الثلاثاء، 1 ديسمبر 2009

ومــن يـتـوكـل عـلـى الله فـهــو حــســبـــه

{ ومــن يـتــوكـل عـلـى اللـه فـهـو حـسـبــه}

هذه آية كريمة من كتاب الله عز وجل يعرض فيها رب العـزة حمايته ويعـد بها من يطلبها ويتوكل عليه ؛ وهى حماية ما بعدها وما قبلها حماية ؛ وسعت المتوكلين فنجتهم من الهم والغم برحمة من الله لم يمسسهم سوء .
صدقت ربنا وتعاليت وبلغ رسولك الكريم ونحن على ذلك من الشاهدين ؛ ولنا فى التوكل عليك تجارب تجلت فيها قدرتك بالحفـظ والحـماية والعـون والتوفيق نذكـر بعـضها حتى تكتمل الفائدة والله المستعان .

فى صباح يوم الأحد الموافق 16/6/2003م وقفت على الطريق لأركب إلى مقرعـملى ببنك البراجيل حيث كانت الساعة تقترب من السابعة والنصف ؛ وجاءت سيارة ركوب أجرة بالنفر فأشرت اليها فتوقفت فاتجهت اليها لأركب فـوجدت السائق قد إنطلق مسرعا ولم ينتظر وتركنى !! فقلت فى نفسى لا حول ولاقوة إلا بالله لقد تركنى للأفضل وذهب لقدره !! قلت هذه الكلمات وأنا أنظر إلى تلك السيارة
وهى تبتعد ؛ ثم التفت جانبى فوجدت الشيخ/ سامى حفناوى شحاته يقف بسيارته لأركب معه حيث كانت الساعة السابعة والنصف تماما ً ؛ ونزلت بكومبره فوجدت الحاج/ عبد العزيز غـيضان يقف أمامى بسيارته وينادى لأركب معه فركبت ووصلت إلى مقـر البنك حيث كانت الساعة السابعة وخمسون دقيقة ؛ نعم وصلت البنك مبكرا ً وبدون تكلفة أجرة الركوب فيارب ارزقنا حسن التوكل عليك آمين .

موقف آخر أشد وأقسى وأصعب إنه موقف أحداث إغـتيال الرئيس محمد أنور السادات فى سنة 1981م ؛ ونبدأ الحكاية من أولها لنستلهم منها العبرة والعظة .
فى مساء يوم الخميس الموافق 24/9/1981م ذهبت إلى الطبيب / محمد عـوض تاج الدين فى عيادته بحى شبرا البلد للكشف حيث كان متعاقدا ً مع بنك التنمية والإئتمان الزراعى ؛ ولعلمى من تجارب سابقة مع أطباء آخرين أنهم يقدمون زبائن الكشف النقدى عـلى غـيرهم أسرعـت فى دفع رسوم الكشف نقـدية وأخفيت أوراق البنك لأدخل سريعا ً دون إنتظار ؛ وبعد قليل دخلت عـلى الطبيب فسألنى عـن شكواى وأجرى فحوصه ثم ضرب يده بجانبى الأيمن بطريقة جعلتنى أتألم وأشعر وكأن هناك قرن فلفل موضوع بجانبى ثم قال : الزايدة ملتهبة ومطلوب عـمل جراحة عاجلة ! وبعد إتمام الكشف قدمت له أوراق البنك وأخبرته بدوافعى لهذا التصرف فقال : لا.. لا هنا لا يوجـد فرق أو تعـطيل ثم إستدعى التومرجى وأمره برد قيمة الكشف وأعـطاه التحويل لإثباته فى السجل المخـتص ؛ ويبقى أن نشير إلى أن هذا الطبيب هـو وزير الصحة فى وقتنا الحالى من عام 2005م .
عدت إلى شقة أخى عبود الزمر بالعقار رقم 9 شارع عفيفى قسم أول الجيزه بقصد أن أكون قريبا ً لبنك المحافظة فأذهب إليه صباح السبت الموافق 26/9/1981م لتنفيذ توصية الطبيب بعمل جراحة عاجلة ؛ ولم أكن أدرى أن هناك قدرا ً مقدورا ً فى ظهر الغيب وأنى سأكون فى ذلك السبت بمبنى وزارة الداخلية بسبب ثقيل جدا ً يرتفع إلى مستوى البلاء وسنرى ذلك فى السطور التالية .

مساء يوم الجمعة الموافق 25/9/1981م وفى حوالى الساعة العاشرة والنصف مساءا ً سمعت طرقا ً شديدا ً ومتواصلا ً على باب الشقة فأسرعـت نحوه وبمجرد فتحه إندفعـت قوة من الشرطة ودخلت ترفع فى وجهى السلاح وأحدهم يسألنى أنت عـبود؟ فقلت : لا أنا أخوه أحمد !! وفى لحظات كان الأخرين قد أخذوا أماكنهم رافعين أسلحتهم بينما عـدد منهم يقوم بتفتيش الشقة ويتقدمهم العميد/ نبيل صيام والعقيد/ أحمد همام ؛ عرفت إسميهما فيما بعد ؛ وفى تلك الساعة العصيبة جعلت ذكر الله فى عـقلى فألقى الله عـز وجل سكينته فى قلبى فلم أفزع منهم الأمر الذى جعل العقيد/ أحمد همام يتعجب ويقول لزملائه : أحمد واحد من إثنين إما أنه خطير جدا ً ويمثل علينا دور البراءة أو أنه لا يعرف عـن الموقف شيئا ً !!!
لقد كان من المتوقع فى مثل هـذه المواقف أن يكون هناك خوف وفزع وتصرف طائش فأحاول الهرب منهم أو أعـتدى عـلى أحدهم بالضرب فيطلقون النار عـلى شخصى فأسقط قتيلا ً أو مصابا ً ؛ ولكن شيئا ً من هـذا لم يحدث ؛ ودعـوت الله فى نفسى أن ينصرفوا من قبل مجيئ عـبود مخافة وقوع تبادل لإطلاق النار خاصة وأنه يحمل سلاحا ً ناريا ً ويجـيد إستعماله ؛ ويبقى أن نشير إلى أن العقيدأحمد همام
هومحافظ أسيوط الحالى فى 2005م .

قامت القوة بضبط أسلحة وذخيرة فى حجرة نوم عـبود الزمر وعـندما أرادوا تفتيش حجرة الحاجة أم عـبود قالت أنها مريضه ولا تقوى عـلى القيام من فراشها ولكن أحمد همام أراد تفتيش السرير وأمى تصر عـلى رفض القيام من فراشها وتتكلفت بغطائها ثم قالت : أخرجوا حتى أقوم ! فلما خرجوا أمرتنى بغلق الباب ثم قامت وهى ملتفة بغطائها ووقفت الى جـوار السرير وقالت ادخلوا عـندكم السرير فتشوه
فقام أحدهم بتقليب المراتب والوسادة ونظر أسفل السرير فلم يجد شيئا ًوأنا واقف إلى جوار أحمد همام وأخرين يحملون أسلحتهم وفجأة وجـدته يقول : إتفضلى أقعدى ياحاجة وارتاحى عـلى الكرسى ! وأمى ترفض وهـو يعيد طلبه وهى ترفـض وأنا أتعجب وقلت لأمى أقعدى هنا فلما قعدت ظهرت المفاجأة !! لقد ظهر سنكى سلاح آلى من تحـت الغطاء!! فاندفع أحدهم وانتزع السلاح من يد أمى بينما إندهشت أنا وألجمتنى المفاجأة ؛ وأسرع أحدهم وجاء بإبنة الحاج عـلى طلبه واسمها جملات وأمرها بتفتيش الحاجة ذاتيا ً مخافة أن يكون معها أسلحة صغيرة فى طى ملابسها فلم تجد شيئا ً.
وبعد حوالى ساعـتين جاء النائب العام بشخصه إنه الأستاذ/ رجاء العـربى عـرفته بمجرد دخوله من باب الشقة لسابق معرفتى بشكله من صورته المنشورة بالصحف وكان بينه وبين قوة الشرطة كلام لم أسمعه ؛ وبعد منتصف الليل بقليل نبهنا العقيد أحمد همام وأعطانا الفرصة لنستعد للذهاب معه للتحقـيق واخذونى وأمى وزوجة عـبود فى سيارة شرطه إلى مبنى أمن الدولة بالدقى ؛ومن خلال فتحات صغيرة خلف السائق ينبعث منها بعـض الضوء من لمبة كابينة القيادة حيث يركب العـقيد/ أحمد همام سمعـته يقـول لأخر بجواره:- كده عـبود لازم يسلم نفـسه لينقـذهم مـن الحبس !! سمعـت هذه الكلمات وأحسست أن الموقـف جـد خـطير فنحـن رهائن ومع هذا لم تزل السكينة فى قلبى والهدوء يتملكنى والحمد لله ؛ وبعد ساعة أخذونا فى سيارة ترحيلات حديدية مغلقة تماما ً وبها فتحات صغيرة لإدخال الهواء وينبعث منها بعـض الضوء من أعـمدة الإنارة عـلى جانبى الطريق وبعـد قليل توقـفت السيارة فـنظرت فوجـدت لافتة مكتوب عـليها مبنى وزارة الداخـلية حـيث كانت الساعة فى يدى تقترب من الثالثة صباحا ً؛ كل هـذا يحدث والسكينة لم تزل ترخى سدولها عـلينا فى تلك الساعات الصعــبة ؛ وصعـدت سلما ً ومن خلفى أحـد أفـراد القـوات الخاصة يضع سلاحه الألى فى ظهرى بينما يمشى أمامى ضابط فتوة برتبة ملازم أول شاهرا ً مسدسه ويده عـلى الزناد!! كل هذا والسكينة تتملكنى لدرجة أنى قلت فى دعابة :- الله .. الله لقد صرت ولا شاه إيران !! فالتفت الضابط نحوى مندهشا ً من قولى وقال :- ربنا ينجيك فقلت :- يارب .. يارب .

دخلت مكتب المحامى العام فوجدته فى إنتظارى واستجوبنى بنفسه حتى الفجـر وكان لطيفا ً معى ؛ سألنى بمنتهى الأدب والحـذر ورددت عـليه بمنتهى الصدق والوضوح وفى ذات الوقـت كنت أتابع الأستاذ كاتب محضر التحقـيق وأعـيد عـليه إملاء أقوالى عـندما يتأخر عـن كتابتها ؛ فتعجب المحامى العام من هـذا المسلك وأخذ ينظر لى تارة وللأستاذ الكاتب تارة أخرى والدهشة فى عـينيه !!! ثم إستدعى الساعى وأمره بإحـضار مشروب عـصير ليمون من بعـد أن خـيرنى فاخـترت الليمون ثم قال : ياأستاذ أحمدأمرك ووضعك كله خير وسيتم الإفراج عـنك فى الصباح فقـلت الحمد لله رب العالمين ثم نظرت إلى الأستاذ كاتب التحـقـيق فوجـدته قد وضع القـلم والأوراق جانبا ً وأخذ ينظر لى وهـو يبتسم ومسرور !! ثم خـرجت من مكتب الأستاذ المحامى فى حـراسة لتدخل أمى ثم زوجة عـبود لإستجوابهما كل عـلى إنفراد.

خرجت من المكتب فأدخلونى حجرة أخرى بها عدة كراسى ويقف على بابها جندى للحراسة ؛ وأثناء قعودى على الكرسى غلبنى النعاس فنمت فى الوضع قاعدا حتى أيقظنى صوت الضابط ينادى :- ياأستاذ/ أحمد إصحى إنت نايم !! فنظرت حولى فوجدت أمى وزوجة عـبود تقعدان بجوارى ؛ وبعد دقائق جاء ضابط آخر وقال :- أستعدوا للذهاب المخابرات تطلبكم فقلت :- الحمد لله رب العالمين لطفك يارب ثم نظرت فى ساعـتى فوجدتها تقترب من الثامنة فى صباح السبت الموافق 26/9/1981م وسمعت صوت الطلاب يحيون العلم فى طابور الصباح فى أول يوم للدراسة بمدرسة مجاورة لمبنى الداخلية .

خرجنا مسرعين من الحجرة خلف الضابط ومن خلفنا عدد من جنود الشرطة المسلحين ؛ وأمام مدخل المبنى وجدت ثلاث سيارات بيجو بيضاء اللون تقـف متراصة فى صف واحد ويقـف إلى جوارها عدة رجال بالملابس المدنية بينما يقـف عن بعـد رجل أنيق الملبس ذو هـيبة ينظر نحوى عـلى وجه الخصوص ونظرت نحوه فلم أعـرفه وبالتأكيد هو يعرفنى ومن المؤكد أنه رتبة أمنية كبيرة جاء لينظر ويتأكد من تسليمنا لرجال المخابرات العسكرية !!
أسرع أحدهم وفتح باب السيارة الوسطى وأشار لنا بالركوب فيها فركبت أنا من ناحية اليمين وأمى فى الوسط وزوجة عبود عن شمالها وركب أحدهم بجوار السائق بينما أخذ الأخرون يركبون السيارتين الأولى والثالثة ثم تحرك الركب فى تؤدة حتى خرج من بوابة الوزارة وعسكر الحراسة يؤدون التحية العسكرية ؛ وانطلق الركب فى شوارع القاهرة المزدحمة وقائدى السيارات الثلاثة يحافظون عـلى قرب المسافات بينهم وكلما قابلتهم إشارة مرور سمعت صفيرا ً من السيارة الأولى وإشارة باليد من قائدها فيتم فتح الإشارة على الفور ليمر الموكب !! وهكذا كلما تقابلنا مع إشارة يتم فتحها ويقف عسكرى المرور منتبها ً يؤدى التحية وأنا أحمد الله فى سرور وانشراح صدر وسكينة حتى وصلنا إلى مكان لا أعرفه وقت دخولى إليه وعرفته فيما بعد من اللوحات الإرشادية داخل الموقع؛وهاهى الأبواب تفتح سريعا ً فندخل وجنود الحراسة يؤدون التحية وأنا أحمد الله .

وقفت السيارة ونزلنا منها وأصطحبنا أحدهم إلى حجرة بها عـدة كراسى جلد وكنبه كبيرة ومكتب معلق من خلفه صورة للرئيس السادات بالزى العسكرى وعلى صدره وشاح القضاء ونوافذ الحجرة مرتفعة وعـليها قضبان حديدية ويقف عـلى بابها حرس بالسلاح .
وهنا سألتنى أمى إحنا فين ؟ فقلت : فى المخابرات الحربية والحمد لله ؛ وبعد نحو ساعة جاء أحدهم بملابس مدنية واصطحبنى إلى حجرة أخرى وهـو يهرول أمامى ويقول : تفضل تفضل ياأستاذ/ أحمد فلما دخلت من الباب وجدت رجلا ً مهيب الطلعة وأمامه مكتب كبير وعـن يمينه جهاز كهربى ينبعـث منه ضوء أحمر وأخضر وله ذبذبة مسموعة!! وبمجرد دخولى عـليه نهض من فوره وصافحنى قائلاً أهلا ً ياأستاذ /أحمد !! وكان أول كلامه معى أن سألنى عما إذا كانت هناك أى إهانة أو معاملة غـير لائقة وأجبته بالنفى والحمد لله ، وقعدت إلى جوار الجهاز حيث أشارلى وقعد الضابط الأخر أمامى وبدء فى إستجوابى بعد أن أوضح لى أنه يعلم الكثيرعـن شخصى وعائلتى وأسرتنا الزمر!! أحدهم يسأل والثانى يحاورنى ويفند ويناقش إجابتى والجهاز إلى جوارى يرسل ذبذبة وضوء حتى إنتهت الأسئلة بقول الرجل المهيب : أنت فعلا ً لا تعرف شيئا ً عـن هذا الموضوع ! ثم قال : هل لك أى مطلب؟ فقلت : أنا جوعان وأريد طعاما ً لأنى لم أكل من ليلة أمس ! فضحك وقال حالا ً سيأتيك الأكل ولمن معـك .

وخرجت من عـنده وقد فطنت إلى أن ذلك الجهاز هو جهاز كشف الكذب كالذى تعرض له محمود عـبدالعزيز فى مسلسل رأفت الهجان وعادل إمام فى مسلسل جمعه الشوان وهى مسلسلات تبين دور المخابرات المصرية داخل إسرائيل وتم عرضها بالتلفزيون المصرى فى سنة 1978مـ وأعيد عرضها عدة مرات وكنت أتابع مشاهدتها يوميا ً ولم يخطر عـلى بالى أنى سأتعرض لهذا الجهاز فى سنة 1981مـ !! وعـدت إلى تلك الحجرة وبعد دقائق جاء رجل يحمل سندوتشات جبنه رومى وبيض وبطاطس وثلاث زجاجات من مشروب سفن أب ووضعها أمامى فوق منضدة صغيرة وسألنى من أنتم ؟ فلما علم بأمرنا قال : ربنا معاكم .
إبنتى سومية كان لها تعليق خفيف بعـد أن قرأت السطور السابقة فى يوم الأربعاء 1/11/2005مـ فقالت : ياسلام عليك !! الناس كلها من حولك خائفة ومرتبكة وأنت قاعد تأكل البيض والبطاطس !!

بعد ساعة لحقت بى السيدة امى وزوجة عبود ورقدت عـلى الكنبه وغـلبنى النوم فنمت حتى صحوت عـلى صوت ينادى إصحى ياأستاذ/ أحمد فانتبهت فوجدت رجلاً واقف فوق رأسى يقـول : قم روح فقلت : أروح على البيت فقال: نعم فقلت: إحنا لا نعرف الطريق من هنا !! فقال : العربية ستذهب بكم حتى باب البيت بالجيزة .

توقفت السيارة أمام البيت رقم 9 بشارع عفيفى متفرع من الصناديلى قسم أول الجيزة فى حوالى الساعة الخامسة عصرا ًوعلى الفور أحاط بنا عدد من المخبرين ورجال الشرطة يريدون معرفة شخصية السائق وزميله وهما يرفضون الإجابة عليهم فقلت لهم : هذه سيارة المخابرات لقد أفرجوا عـنا ! وأسرع أحد رجال الشرطة ليتكلم بجهاز لاسلكى يحمله ؛ وصعدنا إلى الشقة بالدور الثالث فوجدنا الباب مفندق ويتواجد بداخلها عـدد من المخبرين ورجال الشرطة !! وبعد دقائق جاء أحدهم يطلبنى للرد على سيادة العقيد/ أحمد همام فى تليفون الحاج/سيدحسين طلبه عضو مجلس الشعب بالدور الرابع ؛ واسرعـت إليه ومن خلفى عـدد من المخبرين فوجدته يسألنى عما حدث معنا فقلت له الموقف فى عجالة فقال منزعجا ً معقول أمن الدولة والمحامى العام والمخابرات تفرج عـنكم !!! فقلت : وسيارة المخابرات جاءت بنا حتى باب البيت ووجدنا المخبرين متواجدين بالشقة ونحن نريد أن نسترح واستدعيت أحدهم ليتكلم معه فأمرهم بالخروج من الشقة والتواجد أمام باب البيت حتى صدور تعليمات أخرى ؛ بعد قليل سمعت طرقا ً على الباب فأسرعت اليه فوجدت الدكتور/ ممدوح محمود عيسى جاء ليطمئن علينا وهو أول شخصية من أقاربنا حضرت ونحن داخل الحدث !!واستمريقـف معنا ويتابع من قريب هو وأخيه الأستاذ/ أنيس وأبيه الأستاذ / محمود فشكر الله لهم وقفتهم الشجاعة فى وقت الشدة حيث إبتعد الكثيرون ؛ وذهبت أنا بصحبة الأستاذ/ سيد عبدالرحمن زوج شقيقتى إلى مستشفى فينى بالدقى لعمل الجراحة التى أوصى بها الدكتور/ محمد عوض وتمت الجراحة فى يوم 29/9/1981م وأفقت من البنج فوجدت أمامى زوجتى/ رشيدة تحمل ولدى الطفل /محمد ومعهم الحاج/ محمدعبدالفتاح عبود والأخ/مجدى عبدالستار حضروا جميعا فى سيارة الحاج/ حسين عامر الزمر ثم وقعت حادثة الإغتيال وأنا طريح الفراش بالمستشفى وخرجت منها فى يوم 8/10/1981مـ بصحبة زوجتى فى سيارة عمى/ حسين عامر وحقيقة فإن هذا الرجل أظهروفاء ورجولة وشجاعة فى الوقوف معنا ولم يبتعد على الرغم من الضغوط والتحذيرات التى تلقاها من الأخرين .

عدت إلى بيتى فى ناهيا بشارع الحسنيه ومكثت به طريح الفراش نحو شهر واول من جاء لزيارتى فى تلك الفترة عمى/ إبراهيم زين الدين يرحمه الله والأخ/ خالد إبراهيم سعيد الزمر ؛ وفى تلك الفترة علمت بخبر ضبط عبود وطارق يوم13/10/1981مـ من شاشة التلفاز وأذاع به الأستاذ/ احمد سمير .

وعلى نقيض ما أبديته أنا من صبر وثبات وتوكل على الله أظهر الكثيرون خوفا ً وفزعا ً وجزعا ً وصل لحدأنهم ظنوا أن مجرد مقابلتى فى الطريق يؤذيهم ويضيرهم فابتعدوا عـنى وتجنبوا مجرد السلام فى مقاطعة إعـتبرتها إبتلاء من الله ليبلونى فأخترت الصبروالشكر والحمد لله .

وبحسبة عـقلية بسيطة لو عـقلوها لكان تصرفهم بخلاف ما عـقلوه ؛ فهؤلاء يفترضون ويتوقعون إعتقالات وحبس لأقارب عبود ولوكان تخوفهم فى محله لكنت أنا أول المحبوسين بل ووجودى أمام أعينهم ينفى حدوث توقعاتهم ولكنهم لم يعقلوها وأوقعهم الشيطان فى حبائله وصغرهم وأوهمهم ووسوس لهم فتصرفوا تصرفات صغيرة لا تليق ولاتصح من ذوى قرابة ؛ وصرت أضحك وأحمد الله كلما رأيت أحد الخائفين وهـو يبحث عـن مخرج يهرب منه حتى لا يتقابل معى وكأنه أرنب يهرب من الصياد فهذا يلتفت فى تصنع مكشوف حتى لا يكلمنى وأخر يغير مسارطريقه إلى الناحية الأبعد أويسرع فى سيره ليبتعـد وآخر لا يقوى عـلى ردالسلام وكأنه لا يسمع ولا يرانى ؛ جار لنا بالجيزة تقابلت معه فتركنى وذهب يجرى !!! أمى الحاجة/أم عـبود الزمر كان لها تعليق لطيف تقول فيه : ولا يهمك إنها هيبة يتمناها الرجال فأضحك وأقول : نعم هيبة ولاهيبة جدى حسن وجدى عباس!!!
والعجيب أن يتساوى فى هـذا الخوف القريب مع البعيد والمتعلم مع الجاهـل والبسيط بذى المكانة وهـم يظنون أنهم يحسنون صنعا ً ويحافظون عـلى أنفسهم ومكانتهم ونذكرهم أنه من أساليب إبليس اللعين تخويف المؤمن من كل شيئ حتى يصبح جبانا ً فيصغر فى أعين إخوانه وتضيع مكانته بين الناس من حيث يعتقد أنه يحافظ عليها ويقع عليه ما كان يحذر منه وأعلم أخى الكريم أنه لا يغنى حذر من قدرفأنتبهوا أيها السادة يرحمكم الله ويصلح أحوالكم .
الأستاذ/ على ابراهيم الزمر كان له تعليق لطيف يمتدح فيه صبرى والتزامى بالأدب مع هؤلاء فقلت له : أنا أتعامل مع الناس على قدرهم ولا أنتظر من القطة فعل الأسد !! فضحك وقال : الله الله عـلى حسن فهمك وسعة صدرك .
وهكذا كانت ثمرة التوكل على الله والصبرعلى البلاء نصرة وهيبة وحفظ وحماية ورحمة ونجاة والحمد لله رب العالمين .
&&&&

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق