اســـرة الــزمــر مــع 23يـولـيــو
الملك فاروق يغادر الأراضي المصرية في هدوء ولم يستمع لتحريض بعض معاونيه لاستدعاء القوات البريطانية للقضاء على حركة الضباط بالجيش المصري لقد ذهب إلى منفاه في إيطاليا ومعه أولاده الطفل الرضيع أحمد وبناته فريال وفوزية وفادية ؛ وكان في وداعه مجموعة من الضباط منهم محمد نجيب وجمال سالم وحسين الشافعي وراحت الطائرات تحوم فوق المحروسة تحيى الملك وتودعه
في نحو الساعة السادسة من مساء يوم26/7/1952م.
الملك فاروق كان لفترة في مقتبل حياته الملكية يعتبر مثلا يحتذي به في الأخلاق والوطنية والإنتماء؛ وتوج حبه لبلاد العرب بفكرة جمع البلدان العربية في جامعة دول تأسست في 22/3/1945م على حقائق جوهرية ثلاث : -
1- وعى المواطن العربي بالإنتماء إلى أمة واحدة .
2- الأمة لها مقومات مشتركة دين ولغة وتاريخ ومصالح وآمال .
3- أمن الدول القطرية كل على انفراد لا يمكن أن يتم إلا من خلال أمن الأمة العربية وسلامة الوطن من المحيط إلى الخليج .
وهذه الحقائق تمسكت بها ثورة يوليو 52 ووضعتها فوق الرؤوس خاصة فى حياة الزعيم جمال عبد الناصر ولكن من بعد موته جدت أموروالوضع إختلف كثيراً. فى مساء يوم 27/7/1952م تم تشكيل مجلس قيادة الثورة برئاسة عبدالناصر ليحكم البلاد فكان أول قرار إتخذه المجلس هو مطالبة الأحزاب بتطهير صفوفها والموافقة على قانون الإصلاح الزراعي ورفضت الأحزاب ورفض على ماهر رئيس الوزراء! وجاء الرد من قيادة الثورة بإقالة على ماهر من رئاسة الوزراء وتعيين اللواء محمد نجيب خلفا له على أن يكون كل الوزراء من المدنيين وفى 9/9/1952م صدر قانون الإصلاح الزراعي الأول .
فى15/1 سجلت أسرتنا وقريتنا سبقا ً وانفرادا ً يبرهن على صدق ما نردده باستمرار بأن أسرتنا الزمر وقريتنا ناهيا تقفا مع المطلب الشعبي والإرادة الشعبية.
فى 15/1/1951م جاء السبق والإنفراد الأول وتسجل بقلم الأستاذ/ مراد إبراهيم حمزةالزمروفى مجلس النواب المصري حيث أعلن مراد بيك عن إختياره للجماهير وتخليه عـن وظيفته الحكومية العامة ليتفرغ لخدمة الجماهير التي أحبها وأحبته ويدافع عـنها ويطالب بحقوقها من خلال عضويته بمجلس النواب ووقفت ناهيا معه تؤيده ومن خلفه تسانده وتعطيه نجاحا ً ساحقا ً لتحقيق المطلب الشعبي والإرادة الشعبية .
فى 15/1/1953م جاء السبق والإنفراد الثاني وتسجل بذات القلم وبيد الأستاذ/ مرادحيث أعلن فى مؤتمر عام بمركز إمبابه أنه يتبرأ من الحزبية وينادى بحل كافةالأحزاب وأرسل برقية بهذا المطلب الشعبي إلى مجلس قيادة الثورة .
فى 16/1/1953م جاءت الإستجابة لنداء الأستاذ/ مراد الزمر سريعة سريعة! ذلك لأنه يعبر عن المطلب الشعبي وما قامت ثورة يوليو إلا من أجل تحقيقه !! وتم حل جميع الأحزاب ووضع السلطة التنفيذية والتشريعية فى مجلس قيادة الثورة لمدة 3سنوات .
وهكذا أخي الكريم تكون القيادة والريادة إنها أساس وتاريخ وعطاء وامتداد وتواصل بين الأجيال ؛ وكل هذه الصفات تحققت فى أبناء قريتي ناهيا وتجلت تحديدا في أبناء أسرتنا الزمر فكيف لا تكون رائدة وقائدة تقف إلى جوار المطلب الشعبي تؤيده وتسانده وتقويه!! وثورة يوليو 52 هي قلب المطلب الشعبي و صميم الإرادة الشعبية لجماهير الشعب فى أنحاء البلاد المصرية لكل هذه الدوافع والأسباب وقع الإختيار على الأستاذ / مراد الزمر ليحمل علم التحرير ممثلا لمديرية الجيزة فى مهرجان 23/1/1953م بمناسبة مرور ستة أشهر على ثورة الجيش المباركة ؛ وهكذا تقدمت أسرة الزمر لتأخذ مكانتها فى الصدر والصدارة وتضع قريتنا ناهيا فى أول مصاف المؤيدين لثورة يوليو1952م ؛ وهذا قدرنا ونرضى به والحمد لله .
فى 1/3/1953م سعدت مصر بإعلان الجمهورية وتعيين اللواء /محمد نجيب أول رئيس للجمهورية ؛ وعـن أخلاق محمد نجيب وحسن سيرته سمعت مواقف كثيرة منها أنه دخل بوما لصلاة الجمعة بمسجد السيدة سكينة ومعه عدد من الحرس ينظمون المكان ؛ وكان هناك صبى لم يتجاوز سنه العاشرة فأرادوا إبعاده ولكنه تشبث بمكانه ! ولاحظ الرئيس فأمرهم بتركه وجلس بجواره وربت على كتفه وتحدث معه وأعطاه شلنا ً !!
وسمعت أيضا أن الرئيس محمد نجيب قال فى احدى خطبه بعد أن تقرر خفض وزن رغيف العيش : الخفض بسيط يساوى لقمة كأنك رميتها للقطة !! والحدثين يدلان على حسن الخلق والتواضع مع بساطة التعبير وتلقائية الحديث ؛ فلا عجب أن تخرج المظاهرات الشعبية لتطالب بعودته بعد إقالته من منصبه ولكن الأمر كان أخطر مما تصورته الجماهير وأشد من أن يأتمر بأمرها .
فى أحد أيام الجمعة من عام 1954م تفضل الرئيس محمد نجيب فأناب أحد أعضاء هيئة التحرير من الضباط الأحرار لزيارة أسرة الزمر فى ناهيا فاستقبلته الأسرة بكل ترحاب وسرور وأعلنت عن استمرار تأييدها للثورة وتقديم الدعم والتأييد المعنوي والفكري وسط حشد كبير بالدوار الغربي ؛اسرةالزمر لم تترددفى تأييدالثورة لأنها مطلب شعبى وتحقق الإرادة الشعبية ضد السادة وأسرة الزمر من السادة لكن وكعهدها دائما تقف مع المطلب الشعبى الأمر الذى يعتبره النقاد والسياسيون سابقة ليس لها نظير على مستوى القطر المصرى والوطن العريى مما كان له عظيم الأثر فى نفوس أعضاء مجلس قيادة الثورة فتعاملوا معها بكل إحترام فلم ينالها مانال الأسر الأخرى من أذى وسوء ؛ وعندما حانت ساعة صلاة الجمعة توجهت الجموع إلى جامع سيدي عمر فسمعوا تأييد ومباركة أهالي ناهيا على لسان فضيلة الشيخ / حسن أحمد الزمر خطيب الجامع ؛ وبعد الصلاة خرج نائب الرئيس بصحبة كوكبة من أبناء الزمر يتقدمهم المهندس/ عبود الزمر والأستاذ/مراد الزمر وحضرة العمدة/ مختار الزمر والأستاذ/ كمال الزمر وأخيه الأستاذ/ محمود الزمر والأستاذ/ كمال عباس الزمر والمهندس/ طاهرعلى الزمروالأستاذ/يحيى سعيد الزمر وخرج من خلفهم جمهور المصلين فذهبوا جميعا ً إلى الدوار لاستكمال أعمال المؤتمر المنعقد هناك .
فى 16/1/1956م تم الإعلان عن دستور مصر المؤقت من بعد أن تولى جمال عبد الناصر رئاسة مجلس قيادة الثورة ورئيسا للوزراء من بعد عزل محمد نجيب فى أكتوبر1954م وتم انتخاب جمال رئيسا ً للجمهورية فى 22/6/1956م.
وعندما طلبنا السلاح من أمريكا أبدت استعدادها لإمدادنا به بدون مقابل ولكن بشرط أن يصاحب السلاح مجموعة من الخبراء وألا يستعمل هذا السلاح ضد أي حليف لأمريكا ورفضت مصر هذا العرض وحاول الأمريكان أن يقنعونا بالانضمام إلى الأحلاف وكان رد الثورة أنه لا مجال للكلام عن حلف أو قاعدة !! واتصلت الثورة بالسوفييت الروس فرفضوا إعطائنا السلاح لأن مبادئ ثورتهم تمنع إعطائه إلا للدول الشيوعية وتوسط شوانلاى رئيس الصين لدى السوفييت فتمت الصفقة معهم فى أوخر 1955م وذهبت مجموعة من الضباط المصريين المتميزين لتسلم الأسلحة والإطلاع على أسرار تشغيلها من بينهم النقيب/ احمد محمد الزمر فسجل لأسرتنا وقريتنا شرف المشاركة فى هذا الحدث التاريخي بمصر .
وتحسنت العلاقات مع روسيا بقدر ما ازدادت سوءا مع أمريكا ؛ واقتنع قادة الثورة بنتاج فكر المعسكر الشرقي حتى أصبحنا نحتفل بعيد ميلاد " ستالين" ونعلق صوره بشوارع القاهرة ؛ والأستاذ/ أنيس منصور له وصف شيق للمذاهب السياسية المتواجدة على الساحة فى ذلك الوقت نستعيره بالنص : - ... المذاهب الشيوعية والاشتراكية والوجودية والنازية والرأسمالية جميعا ً تدوس كرامة الإنسان ولا تقم له وزنا ً!! فالإنسان فى المجتمع الشيوعي والأشتراكى كالحذاء للمجتمع ! وفى المجتمع النازي كالحذاء للحاكم ! وفى المجتمع الرأسمالى الضعيف يموت ! وفى المجتمع الوجودي كل شيء كالحذاء فى قدم الإنسان . انتهى النص ولساني يردد الحمد لله على نعمة الإيمان والإسلام وكفى بها نعمة .
الملك فاروق يغادر الأراضي المصرية في هدوء ولم يستمع لتحريض بعض معاونيه لاستدعاء القوات البريطانية للقضاء على حركة الضباط بالجيش المصري لقد ذهب إلى منفاه في إيطاليا ومعه أولاده الطفل الرضيع أحمد وبناته فريال وفوزية وفادية ؛ وكان في وداعه مجموعة من الضباط منهم محمد نجيب وجمال سالم وحسين الشافعي وراحت الطائرات تحوم فوق المحروسة تحيى الملك وتودعه
في نحو الساعة السادسة من مساء يوم26/7/1952م.
الملك فاروق كان لفترة في مقتبل حياته الملكية يعتبر مثلا يحتذي به في الأخلاق والوطنية والإنتماء؛ وتوج حبه لبلاد العرب بفكرة جمع البلدان العربية في جامعة دول تأسست في 22/3/1945م على حقائق جوهرية ثلاث : -
1- وعى المواطن العربي بالإنتماء إلى أمة واحدة .
2- الأمة لها مقومات مشتركة دين ولغة وتاريخ ومصالح وآمال .
3- أمن الدول القطرية كل على انفراد لا يمكن أن يتم إلا من خلال أمن الأمة العربية وسلامة الوطن من المحيط إلى الخليج .
وهذه الحقائق تمسكت بها ثورة يوليو 52 ووضعتها فوق الرؤوس خاصة فى حياة الزعيم جمال عبد الناصر ولكن من بعد موته جدت أموروالوضع إختلف كثيراً. فى مساء يوم 27/7/1952م تم تشكيل مجلس قيادة الثورة برئاسة عبدالناصر ليحكم البلاد فكان أول قرار إتخذه المجلس هو مطالبة الأحزاب بتطهير صفوفها والموافقة على قانون الإصلاح الزراعي ورفضت الأحزاب ورفض على ماهر رئيس الوزراء! وجاء الرد من قيادة الثورة بإقالة على ماهر من رئاسة الوزراء وتعيين اللواء محمد نجيب خلفا له على أن يكون كل الوزراء من المدنيين وفى 9/9/1952م صدر قانون الإصلاح الزراعي الأول .
فى15/1 سجلت أسرتنا وقريتنا سبقا ً وانفرادا ً يبرهن على صدق ما نردده باستمرار بأن أسرتنا الزمر وقريتنا ناهيا تقفا مع المطلب الشعبي والإرادة الشعبية.
فى 15/1/1951م جاء السبق والإنفراد الأول وتسجل بقلم الأستاذ/ مراد إبراهيم حمزةالزمروفى مجلس النواب المصري حيث أعلن مراد بيك عن إختياره للجماهير وتخليه عـن وظيفته الحكومية العامة ليتفرغ لخدمة الجماهير التي أحبها وأحبته ويدافع عـنها ويطالب بحقوقها من خلال عضويته بمجلس النواب ووقفت ناهيا معه تؤيده ومن خلفه تسانده وتعطيه نجاحا ً ساحقا ً لتحقيق المطلب الشعبي والإرادة الشعبية .
فى 15/1/1953م جاء السبق والإنفراد الثاني وتسجل بذات القلم وبيد الأستاذ/ مرادحيث أعلن فى مؤتمر عام بمركز إمبابه أنه يتبرأ من الحزبية وينادى بحل كافةالأحزاب وأرسل برقية بهذا المطلب الشعبي إلى مجلس قيادة الثورة .
فى 16/1/1953م جاءت الإستجابة لنداء الأستاذ/ مراد الزمر سريعة سريعة! ذلك لأنه يعبر عن المطلب الشعبي وما قامت ثورة يوليو إلا من أجل تحقيقه !! وتم حل جميع الأحزاب ووضع السلطة التنفيذية والتشريعية فى مجلس قيادة الثورة لمدة 3سنوات .
وهكذا أخي الكريم تكون القيادة والريادة إنها أساس وتاريخ وعطاء وامتداد وتواصل بين الأجيال ؛ وكل هذه الصفات تحققت فى أبناء قريتي ناهيا وتجلت تحديدا في أبناء أسرتنا الزمر فكيف لا تكون رائدة وقائدة تقف إلى جوار المطلب الشعبي تؤيده وتسانده وتقويه!! وثورة يوليو 52 هي قلب المطلب الشعبي و صميم الإرادة الشعبية لجماهير الشعب فى أنحاء البلاد المصرية لكل هذه الدوافع والأسباب وقع الإختيار على الأستاذ / مراد الزمر ليحمل علم التحرير ممثلا لمديرية الجيزة فى مهرجان 23/1/1953م بمناسبة مرور ستة أشهر على ثورة الجيش المباركة ؛ وهكذا تقدمت أسرة الزمر لتأخذ مكانتها فى الصدر والصدارة وتضع قريتنا ناهيا فى أول مصاف المؤيدين لثورة يوليو1952م ؛ وهذا قدرنا ونرضى به والحمد لله .
فى 1/3/1953م سعدت مصر بإعلان الجمهورية وتعيين اللواء /محمد نجيب أول رئيس للجمهورية ؛ وعـن أخلاق محمد نجيب وحسن سيرته سمعت مواقف كثيرة منها أنه دخل بوما لصلاة الجمعة بمسجد السيدة سكينة ومعه عدد من الحرس ينظمون المكان ؛ وكان هناك صبى لم يتجاوز سنه العاشرة فأرادوا إبعاده ولكنه تشبث بمكانه ! ولاحظ الرئيس فأمرهم بتركه وجلس بجواره وربت على كتفه وتحدث معه وأعطاه شلنا ً !!
وسمعت أيضا أن الرئيس محمد نجيب قال فى احدى خطبه بعد أن تقرر خفض وزن رغيف العيش : الخفض بسيط يساوى لقمة كأنك رميتها للقطة !! والحدثين يدلان على حسن الخلق والتواضع مع بساطة التعبير وتلقائية الحديث ؛ فلا عجب أن تخرج المظاهرات الشعبية لتطالب بعودته بعد إقالته من منصبه ولكن الأمر كان أخطر مما تصورته الجماهير وأشد من أن يأتمر بأمرها .
فى أحد أيام الجمعة من عام 1954م تفضل الرئيس محمد نجيب فأناب أحد أعضاء هيئة التحرير من الضباط الأحرار لزيارة أسرة الزمر فى ناهيا فاستقبلته الأسرة بكل ترحاب وسرور وأعلنت عن استمرار تأييدها للثورة وتقديم الدعم والتأييد المعنوي والفكري وسط حشد كبير بالدوار الغربي ؛اسرةالزمر لم تترددفى تأييدالثورة لأنها مطلب شعبى وتحقق الإرادة الشعبية ضد السادة وأسرة الزمر من السادة لكن وكعهدها دائما تقف مع المطلب الشعبى الأمر الذى يعتبره النقاد والسياسيون سابقة ليس لها نظير على مستوى القطر المصرى والوطن العريى مما كان له عظيم الأثر فى نفوس أعضاء مجلس قيادة الثورة فتعاملوا معها بكل إحترام فلم ينالها مانال الأسر الأخرى من أذى وسوء ؛ وعندما حانت ساعة صلاة الجمعة توجهت الجموع إلى جامع سيدي عمر فسمعوا تأييد ومباركة أهالي ناهيا على لسان فضيلة الشيخ / حسن أحمد الزمر خطيب الجامع ؛ وبعد الصلاة خرج نائب الرئيس بصحبة كوكبة من أبناء الزمر يتقدمهم المهندس/ عبود الزمر والأستاذ/مراد الزمر وحضرة العمدة/ مختار الزمر والأستاذ/ كمال الزمر وأخيه الأستاذ/ محمود الزمر والأستاذ/ كمال عباس الزمر والمهندس/ طاهرعلى الزمروالأستاذ/يحيى سعيد الزمر وخرج من خلفهم جمهور المصلين فذهبوا جميعا ً إلى الدوار لاستكمال أعمال المؤتمر المنعقد هناك .
فى 16/1/1956م تم الإعلان عن دستور مصر المؤقت من بعد أن تولى جمال عبد الناصر رئاسة مجلس قيادة الثورة ورئيسا للوزراء من بعد عزل محمد نجيب فى أكتوبر1954م وتم انتخاب جمال رئيسا ً للجمهورية فى 22/6/1956م.
وعندما طلبنا السلاح من أمريكا أبدت استعدادها لإمدادنا به بدون مقابل ولكن بشرط أن يصاحب السلاح مجموعة من الخبراء وألا يستعمل هذا السلاح ضد أي حليف لأمريكا ورفضت مصر هذا العرض وحاول الأمريكان أن يقنعونا بالانضمام إلى الأحلاف وكان رد الثورة أنه لا مجال للكلام عن حلف أو قاعدة !! واتصلت الثورة بالسوفييت الروس فرفضوا إعطائنا السلاح لأن مبادئ ثورتهم تمنع إعطائه إلا للدول الشيوعية وتوسط شوانلاى رئيس الصين لدى السوفييت فتمت الصفقة معهم فى أوخر 1955م وذهبت مجموعة من الضباط المصريين المتميزين لتسلم الأسلحة والإطلاع على أسرار تشغيلها من بينهم النقيب/ احمد محمد الزمر فسجل لأسرتنا وقريتنا شرف المشاركة فى هذا الحدث التاريخي بمصر .
وتحسنت العلاقات مع روسيا بقدر ما ازدادت سوءا مع أمريكا ؛ واقتنع قادة الثورة بنتاج فكر المعسكر الشرقي حتى أصبحنا نحتفل بعيد ميلاد " ستالين" ونعلق صوره بشوارع القاهرة ؛ والأستاذ/ أنيس منصور له وصف شيق للمذاهب السياسية المتواجدة على الساحة فى ذلك الوقت نستعيره بالنص : - ... المذاهب الشيوعية والاشتراكية والوجودية والنازية والرأسمالية جميعا ً تدوس كرامة الإنسان ولا تقم له وزنا ً!! فالإنسان فى المجتمع الشيوعي والأشتراكى كالحذاء للمجتمع ! وفى المجتمع النازي كالحذاء للحاكم ! وفى المجتمع الرأسمالى الضعيف يموت ! وفى المجتمع الوجودي كل شيء كالحذاء فى قدم الإنسان . انتهى النص ولساني يردد الحمد لله على نعمة الإيمان والإسلام وكفى بها نعمة .
وعلى العموم لقد كان قدرنا أن نخوض هذه التجربة المرة مع الفكر الشيوعي والإشتراكى وازدادت الحالة سوءا ً عندما أصبح هذا الفكر أداة سيطرة كاملة فى البلاد وعلى أرزاق العباد وبدأ فرض الحراسات والمصادرات والإعتقالات ولجان تصفية الإقطاع ثم وقعت هزيمة 5 يونيه 1967م فقال الناس هذه عقوبة رب الناس.
ومن المفارقات العجيبة التي أثارت ضحك المواطنين أنه لما مات أحد قادة الفكر الشيوعي الملحد فى منتصف الستينيات تقريبا ً أصدرت الحكومة المصرية وقتها بيانا ً تنعى فيه هذا القائد الملهم ثم اختتمت البيان بقول " رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته " وكأن الحكومة لا تعلم أن هؤلاء القادة قد أنكروا وجود الله وكفروا بكل الشرائع السماوية !! وكانت هذه البرقية مثار سخرية الطلاب بالمدارس والجامعات لفترة طويلة .
فى عام 1956م تم الكشف عن تمثال رمسيس الثاني بمنطقة ميت رهينة بمديرية الجيزة وتقرر نقله ونصبه بميدان باب الحديد " رمسيس حاليا ً" وهنا كان للمهندس عبود محمد عبود الزمر دورا ً بارزا ً فى تحريك الرأي العام بالجيزة وأعلن من خلال رابطة أبناء الجيزة وقال فى مذكرة موجهة إلى السيد وزير الشئون البلدية :
تمثال رمسيس من حق الجيزة ولا يصح نصبه فى أي مكان أخر خارج الجيزة !!
غضب السيد عبد اللطيف البغدادي عضو مجلس قيادة الثورة ووزير الشئون البلدية ورفع تقريرا ً فى عبود الزمر أزعج رجال الثورة وتخوفوا منه وظنوا أنه يتحداهم ويظهر زعامته للجيزة فتم إقالته من منصبه حيث كان يشغل وظيفة رئيس مصلحة الصرف الصحي بدرجة وكيل وزارة ؛ وخرج عبود ليعمل مستشارا للملك عبد العزيز آل سعود وقام هناك على تنفيذ مشروع الصرف المغطى بمكة المكرمة .
ولمصر بقيادة عبد الناصر مواقف تاريخية وحماسية متلاحقة على المستويين الشعبي والدولي ؛ نذكر منها يوم 19/7/1956م حيث أعلن البنك الدولي إفلاس الاقتصاد المصري فتراجعت أمريكا عن تمويل بناء السد العالي !! وفى ذكرى الثورة فى 23/7/56م أعلن وزير خارجية الاتحاد السوفيتي استعداد بلاده لتمويل مشروع السد ؛ وفى 26/7/1956م أعلن الزعيم جمال تأميم قناة السويس ردا ً على موقف أمريكا والبنك الدولي المتعنت من تمويل مشروعات التنمية فى مصر ؛ ومن تلك اللحظة أصبح جمال بطلا ً قوميا ً يعبر عن فكر الشعب وأماله ويعلن الرأى الحر بصوت مرتفع ويتحدى أكبر قوى العالم . وسمع إيدن وزير خارجية بريطانيا بخبر التأميم أثناء مأدبة عشاء أقامها الملك فيصل ملك العراق فأنصرف من فوره لدراسة الخبر خاصة وأن لبريطانيا نصف أسهم القنال ولفرنسا النصف الثاني .
وفى يوم 29/10/1956م بينما كان الدكتور /محمود فوزي وزير الخارجية المصري يتأهب لملاقاة نظيره الفرنسي والبريطاني وقع العدوان الثلاثي على مصر مصحوبا ً بإنذار مدته 12ساعة فقط لقبول سحب وإلغاء قرار التأميم !!!
وهذا الموقف الرهيب أحدث خوفا ً ورهبة خاصة فى أوساط السياسيين فقرروا أن يجتمعوا بعبد الناصر لإقناعه بقبول الإنذار والعدول عن تأميم القنال ؛ وسمع عبد الناصر بعزم هؤلاء السياسيين فأمر على الفور بإحضار كتيبة عسكرية من الحرس الجمهوري أوقفها بساحة مجلس الوزراء وأقسم علانية وأذاع أنه سيعدم رميا ً بالرصاص كل من يأتي ليقترح عليه قبول الإنذار !!! فلما علمت القوى السياسية بهذا القرار الخطير تراجعوا جميعا ً والتزموا بيوتهم .
فى يوم 2/11/1956م ومن على منبر الأزهر الشريف أعلن جمال أن مصر ترفض الإنذار البريطاني والفرنسي وتصمم على القتال وليكن ما يكون مادمنا على الحق وندافع عن الوطن ثم خرج جمال من الأزهر وحشود الشعب تلتف به ثم ركب عربة مكشوفة أخذت تجوب فى الشوارع والجماهير كموج البحر تموروتفور بالشوارع والحارات والأزقة وتهتف بحياة مصر حرة مستقلة ومن وقتها أصبح لجمال عبد الناصر مكانة فى نفوس المصريين وهيبة بين الدول العربية والأجنبية .
والمدهش أنه فى ذات الوقت خرجت جماهير الشعب الإنجليزي لتضرب مقر رئيس الوزراء البريطاني بالبيض احتجاجا ً على أسلوب الغدر والمخادعة الذي انتهجته بريطانيا مع جمهورية مصر.
جميع أبناء الشعب من نساء ورجال وشيبة وشبان استعدوا للمقاومة والقتال بجميع الأدوات المتاحة بدء من العصا والسكين وأغطية الأواني النحاسية وانتهاء بالأسلحة النارية !! الجميع أعد العدة للقتال مع الزعيم ؛ وكان والدي العمدة واحداً من هؤلاء الذين أعدوا خزائن أسلحتهم النارية استعداداً لضرب الجنود الإنجليز المحتمل إسقاطهم بالمظلات فوق مدينة الجيزة كما أسقطوهم بالأمس فى بورسعيد والإسماعيلية وبورفؤاد ؛ وكان سن كاتب هذه السطور فى أيام حرب السويس حوالي خمسة سنوات ؛ وأتذكر أنه فى تلك الأيام شاهدت شيئا ً مستديرا ًيطير فى السماء وقد اقترب من أسطح البيوت بينما صفارة الإنذار تدوي بشدة ! ثم رأيت والدي العمدة قد خرج إلى البلكونة مسرعا ً وقد أمسك بسلاحه الناري وأطلق منه عدة أعيرة صوب ذلك الشيء الذي كان يطير فوق الأسطح ! ولكن ذلك الطبق الطائر استمر يطير وابتعد فى السماء ! وعرفت فيما بعد أن والدي قد أطلق الأعيرة النارية لمقاومة طبق تجسس بريطاني.
فى 5/11/1956م تدخل أيزنهاور رئيس أمريكا وطلب من الدول المعتدية الإنسحاب الفوري وعندما علم السوفييت بخبر الإنذار الأمريكي أرسلوا إنذاراً مثله وفى 23/12/56م استجابت انجلترا وفرنسا للإنذار وتلتهما إسرائيل فى أول مارس 1957م فانسحبت بعد أن كانت أعلنت على لسان جولدا مائير وزيرة الخارجية أنه تم ضم سيناء إلى دولة إسرائيل !!!
فى 1/1/1957م أعلن الرئيس جمال تمصير الاقتصاد المصري بتأميم جميع الشركات والبنوك والمصانع العاملة داخل جمهورية مصر ؛ وهكذا بدأت مصر تملك اقتصادها وتسترد كرامتها وتعتز بعروبتها مع الزعيم جمال عبد الناصر .
فى مطلع عام1957م تبين لجمال عبد الناصر أن المهندس عبود الزمر رجل وطنى قريب من الناس بفكره وعلمه وعمله كما أنه ينتمى لأسرة مؤيدة للثورة منذ الساعة الأولى وجميع أعضاء مجلس قيادة الثورة من الضباط الأحرار متفقون معه على فكرة الصلح وتطيب الخواطر فكلف السيدعبداللطيف البغدادى والسيد حسين الشافعى ليبلغاه بمنزله بالجيزة رغبة الوزارة فى عودته لعمله ! ولكن عبود إعتذر لهما شاكراحسن التقدير ورد الإعتباروأنه والأسرة مستمرون فى دعم الثورة لأنها مطلب الشعب ولا يمكن التخلى عنها !! وبعد وفاته فى 1960م قررت الوزارة تكريمه فأطلقت اسمه على أحد شوارع مدينة الجيزة حيث كان يسكن ويقيم وهو طالب بالهندسة ؛ وفور علمى بالنبأ خرجت مسرعا ً لأقرأ لافتة اسمه بالشارع فوجدتها " شارع درب عبود الزمر درب البارودى سابقا ً" وثورة يوليو عندما تقدم على مثل هذا التكريم - لشخصية تنتمى للعهد الملكى وتنتمى لأسرة الزمر- فهى تضع نيشان الوطنية والشعبية وحب الجماهير على صدر جميع أبناء الزمر.
فى عام 1965م قدم الزعيم جمال عبد الناصر نيشان آخر لأسرة الزمر ؛ ذلك عند زيارته لأحد المواقع العسكرية تحت قيادة النقيب/ابراهيم سعيد الزمر لإنضباط الموقع وتميزه فى الأداء الفنى فقرر منحه نوط الواجب العسكرى وترقيته إلى رتبة الرائد جاء فيه " قرر الرئيس جمال عبدالناصر منح نوط الواجب العسكرى إلى النقيب إبراهيم سعيد الزمر بالقوات الجوية ."
وفى 5/6/67 وقعت النكسة وخرجت الجماهير فى 9/10 يونيه وخرجت معها نطالب بالصمود ونطالب جمال عبدالناصر بالبقاء واستمر جمال فى موقعه وانضممت أنا لكتائب المقاومة الشعبية بحى الجيزة وشاركت فى حفر الخنادق وبناء السواتر الرملية أمام ا لواجهات الرئيسية للمدينة تحت قيادة الأستاذ/ على طلبه رئيس منظمة الشباب ؛ واتذكر اننى فى هذه الفترة قد اشتركت فى أول وأخطر مظاهرة فى حياتى إنها تلك المظاهرة شبه العسكرية التى خرجنا فيها نحن شباب كتائب المقاومة ونحن نرتدى ملابس الفتوة المقررة علينا فى المرحلة الثانوية خرجنا من معسكر تدريب مدرسة السعيدية الثانوية يتقدمنا ضابطين من الجيش ونحن نجرى فيها بالخطوة السريعة المنتظمة ونهتف بكلمتين على التوالى ، المقدمة تهتف بكلمة " ناصر " وترد مؤخرة المظاهرة بكلمة " عامر " وتوجهت المظاهرة إلى ميدان جامعة القاهرة ثم يمينا ً إلى مدخل كوبرى الجامعة وهناك فوجئنا بقوات الشرطة العسكرية المدججة بالأسلحة تحاصر إحدى العمائر التى وقفنا أمامها ، ثم رأيت مجموعة من الشرطة العسكرية وقد أشهرت أسلحتها فى وجه الضابطين ودار بينهم حديث لعدة دقائق فوجدت الضابطين قد عادا مسرعين وأصدرا أمرا ً بالإنصراف إلى المعسكر فلما استدارت المظاهرة إلى طريق العودة بدا لنا أن نهتف بكلمتى ناصر وعامر وارتفعت أصوات المقدمة بكلمة ناصر لكن المؤخرة لم ترد عليها بكلمة عامر!! لقد صدرت أوامر الضابط بالسكوت فورا ً وعدم الهتاف! فلما عدت إلى البيت سمعت بيان إنتحار المشير/ عبدالحكيم عامر ثم علمت فيما بعد أن العمارة التى وقفنا أمامها نهتف كانت للمشير عامر وأنه كانت تجرى بها أحداث خطيرة فى ذلك الوقت لم نكن نعلم بها وكان من الممكن أن تصل إلينا ونحن وقوف لكن الله سلم .
وفى ذات الوقت كان العقيد/أحمد الزمر فى رأس العش يخوض معركة شرسة لصد محاولة قوات العدو المدرعةإحكام السيطرة على الضفة الشرقية للقنال من خلال القضاء على السرية الموجودة فى رأس العش لكن هيهات هيهات! لقد ارتدت قوات العدو مذعورة بعد أن تكبدت خسائر فادحة !!
وفى ذات الوقت أيضا قام عبود عبداللطيف الزمر مع زملائه الطلاب وتحت قيادة ضباط معلمى الكلية الحربية بتنظيم الدفاع عن القاهرة وأحكموا السيطرة على مداخلها . بعد النكسة قرر الرئيس جمال عبد الناصر حل سلاح المشاة نهائيا ً وإعادة تشكيله من جديد وكلف وزير الحربية الفريق/ محمد فوزى بانتقاءالعناصر المتميزة فى الأداء والولاء والإنضباط من الضباط الشبان دفعة 51حربية فوقع الإختيار على الملازم/ عبود عبداللطيف الزمر وآخرين معه للقيام بهذا العمل التاريخى الكبير؛ وبعد ثلاثة أعوام من العمل الشاق والمستمر أمكن إعادة تشكيل سلاح المشاة بفكر جديد ومهارة متميزة وروح قتالية عالية دخلت مصر بها حرب الإستنزاف ضد العدو الإسرائيلى فعادت ثقة الشعب المصرى بجيشه الباسل من بعد إنكسار وهزيمة ؛ ولا شك أن هذا العمل البطولى كان مطلبا ً وأملا ً شعبيا ً على المستوى العربى بأسره وتشرفت أسرة الزمر وناهيا بالوقوف معه والمشاركة فى تحقيقه .
وفى فبراير من سنة 1968م تفجرت المظاهرات فى الجامعات والمدارس والمصانع والشركات بعد إذاعة بيان المحكمة العسكرية فى نشرة الساعة 30و2 بالبرنامج العام وبصوت الإذاعى الشهير جلال معوض ولفت نظرى وقتها أن أكبر حكم كان من نصيب أصغر رتبة بينما كانت الأحكام مخففة بالنسبة لقادة الجيش والطيران!! وخرجت أول مظاهرة إحتجاج من عمال حلوان فتعاملت معها قوات الأمن بقسوة مستخدمة الأسلحة النارية وأذيع فى الساعة الخامسة مساءاً بيان وزير الداخلية/شعراوى جمعة بمنع أى تظاهرات أو تجمعات ، وفى اليوم التالى خرجت مع مظاهرة " شركة ماتوسيان " إلى ميدان الجيزة فشارع مراد والجيزة وعبرنا كوبرى الجامعة إلى القصر العينى إلى مجلس الأمة وكانت مظاهرة قوية ومنظمة وتلفت حولى فوجدتنى أصغر المشاركين فيها وسارت المظاهرة وسط تشجيع واستحسان الأهالى وهتافناوقتها كان على وتيرة " ياجمال بنناديك فين الحق الله يخليك " .. " ياحريه هلى هلى إحنا فى شوق إليك تملى " .
وحقيقة لقد كان من السائد فى المجتمع وخاصة بين أوساط الطلاب أن جمال كان لا يعلم بوقوع الخطأ ولوعلم به لحاسب المخطئين حسابا ً شديدا ً ؛ هكذا كنا نتكلم معا نحن الشباب وعلمت فيما بعد أن هذا العذر الذى التمسناه للزعيم كان عذرا ً أقبح من ذنب .
وصلت مظاهرة العمال وأنا معهم إلى مجلس الأمة ووجدنا مظاهرة حاشدة من طلاب جامعة القاهرة قد سبقتناالىهناك وخرج لهم أنور السادات رئيس المجلس فى ذلك الوقت يتكلم معهم من احدى نوافذ مكتبه ؛ فلما تقدمت المظاهرة أفسحوا لنا الطريق حتى وجدتنى أقف على بعد خطواط من أنور السادات الذىأسرع بالخروج الى مدخل المجلس وقد أحاط به زعماء الطلاب والعمال يقدمون مطلبهم بمحاكمة عادلة لمن تسبب فى الهزيمة والنكسة ؛ وشاهدت زعيم الطلاب وقتها واسمه/ عبدالحميد حسن يتكلم مع رئيس مجلس الأمة ويوضح وجهة نظر الطلاب ثم خرجت المظاهرة متجهة الى ميدان التحريرتهتف وتقول " عاملين مجلس امه ده بتاعهم همه " وهتافات اخرى تصف وزير الداخلية بكلمات جارحة ثم توجهنا إلى شارع الإسعاف وحاصرنا مبنى جريدة الأهرام القديم ونحن نهتف ونقول " هيكل هيكل ياجبان ياعميل الأمريكان " ثم حطمنا الواجهة الزجاجية ومزقنا بعض نسخ من الجريدة وطالبنا الجمهور بمقاطعة شراء الجريدة والتزمت أنا بالمقاطعت لعدة أيام ؛ وتفرقت المظاهرة على أصوات طلقات نارية من فوق الرؤوس تسببت فى سقوط بعض الحصوات من حوائط العمائر المجاورة ؛ وعدت أنا إلى البيت بشارع عفيفى قسم أول الجيزة فسمعت فى نشرة أخبار الثامنة والنصف مساءا ً بيان يعلن تراجع جمال عبدالناصر وإعادة محاكمة المتهمين الضباط مرة أخرى بدعوى أن قرار المحكمة لم يعرض على الرئيس قبل إذاعته .
وفى فبراير من سنة 1968م تفجرت المظاهرات فى الجامعات والمدارس والمصانع والشركات بعد إذاعة بيان المحكمة العسكرية فى نشرة الساعة 30و2 بالبرنامج العام وبصوت الإذاعى الشهير جلال معوض ولفت نظرى وقتها أن أكبر حكم كان من نصيب أصغر رتبة بينما كانت الأحكام مخففة بالنسبة لقادة الجيش والطيران!! وخرجت أول مظاهرة إحتجاج من عمال حلوان فتعاملت معها قوات الأمن بقسوة مستخدمة الأسلحة النارية وأذيع فى الساعة الخامسة مساءاً بيان وزير الداخلية/شعراوى جمعة بمنع أى تظاهرات أو تجمعات ، وفى اليوم التالى خرجت مع مظاهرة " شركة ماتوسيان " إلى ميدان الجيزة فشارع مراد والجيزة وعبرنا كوبرى الجامعة إلى القصر العينى إلى مجلس الأمة وكانت مظاهرة قوية ومنظمة وتلفت حولى فوجدتنى أصغر المشاركين فيها وسارت المظاهرة وسط تشجيع واستحسان الأهالى وهتافناوقتها كان على وتيرة " ياجمال بنناديك فين الحق الله يخليك " .. " ياحريه هلى هلى إحنا فى شوق إليك تملى " .
وحقيقة لقد كان من السائد فى المجتمع وخاصة بين أوساط الطلاب أن جمال كان لا يعلم بوقوع الخطأ ولوعلم به لحاسب المخطئين حسابا ً شديدا ً ؛ هكذا كنا نتكلم معا نحن الشباب وعلمت فيما بعد أن هذا العذر الذى التمسناه للزعيم كان عذرا ً أقبح من ذنب .
وصلت مظاهرة العمال وأنا معهم إلى مجلس الأمة ووجدنا مظاهرة حاشدة من طلاب جامعة القاهرة قد سبقتناالىهناك وخرج لهم أنور السادات رئيس المجلس فى ذلك الوقت يتكلم معهم من احدى نوافذ مكتبه ؛ فلما تقدمت المظاهرة أفسحوا لنا الطريق حتى وجدتنى أقف على بعد خطواط من أنور السادات الذىأسرع بالخروج الى مدخل المجلس وقد أحاط به زعماء الطلاب والعمال يقدمون مطلبهم بمحاكمة عادلة لمن تسبب فى الهزيمة والنكسة ؛ وشاهدت زعيم الطلاب وقتها واسمه/ عبدالحميد حسن يتكلم مع رئيس مجلس الأمة ويوضح وجهة نظر الطلاب ثم خرجت المظاهرة متجهة الى ميدان التحريرتهتف وتقول " عاملين مجلس امه ده بتاعهم همه " وهتافات اخرى تصف وزير الداخلية بكلمات جارحة ثم توجهنا إلى شارع الإسعاف وحاصرنا مبنى جريدة الأهرام القديم ونحن نهتف ونقول " هيكل هيكل ياجبان ياعميل الأمريكان " ثم حطمنا الواجهة الزجاجية ومزقنا بعض نسخ من الجريدة وطالبنا الجمهور بمقاطعة شراء الجريدة والتزمت أنا بالمقاطعت لعدة أيام ؛ وتفرقت المظاهرة على أصوات طلقات نارية من فوق الرؤوس تسببت فى سقوط بعض الحصوات من حوائط العمائر المجاورة ؛ وعدت أنا إلى البيت بشارع عفيفى قسم أول الجيزة فسمعت فى نشرة أخبار الثامنة والنصف مساءا ً بيان يعلن تراجع جمال عبدالناصر وإعادة محاكمة المتهمين الضباط مرة أخرى بدعوى أن قرار المحكمة لم يعرض على الرئيس قبل إذاعته .
فى مساء يوم الأثنين الموافق 25/9/1970م سمعت جلبة شديدة وصياحا ً عاليا ً بالشارع فأسرعت إلى الشرفة لأنظر وأرى فوجدت مجموعة من المارة قد توقفوا أمام محل الحاج عنتر أبوعرب تاجر الجلود بالمنزل المقابل وعلى ما يبدو أنهم وقفوا لسماع الراديو بينما رجال آخرون يهرولون وفى كل اتجاه ثم سمعت صوت محمد عنتر يقول وبكل آسى وحزن " عبد الناصر مات سبحان من له الدوام "
وخرجت إلى الشارع لا أدرى أين أذهب وماذا أقول !!! ووجدت الناس قد خرجوا فسرت معهم نحو ميدان الجيزة وقد علت الهتافات الحزينة والمؤثرة .
سالم سالم ياصباح
بعد وداعك فاتنا وراح
تسعه وعشره أيدناك
ليلة الإسراء ودعناك
ابكى ابكى ياعروبه
عاللى بناك طوبة طوبة
الوداع ياجمال باحبيب الملايين الوداع ... ثورتك ثورة كفاح على طول السنين الوداع ؛ واستمرت المسيرات الباكية والحزينة تخرج يوميا ًمن الجيزة وأخرج معها صوب قصر القبة سيراً على الأقدام وكلما دخلنا شارع خرجنا منه ومعنا غالبية سكانه فكانت المسيرات تتقابل معنا وتمشى من خلفنا تهتف بتلك الكلمات المؤثرة ثم جد هتاف جديد ومؤثر سمعت له بكاء وصريخ عالى فى الشوارع " ياجمال يانور العين سايب مصر ورايح فين " واستمرت المسيرات تخرج فى الشوارع والمدن والقرى لمدة ثلاثة أيام حتى يوم تشييع الجنازة فى يوم الخميس 28/9/1970م ؛ ولقد ألقيت كلمة تأبين فى الزعيم الراحل بصفتى رائدا ً للإذاعة المدرسية وقلت فيها قولا ً بليغا ً شكرنى عليه السيد مفتش المنطقة التعليمية والسيد ناظر المدرسة، نعم لقد كان رحيل الزعيم الكبير يوما ً حزينا ً من أيام مصر ؛ لكن الرجال العظماء لا يموتون بل تبقى أعمالهم وذكراهم فى القلوب وعلى الألسنة وملئ الأسماع والعقول ؛ لقد كان رجلا ًكرس حياته لوطنه وشعبه وبناء بلده وكان بارا ً وفيا ً لأهله وعروبته ونحسب هذه الصفات والأعمال فى ميزان حسناته ولا نزكى على الله أحد هو أعلم بمن اتقى ورحم الله الفقيد ؛ حقيقة لقد حزنت على وفاة جمال حزنا ً شديدا ً أذهلنى عن المذاكرة لعدة أسابيع وبحمد الله خرجت من هذه الصدمة ولسان حالى يقول لقد مات الزعيم وعاشت مصر .&&&
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق