الحـلقـة الثانيـة
مـــن
سـيرتى فى وظـيفـتـى
أوصاف العمل فى الإسلام نابعة من الأخلاق وكل وصف منها نابع من خلق يناسبه والحق والواجب والشرف هى من أبرز هذه الأوصاف ؛ فالمرء بإعتباره عـضوا ً فى جماعة فلا بد له من وظيفة يؤديها فهى حق له وواجب عـليه أن يعملها وعـندما ينجح فيها يناله الشرف والمكانة والتقدير ؛ ومجمل القـول هـنا أن الفرد له حـق أداء الوظيفـة ويجـب عـليه أن يؤديهـا ويحافـظ عـليهـا بكـل أمانـة وطهـارة وقـديما ً قالت الأجـداد فى المـثـل الشعـبى " الـيد البطـالة نجـسـة ".
ولنا فى رسـول الله أسـوة حسنة ؛ إنه يأخذ بمبدأ العمل حتى وهويستقبل صباه الأول فيرعى الغنم لقريش على قراريط بظاهر مكة ؛ وفى صباه يخرج إلى بلاد الشام مع العير فى التجارة ؛ وفى مطلع شبابه يدخل فى المفاوضات لوقف الحـروب وتحـقيق السـلام ورفع الظلم ؛ وهكـذا كان رسول الله يؤدى العمل الذى يناسـب مرحـلـةحياته ولم يخـلد للـراحـة بحجة أنه إبن الأكرمـين لا لا لقد ضرب لنا المثل بأن الشرف كل الـشـرف فى العمل وكفى ؛ وإنطلاقا ً مـن كل هـذه المفـاهـيـم الواعـيـة أخذت أساعد زملائى والمرؤسـين فى أعـمالهم المنوطة بهـم بكل همة وإقتدار حتى صرت أعمل أنا بينما الأخرين ينظرون وينتظرون ؛ وعـندما يقول زميل لآخر تعليقا ً على هذا الوضع " أنت قاعـد تتفـرج وأحمـد الـزمـر يعـمـل لـوحـده !!هـل أنت أحـسن منه ؟ " كنت أصحح هـذه المقـولة للزميل وأقول :------ " الصح أن تقول له أحمد الزمر يعمل وأنت تتفرج عليه !! هل أحمد أحسن منك ؟ " فالذى يعمل هو الأحسن وأستمر فى إنجـاز العـمـل بهـمة عـالية وأقـول فى مرح ومزاح : أهـم شـئ الروح المعنوية العالية .
ومن المواقف التى لا أنساها ذلك الموقف الذى حدث فى ميزانية 1982م فى ذلك العام تغيرت أسعار البضائع لأكثر من مرة على فترات الأمر الذى نتج عنه بعض فروق الأسعار بالزيادة فكنت أقوم بإحتسابها وتعليتها بحساب الدائنة باسم العميل على أن نستدعيه ليحضر لصرفها وكان من مفهومى وقتها أن أحتسب الفرق حتى لوكان مبلغ ضئيل جدا ً وبالطبع كثرت أسماء العملاء الذين لهم فروق تتراوح بين خمسة قروش وأقل من جنيه ؛ السيد الأستاذ / سامى شكرى رئيس حسابات فرع كرداسه أشار بانه لا يجب تعلية المبالغ الضئيلة لأن العميل لن يأتى لصرفها ولكنى قلت : لوكان هذا المبلغ الضئيل مطلوب من العميل لذهبنا إليه وطالبناه بسداده فالعدل أن أحتسب الفرق للعميل لصرفه !!! ولكن فى نهاية السنة المالية وجدت أسماء كثيرة ضمن الأسماء المعلاة بكشوف حسابات دائنة للعملاء ولكل منهم مبالغ ضئيلة الأمر الذى سيتسبب فى حدوث مشكلة مع الجهاز المركزى وربما مجازاة المتسبب وبالتالى إقتنعت برأى الأستاذ سامى وقمت بإجراء قيد تعديل بكل الفروق المحتسبة أقل من جنيه واحد وسددتها للإيراد خاصة وأن هؤلاء العملاء لم يتقدموا للصرف منذ شهور !! وهكذا كنت حريصا ًعلى أداء الحقوق وأعتز بهذا المسلك وأقول لأى عميل يتشكك فى حسابه : لا تخاف أنا هنا أحسب بالحق ولولك جنيه سنرده لك كما لوكان عليك جنيه سنطالبك به !!
موقف آخر تذكرته اليوم فرأيت أنه من الأهمية بمكان ويبرهن على إنضباطى فى العمل مهما كانت الظروف ؛ إنه موقفى فى أيام المطر وإنزلاق الشوارع الترابية خاصة شارع السهراية التجارى فالجميع سواء سائقين أو مشاه يحذرون المرور منه لشدة التوحل فيه ولكنى أخرج فى الصباح مبكرا ًوقد وضعت أرجل البنطال داخل الشراب وأمشى أنقل الخطى فى حذر وأقول مع كل خطوة "لا حول ولا قوة إلا بالله " نعم إنها مغامرة تحتاج لستر من الله وتوفيق وإلا ستكون العواقب وخيمة والأهالى المحتجزين أمام بيوتهم على جانبى الطريق يعلمون ذلك تماما ً لذا فهم يتعاطفون معى بالنصح والدعاء ومتفقون قولة رجل منهم " على مهلك ياأستاذ أحمد
إرجع وخذ أجازه النهارده " وأنا أشير اليهم وأقول " ربنا يسترنا " .
لقد كان من مفهومى أن عددا ًمن الزملاء سيتغيبون عن البنك بعذر المطرلذلك فإنه من واجبى أن أكون متواجدا ً لأعمل مكانهم ولا يتعطل العمل ؛ وكان الشيخ / منتصر حارس البنك النهارى يعلم صعوبة الوضع فى ناهيا أيام المطر فيسألنى عندما يسمعنى أضرب بحذائى على الأرض لأنفضه من الأوحال فيقول : أستاذ أحمد كيف جئت ؟ فأقول : جئت بلا حول ولا قوة إلا بالله وراكب حمار أو راكب عربية جازأوسيرا ً على الأقدام .
وفى هذه الظروف تكون المواصلات صعبة وربما منعدمة !! وفى يوم من هذه الأيام كنت واقفا ً عند القنطرة الغربية أول طريق أبورواش فمر بى الأخ حسين جعفر يركب حمارته فى طريقه لأبى رواش فقال : يأستاذ أحمد تعالى إركب !! ربما كان يريد الضحك وهذا هو الأرجح فهو واثق أنى لن أركب معه !! ولكنى قلت له : قف واقترب ! وعلى الفور قفز من على دابته وأمسك بلجامها حتى ركبت وأمسكت باللجام بينما قفز هو وركب من خلفى مسرورا ً يضحك .
وفى يوم آخر مثيل لم أجد وسيلة إنتقال فمر بى الأخ/ سعد شلش يركب حنطور عربة الجاز فأشرت نحوه فوقف فصعدت وجلست إلى جواره وأمسكت بلجام الحصان أضربه ليسرع بينما هو يضحك وبعض المارة يشيرون نحوى بالتحية ! وصلنا إلى دكان الحاج / عبدالله أبوعامر المقابل لمقر البنك فلما رأنى وقف مندهشا وأنا أضحك وأقول له : أنا جئت لك بالجاز فى عز المطر !!
وفى أيام كثيرة إلتقيت بالأخ / سميرالحلفاوى .. ويعمل مدرسا ً بمدرسة أبورواش أو بالأخ/ عادل عتمان .. ويعمل بمشروع المقاولين العرب بأبى رواش أو بالأخ / نصرالزمر.. ويعمل بإدارة البساتين بأبى رواش فعندما نلتقى ونقف ولا نجد مواصلات نتوجه سيرا ًعلى الأقدام بالخطوة المعتادة النشيطة فنصل فى نحو ثلث الساعة والمسافة نحو ثلاث كيلومترات وهكذا كان همى هو الحضور فى عملى وبأى وسيلة إنتقال متاحة .
فى عام 1990م تم الأخذ بنظام المراجعة الداخلية بكل موقع وتم إختيارى لهذه الوظيفة بالإ ضافة لعملى المختص به كاتب البضائع بأنواعها والأستاذ العام على أن تكون المراجعة بنسبة 100% لجميع أعمال البنك فقمت بالمراجعة والتوقيع بالمداد الأحمر داخل ختم المراجعة ؛ فلما حضر مفتش البنك الرئيسى شكرنى على الجهد المبذول وقال : لم أجد مراجع مقيم يطبق تعليمات المراجعة إلا أنت !!
الأستاذ/ عبدالله ابوبكر من عملاء البنك ويعمل مدرسا ً لما علم أنى تعينت مراجعا ً مقيما ً بالبنك وأن جميع اامستندات لابد أن تعرض علىّ للتوقيع عليها إقترح كتابة كارت تعارف لوضعه على مكتبى فأخذ مفكرة جلدية كانت موضوعة أمامى لها مجسم هرمى الشكل وذهب بها على وعد أن يعود بعد يومين وبالفعل عاد وقد كتب عليها بخط يده وباللون الأبيض :
المحاسب / أحمد الزمر
مراجع البنك
مرت الأيام والسنين وتغيرت قيادة البنك عدة مرات وكلما جاءت قيادة وجدتها على عـلـم بى وبأهـمـية مكانتى بالبنـك فـيتعـاملـون معـى بكـل تقـدير وإحترام وبحمد الله وجـدونى عـند حـسـن ظنهـم ؛ عـن هـذه المعانى تكلم أ/ عـلى قـرنى مدير البنك فـى 1993م وقال : أحمد الزمر يعمل فى صمت دون صياح أوتعـقـيد حـتى يظن من لا يعـرفه أنه لا يعمل !! وهـذه مـيزة قـلمـا تجـدهـا فى موظف ومنذ حـضـورى لبنـك أبورواش لم يتأخر يوما ً لساعة عن موعده فى الصباح ولم ينصرف قبلى إطلاقا ً؛ كما أنه حاز ثقة جمهور المتعاملين فتجد العميل بمجرد أن يدخل مقـر البنك يتلـفـت لرؤية أ/ أحمد ليسـلـم عـليـه ويطلب مايريد فـيسـرع أ/ أحمد فى إستقباله بكل بشاشة ويقضى له طلبه أو يوصى زميلا أخر بالقضاء ؛ والعجيب أن العديد من المتعاملين ينصرفـون من البنك فى حاله عـدم تواجد أ/ أحمد ويرفـضـون التعامل مع أى زميل أخر وكلهم متفـقـون على عـبارة واحـدة مضمونهـا : أنا سـوف أحضر بكره للأستاذ أحمد لأنه يعـرف طلبـى !! لكل هذه المميزات إستحـق أحمد الزمر أن يحصل على أعـلـى درجـة فـى التـقـريـر الـسـنـوى الـسـرى عـن جـدارة .إنتهـى
وحـب الجمهـور لـشـخـصى لم يأتى بالصدفة ولكنه جاء نتيجة لمنهـج كريم ومتأدب إلتزمته معهـم !! وعلاوة عـلى سـرعة الأداء وحـسـن الإستقبال كنت حريصا ًعلى شراء بعـض الحلوى والشيكولاته يوميا ً وأعـطيهـا للصبيان والبنات الحاضرين مع الـجـمـهــورفى قـفـشـات و حـوارات قـصـيرة فـيفرحون ويفرح آبائهم ؛ أو أعطيها لبعض الرجال الذين لهم مكانة خاصة فى نفسى فيفرحون بها كما يفرح الصبيان .
وفى مدة خدمتى ببنك أبورواش حرصت على حضور تشييع الجنازات لدرجة أن الأهالى كانوا يلحظون حضورى أوتغيبى وعندما يلتقون بى فى اليوم التالى بالبنك أجدهم متفقون على إستفهام واحد مضمونه : نحن لم نراك فى جنازة المرحوم فلان بالأمس أكيد أنت كنت أجازة ولم تعلم !! السادة مديرو البنك كانوا متفقين أيضا على مقولة واحدة مضمونها : أحمد الزمر يزيل عنا الحرج بحضوره جنازات المتوفين من عملاء البنك وأقاربهم !! وإذا جاءهم لوم من أحد العملاء لعدم حضورهم فى جنازة قريب يقولون : أ/ احمد الزمر حضر وهو يمثلنا فمن تريدون أكثرمن هذا !! فتلهج ألسنتهم بالثناء والشكر .
ومن المواقف الضاحكة والتى تدل على تقدير أهالى أبورواش كبيرهم وصغيرهم لشخصى ذلك الموقف الذى حدث فى فرح إبنة المهندس / سعيد الشربينى بينما نحن قعود وزملائى العاملين بالبنك فوجئت بالعريس يقبل نحوى ويخصنى بالتحية ويقول : طبعا ً أنت مش عارفنى ياعم أحمد ! أنا فلان إبن فلان وأعرفك من نحو عشر سنوات لقد أنقذتنى من إصابة قاتلة ! لقد مررت علينا وأبى يضربنى بالعصا وبشدة فأسرعت نحونا ونهرت أبى وأخذت منه العصا عنوة وأتحت لى فرصة الفرار من أبى !! ومن يومها عرفتك .
ونكتفى بهذا القدر ونلتقى فى الشهر القادم بالحلقة الثالثة من مسلسل سيرتى فى وظيفتى والسلام عليكم . &&&&
مـــن
سـيرتى فى وظـيفـتـى
أوصاف العمل فى الإسلام نابعة من الأخلاق وكل وصف منها نابع من خلق يناسبه والحق والواجب والشرف هى من أبرز هذه الأوصاف ؛ فالمرء بإعتباره عـضوا ً فى جماعة فلا بد له من وظيفة يؤديها فهى حق له وواجب عـليه أن يعملها وعـندما ينجح فيها يناله الشرف والمكانة والتقدير ؛ ومجمل القـول هـنا أن الفرد له حـق أداء الوظيفـة ويجـب عـليه أن يؤديهـا ويحافـظ عـليهـا بكـل أمانـة وطهـارة وقـديما ً قالت الأجـداد فى المـثـل الشعـبى " الـيد البطـالة نجـسـة ".
ولنا فى رسـول الله أسـوة حسنة ؛ إنه يأخذ بمبدأ العمل حتى وهويستقبل صباه الأول فيرعى الغنم لقريش على قراريط بظاهر مكة ؛ وفى صباه يخرج إلى بلاد الشام مع العير فى التجارة ؛ وفى مطلع شبابه يدخل فى المفاوضات لوقف الحـروب وتحـقيق السـلام ورفع الظلم ؛ وهكـذا كان رسول الله يؤدى العمل الذى يناسـب مرحـلـةحياته ولم يخـلد للـراحـة بحجة أنه إبن الأكرمـين لا لا لقد ضرب لنا المثل بأن الشرف كل الـشـرف فى العمل وكفى ؛ وإنطلاقا ً مـن كل هـذه المفـاهـيـم الواعـيـة أخذت أساعد زملائى والمرؤسـين فى أعـمالهم المنوطة بهـم بكل همة وإقتدار حتى صرت أعمل أنا بينما الأخرين ينظرون وينتظرون ؛ وعـندما يقول زميل لآخر تعليقا ً على هذا الوضع " أنت قاعـد تتفـرج وأحمـد الـزمـر يعـمـل لـوحـده !!هـل أنت أحـسن منه ؟ " كنت أصحح هـذه المقـولة للزميل وأقول :------ " الصح أن تقول له أحمد الزمر يعمل وأنت تتفرج عليه !! هل أحمد أحسن منك ؟ " فالذى يعمل هو الأحسن وأستمر فى إنجـاز العـمـل بهـمة عـالية وأقـول فى مرح ومزاح : أهـم شـئ الروح المعنوية العالية .
ومن المواقف التى لا أنساها ذلك الموقف الذى حدث فى ميزانية 1982م فى ذلك العام تغيرت أسعار البضائع لأكثر من مرة على فترات الأمر الذى نتج عنه بعض فروق الأسعار بالزيادة فكنت أقوم بإحتسابها وتعليتها بحساب الدائنة باسم العميل على أن نستدعيه ليحضر لصرفها وكان من مفهومى وقتها أن أحتسب الفرق حتى لوكان مبلغ ضئيل جدا ً وبالطبع كثرت أسماء العملاء الذين لهم فروق تتراوح بين خمسة قروش وأقل من جنيه ؛ السيد الأستاذ / سامى شكرى رئيس حسابات فرع كرداسه أشار بانه لا يجب تعلية المبالغ الضئيلة لأن العميل لن يأتى لصرفها ولكنى قلت : لوكان هذا المبلغ الضئيل مطلوب من العميل لذهبنا إليه وطالبناه بسداده فالعدل أن أحتسب الفرق للعميل لصرفه !!! ولكن فى نهاية السنة المالية وجدت أسماء كثيرة ضمن الأسماء المعلاة بكشوف حسابات دائنة للعملاء ولكل منهم مبالغ ضئيلة الأمر الذى سيتسبب فى حدوث مشكلة مع الجهاز المركزى وربما مجازاة المتسبب وبالتالى إقتنعت برأى الأستاذ سامى وقمت بإجراء قيد تعديل بكل الفروق المحتسبة أقل من جنيه واحد وسددتها للإيراد خاصة وأن هؤلاء العملاء لم يتقدموا للصرف منذ شهور !! وهكذا كنت حريصا ًعلى أداء الحقوق وأعتز بهذا المسلك وأقول لأى عميل يتشكك فى حسابه : لا تخاف أنا هنا أحسب بالحق ولولك جنيه سنرده لك كما لوكان عليك جنيه سنطالبك به !!
موقف آخر تذكرته اليوم فرأيت أنه من الأهمية بمكان ويبرهن على إنضباطى فى العمل مهما كانت الظروف ؛ إنه موقفى فى أيام المطر وإنزلاق الشوارع الترابية خاصة شارع السهراية التجارى فالجميع سواء سائقين أو مشاه يحذرون المرور منه لشدة التوحل فيه ولكنى أخرج فى الصباح مبكرا ًوقد وضعت أرجل البنطال داخل الشراب وأمشى أنقل الخطى فى حذر وأقول مع كل خطوة "لا حول ولا قوة إلا بالله " نعم إنها مغامرة تحتاج لستر من الله وتوفيق وإلا ستكون العواقب وخيمة والأهالى المحتجزين أمام بيوتهم على جانبى الطريق يعلمون ذلك تماما ً لذا فهم يتعاطفون معى بالنصح والدعاء ومتفقون قولة رجل منهم " على مهلك ياأستاذ أحمد
إرجع وخذ أجازه النهارده " وأنا أشير اليهم وأقول " ربنا يسترنا " .
لقد كان من مفهومى أن عددا ًمن الزملاء سيتغيبون عن البنك بعذر المطرلذلك فإنه من واجبى أن أكون متواجدا ً لأعمل مكانهم ولا يتعطل العمل ؛ وكان الشيخ / منتصر حارس البنك النهارى يعلم صعوبة الوضع فى ناهيا أيام المطر فيسألنى عندما يسمعنى أضرب بحذائى على الأرض لأنفضه من الأوحال فيقول : أستاذ أحمد كيف جئت ؟ فأقول : جئت بلا حول ولا قوة إلا بالله وراكب حمار أو راكب عربية جازأوسيرا ً على الأقدام .
وفى هذه الظروف تكون المواصلات صعبة وربما منعدمة !! وفى يوم من هذه الأيام كنت واقفا ً عند القنطرة الغربية أول طريق أبورواش فمر بى الأخ حسين جعفر يركب حمارته فى طريقه لأبى رواش فقال : يأستاذ أحمد تعالى إركب !! ربما كان يريد الضحك وهذا هو الأرجح فهو واثق أنى لن أركب معه !! ولكنى قلت له : قف واقترب ! وعلى الفور قفز من على دابته وأمسك بلجامها حتى ركبت وأمسكت باللجام بينما قفز هو وركب من خلفى مسرورا ً يضحك .
وفى يوم آخر مثيل لم أجد وسيلة إنتقال فمر بى الأخ/ سعد شلش يركب حنطور عربة الجاز فأشرت نحوه فوقف فصعدت وجلست إلى جواره وأمسكت بلجام الحصان أضربه ليسرع بينما هو يضحك وبعض المارة يشيرون نحوى بالتحية ! وصلنا إلى دكان الحاج / عبدالله أبوعامر المقابل لمقر البنك فلما رأنى وقف مندهشا وأنا أضحك وأقول له : أنا جئت لك بالجاز فى عز المطر !!
وفى أيام كثيرة إلتقيت بالأخ / سميرالحلفاوى .. ويعمل مدرسا ً بمدرسة أبورواش أو بالأخ/ عادل عتمان .. ويعمل بمشروع المقاولين العرب بأبى رواش أو بالأخ / نصرالزمر.. ويعمل بإدارة البساتين بأبى رواش فعندما نلتقى ونقف ولا نجد مواصلات نتوجه سيرا ًعلى الأقدام بالخطوة المعتادة النشيطة فنصل فى نحو ثلث الساعة والمسافة نحو ثلاث كيلومترات وهكذا كان همى هو الحضور فى عملى وبأى وسيلة إنتقال متاحة .
فى عام 1990م تم الأخذ بنظام المراجعة الداخلية بكل موقع وتم إختيارى لهذه الوظيفة بالإ ضافة لعملى المختص به كاتب البضائع بأنواعها والأستاذ العام على أن تكون المراجعة بنسبة 100% لجميع أعمال البنك فقمت بالمراجعة والتوقيع بالمداد الأحمر داخل ختم المراجعة ؛ فلما حضر مفتش البنك الرئيسى شكرنى على الجهد المبذول وقال : لم أجد مراجع مقيم يطبق تعليمات المراجعة إلا أنت !!
الأستاذ/ عبدالله ابوبكر من عملاء البنك ويعمل مدرسا ً لما علم أنى تعينت مراجعا ً مقيما ً بالبنك وأن جميع اامستندات لابد أن تعرض علىّ للتوقيع عليها إقترح كتابة كارت تعارف لوضعه على مكتبى فأخذ مفكرة جلدية كانت موضوعة أمامى لها مجسم هرمى الشكل وذهب بها على وعد أن يعود بعد يومين وبالفعل عاد وقد كتب عليها بخط يده وباللون الأبيض :
المحاسب / أحمد الزمر
مراجع البنك
مرت الأيام والسنين وتغيرت قيادة البنك عدة مرات وكلما جاءت قيادة وجدتها على عـلـم بى وبأهـمـية مكانتى بالبنـك فـيتعـاملـون معـى بكـل تقـدير وإحترام وبحمد الله وجـدونى عـند حـسـن ظنهـم ؛ عـن هـذه المعانى تكلم أ/ عـلى قـرنى مدير البنك فـى 1993م وقال : أحمد الزمر يعمل فى صمت دون صياح أوتعـقـيد حـتى يظن من لا يعـرفه أنه لا يعمل !! وهـذه مـيزة قـلمـا تجـدهـا فى موظف ومنذ حـضـورى لبنـك أبورواش لم يتأخر يوما ً لساعة عن موعده فى الصباح ولم ينصرف قبلى إطلاقا ً؛ كما أنه حاز ثقة جمهور المتعاملين فتجد العميل بمجرد أن يدخل مقـر البنك يتلـفـت لرؤية أ/ أحمد ليسـلـم عـليـه ويطلب مايريد فـيسـرع أ/ أحمد فى إستقباله بكل بشاشة ويقضى له طلبه أو يوصى زميلا أخر بالقضاء ؛ والعجيب أن العديد من المتعاملين ينصرفـون من البنك فى حاله عـدم تواجد أ/ أحمد ويرفـضـون التعامل مع أى زميل أخر وكلهم متفـقـون على عـبارة واحـدة مضمونهـا : أنا سـوف أحضر بكره للأستاذ أحمد لأنه يعـرف طلبـى !! لكل هذه المميزات إستحـق أحمد الزمر أن يحصل على أعـلـى درجـة فـى التـقـريـر الـسـنـوى الـسـرى عـن جـدارة .إنتهـى
وحـب الجمهـور لـشـخـصى لم يأتى بالصدفة ولكنه جاء نتيجة لمنهـج كريم ومتأدب إلتزمته معهـم !! وعلاوة عـلى سـرعة الأداء وحـسـن الإستقبال كنت حريصا ًعلى شراء بعـض الحلوى والشيكولاته يوميا ً وأعـطيهـا للصبيان والبنات الحاضرين مع الـجـمـهــورفى قـفـشـات و حـوارات قـصـيرة فـيفرحون ويفرح آبائهم ؛ أو أعطيها لبعض الرجال الذين لهم مكانة خاصة فى نفسى فيفرحون بها كما يفرح الصبيان .
وفى مدة خدمتى ببنك أبورواش حرصت على حضور تشييع الجنازات لدرجة أن الأهالى كانوا يلحظون حضورى أوتغيبى وعندما يلتقون بى فى اليوم التالى بالبنك أجدهم متفقون على إستفهام واحد مضمونه : نحن لم نراك فى جنازة المرحوم فلان بالأمس أكيد أنت كنت أجازة ولم تعلم !! السادة مديرو البنك كانوا متفقين أيضا على مقولة واحدة مضمونها : أحمد الزمر يزيل عنا الحرج بحضوره جنازات المتوفين من عملاء البنك وأقاربهم !! وإذا جاءهم لوم من أحد العملاء لعدم حضورهم فى جنازة قريب يقولون : أ/ احمد الزمر حضر وهو يمثلنا فمن تريدون أكثرمن هذا !! فتلهج ألسنتهم بالثناء والشكر .
ومن المواقف الضاحكة والتى تدل على تقدير أهالى أبورواش كبيرهم وصغيرهم لشخصى ذلك الموقف الذى حدث فى فرح إبنة المهندس / سعيد الشربينى بينما نحن قعود وزملائى العاملين بالبنك فوجئت بالعريس يقبل نحوى ويخصنى بالتحية ويقول : طبعا ً أنت مش عارفنى ياعم أحمد ! أنا فلان إبن فلان وأعرفك من نحو عشر سنوات لقد أنقذتنى من إصابة قاتلة ! لقد مررت علينا وأبى يضربنى بالعصا وبشدة فأسرعت نحونا ونهرت أبى وأخذت منه العصا عنوة وأتحت لى فرصة الفرار من أبى !! ومن يومها عرفتك .
ونكتفى بهذا القدر ونلتقى فى الشهر القادم بالحلقة الثالثة من مسلسل سيرتى فى وظيفتى والسلام عليكم . &&&&
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق