوقت نفسه ومن فرط أدبهما يتحرجان غاية الحرج أن يسألا عن أي شيء يتعلق بخروجهما من السجن أو موضوع الإفراج عنهما.. حيث أنهما يعرفان حق المعرفة مشاعرنا الحقيقية نحوهما.. وأننا لم ندخر في ذلك الملف وسعا ًإلا بذلناه.
وقد يتصور البعض أن هذا الصبر والحلم وتلك السكينة العظيمة أمر هين وبسيط .. ولكنه لن يدرك قيمته وقدره إلا إذا علم بعض قصص من يعتقلون حديثاً.
فهذا ثائر غاية الثورة لأنه مكث ثلاثة أشهر ولم يخرج بعد.. وهذا يضرب عن الطعام بين الحين والآخر تذمراً وتسخطاً وليس لمجرد ضغط على إدارة السجن فقط لأنه مكث أربعة أشهر في السجن .. وهذا يستغرب مكثه في السجن ستة أشهر.
والأغرب والأعجب أن هؤلاء جميعا ً يقولون ذلك للشيخ عبود ود/ طارق كل يوم .. ولم يفكروا لحظة في أن هذين الرجلين قد قضوا 28 عاماً كاملة في السجن.. ولا يظهر عليهم تسخط ولا يأس ولا قنوط.
وقد يأتي بعض هؤلاء إلينا ليذكروا شكاواهم لنا.. فيستغرب كل منا لنفاذ صبرهم وعدم استفادتهم من هذه الأشهر القليلة في حفظ القرآن والأحاديث الشريفة أو تعلم العلم النافع.. مع أن أول درس قيل لنا ممن سبقونا في السجون "السجن القصير نعمة من الله.. أما السجن الطويل فيحتاج إلي أولى العزائم من الرجال ولا يصبر عليه إلا القليل"
وهل يصبر رجل 28عاما ً في السجن.. ثم يستحي من مجرد السؤال حتى عن موعد الخروج ؟
وهل من جديد ؟
ولماذا لم يتم الإفراج ؟
ولماذا كذا.. ؟! وهل .....؟! وهل ....؟!
كل هذه الأسئلة التي كان تتردد على أسماعنا سنوات طوال من كل أخ معتقل لم يخرج...
ورغم أنها أسئلة مشروعة ومنطقية.. إلا أن الشيخ عبود والشيخ طارق يستحيان حتى اليوم أن يسألا عنها .. ونحن بدورنا نستحي أن نفتح الحديث عنها .. وذلك لعله بسيطة وهو أنه لا جديد تحت الشمس.
ومنذ عدة سنوات ماتت أم الشيخ عبود بعد طول انتظار لإبنها.. ولكن دون جدوى .. وكانت في سنواتها الأخيرة لا تكاد تعرفه من شدة مرضها وكبر سنها وتدهور صحتها.. حتى أنها قالت له في زيارته المنزلية الأخيرة له وهو يغادر المنزل:
أين أنت ذاهب؟
فقال لها: أنا ذاهب إلى الشغـل يا أمي.
فقالت له: نعم يا بني.. لا تتأخر عن شغـلك وعملك.
فقد نسيت تماماً أنه سجن.. وأنه مازال في السجن.. وأنه قادم إليها لعدة ساعات فقط في زيارة منزلية.
واليوم لم يبق للشيخ عبود من خاصته سوى زوجته الوفية أم الهيثم التي ضربت أعظم الأمثلة في العطاء والتضحية والبذل والوفاء لدينها وزوجها.. وإذا كانت الصحف قد تحدثت كثيراً عن وفاء أ/ جميلة إسماعيل لزوجها د/ أيمن نور ودفاعها الكبير عنه وعدم تخليها عنه.. وعدم طلب الطلاق منه إلا بعد خروجه من السجن.. حتى لا يفهم البعض خطأً أنها تتخلى عنه في محنته.
وقد أعجبني كثيراً وفاء أ/ جميله مع زوجها.. وهي تستحق ذلك وأكثر.. ولكن كل هذه الصحف ووسائل الإعلام حتى الإسلامية منها تغافلت نموذجاً أعظم وأرقى وأوفى عطاءً وتضحية وصبراً ووفاءً وهي "أم هيثم" السيدة "وحدة عبد الموجود الزمر" سليلة الأسرة العريقة الصالحة.
وقد كانت هذه السيدة الجليلة أم هيثم تجهز في كل أسبوع طعاما ً يكفي العـنبر كله الذي يعيش فيه الشيخ عبود.. وكنا وقتها قرابة عشرين فردا ً.. وتجهز لكل أخ من هؤلاء ربع فرخة.. مع أن تجهيز هذا الطعام لهذا العـدد قد يستغرق يومين كاملين.. وخاصة أنه كان يحتوي دوماً على كل أنواع المحشي التي اشتهرت بها قرى الجيزة ومنها نوع نادر من المحشي.. وهو محشي الشـبـت.. فضلاً عن محاشي الباذنجان وورق العنب والكرنب وغيرها.. كل ذلك مع الخضار الذي يعلوه السمن.
وقد كانت السجون وقتها سيئة.. وكانت أم هيثم لا تخـدم زوجها فحسب ولكنها تخـدم جميع الإخوة.. وتحضر لهم طلباتهم المختلفة.. فهذا من الصعيد ويريد الكتب الدراسية.. أو جـدول الامتحانات أو المحاضرات من الكلية.. وهذا يريد شراء كـذا وكذا مما يحتاجه.. وهذه الزوجة من أقاصي البلاد لا تستطيع العودة في نفس اليوم فـتـبـيـت عندها.. وهكذا.
وهي اليوم المدافعة الرئيسية عن زوجها في كل مكان.. وهي نموذج للمرأة المصرية المسلمة التي لا تتخلى أبداً عن دينها أو زوجها أو بيتها.. وتضحي من أجلهم بكل غال ورخيص.
ومن العجيب أن اسم زوجة الشيخ "عبود "هو" وحدة " وقد سماها والدها بهذا الاسم حيث ولدت في أيام الوحدة العربية مع سوريا.. ووالدها الحاج عبد الموجود الزمر كان رجلا ً وطنياً من الطراز الأول.. واليوم قد جمع بين الوطنية والإسلام في ثوب جميل من العطاء للدين والوطن.. وهو صاحب وجه منير مشرق.. ورؤيته تذكرك بالله والصلاح والخير..
وقد تأملت هذا الاسم كثيراً طويلاً وانقـدح في نفسي أنها توحـدت مع زوجها برباط وثيق أزلي لا ينقـض ولا ينفـصم أبداً.. مهما طال سجنه وبعـدت الأيام بينهم أو كبر سنه وتخلى الناس عـنه.
وبعــد
ألا يشين بلادنا أن تستبقى في سجونها رجلا ً لمدة تزيد عن 28 عاما ً.
ألا يقلل من قدر أمتنا أن يمكث في السجن رجل جاوز الرابعة والستين بعـد أن دخلها وهـو في ريعان شبابه.
ألا نرحم هـذه المسكينة زوجته.. ونجمع شملها بزوجها وحبيبها بعـد فراق قارب على الثلاثين عاما ً.!!!
وماذا تبقى من عمر هذا الرجل حتى يمكث في السجن سنوات أخرى؟!!!.
إن هـذا الرجل مـن أوفى الناس لعهـوده.. وهـو أكبر مـن أن يخفر عهـداً أو ينكث في وعـد.. وما عهدنا عليه ذلك. وماذا بقي من حياته وصحته حتى يفعـل ما يخافه البعـض؟

وهذا د/ طارق الزمر الرجل الطيب الصالح.. ألا نرحم زوجته التي ظلت تسعى وراءه في السجون المصرية ابتداءً من ليمان طره.. فأبو زعبل.. فوادي النطرون.. فدمنهور قرابة عشرين عاماً كاملة.. ألا نرحم هذه المسكينة التي بذلت شبابها وحياتها كلها في سبيل الله ثم في رعاية زوجها وقد تزوجته وهي في العشرينات من عمرها وهي الآن في الأربعينات.
يا قومي.. رمضان عـلى الأبواب وهـو شهر الرحمة والتراحم.. والعـطف والتعـاطف.. والصفـح والتسامح.. ألا ينبغي عـلى كل قادر على قرار إطلاقهما وتسريحهما بإحسان أن يفعـل ذلك حسبة لوجه الله الكريم.. وتذكراً لقول الرسول العظيم (صلى الله عليه وسلم) "البر لا يبلى".
وهذا والله أعظم البر.. فالمال يبلى.. والمناصب تبلى.. والرتب تبلى.. والدنيا كلها تبلى.. ولكن البر لا يبلى ولا يضيع ولا يزول أبداً.. لا في الدنيا ولا في الآخرة.
إنني أناشد كل صاحب قرار يستطيع أن ينهي هذه المأساة الإنسانية ألا يتردد في ذلك أبدا ً.. وأبشره أنه سيسعـد ويفخـر بهذا القرار في الدنيا.. وكذلك في الآخرة في يوم "لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم".
قد يقول البعـض.. وماذا يفعل الآخرون من غير أهل القرار.. وهم الكثرة الكاثرة من الناس ؟
وأقول لهؤلاء :-
من كان من أهل الشفاعة في هذا الأمر فليشفع في الإ فراج عنهما.. امتثالا ً لأمر النبي (صلى الله عليه وسلم) "اشفعوا تؤجروا" .
ولم يعلق الحديث الشريف الأجر على قبول الشفاعة أو نجاحها في تحقيق المقـصود منها.
ولكنه علق الأجر بالشفاعة نفسها سواء حـقـقـت النتيجة المرجوة منها.. أم لم تحقـق.
فعلى أهل الشفاعة جميعاً أن يسعـوا في ذلك طلباً للأجر وتقرباً إلى الله.. وعليهم أن يبذلوا الوسع في ذلك.
أما من لم يكن من أهـل القرار أو الشفاعة فعليه بالدعاء لهما ولغيرهما من المعتقلين والسجناء.. فهذا هـو النصح بالقلب للمسلمين.. وهو ما فسره بعـض شراح الحديث بحب الخير للمسلمين والدعاء لهم.. والسعادة لسعادتهم والحزن لحزنهم.
فيا رب يا مـن أنجيت إبراهيم مـن النار
وأنجيت يونس مـن بطن الحوت
وأنجيت موسى ومـن معه مـن المؤمنين
وأنجيت نوحا ً ومن معه بالسفينة
وأنجيت هودا ً وصالحا ً وشعيبا ً ولوطا ً
أنج عبادك المعتقلين والمسجونين والمكروبين في كل مكان
ووسع عليهم
وحررهم
وكف أيدي وألسنة الناس عنهم
اللهم فرج كربهم وفك أسرهم وتول أمرهم.. وأحسن خلاصهم
"وآخر دعوانا أن الحمد الله رب العالمين" آمين .

السبت، 8 أغسطس 2009

الأســتـاذ / عـبـدالـمـنـعـم مـحـمـد عــمـر

الأستاذ/ عبد المنعم محمد عمر
رجل مسئول وعملاق فى فكره وتصرفاته ؛ إنه ابن عمة والدى وحفيد محمد بيك عبود الزمر من إبنته زنوبه ؛ هذا العم كان من الشخصيات القريبة لوالدى ونكن له كل الأحترام والمهابة لكثرة ماسمعنا عنه من مواقف جادة وعقل راجح .
فى عام 1968م كان الأستاذ/ عبد المنعم يشغل وظيفة وكيل وزارة الثقافة والإرشاد لشئون المكتبات مع الوزير/ عبدالقادر حاتم وفى تلك السنة سمعته يروى لوالدى موقفا ً مسئولا ً من مواقفه المتميزة وكان مضمونه أن السيد الوزير قد إجتمع بالسادة الوكلاء ليستشيرهم فى مسألة ترقية أحد العاملين بالوزارة لمنصب رفيع وكان هذا الموظف على قرابة من السيد الوزير لذا فقد رحب جميع السادة الوكلاء بترقية هذا الرجل مجاملة للسيد الوزير إلا الأستاذ/ عبدالمنعم عمر فقد قال بالعربية والإنجليزية He is good in nothingهذا الرجل تافه ولايجيد شيئ !!! ونزل السيد الوزير على رأى الأستاذ الوكيل وأوقف ترقية هذا الرجل وشكر للأستاذ عبد المنعم صدقه و شجاعته .
وكان من عادته يرحمه الله أنه إذا جاء لزيارتنا واستقر به المقام مع والدى بحجرة الضيوف كان من عادته أن ينادى علينا نحن الأبناء الأربعة لنسلم عليه ؛ وفى إحدى زياراته لنا جلس مع والدى يتجاذبا أطراف الحديث وجلست أنا على كرسى مجاور لهما ، وكانت فى يدى صحيفة الأهرام أتصفح منهاالعناوين الرئيسية ثم طويتها ووضعتها على المنضدة أمام والدى ثم كانت المفاجأة التى فجرت فى نفسى الحماس للقراءة !! لقدفوجئت بعمى عبدالمنعم يتوجه إلى بالسؤال : ماذا قرأت فى الصحيفة ؟ وتلعثمت الكلمات على شفتى من المفاجأة ثم من هيبة هذا الرجل !! وأسعفتنى الذاكرة
ببعض العناوين التى كنت قد نظرت إليها توا ً فقلت له على وجل قرأت كذا وكذا أسرد له عناوينا ً ! واطمأننت قليلا ً وحسبت أن الأمر قد انتهى لكنى فوجئت بهذا العملاق يسألنى وماذا تعرف عن كذا ؟سمى لى عنوانا ً مما سردته عليه وتملكنى الخجل ولم أنطق ببنت شفة لأنى لم أكن قرأت ما تحت العناوين فقال لى معلما ً :-
مادمت لم تستفد بمعلومة فأنت لم تقرأ .
وإذا لم تكن هذه المواقف التربوية من مثل هذا الرجل المسئول عن الثقافة فى ذلك الوقت فمن من تكون ؟ وكان هذا الموقف عام 1965 م تقريبا ً وكنت أنا فى سن الرابعة عشرة وكان هو مديرا ً عاما ً لدار الكتب المصرية ؛ وتعلمت من يومها أن أكتب المذكرات بالمعلومات التى أعجب لها وعن المواقف والأحاديث التى أتأثر بها فكانت هذه السطور وتلك المقالات فى هذه المدونة من نتاج هذا الموقف الدرس .
هناك موقف خطير ومؤثر كاد يعصف بمستقبلى ويغير مسار حياتى كلها وقعت أحداثه فى عام1969م وكان عمى الأستاذ/ عبد المنعم طرفا ً فاعلا ً فيه !! أذكره ليستبين لكم كم كنت أتمسك بعفة اللسان مع الشجاعة الأدبية فى مواجهة أى شخصية ؛ لقد وقعت بعض المخالفات من زملائى بالفصل وكانت عقوبتنا جماعية فجلس الأستاذ/ حبيب وتوقف عن شرح درس مادة الأحياء نكاية بنا !!
وجلسنا جميعا فى صمت ثم تذكرت شيئا ً فالتفت إلى زميلى أكلمه همسا ً فرآنى الأستاذوطردنى خارج الفصل ؛ ثم عدت لمتابعة حصة العربى التالية ؛ وفجأة دخل علينا الأستاذ/ احمدالشامى ناظر المدرسة فى ذلك الوقت فأشارإلينا الأستاذ/ محمود زغلول وقال : قيام فأقلعنا وقوفا ًتحية للناظر ثم هبطنا قعودا ً وكان هذا عرفا ً متبعا ً فى المدارس لتحية الزائرين ، ثم تكلم الأستاذ الناظر عن الأدب واحترام المعلم فلما شعرت أنه يتوجه لى بكلامه وقفت من حيث أقعد فى وسط الصف الأوسط ثم أردت أن أوضح الموقف فسبنى بقوله اسمع يا كذا يابن كذا !! وأنا الذى لم يسب أحدا ً ولم يسبه أحد وكيف أشتم وأسب وأنا لم أسمع أبى يسب أويشتم على الإطلاق فكنت شبيها ًلأبى فى هذه الخصلة الحميدة فكرهت سماع كلمات السوء وكان كرهى لقولها أشد لذا كانت صدمتى شديدة !!

فقعدت من حيث أقف فقال لى : قف ياولد فقلت : آه آسف لن أقف إلا إذا كلمتنى بألفاظ مهذبة !! زملائى يعلمون تماما ً مدى إعتزازى بالخصال الحميدة من عفة لسان وصدق فى القول حتى أنهم كانوا يستشهدون بى عند وقوع الأزمات فيرضون قولى ويقبلون حكمى لذا كانت صدمتهم من أجلى شديدة فوقفوا وتصايحوا من حولى وتدخل الأستاذ/ محمود وقال : قف ياأحمد وأعتذر للناظر فوقفت وقلت له : عفوا ً لن أعتذر له فهو الذى سبنى !! فصرخ الناظر وقال : أخرج ياولد أنت مفصول !! وعدت إلى والدى وسردت له الأحداث فسمعها ولم يعقب .
وتغيبت عن المدرسة يومين أوثلاثة كان أبى فى خلالها قد اتصل بعمىعبد المنعم وكان يشغل منصب وكيل وزارة الثقافة ، وفى يوم موعود ومشهود ذهب ثلاثتنا إلى المدرسة فى موعد إنتظام طابور
الصباح ودخل والدى وعمى عبد المنعم إلى حجرة الناظر فكان بينهم كلام وتعارف ثم أستدعانى الأستاذ الناظر علىعجل قبل بداية الحصة الأولى فذهبت اليهم مسرعا ً واتذكر ماقاله عمى عبدالمنعم فى رده على الأستاذ أحمد فقال : إن مفاهيم ألأجيال تغيرت وأن لكل مرحلة أسلوبها فى التربية ثم أن الحب هو الذى دفع الحسن والحسين أن يحملا نعل شيخهما عند دخوله المسجد وعند الخروج .
ثم قال لى : إن لم تنتظم فى المدرسة وبدون مشاكل فلا تضيع وقتنا واذهب لتزرع فى أرضك بالبلد !! وانتظمت من يومها فى الدراسة بفضل الله وتوفيقه .
ولعمى الأستاذ / عبدالمنعم مواقف جادة ومضحكة فى ذات الوقت أذكر منها موقفين يتعلقا بعادة حسنة التزم بها الأستاذ عند حضوره فى أى مجلس وهى حرصه بأن يتعارف على الناس ويعرفهم بنفسه
وهذا التعارف من شأنه أن يؤلف بين القلوب ونحن إذنتمنى أن نرى كل الحضور بالمجالس فى مثل وعى وثقافة هذا العملاق .

أما عن الموقف الأول فلقد سمعته من الأستاذ يحكيه لوالدى فى عام1964م فعلمت أنه كان مدعو ضمن مجموعة لحضور حفل تكريم للرئيس الحبيب يورقيبة فلما دخلت المجموعة لتصاقح السيد الرئيس وجاء الدور على الأستاذ وقف ممسكا ً بيد الرئيس بورقيبة وقال له : أنا عبدالمنعم محمد عمر مديرعام دار الكتب المصرية !
وبعد أيام جاءوا لوداعه فلما وضع بورقيبة يده فى يد الأستاذ قال بورقيبة علىالفور : أنت الأستاذ عبد المنعم محمد عمر مدير عام دار الكتب المصرية فضحك الأستاذ وضحك الرئيس . والموقف الثانى حضرته بنفسى عام 1970م فلا أحد أفراحنا بالحيزة وكنت قد جلست مع الأستاذ ومعه والدى وأخرين ؛ وكان من ضمن الحضور رجل اسمه حماده فلما تعرف به قال له بكل جدية : عيب عليك تبقى رجل كبير وأسمك حماده !! فضحك الرجل وضحك الحاضرون بكل وقار أما أنا فأسرعت بالخروج لأضحك على راحتى .
فى يوم كتب كتاب شقيقتى سعاد الموافق 25/4/1973م على المهندس/ جلال هاشم تم التقاط صورة يبدو فيها الأستاذ عبدالمنعم محمد عمر وعن يمينه خال العريس الشيخ عباس حلمى مدير الأوقاف بالمنصورة ؛ ولهذه الصورة موقف تاريخى مؤثر وقبل التقاطها بثوان ؛ نحب أن نذكرها وبكل فخر !! فبعد أن وقع جدى أحمد الزمر مدير عمليات المنطقة العسكرية المركزية يصفته وكيلا عن العروس تقدم الشيخ المأذون فأعطى الوثيقة للشيخ عباس ليوقع عليها بصفته شاهد فناولها الشيخ للأستاذ عبدالمنعم ليوقع عليها أولا كنوع من الأحترا والتوقير ؛ وفجأة رأينا الأستاذ عبد المنعم يمسك بالوثيقة ويقف ويقول : تسمح ياشيخ عباس تعالى معاى !! وأسرعنا نحن الشباب فأفسحنا الطريق للأستاذ والشيخ حتى دخلا إلى كوشة العروسة !! ونترك أختى سعاد لتروى لنا ما كان بالضبط فتقول :
سألنى عمى عبدالمنعم وقال : هل تقبلين جلال هاشم زوجا ً لك ؟
فأومأت برأسى فقال : قولى نعم أو لا فقلت : نعم فقال : وقعى هنا .
وهذا موقف تاريخى يحسب للأستاذ عبدالمنعم ؛ فكم من شهود ووكلاء وقعوا على هذه الوثائق والعقود دون تحرى الرجوع إلى سماع قبول الزوجة لكن هى المواقف المتميزة التى تعودنا عليها من الأستاذ العملاق يرحمه الله .
الأستاذ / عبد المنعم محمد عمر هو واحدمن مؤسسى قسم المكتبات بكلية الآدآب جامعة القاهرة فى عام 1960م وظل يدرس به لمدة عشرين عاما ً حتى أمكن استكمال هيئة التدريس بالشعبة
من خريجى القسم .

وبمناسبة الإحتفال بالمؤتمر العالمى الرابع للسيرة والسنة النبوية الشريفة فى رحاب الأزهر الشريف فى الأول من شهر نوفمبر 1985م ويشارك فيه عدد كبير من علماء المسلمين المتخصصين فى التاريخ الإسلامى ولاسيما السيرة النبوية والسنة ؛ ومن هذا المنطلق فقد تشكلت لجنة عليا برئاسة فضيلة الإمام الشيخ/ جاد الحق على جادالحق شيخ الأزهر الشريف للإعداد لهذا الإحتفال وتم الإتفاق على طبع عدة مطبوعات تقدم هدايا للمدعوين فى هذه المناسبة الكريمة وكان من ضمن هذه المطبوعات القيمة كتاب " الرسالة الكاملية فى السيرة النبوية لإبن النفيس" تحقيق وشرح وتعليق الأستاذ/ عبدالمنعم محمد عمر رئيس لجنة إحياء التراثالإسلامى ؛ وقد تفضل عمى الأستاذ فأهدانى نسخة من هذه الرسالةالكاملية وكتب عليها بخط يده :
بسم الله الرحمن الرحيم هدية لولدنا أحمد راجيا ً من الله التوفيق ،،
ترك الأستاذ من المؤلفات خمس بين تأليف وتحقيق وشرح وتعليق وهى
1 - المدخل للدراسات العربية تأليف وتم نشره فى 1967م .
2- الرسالة الكاملية فى السيرة تحقيق وشرح فى 1985م .
3- خديجة أم المؤمنين تأليف وتم نشره فى 1987م.
4- محمد المصطفى تأليف وتم نشره فى 1990م .
5- إرشاد القاصد لأبن الأكفانى تحقيق وتعليق فى 1990م .
فى عام 1990م ذهب الأستاذ /عبد المنعم إلى العراق ضمن وفد المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ؛ فلما تقابل الوفد مع الرئيس العراقى / صدام حسين وقف الوزير /محمد على محجوب يردد كلمات الثناء والتقدير على مسامع الرئيس ؛ فلما رفع الأستاذ عبد المنعم يده يطلب الكلمة حاول السيد الوزير محجوب أن يرده عن طلبه لأنه يعلم صدقه وصراحته ؛ ولكن إحتكم الأمر ووقف الأستاذ/عبد المنعم بكل شجاعة وثبات وصدق فعرف بنفسه رئيسا ً للجنة إحياء التراث ووكيلا ًلوزارة الثقافة ومديرا ً عاما ً لدار الكتب المصرية ؛ ثم أخذ يطالب بحل عادل لمشكلة الأكراد الملتهبة فى ذلك الوقت خاصة وأنهم من أحفاد صلاح الدين الأيوبى ولهم دور إيجابى فى بناء الأمة الإسلامية وتحقيق الإنتصار الكبير على الغزوة الصليبية ؛ وعندما عقب الرئيس /صدام على الكلمات شكر الأستاذ عبدالمنعم ووعد بالنظر فى مطالبه وآرآئه ؛ وعند العودة وفى المطار كانت المفاجأة !! لقد جرت عادة العراقيين على إعطاء هدايا قيمة لأعضاء الوفود المسافرة فكانت لكل مسافر بالوفد هدية إلا الأستاذ عبد المنعم لم تكن له هدية !!!
وهذه طبعا ً ضريبة الشجاعة وحسن الرأى .
لكل هذا فقد رأيت أنه من الحق والعدل والإنصاف أن أسجل اسم عمى الأستاذ/ عبد المنعم محمد عمر لمكانته العلمية والأدبية والإجتماعية ولما أداه من خدمات جليلة لمصر وللعالمين العربى والإسلامى وأيضا ً لإنتمائه لأسرتنا الزمرولبلدنا ناهيا والحمد لله على هذا الفضل وذلك التشريف .&