الخميس، 30 يوليو 2009

أسرة الزمر مع 23 يوليو

اســـرة الــزمــر مــع 23يـولـيــو
الملك فاروق يغادر الأراضي المصرية في هدوء ولم يستمع لتحريض بعض معاونيه لاستدعاء القوات البريطانية للقضاء على حركة الضباط بالجيش المصري لقد ذهب إلى منفاه في إيطاليا ومعه أولاده الطفل الرضيع أحمد وبناته فريال وفوزية وفادية ؛ وكان في وداعه مجموعة من الضباط منهم محمد نجيب وجمال سالم وحسين الشافعي وراحت الطائرات تحوم فوق المحروسة تحيى الملك وتودعه
في نحو الساعة السادسة من مساء يوم26/7/1952م.
الملك فاروق كان لفترة في مقتبل حياته الملكية يعتبر مثلا يحتذي به في الأخلاق والوطنية والإنتماء؛ وتوج حبه لبلاد العرب بفكرة جمع البلدان العربية في جامعة دول تأسست في 22/3/1945م على حقائق جوهرية ثلاث : -
1- وعى المواطن العربي بالإنتماء إلى أمة واحدة .
2- الأمة لها مقومات مشتركة دين ولغة وتاريخ ومصالح وآمال .
3- أمن الدول القطرية كل على انفراد لا يمكن أن يتم إلا من خلال أمن الأمة العربية وسلامة الوطن من المحيط إلى الخليج .

وهذه الحقائق تمسكت بها ثورة يوليو 52 ووضعتها فوق الرؤوس خاصة فى حياة الزعيم جمال عبد الناصر ولكن من بعد موته جدت أموروالوضع إختلف كثيراً. فى مساء يوم 27/7/1952م تم تشكيل مجلس قيادة الثورة برئاسة عبدالناصر ليحكم البلاد فكان أول قرار إتخذه المجلس هو مطالبة الأحزاب بتطهير صفوفها والموافقة على قانون الإصلاح الزراعي ورفضت الأحزاب ورفض على ماهر رئيس الوزراء! وجاء الرد من قيادة الثورة بإقالة على ماهر من رئاسة الوزراء وتعيين اللواء محمد نجيب خلفا له على أن يكون كل الوزراء من المدنيين وفى 9/9/1952م صدر قانون الإصلاح الزراعي الأول .
فى15/1 سجلت أسرتنا وقريتنا سبقا ً وانفرادا ً يبرهن على صدق ما نردده باستمرار بأن أسرتنا الزمر وقريتنا ناهيا تقفا مع المطلب الشعبي والإرادة الشعبية.
فى 15/1/1951م جاء السبق والإنفراد الأول وتسجل بقلم الأستاذ/ مراد إبراهيم حمزةالزمروفى مجلس النواب المصري حيث أعلن مراد بيك عن إختياره للجماهير وتخليه عـن وظيفته الحكومية العامة ليتفرغ لخدمة الجماهير التي أحبها وأحبته ويدافع عـنها ويطالب بحقوقها من خلال عضويته بمجلس النواب ووقفت ناهيا معه تؤيده ومن خلفه تسانده وتعطيه نجاحا ً ساحقا ً لتحقيق المطلب الشعبي والإرادة الشعبية .

فى 15/1/1953م جاء السبق والإنفراد الثاني وتسجل بذات القلم وبيد الأستاذ/ مرادحيث أعلن فى مؤتمر عام بمركز إمبابه أنه يتبرأ من الحزبية وينادى بحل كافةالأحزاب وأرسل برقية بهذا المطلب الشعبي إلى مجلس قيادة الثورة .
فى 16/1/1953م جاءت الإستجابة لنداء الأستاذ/ مراد الزمر سريعة سريعة! ذلك لأنه يعبر عن المطلب الشعبي وما قامت ثورة يوليو إلا من أجل تحقيقه !! وتم حل جميع الأحزاب ووضع السلطة التنفيذية والتشريعية فى مجلس قيادة الثورة لمدة 3سنوات .
وهكذا أخي الكريم تكون القيادة والريادة إنها أساس وتاريخ وعطاء وامتداد وتواصل بين الأجيال ؛ وكل هذه الصفات تحققت فى أبناء قريتي ناهيا وتجلت تحديدا في أبناء أسرتنا الزمر فكيف لا تكون رائدة وقائدة تقف إلى جوار المطلب الشعبي تؤيده وتسانده وتقويه!! وثورة يوليو 52 هي قلب المطلب الشعبي و صميم الإرادة الشعبية لجماهير الشعب فى أنحاء البلاد المصرية لكل هذه الدوافع والأسباب وقع الإختيار على الأستاذ / مراد الزمر ليحمل علم التحرير ممثلا لمديرية الجيزة فى مهرجان 23/1/1953م بمناسبة مرور ستة أشهر على ثورة الجيش المباركة ؛ وهكذا تقدمت أسرة الزمر لتأخذ مكانتها فى الصدر والصدارة وتضع قريتنا ناهيا فى أول مصاف المؤيدين لثورة يوليو1952م ؛ وهذا قدرنا ونرضى به والحمد لله .

فى 1/3/1953م سعدت مصر بإعلان الجمهورية وتعيين اللواء /محمد نجيب أول رئيس للجمهورية ؛ وعـن أخلاق محمد نجيب وحسن سيرته سمعت مواقف كثيرة منها أنه دخل بوما لصلاة الجمعة بمسجد السيدة سكينة ومعه عدد من الحرس ينظمون المكان ؛ وكان هناك صبى لم يتجاوز سنه العاشرة فأرادوا إبعاده ولكنه تشبث بمكانه ! ولاحظ الرئيس فأمرهم بتركه وجلس بجواره وربت على كتفه وتحدث معه وأعطاه شلنا ً !!
وسمعت أيضا أن الرئيس محمد نجيب قال فى احدى خطبه بعد أن تقرر خفض وزن رغيف العيش : الخفض بسيط يساوى لقمة كأنك رميتها للقطة !! والحدثين يدلان على حسن الخلق والتواضع مع بساطة التعبير وتلقائية الحديث ؛ فلا عجب أن تخرج المظاهرات الشعبية لتطالب بعودته بعد إقالته من منصبه ولكن الأمر كان أخطر مما تصورته الجماهير وأشد من أن يأتمر بأمرها .
فى أحد أيام الجمعة من عام 1954م تفضل الرئيس محمد نجيب فأناب أحد أعضاء هيئة التحرير من الضباط الأحرار لزيارة أسرة الزمر فى ناهيا فاستقبلته الأسرة بكل ترحاب وسرور وأعلنت عن استمرار تأييدها للثورة وتقديم الدعم والتأييد المعنوي والفكري وسط حشد كبير بالدوار الغربي ؛اسرةالزمر لم تترددفى تأييدالثورة لأنها مطلب شعبى وتحقق الإرادة الشعبية ضد السادة وأسرة الزمر من السادة لكن وكعهدها دائما تقف مع المطلب الشعبى الأمر الذى يعتبره النقاد والسياسيون سابقة ليس لها نظير على مستوى القطر المصرى والوطن العريى مما كان له عظيم الأثر فى نفوس أعضاء مجلس قيادة الثورة فتعاملوا معها بكل إحترام فلم ينالها مانال الأسر الأخرى من أذى وسوء ؛ وعندما حانت ساعة صلاة الجمعة توجهت الجموع إلى جامع سيدي عمر فسمعوا تأييد ومباركة أهالي ناهيا على لسان فضيلة الشيخ / حسن أحمد الزمر خطيب الجامع ؛ وبعد الصلاة خرج نائب الرئيس بصحبة كوكبة من أبناء الزمر يتقدمهم المهندس/ عبود الزمر والأستاذ/مراد الزمر وحضرة العمدة/ مختار الزمر والأستاذ/ كمال الزمر وأخيه الأستاذ/ محمود الزمر والأستاذ/ كمال عباس الزمر والمهندس/ طاهرعلى الزمروالأستاذ/يحيى سعيد الزمر وخرج من خلفهم جمهور المصلين فذهبوا جميعا ً إلى الدوار لاستكمال أعمال المؤتمر المنعقد هناك .

فى 16/1/1956م تم الإعلان عن دستور مصر المؤقت من بعد أن تولى جمال عبد الناصر رئاسة مجلس قيادة الثورة ورئيسا للوزراء من بعد عزل محمد نجيب فى أكتوبر1954م وتم انتخاب جمال رئيسا ً للجمهورية فى 22/6/1956م.
وعندما طلبنا السلاح من أمريكا أبدت استعدادها لإمدادنا به بدون مقابل ولكن بشرط أن يصاحب السلاح مجموعة من الخبراء وألا يستعمل هذا السلاح ضد أي حليف لأمريكا ورفضت مصر هذا العرض وحاول الأمريكان أن يقنعونا بالانضمام إلى الأحلاف وكان رد الثورة أنه لا مجال للكلام عن حلف أو قاعدة !! واتصلت الثورة بالسوفييت الروس فرفضوا إعطائنا السلاح لأن مبادئ ثورتهم تمنع إعطائه إلا للدول الشيوعية وتوسط شوانلاى رئيس الصين لدى السوفييت فتمت الصفقة معهم فى أوخر 1955م وذهبت مجموعة من الضباط المصريين المتميزين لتسلم الأسلحة والإطلاع على أسرار تشغيلها من بينهم النقيب/ احمد محمد الزمر فسجل لأسرتنا وقريتنا شرف المشاركة فى هذا الحدث التاريخي بمصر .

وتحسنت العلاقات مع روسيا بقدر ما ازدادت سوءا مع أمريكا ؛ واقتنع قادة الثورة بنتاج فكر المعسكر الشرقي حتى أصبحنا نحتفل بعيد ميلاد " ستالين" ونعلق صوره بشوارع القاهرة ؛ والأستاذ/ أنيس منصور له وصف شيق للمذاهب السياسية المتواجدة على الساحة فى ذلك الوقت نستعيره بالنص : - ... المذاهب الشيوعية والاشتراكية والوجودية والنازية والرأسمالية جميعا ً تدوس كرامة الإنسان ولا تقم له وزنا ً!! فالإنسان فى المجتمع الشيوعي والأشتراكى كالحذاء للمجتمع ! وفى المجتمع النازي كالحذاء للحاكم ! وفى المجتمع الرأسمالى الضعيف يموت ! وفى المجتمع الوجودي كل شيء كالحذاء فى قدم الإنسان . انتهى النص ولساني يردد الحمد لله على نعمة الإيمان والإسلام وكفى بها نعمة .

وعلى العموم لقد كان قدرنا أن نخوض هذه التجربة المرة مع الفكر الشيوعي والإشتراكى وازدادت الحالة سوءا ً عندما أصبح هذا الفكر أداة سيطرة كاملة فى البلاد وعلى أرزاق العباد وبدأ فرض الحراسات والمصادرات والإعتقالات ولجان تصفية الإقطاع ثم وقعت هزيمة 5 يونيه 1967م فقال الناس هذه عقوبة رب الناس.
ومن المفارقات العجيبة التي أثارت ضحك المواطنين أنه لما مات أحد قادة الفكر الشيوعي الملحد فى منتصف الستينيات تقريبا ً أصدرت الحكومة المصرية وقتها بيانا ً تنعى فيه هذا القائد الملهم ثم اختتمت البيان بقول " رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته " وكأن الحكومة لا تعلم أن هؤلاء القادة قد أنكروا وجود الله وكفروا بكل الشرائع السماوية !! وكانت هذه البرقية مثار سخرية الطلاب بالمدارس والجامعات لفترة طويلة .
فى عام 1956م تم الكشف عن تمثال رمسيس الثاني بمنطقة ميت رهينة بمديرية الجيزة وتقرر نقله ونصبه بميدان باب الحديد " رمسيس حاليا ً" وهنا كان للمهندس عبود محمد عبود الزمر دورا ً بارزا ً فى تحريك الرأي العام بالجيزة وأعلن من خلال رابطة أبناء الجيزة وقال فى مذكرة موجهة إلى السيد وزير الشئون البلدية :
تمثال رمسيس من حق الجيزة ولا يصح نصبه فى أي مكان أخر خارج الجيزة !!
غضب السيد عبد اللطيف البغدادي عضو مجلس قيادة الثورة ووزير الشئون البلدية ورفع تقريرا ً فى عبود الزمر أزعج رجال الثورة وتخوفوا منه وظنوا أنه يتحداهم ويظهر زعامته للجيزة فتم إقالته من منصبه حيث كان يشغل وظيفة رئيس مصلحة الصرف الصحي بدرجة وكيل وزارة ؛ وخرج عبود ليعمل مستشارا للملك عبد العزيز آل سعود وقام هناك على تنفيذ مشروع الصرف المغطى بمكة المكرمة .

ولمصر بقيادة عبد الناصر مواقف تاريخية وحماسية متلاحقة على المستويين الشعبي والدولي ؛ نذكر منها يوم 19/7/1956م حيث أعلن البنك الدولي إفلاس الاقتصاد المصري فتراجعت أمريكا عن تمويل بناء السد العالي !! وفى ذكرى الثورة فى 23/7/56م أعلن وزير خارجية الاتحاد السوفيتي استعداد بلاده لتمويل مشروع السد ؛ وفى 26/7/1956م أعلن الزعيم جمال تأميم قناة السويس ردا ً على موقف أمريكا والبنك الدولي المتعنت من تمويل مشروعات التنمية فى مصر ؛ ومن تلك اللحظة أصبح جمال بطلا ً قوميا ً يعبر عن فكر الشعب وأماله ويعلن الرأى الحر بصوت مرتفع ويتحدى أكبر قوى العالم . وسمع إيدن وزير خارجية بريطانيا بخبر التأميم أثناء مأدبة عشاء أقامها الملك فيصل ملك العراق فأنصرف من فوره لدراسة الخبر خاصة وأن لبريطانيا نصف أسهم القنال ولفرنسا النصف الثاني .
وفى يوم 29/10/1956م بينما كان الدكتور /محمود فوزي وزير الخارجية المصري يتأهب لملاقاة نظيره الفرنسي والبريطاني وقع العدوان الثلاثي على مصر مصحوبا ً بإنذار مدته 12ساعة فقط لقبول سحب وإلغاء قرار التأميم !!!
وهذا الموقف الرهيب أحدث خوفا ً ورهبة خاصة فى أوساط السياسيين فقرروا أن يجتمعوا بعبد الناصر لإقناعه بقبول الإنذار والعدول عن تأميم القنال ؛ وسمع عبد الناصر بعزم هؤلاء السياسيين فأمر على الفور بإحضار كتيبة عسكرية من الحرس الجمهوري أوقفها بساحة مجلس الوزراء وأقسم علانية وأذاع أنه سيعدم رميا ً بالرصاص كل من يأتي ليقترح عليه قبول الإنذار !!! فلما علمت القوى السياسية بهذا القرار الخطير تراجعوا جميعا ً والتزموا بيوتهم .

فى يوم 2/11/1956م ومن على منبر الأزهر الشريف أعلن جمال أن مصر ترفض الإنذار البريطاني والفرنسي وتصمم على القتال وليكن ما يكون مادمنا على الحق وندافع عن الوطن ثم خرج جمال من الأزهر وحشود الشعب تلتف به ثم ركب عربة مكشوفة أخذت تجوب فى الشوارع والجماهير كموج البحر تموروتفور بالشوارع والحارات والأزقة وتهتف بحياة مصر حرة مستقلة ومن وقتها أصبح لجمال عبد الناصر مكانة فى نفوس المصريين وهيبة بين الدول العربية والأجنبية .
والمدهش أنه فى ذات الوقت خرجت جماهير الشعب الإنجليزي لتضرب مقر رئيس الوزراء البريطاني بالبيض احتجاجا ً على أسلوب الغدر والمخادعة الذي انتهجته بريطانيا مع جمهورية مصر.

جميع أبناء الشعب من نساء ورجال وشيبة وشبان استعدوا للمقاومة والقتال بجميع الأدوات المتاحة بدء من العصا والسكين وأغطية الأواني النحاسية وانتهاء بالأسلحة النارية !! الجميع أعد العدة للقتال مع الزعيم ؛ وكان والدي العمدة واحداً من هؤلاء الذين أعدوا خزائن أسلحتهم النارية استعداداً لضرب الجنود الإنجليز المحتمل إسقاطهم بالمظلات فوق مدينة الجيزة كما أسقطوهم بالأمس فى بورسعيد والإسماعيلية وبورفؤاد ؛ وكان سن كاتب هذه السطور فى أيام حرب السويس حوالي خمسة سنوات ؛ وأتذكر أنه فى تلك الأيام شاهدت شيئا ً مستديرا ًيطير فى السماء وقد اقترب من أسطح البيوت بينما صفارة الإنذار تدوي بشدة ! ثم رأيت والدي العمدة قد خرج إلى البلكونة مسرعا ً وقد أمسك بسلاحه الناري وأطلق منه عدة أعيرة صوب ذلك الشيء الذي كان يطير فوق الأسطح ! ولكن ذلك الطبق الطائر استمر يطير وابتعد فى السماء ! وعرفت فيما بعد أن والدي قد أطلق الأعيرة النارية لمقاومة طبق تجسس بريطاني.
فى 5/11/1956م تدخل أيزنهاور رئيس أمريكا وطلب من الدول المعتدية الإنسحاب الفوري وعندما علم السوفييت بخبر الإنذار الأمريكي أرسلوا إنذاراً مثله وفى 23/12/56م استجابت انجلترا وفرنسا للإنذار وتلتهما إسرائيل فى أول مارس 1957م فانسحبت بعد أن كانت أعلنت على لسان جولدا مائير وزيرة الخارجية أنه تم ضم سيناء إلى دولة إسرائيل !!!
فى 1/1/1957م أعلن الرئيس جمال تمصير الاقتصاد المصري بتأميم جميع الشركات والبنوك والمصانع العاملة داخل جمهورية مصر ؛ وهكذا بدأت مصر تملك اقتصادها وتسترد كرامتها وتعتز بعروبتها مع الزعيم جمال عبد الناصر .
فى مطلع عام1957م تبين لجمال عبد الناصر أن المهندس عبود الزمر رجل وطنى قريب من الناس بفكره وعلمه وعمله كما أنه ينتمى لأسرة مؤيدة للثورة منذ الساعة الأولى وجميع أعضاء مجلس قيادة الثورة من الضباط الأحرار متفقون معه على فكرة الصلح وتطيب الخواطر فكلف السيدعبداللطيف البغدادى والسيد حسين الشافعى ليبلغاه بمنزله بالجيزة رغبة الوزارة فى عودته لعمله ! ولكن عبود إعتذر لهما شاكراحسن التقدير ورد الإعتباروأنه والأسرة مستمرون فى دعم الثورة لأنها مطلب الشعب ولا يمكن التخلى عنها !! وبعد وفاته فى 1960م قررت الوزارة تكريمه فأطلقت اسمه على أحد شوارع مدينة الجيزة حيث كان يسكن ويقيم وهو طالب بالهندسة ؛ وفور علمى بالنبأ خرجت مسرعا ً لأقرأ لافتة اسمه بالشارع فوجدتها " شارع درب عبود الزمر درب البارودى سابقا ً" وثورة يوليو عندما تقدم على مثل هذا التكريم - لشخصية تنتمى للعهد الملكى وتنتمى لأسرة الزمر- فهى تضع نيشان الوطنية والشعبية وحب الجماهير على صدر جميع أبناء الزمر.

فى عام 1965م قدم الزعيم جمال عبد الناصر نيشان آخر لأسرة الزمر ؛ ذلك عند زيارته لأحد المواقع العسكرية تحت قيادة النقيب/ابراهيم سعيد الزمر لإنضباط الموقع وتميزه فى الأداء الفنى فقرر منحه نوط الواجب العسكرى وترقيته إلى رتبة الرائد جاء فيه " قرر الرئيس جمال عبدالناصر منح نوط الواجب العسكرى إلى النقيب إبراهيم سعيد الزمر بالقوات الجوية ."
وفى 5/6/67 وقعت النكسة وخرجت الجماهير فى 9/10 يونيه وخرجت معها نطالب بالصمود ونطالب جمال عبدالناصر بالبقاء واستمر جمال فى موقعه وانضممت أنا لكتائب المقاومة الشعبية بحى الجيزة وشاركت فى حفر الخنادق وبناء السواتر الرملية أمام ا لواجهات الرئيسية للمدينة تحت قيادة الأستاذ/ على طلبه رئيس منظمة الشباب ؛ واتذكر اننى فى هذه الفترة قد اشتركت فى أول وأخطر مظاهرة فى حياتى إنها تلك المظاهرة شبه العسكرية التى خرجنا فيها نحن شباب كتائب المقاومة ونحن نرتدى ملابس الفتوة المقررة علينا فى المرحلة الثانوية خرجنا من معسكر تدريب مدرسة السعيدية الثانوية يتقدمنا ضابطين من الجيش ونحن نجرى فيها بالخطوة السريعة المنتظمة ونهتف بكلمتين على التوالى ، المقدمة تهتف بكلمة " ناصر " وترد مؤخرة المظاهرة بكلمة " عامر " وتوجهت المظاهرة إلى ميدان جامعة القاهرة ثم يمينا ً إلى مدخل كوبرى الجامعة وهناك فوجئنا بقوات الشرطة العسكرية المدججة بالأسلحة تحاصر إحدى العمائر التى وقفنا أمامها ، ثم رأيت مجموعة من الشرطة العسكرية وقد أشهرت أسلحتها فى وجه الضابطين ودار بينهم حديث لعدة دقائق فوجدت الضابطين قد عادا مسرعين وأصدرا أمرا ً بالإنصراف إلى المعسكر فلما استدارت المظاهرة إلى طريق العودة بدا لنا أن نهتف بكلمتى ناصر وعامر وارتفعت أصوات المقدمة بكلمة ناصر لكن المؤخرة لم ترد عليها بكلمة عامر!! لقد صدرت أوامر الضابط بالسكوت فورا ً وعدم الهتاف! فلما عدت إلى البيت سمعت بيان إنتحار المشير/ عبدالحكيم عامر ثم علمت فيما بعد أن العمارة التى وقفنا أمامها نهتف كانت للمشير عامر وأنه كانت تجرى بها أحداث خطيرة فى ذلك الوقت لم نكن نعلم بها وكان من الممكن أن تصل إلينا ونحن وقوف لكن الله سلم .
وفى ذات الوقت كان العقيد/أحمد الزمر فى رأس العش يخوض معركة شرسة لصد محاولة قوات العدو المدرعةإحكام السيطرة على الضفة الشرقية للقنال من خلال القضاء على السرية الموجودة فى رأس العش لكن هيهات هيهات! لقد ارتدت قوات العدو مذعورة بعد أن تكبدت خسائر فادحة !!
وفى ذات الوقت أيضا قام عبود عبداللطيف الزمر مع زملائه الطلاب وتحت قيادة ضباط معلمى الكلية الحربية بتنظيم الدفاع عن القاهرة وأحكموا السيطرة على مداخلها . بعد النكسة قرر الرئيس جمال عبد الناصر حل سلاح المشاة نهائيا ً وإعادة تشكيله من جديد وكلف وزير الحربية الفريق/ محمد فوزى بانتقاءالعناصر المتميزة فى الأداء والولاء والإنضباط من الضباط الشبان دفعة 51حربية فوقع الإختيار على الملازم/ عبود عبداللطيف الزمر وآخرين معه للقيام بهذا العمل التاريخى الكبير؛ وبعد ثلاثة أعوام من العمل الشاق والمستمر أمكن إعادة تشكيل سلاح المشاة بفكر جديد ومهارة متميزة وروح قتالية عالية دخلت مصر بها حرب الإستنزاف ضد العدو الإسرائيلى فعادت ثقة الشعب المصرى بجيشه الباسل من بعد إنكسار وهزيمة ؛ ولا شك أن هذا العمل البطولى كان مطلبا ً وأملا ً شعبيا ً على المستوى العربى بأسره وتشرفت أسرة الزمر وناهيا بالوقوف معه والمشاركة فى تحقيقه .
وفى فبراير من سنة 1968م تفجرت المظاهرات فى الجامعات والمدارس والمصانع والشركات بعد إذاعة بيان المحكمة العسكرية فى نشرة الساعة 30و2 بالبرنامج العام وبصوت الإذاعى الشهير جلال معوض ولفت نظرى وقتها أن أكبر حكم كان من نصيب أصغر رتبة بينما كانت الأحكام مخففة بالنسبة لقادة الجيش والطيران!! وخرجت أول مظاهرة إحتجاج من عمال حلوان فتعاملت معها قوات الأمن بقسوة مستخدمة الأسلحة النارية وأذيع فى الساعة الخامسة مساءاً بيان وزير الداخلية/شعراوى جمعة بمنع أى تظاهرات أو تجمعات ، وفى اليوم التالى خرجت مع مظاهرة " شركة ماتوسيان " إلى ميدان الجيزة فشارع مراد والجيزة وعبرنا كوبرى الجامعة إلى القصر العينى إلى مجلس الأمة وكانت مظاهرة قوية ومنظمة وتلفت حولى فوجدتنى أصغر المشاركين فيها وسارت المظاهرة وسط تشجيع واستحسان الأهالى وهتافناوقتها كان على وتيرة " ياجمال بنناديك فين الحق الله يخليك " .. " ياحريه هلى هلى إحنا فى شوق إليك تملى " .
وحقيقة لقد كان من السائد فى المجتمع وخاصة بين أوساط الطلاب أن جمال كان لا يعلم بوقوع الخطأ ولوعلم به لحاسب المخطئين حسابا ً شديدا ً ؛ هكذا كنا نتكلم معا نحن الشباب وعلمت فيما بعد أن هذا العذر الذى التمسناه للزعيم كان عذرا ً أقبح من ذنب .
وصلت مظاهرة العمال وأنا معهم إلى مجلس الأمة ووجدنا مظاهرة حاشدة من طلاب جامعة القاهرة قد سبقتناالىهناك وخرج لهم أنور السادات رئيس المجلس فى ذلك الوقت يتكلم معهم من احدى نوافذ مكتبه ؛ فلما تقدمت المظاهرة أفسحوا لنا الطريق حتى وجدتنى أقف على بعد خطواط من أنور السادات الذىأسرع بالخروج الى مدخل المجلس وقد أحاط به زعماء الطلاب والعمال يقدمون مطلبهم بمحاكمة عادلة لمن تسبب فى الهزيمة والنكسة ؛ وشاهدت زعيم الطلاب وقتها واسمه/ عبدالحميد حسن يتكلم مع رئيس مجلس الأمة ويوضح وجهة نظر الطلاب ثم خرجت المظاهرة متجهة الى ميدان التحريرتهتف وتقول " عاملين مجلس امه ده بتاعهم همه " وهتافات اخرى تصف وزير الداخلية بكلمات جارحة ثم توجهنا إلى شارع الإسعاف وحاصرنا مبنى جريدة الأهرام القديم ونحن نهتف ونقول " هيكل هيكل ياجبان ياعميل الأمريكان " ثم حطمنا الواجهة الزجاجية ومزقنا بعض نسخ من الجريدة وطالبنا الجمهور بمقاطعة شراء الجريدة والتزمت أنا بالمقاطعت لعدة أيام ؛ وتفرقت المظاهرة على أصوات طلقات نارية من فوق الرؤوس تسببت فى سقوط بعض الحصوات من حوائط العمائر المجاورة ؛ وعدت أنا إلى البيت بشارع عفيفى قسم أول الجيزة فسمعت فى نشرة أخبار الثامنة والنصف مساءا ً بيان يعلن تراجع جمال عبدالناصر وإعادة محاكمة المتهمين الضباط مرة أخرى بدعوى أن قرار المحكمة لم يعرض على الرئيس قبل إذاعته .

فى مساء يوم الأثنين الموافق 25/9/1970م سمعت جلبة شديدة وصياحا ً عاليا ً بالشارع فأسرعت إلى الشرفة لأنظر وأرى فوجدت مجموعة من المارة قد توقفوا أمام محل الحاج عنتر أبوعرب تاجر الجلود بالمنزل المقابل وعلى ما يبدو أنهم وقفوا لسماع الراديو بينما رجال آخرون يهرولون وفى كل اتجاه ثم سمعت صوت محمد عنتر يقول وبكل آسى وحزن " عبد الناصر مات سبحان من له الدوام "
وخرجت إلى الشارع لا أدرى أين أذهب وماذا أقول !!! ووجدت الناس قد خرجوا فسرت معهم نحو ميدان الجيزة وقد علت الهتافات الحزينة والمؤثرة .
سالم سالم ياصباح
بعد وداعك فاتنا وراح
تسعه وعشره أيدناك
ليلة الإسراء ودعناك
ابكى ابكى ياعروبه
عاللى بناك طوبة طوبة
الوداع ياجمال باحبيب الملايين الوداع ... ثورتك ثورة كفاح على طول السنين الوداع ؛ واستمرت المسيرات الباكية والحزينة تخرج يوميا ًمن الجيزة وأخرج معها صوب قصر القبة سيراً على الأقدام وكلما دخلنا شارع خرجنا منه ومعنا غالبية سكانه فكانت المسيرات تتقابل معنا وتمشى من خلفنا تهتف بتلك الكلمات المؤثرة ثم جد هتاف جديد ومؤثر سمعت له بكاء وصريخ عالى فى الشوارع " ياجمال يانور العين سايب مصر ورايح فين " واستمرت المسيرات تخرج فى الشوارع والمدن والقرى لمدة ثلاثة أيام حتى يوم تشييع الجنازة فى يوم الخميس 28/9/1970م ؛ ولقد ألقيت كلمة تأبين فى الزعيم الراحل بصفتى رائدا ً للإذاعة المدرسية وقلت فيها قولا ً بليغا ً شكرنى عليه السيد مفتش المنطقة التعليمية والسيد ناظر المدرسة، نعم لقد كان رحيل الزعيم الكبير يوما ً حزينا ً من أيام مصر ؛ لكن الرجال العظماء لا يموتون بل تبقى أعمالهم وذكراهم فى القلوب وعلى الألسنة وملئ الأسماع والعقول ؛ لقد كان رجلا ًكرس حياته لوطنه وشعبه وبناء بلده وكان بارا ً وفيا ً لأهله وعروبته ونحسب هذه الصفات والأعمال فى ميزان حسناته ولا نزكى على الله أحد هو أعلم بمن اتقى ورحم الله الفقيد ؛ حقيقة لقد حزنت على وفاة جمال حزنا ً شديدا ً أذهلنى عن المذاكرة لعدة أسابيع وبحمد الله خرجت من هذه الصدمة ولسان حالى يقول لقد مات الزعيم وعاشت مصر .&&&

الخميس، 23 يوليو 2009

الــمــهــنـدس / جــلال هــاشــم

المهندس/ جلال هاشم
فى يوم الجمعة الموافق 20/12/1991م ذهبت لزيارة شقيقتى السيدة/ سعاد الزمر ومعى ولدى محمد؛ذهبت فى ذلك اليوم مبكرا ً كعادتى الساعة الثامنة وخمس عشرة دقيقة صباحا ً وطرقت الباب حتى كل متنى ولم يستجب أحد لأنهم كانوا نياما ً !! فصعدت إلى سطح البيت لأقف فى الشمس قليلا أتصفح الجرائد اليومية التى كانت بحوزتى حتى إذا بلغت الساعة الثامنة وخمسة وأربعون دقيقة أرسلت ولدى محمد ليطرق الباب فذهب وعاد بعد دقيقة وهو يقول فتح الباب فقلت له :من فتح؟ فقال أبو محمد ! وهذه التسمية سمعتها من ولدى لأول مرة فى ذلك الوقت فقلت له مؤكدا ً عمك/ جلال ! فقال : نعم نعم .
ومن المواقف الطريفة فى ذلك اليوم أن المهندس جلال ناولنى جريدة الأهرام المسائى عدد الخميس الموافق 19/12/1991م وقال : بهذا العدد مقالا شيقا ً للأستاذ /محمود معوض هل قرأته ؟ثم ذهب ليعمل الشاى بنفسه وكان يحب أن يعمله بيده خاصة فى الصباح , وتناولت الجريدة وقرأت تلك المقالة لذلك الكاتب ولم أكن قرأت له من قبل وكان تحت عنوان (رسالة من شهداء الإهمال تحت الماء) ضمن باب أسبوعيات يتكلم فيها عن مأساة الكوارث فى بلدنا مصر وكيف أن سفينة بحرية قادمة من ميناء جدة غرقت فى البحر الأحمر بالقرب من ميناء سفاجا وغرق معها مئات من المصريين العائدين من السعوديةوكان المهندس /جلال قد عاد بأكواب الشاى فأستعرضت معه جوانب إعجابى بهّذة المقالة وكيف أنها تستحق أن أحتفظ بها ضمن مقالات أجمل ما قرأت , فأفادنى بأنه سيتقابل مع هذا الكاتب الشاب بعد ظهر اليوم بجريدة الأهرام وسيبلغه إعجابى وتقديرى لهذه المقالة وانصرف المهندس/جلال هاشم إلى مقر عمله بمبنى جريدة الأهرام بشارع الجلاء وأنصرفت أنا إلى أحاديث ومداخلات مع السيدة الوالدة الحاجة/ أم عبود الزمر ومع شقيقتى /سعاد تارة أخرى أو مع أبنائها رشا ورباب ومحمد وعبود حتى إذا حانت صلاة الجمعة خرجت ومعى ولدى محمد للصلاة بمسجد القطرى بأول طريق الملك فيصل بجوار الكوبرى العلوى ,وهناك تناول الخطيب أيضا موقف المسلم من حوادث القدر,وبعد الصلاة عدت إلى منزل /سعاد .

فى حوالى الساعة الثانية بعد الظهر دق جرس الهاتف وجائنى محمد جلال مسرعا ً يخبرنى أن والده جلال هاشم على الطرف الأخر يطلبنى فلما أمسكت بالسماعة سمعته يقول : لقد تقابلت مع الأستاذ/محمود معوض وأخبرته بأعجابك بمقالته وأحتفاظك بها ! ثم قال : إنه معك على الخط ! وكانت مفاجأة لم أكن أتوقعها لكن بتوفيق من الله أستعرضت مع الأستاذ/محمود كافة الجوانب التى حاذت إعجابى فى مقالته وعددت منها أولا: أنه فند مزاعم العامة والتى تفسر الإيمان بالقضاء والقدر على أنه إستسلام لكل ما يقع من كوارث وأزمات ! وعددت منها ثانيا: أنه يتفق مع مفهوم أهل الجماعة على أنه يجب على المسلم أن يدفع القدر بالقدر وأن يكون له دور إيجابى فى دفع الكوارث والنجاة منها ! وعددت منها ثالثا: أنه ساق العديد من الأحداث التاريخية والدينية للدلالة على خطأ فهم العامة واستسلامهم للقضاء والقدر وفىنفس الوقت برهن رابعا ً: على أن دفع القضاء بالقضاء كان دائما سلوك أهل العلم والرسل والأنبياء, وانتهت المكالمة مع أطيب التمنيات له بالتوفيق ومع خالص شكرى وتقديرى لشخصه الكريم .

فى يوم الجمعة الموافق 2/8/2002 دق جرس التليفون بمنزل الحاجة / أم عبود الزمر بالجيزة ، أنه الأستاذ/ جلال محمد هاشم زوج الأخت /سعاد يودعنا بمناسبة سفره إلى مصيف جمصة ومعه الأسرة يوم الأثنين القادم الموافق 5/8/2002 وبعد السلام والكلام وعدنى بترتيب لقاء مع الأستاذ / البطريق الصحفى بجريدة الأهرام ومن المهتمين بتاريخ الأسر على أن يكون ذلك بعد عودته من جمصة يوم الجمعة الموافق 16/8/2002 وذهب المهندس/جلال إلى جمصة وعاد كما وعد فى يوم 16/8/2002 ولكنه عاد محمولا ً على الأعناق !! وجاء خبر وفاته فجر الجمعة الموافق 16/8/2002 فصدمت فيه صدمة شديدة وانتابتنى نوبة شديدة من البكاء أعقبته سكينة وطمئنينة من فضل الله ورحمته .

وتقرر أن تكون الجنازة من جامع عمر مكرم بميدان التحرير بعد صلاة الجمعة ، وذهبنا إلى هناك ودخلت المسجد فوجدت نعشا ً آخر لامرأة ماتت فى بلاد المهجر وأوصت بدفنها بمصر هكذا سمعت من أقاربها القاعدين إلى جوارى بالصفوف الأولى وها هو نعشها موضوع أمام المصلين بجوار الحائط ، وهذا الوضع يخالف صريح السنة النبوية الشريفة التى تأمرنا بإبعاد الموتى ونعوشهم حتى الإنتهاء من الصلاة المفروضة.
وخرج الإمام لخطبة الجمعة وجاء نعش المهندس جلال بعد قليل محمولا ً فى سيارة إسعاف مستشفى جمصه ، فلما دخلوا به المسجد وقفنا له و أسرع المشيعون يحملونه ويتجهون به إلى القبلة وفجأة وجدت النعش قد التف بهم إلى وراء المسجد ! وكان الأستاذ/ محمد عبدالمجيد الأجلى يقف إلى جوارى فقال : لماذا رجعوا به ؟ فقلت : النعش فى ذمة الله وله مكان محدد فى وقت معلوم وترك الجدل أولى فى مثل هذه الأمور ، فسكت الأستاذ / محمد ولم يعقب ، وحقيقة فإن هذا التصرف والعودة بالنعش إلى الوراء يتفق مع صريح السنة وأزال عنا الحرج والإثم ، وكنت أتمنى أن يأمر الإمام بعودة النعش الأول إلى الوراء حتى الإنتهاء من صلاة الجمعة لكنه لم يفعل وعلى ما يبدو أنه رضى بوضعه بعيدا ً إلى جانب الحائط .
وبعد صلاة الجمعة وقفنا لصلاة الجنازة ، وسمعت الإمام يأمر بإحضار نعش الرجل والعودة بنعش المرأة إلى الوراء ليصلى على الرجل أولا ً!!! لكن هناك رجل يقف إلى جوارى بالصف علا صوته وقال : الصلاة على من حضر من الأموات ياشيخ سواء كانوا رجالا ً أو نساء!الله يرضى عليك ياشيخ !!!
ومن حسن إسلام الإمام أنه قبل النصح وعاد إلى الحق فأبقى نعش المرأة وكان نعش المهندس / جلال قد حضر وتم وضعه ناحية الإمام ونعش المرأة يليه من ناحية القبلة .

ولقد ورد بفقه السنة أنه إذا إجتمع أكثر من ميت وكانوا رجالا ً ونساء جاز أن يصلى عليهم جميعا ً وصفت النعوش صفا ً واحدا ً نعشا ً بعد آخر بين يدى الإمام والقبلة على أن تكون نعوش الرجال مما يلى الإمام وجعلت نعوش النساء مما يلى القبلة ، وورد بالأثر أنه وضعت جنازة بهذا الشكل والترتيب والإمام يومئذ سعيد بن العاص وفى الناس المشيعين يومئذ عبدالله بن عباس و أبو هريرة وأبو قتادة رضى الله عنهم ،فلما سمعوا إنكار رجل لهذا الترتيب قالوا : هى السنة على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم ، وفى خلاف ذلك ضياع لفائدة عظيمة !!فهب أنه تم الصلاة على نعش الرجل أولا ً وحمله مشيعوه وأقاربه إلى خارج المسجد وانصرفوا به ثم أتوا بنعش المرأة للصلاة عليه بعد خروج نصف الحاضرين بالمسجد خلف نعش الرجل وبالتالى ضاعت فائدة عظيمة ، ولا يخفى على القارىء الكريم أنه يستحب تكثير جماعة الجنازة ذلك لأنه جاء على لسان السيدة أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : ما من ميت يصلى عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون له إلا شفعوا رواه أحمد ومسلم والترمذى ، وهكذا كان هذا التصرف يتفق مع صحيح السنة وهكذا كانت الفائدة عظيمة والجمع فى هذا المسجد لا يقل عن ألفى مسلم نحسبهم جميعا مخلصون فى دعائهم ونسأل الله أن يقبل شفاعتهم آمين آمين آمين .
وأثناء خروجنا من المسجد إلتقيت الأستاذ / شرقاوى يوسف الزمر – من أبناء العمومة بالصعيد ويعمل بالمحاماة – ودعانى للركوب معه فى سيارته فاعتذرت بحجة أنى مرتبط بصحبة تنتظرنى داخل تلك السيارة البيجو البيضاء وتقف هناك بجوار المسجد ويقودها الحاج / طه أبوكوع ويركب فيها الحاج / حمدى عبدالستار الزمر وأخويه الحاج / مجدى والأستاذ/ علاء ومعهم ولدى / محمد ذلك لظنى أنه سينصرف ولن يذهب معنا إلى المدافن بمدينة 6 أكتوبر على بعد حوالى خمسين كيلو متر من القاهرة ، ولكنى وجدت منه تصميما ً على إتباع الجنازة حتى دفنها فعدت إليه وركبت معه ذهابا ً وعودة.

عن عثمان بن عفان رضى الله عنه قال : كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال : استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت فإنه الآن يسأل . رواه أبو داود والحاكم وصححه ؛ وانطلاقا ً من هذه المفاهيم وعملا ً بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف الأستاذ/ محمد أحمد عبدالهادى الزمر يستغفر للميت ويدعو له ونحن نؤمن علىدعائه ومن خلفه ؛ وعند الإنصراف وقفت بشخصى متوجها إلى المشيعين وقلت: شكر الله سعيكم جميعا ً وإن شاء الله فرش العزاء فى الغد بدار مناسبات جامع الصباح بشارع الهرم من بعد صلاة المغرب ولا أراكم الله مكروها .
والعزاء هو الصبر والتعزية هى حمل المصاب على الصبر بذكر ما يهون عليه مصيبته ؛ والتعزية مستحبة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من مؤمن يعزى أخاه فى مصيبته إلا كساه الله عز وجل من حلل الكرامة يوم القيامة . رواه ابن ماجة والبيهقى .

ولا بأس ولا إثم فى القعود للتعزية ثلاثة أيام شريطة إجتناب المحظور الذى نهى الشرع عنه من مثل التكلف فى إقامة السرادقات وفرش البسط من أجل المفاخرة ؛ وترك الإنصات وكثرة الكلام والتشاغل بتدخين السجائر وقد ثبت ضررها وحرمتها ؛ ونحن إذ نتحرى إجتناب
هذه المحظورات ما أمكن ذلك بفضل من الله ورحمه .
فى الساعة المتفق عليها وبالمكان الموعود ذهبت إلى فرش العزاء فوجدت عددا ً كبيراً
من أبناء الأسرة قد سبقونى إلى هناك أتذكر منهم الحاج/ عبده زكى الزمر والمهندس/ حسين هانى الزمر والأستاذ/ حسين محمد الزمر والمهندس/ مصطفى سعيد الزمر والدكتور/ رشوان مراد الزمر والعقيد/ نبيل محمود الزمر وأخويه الأستاذ/ ابراهيم والأستاذ/ اسماعيل والأستاذ/ نبيل طلعت الزمروالحاج/ عبد العزيز محمد الزمر وأخويه الأستاذ/ زكريا والحاج/ عبدالحميد والأستاذ/ محمداحمد عبدالهادى الزمر وأخيه الأستاذ/ حسن والقارئ الشيخ/ يحيى محمد الطايش ؛وقفوا جميعا مع اسرة الفقيد فى إستقبال وفود المعزين من بعد صلاة المغرب ؛ وتفضل الأستاذ / حسن احمد عبد الهادى الزمر فقرأ ربعا ً من القرآن ختم به فرش العزاء وهكذا طويت الصفحة وسبحان من له الدوام .

وفى صباح السبت 17/8/2002م جاء خبر الوفاة بصفحة الوفيات بجريدة الأهرام وجاء فيه أن الفقيد زوج كريمة المرحوم / عبداللطيف الزمر عمدة ناهيا ووالد المحاسبة/رشا والمحامية /رباب ومحمد وعبود بالثانوى وشقيق / حسن نشأت بشركة النيل للمقاولات والمحامى / محمد هاشم بشركة الكوك حلوان وشقيق/ طارق هاشم بجريدة الأهرام والحاجة/ اقبال هاشم مديرة مدرسة بنى مزار الثانوية.
وفى ذات الصفحة جاء خبر عزاء الإدارة العامة للمطابع بمؤسسة الأهرام ويتضمن عزاء المدير العام ونواب المديرالعام ورؤساء الأقسام وجميع العاملين بمطابع الجلاء و6أكتوبر والكورنيش وفيه ينعون ببالغ الحزن والأسى زميلهم بالمعاش المرحوم/ جلال محمد هاشم ويدعون الله أن يتغمد الفقيد العزيز بواسع رحمته ويدخله فسيح جناته آمين .
وجاءت برقيات العزاء تتوالى تباعا وكان أبرزها برقية السيد/ محمد حسنى مبارك رئيس
الجمهورية وجاء فيها " للأسرة خالص عزائى ومواساتى " .
برقية الدكتور/ أحمد فتحى سرور رئيس مجلس الشعب جاء فيها " نشاطركم الأحزان ولكم وللأسرة الكريمة خالص العزاء والمواساة داعين الله أن يلهمكم الصبر والسلوان ".
برقية الدكتور / مصطفى كمال حلمى رئيس مجلس الشورى جاء فيها "خالص العزاء ".برقية الدكتور/ عاطف محمد عبيد رئيس مجلس الوزراء جاء فيها " خالص العزاء وللفقيد الكريم الرحمة ".
برقية الأستاذ/ كمال الشاذلى وزير شئون مجلسى الشعب والشورى جاء فيها " للفقيد الكريم الرحمة ولكم خالص العزاء".
برقية الدكتور/ممدوح رياض وزير الدولة لشئون البيئة جاء فيها " نشاطركم الأحزان وللأسرة خالص العزاء ".
برقية الأستاذ/ سامح عاشور نقيب المحامين جاء فيها " نشاطركم الأحزان وللفقيد الكريم الرحمة وللأسرة خالص العزاء ".
برية الأستاذ/ محمود فايد مساعد رئيس تحرير جريدة الأهرام جاء فيها" خالص العزاء ".

فى يوم الأربعاء الموافق 21/8/2002م جاءنى المهندس/ عامر مختار الزمر وبصحبته ابن أخيه الأستاذ/ عمر مكرم مختار الزمر فخرجت مسرعا ً فى استقبالهما فبادرنى المهندس/ عامر بقوله : أنا ما جئت إليك لأدعوك ولكن جئت أخذ الإذن لفرح ابنتى وزفافها محدد له يوم الخميس القادم ! والأستاذ/ جلال نحن نعزى أنفسنا فى وفاته وخسارته لا تعوض ولم نر له مثيلا فى حبه لأسرتنا ووقوفه معنا فى جميع المناسبات .
وهكذا كانت كلمات المهندس/ عامر مختار الزمر صادقة ومعبرة عما يجيش فى صدورنا جميعا ً ورحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته آمين وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين &

الأربعاء، 1 يوليو 2009

مــع الـفــكــاهــة فــى نـاهـيــا

الـفــكــاهـــة فـــى نــاهــــيـا
البشر والفكاهة وطلاقة الوجه من طبيعة النفوس الزكية ؛ ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم دائم البشر لين الخلق ؛ وكان أكثر الناس تبسما ً فى وجه الأخرين ولربما ضحك حتى تبدو نواجزه وكان يقول : روحوا القلوب ساعة بعد ساعة فإن القلوب إذا كلت عميت .... وكان يمزح مع أصجابه ولكن لا يقول إلا حقاًوصدقا ً ؛ ويستعمل التورية فى كلامه كقوله لإمرأة عجوز سألته أن يدعو لها بالجنة فقال لها " لا يدخل الجنةعجوز " ففزعت المرأة ولكنه تداركها وقال : ألم تقرئى قول الله عز وجل { فجعلناهن أبكارأ } فزال عنها الغم.
ودخل صلى الله عليه وسلم يوما ً إلى السوق ومعه صديق أسمه " زهير " فأمسك النبى بيده ونادى فى الناس من يشترى العبد ؟ فقال زهير : ستجدنى كاسداً يارسول الله فقال النبى : لكنك عند الله لست بكاسد .
وكان له صاحب آخر اسمه " نعيمان " وجد يوما ً جرة عسل مع أعرابى فى السوق فابتاعها منه ثم أشار إلى بيت النبى وقال: ادخل هناك وخذ الثمن ! ووقف نعيمان ينظر من بعيد ؛ودخل الأعرابى على الرسول وأعطاه العسل فظن النبى أن نعيمان أهداه له ودفع الثمن ؛ فأخذ يقسم العسل على أزواجه والأعرابى واقف ينتظر فقال النبى : ما حاجتك ؟ فقال الأعرابى : ألا تعطينى ثمن العسل ! ففطن النبى إلى الموقف وضحك وقال : إحدى هنات نعيمان ! وأعطى الأعرابى الثمن ونادى نعيمان وأعطاه من العسل .
نعيمان هذا كان له صديق اسمه سويبط ؛ خرجا يوما ً فى تجارة مع أبى بكر الصديق فكان بينهما كلام إغتاظ منه نعيمان فأضمر فى نفسه مقلب لسويبط ؛ فقال لقوم مروا عليهم أتشترون منى عبدا ً ؟ فقالوا نعم فقال إنه عبد كثير الكلام والجدل وسيقول لكم لست بعبد فإذا كنتم ستصدقونه فلا تشتروه من الآن ولا تفسدوه ؛ فقالوا بل نشتريه ولا نعبأ بكلامه ودفعوا بعشر نياق ثمنا ًله ساقها نعيمان أمامه حتى عقلها ثم أشار إلى سويبط وقال لهم دونكم هو هذا العبد خذوه !! فأخذوه عنوة وهو يصيح : أنا حر ولست بعبد ونعيمان يضجك عليه !!فلما علم أبوبكر بالخبر ضحك وذهب مع نعيمان الى القوم وردوا إليهم نياقهم واستردوا سويبط ؛ فلما علم النبى بهذا المقلب ضحك حولا ً كاملا ً .
وكانت هناك إمرأة تسمى سويداء تأتى إلى عائشة رضى الله عنها تضحكها ويضحك النبى إذا سمعها؛ فلما غابت سأل عنها فعلم أنها مريضة فقال لأهلها إذا ماتت فأخبرونى فلما ماتت جاء النبى صلى الله عليه وسلم وقال : اللهم إنها كانت تضحكنى فأضحكها فرحا ً برحمتك ؛ وهكذا نجد رسول الله صلى الله عيه وسلم هاشا ًباشا ً مع أصحابه ويقبل منهم المزاح حتى لو كان ثقيلا ً أو مغرما ً .

وعن أشهر أنواع الحلوى هناك نكتة ظريفة وقعت على أيام الأمير هارون الرشيد ذلك عندما إختلف مع زوجته زبيدة أم جعفر حول أى النوعين أطيب ؟ الفالوذج { دقيق بالعسل } وهو ما يعرف الآن باسم لقمة القاضى ويحبه الأمير أم اللوزى { دقيق باللوز } وهو ما يعرف الآن باسم القطايف وتحبه الأميرة زبيدة فاحتكما إلى القاضى أبى يوسف وكان رجلا ً صاحب دعابة مع فطنة وذكاء فقال :- يا أمير المؤمنين لا يحكم بين غائبين !! إذا حضرالخصمان حكمت بينهما !! فجئ إليه بطبق من كل منهما فجعل يأكل من هذا واحدة ومن ذاك واحدة حتى أتى عليهما فقال له الرشيد : الآن فاحكم فقال : والله ياأمير كلما أردت أن أقضى لأحدهما جاء الأخر بحجته !! فضحك الأمير وأمر له بألف دينار وأمرت له زبيدة بألف إلا واحدا ً تأدبا ً مع الأمير .
ومن المؤكد أن القاضى عندما عرف صناعة الفالوذج أخذ يصنعه فى بيته ويقدمه لأصدقائه حتى اشتهر عنه وتسمى باسمه " لقمة القاضى " أما عن سبب تسمية اللوزى باسم القطايف فلم أظفر به .
وحكى قاضى القضاة " الماوردى " فقال : كنت جالسا ً فى محلس مقبلا ً على تدريس أصحابى عندما دخل علينا شيخ قد ناهز الثمانين أو جاوزها فقال لى : قد قصدتك فى مسألة اخترتك لها فقلت ماهى ؟ وظننته يسأل عن حادثة حدثت له فقال : أيها الشيخ أخبرنى عن نجم أبليس ونجم آدم ما هما ؟ فإن هذين لا يسأل عنهما لعظيم شأنهما إلا العلماء ؟ فعجبت منه وعجب من فى المجلس من سؤاله وبادر جماعة بالإنكار عليه والإستخفاف به فكففتهم وقلت : هذا لا يقنع بما ظهر من حاله إلا بجواب مثله فأقبلت عليه وقلت : ياهذا إن نجوم الناس لا تعرف إلا بمعرفة موالدهم فإذا ظفرت بمن يعرف ذلك فإسأله ! فقال: جزاك الله خيرا ً وانصرف مسرورا ً فلما عاد بعد أيام قال : ما وجدت إلى يومى هذا من يعرف مولد هذين .

شئ من الفكاهة والدعابة عملت به وعاشته أسرتنا الزمر إقتداء بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأجدادنا العرب ؛ فنجد الضابط / حسن أغا الزمر مع هيبته الشديدة كانت فيه روح المرح والدعابة ؛ فسمعت عنه أنه سأل يوما أحد الفلاحين عندما رآه يحرث الأرض ويبذر التقاوى ماذا تزرع يافلان ؟ فقال الفلاح : أزرع جرجير فقال حسن أغا : عال عال وأنا راجع سأكل منه !!! وأخذالفلاح يقلب كفيه من هول الموقف إذ كان يظن أنه سيرجع بعد يوم أو يومين فكيف سيأكل منه ؟ ويجلس الفلاح جنب التقاوى يتحسسها بيده ليقيس نموها ولو ملك لأمرها أن تطول لساعتها !! ويمضى اليوم لينتظر يوما ً آخر وتمر الأيام والأسابيع وينمو الزرع ويعود حسن أغا بعد شهر فيأكل من الجرجير كما وعد من قبل .
فضيلة الشيخ فتح الله ياسين جزر يقول :هناك موقف طريف سمعت به من الشيخ/ سيد الصعيدى حيث كان طرفا ً فيه ويدل على روح الدعابة مع سماحة كان يتصف بها محمد بيك عبود خاصة مع الضعفاء من الناس ويتذكر الشيخ فتح الله معانى وتفاصيل ذلك الموقف النكتة فى مطلع الثلاثينات من القرن العشرين فيقول : أرسل محمد بيك فى طلب الشيخ / سيد ليقود ركوبته إلى مصر مقابل أجرة حته بقرشين !! وأنطلق الركب محمد بيك فوق حمارته والشيخ/ سيد يمسك بلجامها ويسير بجوارها ؛ حتى إذا خرجوا إلى مشارف قريتنا لحق بهم الشيخ عبد الحميد عبود يركب حنطورا ً ؛ فترجل محمد بيك من على دابته ليركب مع أخيه ؛ وأخذ الشيخ سيد بناصية الدابة والتف بها ليعود فوكزت بحافرها قدم محمد بيك فتألم ثم قال وبكل جدية : ياسيد إرجع وأدخل الحمارة فى الإسطبل وقل لعبد اللطيف يضع ملوتين من الغلة واحدة للحمارة وواحدة لك ياسيد علشان تأكل زيها !! ومحمد بيك يقصد توبيخ السيد الصعيدى على سوء تصرفه لكن بأسلوب عفيف وضاحك فى ذات الوقت ؛ وبعد يومين أو ثلاثة عاد محمد بيك إلى ناهيا وذهب إلى مسجد سيدى عمر ونادى السيد الصعيدى وأعطاه الحته بقرشين التى كان الشيخ سيد قد فقد الأمل فى الحصول عليها لأنه لم يخرج مع محمد بيك وعاد من قريب كذلك فإن محمد بيك غاضب منه لسوء تصرفه ؛ لكن مرؤة محمد بيك وسماحته جعلته يذهب إلى الشيخ سيد ليعطيه ما سبق الوعد به .
فى يوم من أيام الصيف من عام 1935 م قال المهندس عبود الزمر لجلسائه : نحن نريد أن نضحك فأشاروا عليه فى طلب صاحبنا الفلاح ليجلس معهم ، فلما أرسلوا له حضر واقترح عبود على الجميع أن يذهبوا معه فى فسحة لزيارة قبائل العرب بصحراء أبو رواش فاعتذر صاحبنا عن الذهاب معهم بحجة أنه جاء من الغيط بملابس العمل وهيئته لا تناسب الموقف ، وأصر عبود على أن يصطحبوه معهم فألبسوه جبة جديدة ومركوب وطربوش أحمر ! وكان هذا الرجل بالرغم من بساطته فيه وسامة وعليه وقار بدا واضحين بمجرد أن لبس هذه الملابس الجديدة مما حدا بجميع الحاضرين أن يقولون له ضاحكين : مرحبا ً بمولانا الشيخ ! وفجأة ً همس المهندس عبود فى أذن عبداللطيف بكلمات فأسرع فى تجهيز الركائب فرس أبيض يركبه صاحبنا وحمير يركبها كل الحاضرين ، وانطلق الركب حتى أقترب من أرض قبائل العرب فأشار إليهم عبود فتأخر الجميع بحيث أصبح الفرس الأبيض وعليه صاحبنا فى المقدمة ، فلما رأت القبائل هذا الرجل يتقدم الركب وفيهم المهندس عبود الزمر والحاج عبدالمجيد الصياح والشيخ عبداللطيف عبود والحاج عبدالفتاح عبود ظنوا به خيرا ً وهابوه فخرجت النسوة يحملن أولادهن يطلبن البركة من ذلك الشيخ الجليل ويقلن له : بركة يابركة وهو يتفل فى وجوههن ! فلما رأى عبود أن الموقف أصبح خطيرا ً وحرجا ً همس فى أذن صاحبنا وقال له : لا تتكلم إطلاقا ً ولا تزيد عن التكبير والتهليل حتى نخرج من هذا الموقف الحرج؛ واستمر الموكب وصاحبنا يخترق الصفوف ويتقدم الوفد بينما النسوة والرجال والصبيان يتدافعون من حوله يتمسحون فى جبته ويقبلون يديه يلتمسون البركات وهو يتفل فى وجوههم حتى وصل الركب إلى شيخ العرب/ " سليم " فاستقبلهم بكل ترحاب وخص صاحبنا بالتحية والإكرام ثم أمر بذبح عشرة من الخراف لشويها على النيران ، فلما رأى عبود أن ساعة الأكل قد حانت قال : ياشيخ سليم مولانا هذا رجل زاهد ولا يأكل سوى اللبن الرائب ! فأسرعت العرب فأحضروا له الشنينة ( اللبن الرائب ) وكسرة خبز وجلس الجميع إلى الطعام الوفد كله يأكل اللحم وصاحبنا يشرب اللبن الرائب فكان كلما زكمت أنفه رائحة اللحم المشوى ولسعه مذاق اللبن الحاذق يكبر ويهلل فيضحك الوفد ويضحك العرب وهم لا يعلمون من الأمر شيئا ً فلما انتهت الضيافة وانصرف الوفد وخرج من أرض القبائل ترجل صاحبنا من على الفرس وألقى بالعمامةفى المصرف القريب فذهبت مع الماء ثم ألقى بالجبة فى عرض الطريق وأخذ يلعن صحبتهم وقرابتهم والجميع يضحكون من هذا الموقف .

فى سنة 1940 م تقريبا ً جمع الحاج/ عبدالمجيد الصياح الزمر ثمار الكوسة المنزرعة فى أرضه وأرسلها مع بعض عماله لتسويقها فى مصر وتبقى من هذه الثمار حوالى خمسين كيلو جرام فرأى أنها لا تستأهل النزول بها إلى مصر فاقترح على أحد عماله - وكان رجل بسيط الفهم- أن ينزل بها إلى سوق قريتنا بالسهراية وقال له : يافلانا ً خذ الكوسه دى وزعها والحاج/ عبدالمجيد كان يقصد توزيعها على بائعى القطاعى لبيعها للزبائين لكن فلانا ً هذا له فهم أخر يتفق مع فهمه البسيط .
لقد خرج فلان هذا ومعه ثمار الكوسه يحملها على الحمار ثم عاد بعد ساعة فتعجب الحاج عبدالمجيد وقال له : لقد عدت سريعا ً يا فلان ! فقال أيوه ياسيدى فقال الحاج : عال عال هات الفلوس فقال فلان : فلوس أيه ياسيدى ده أنت قلت وزعها فوقفت فى السهرايه وقلت كوسة سيدى كوسة سيدى من غير فلوس فالتف الناس فى الحال وأخذوها من غير فلوس ياسيدى ، وضحك الحاج عبدالمجيد على هذا المقلب كثيرا ً كثيرا ً فلما قيل له ما أصبرك على عته هذا الرجل فقال : بلوتنا كيف نرميها على غيرنا .

ومن مواقف الفتوة الضاحكةهناك موقفا للحاج/عبدالمجيد الصياح ؛ فى مطلع الأربعينات بينما كان الحاج عبد المجيد يتربع بالجمعية الزراعية على حصير مع مجموعة من الأهالى يشربون الشاى دخل عليهم رجل تبدو عليه علامات الفتوة ؛ فلما سأل عن الحاج عبد المجيد أشاروا اليه ؛ فتقدم الرجل وتربع أمام الحاج وسلم عليه بيده سلاما ً قويا ً ففهم الحاج أن ذلك الرجل فتوة وجاء ليختبر قوته بعد أن سمع عنه فى البلاد الأخرى ، والحاج عبد المجيد كان يحرص على إخفاء قوته ولا يبديها إلا فى حالة الضرورة لكن ماالحيلة وهذا الرجل قد جاء يتحدى فإن لم يجد من يقف له فرض سطوته على القرية وهذا لا يصح ولن يكون فى حياة عبد المجيد الصياح لذا كان ولابد من إظهار شيئ منها!!!
ونظر الحاج عبد المجيد عن يمينه فوجد شوال كيماوى زنة مائة كجم فضرب كفيه من تحت ثم حمله فوضعه عن يساره وهو متربع تماما ً ثم قال للرجل : -تسمح ترجع الشوال ده مكانه !! فضرب الرجل كفيه من أسفل ليحمله فلم يستطع وحاول أخرى فلم يستطع وتفلت!! فضحك الحاضرون ! وأراد الرجل أن ينصرف فقال له الحاج :- أقعد واشرب الشاى ولا أراك فى ناهيا مرة أخرى .
وسمعت أيضا حكاية ظريفة عن جدى الحاج/ عبد المجيد وهو فى مقتبل شبابه فى مطلع الثلاثينات من القرن العشرين يقول الراوى أنه نزلت بقريتنا مجموعة من الحواة وقفوا أمام جامع سيدى عمر والتف الناس من حولهم ليشاهدوا الألعاب العجيبة والغريبة ووقف الشابين عبد المجيد الصياح وعبداللطيف عبود مع الواقفين ليشاهدوا لعبة القوة ؛ فها هو أحد الحواة قد أمسك بحدوة حصان فى يده وأخذ يمر بها على الواقفين يضعها فى أيديهم ويتحداهم ويقول هل منكم من يستطيع كسرها ؟ ويستردها من الواحد تلو الآخر قائلا لاأحد يستطيع ؛ فلما وصلت الحدوة فى يد عبد المحيد الصياح ضغط عليها بشدة فالتوت ثم ضغط أخرى فانكسرت ثم ناولها للحاوى فلما وجدها منكسرة أصابه الذهول وأخذ يجمع أدواته وحاجاته ويقول " مالنا عيش فى البلد دى " وعلى مايبدو أن هذا الحاوى كان يستبدل الحدوة الفولاذ بأخرى من الصفيح دون أن يلحظه أحد ثم يكسرها أمام الناس ؛ فلما تبين للناس كذب الحاوى أخذوا يسخرون منه ويضحكون عليه قائلين له : مع السلامة ياأبا حدوه صفيح .

وعلى فكرة هذه المواقف الجادة والمضحكة هناك موقف وقعت أحداثه فى عام 1965م حيث كنت قد ذهبت مع أمى وأبى وإخوتى إلى بيت عمتى زينب محمد عمربشارع عبودالزمرخلف مستشفى الرمد بالجيزة فوجدنا هناك عمى عبد المنعم عمر وزوجته وأولاده وعمى على عمر وأولاده وستى كوكب محمدعبود وأولادها وجدى احمد عبود وزوجته وأولاده وعلى ما يبدو أنهم تجمعوا على سابق موعد بينهم دون أن أدرى ! وهناك سمعت عمى /عبد المنعم عمر يتوجه بالسؤال فيقول :- ياخالتى كوكب أنت ليه بتحبى ابنك أحمد كثير عن أخوته ؟ وترقب الجميع ليسمعوا الإجابة فقالت :- أنا قبل ما أتكلم ريقى ناشف وعايزه أشرب !!فوجدت إبنها أحمد عبدالمجيد وفا ينهض من وسط المجلس وأسرع فأحضر الماء وفجأة وجدت والدى وأعمامى عبد المنعم وعلى وجدى أحمد يضحكون وسمعت ستى كوكب تقول:- رأيتم وعرفتم فقالوا :- رأينا وعرفنا ولك حق !! وطبعا ًأنا لم أفهم هذا الموقف فى حينه وظننت أنها لم تجب على السؤال لكن تبين لى فيما بعد أنها أجابت على السؤال بطريقة فى منتهى الذكاء وقدمت دليلا وبرهانا أقوى من أى كلام ؛ إذ من نهض مسرعا ليحضر الماء سوى أحمد لذا فلقد كان جديرا ً بهذا الحب فلما تبين لى ذلك تماما ً أخذت أضحك وأضحك .
ومن المواقف الجادة والمضحكة أتذكر موقفا ً وقعت أحداثه فى مساء أحد الأيام من صيف عام 1968م ، فى ذلك اليوم ذهبت مع والدى للعزاء فى وفاة أحد أقاربنا من قرية شبرامنت ، وأوقف والدى سيارة أجرة من ميدان الجيزة وجلس بالمقعد الخلفى وأشار لى بالحلوس بالمقعد الأمامى بجوار السائق ؛ وانطلقت
السيارة إلى شارع الهرم ثم الى شارع المريوطية وأنا أنظر وأتابع الأشجار وأعمدة النور على جانب الطريق وأستمع إلى دقات عداد التعريفة واستطعت وقتها أن أقدر العلاقة بين المسافة المقطوعة وآوان كل دقة وكان تقديرى صحيحا مع أغلب الدقات حتى وصلنا إلى مكان توقف فيه السائق حيث أشار أبى ؛ ونظرت فى العداد فوجدته مكتوبا ً عليه فى خانة التعريفة 35قرش صاغ، ودخلنا الدوار فاستقبلنا أهل المتوفى بكل حفاوة وترحاب مما جعل جميع المتواجدين يقفون لمصافحة أبى ، ورأيت الشيخ القارئ قد أنهى قراءته وأقبل مهرولا ليصافحنا وفى هذا الموقف كلت يدى من كثرة عدد المصافحين ، وجلسنا فى صدر الدوّار وجاء رجل يلبس ملابس مزركشة سوداء وبيضاء ويحمل صينية عليها أكواب الماء وفناجيل القهوة !! وكانت هذه أول مرة أرى فيها رجلا بهذه الهيئة !! فلما أردت أن أشرب وقفت وأخذت كوب الماء وشربته وأنا واقف إحتراما لهذا الرجل وشكرته ، وعرفت فيما بعد أنه من رجال الفراشة المختصين بهذا العمل فأخذت أضحك وأضحك .
وأخذ القارئ يقرأ والوفود تتوافد على الدوّار وكلما دخل وفد اصطحبه المستقبلون إلى حيث نقعد ليصافحوا أبى ؛ واستمرت الوفود تقبل علينا من جميع البلدان والأسر فنقف لنصافحها وتكرر هذا الموقف حوالى عشرين مرة فلما حانت ساعة الإنصراف وقفت جميع الوفود المتواجدة ولم تبرح مكانها حتى خرج أبى وأنا من خلفه ومن حولنا عدد من الرجال اصطحبونا حتى ركبنا التاكسى المتوقف أمام البوابة ؛ ونظرت فى العداد فوجدت التعريفة قد ارتفعت إلى ستين قرشا وهذا أمر طبيعى لقد أضيفت تعريفة الإنتظار ؛ وفجاءة وجدت السائق يقول لوالدى " الله ينور عليك يا مولانا " فقال أبى " وعليك" وأستمر السائق يقول " قراءتك عال وموزونة " والسائق معذور فوالدى يلبس الجبة والقفطان والطربوش الأحمر والعمامة البيضاء ويمسك فى يده العصا لذا فهو يظن والدى الشيخ القارئ ! وهذا شرف كنت أتمناه ولكن مع هذه المفارقة كدت أضحك لكنى امتنعت خوفا من والدى وحرجاً من السائق ؛ ووصلت بنا السيارة إلى ميدان الجيزة فقرأت فى العداد تسعين قرشا ورأيت والدى قد أعطاه جنبها فرح به السائق كثيرا وأظهر شكره وتقديره لوالدى ؛ فلما عدنا إلى المنزل بشارع عفيفى قسم أول الجيزة تعلقت أنا بكلمة السائق لفترة وأخذت كلما كلمنى أبى أقول له : نعم يامولانا الله يفتح عليك ويضحك أبى ويقول : وعليك .

وفى عام 1970م جاءت إلى قريتنا مجموعةمن مصورى الأفلام السينمائية ونزلوا فى ضيافة متعهد التصوير بقريتنا الحاج/ على عباس سعيد الزمر وطلبوا تصوير لقطة يحتاجون فيها إلى مئتى فرد بين رجل وإمرأة وصبى سيتم تصويرهم وهم يجرون حاملين بعضا ً من حاجياتهم هاربين من إعتداء قوات الإحتلال ليحتموا بالجبل ، واللقطة تبدو فى نظرهم صعبة جدا ً لعدم توافر هذا العدد الكبير من الناس وعلى هذه الهيئة ؛ لذا فقد جاءوا إلى على عباس وكلهم يأس خاصة بعد أن فشلوا فى تصوير اللقطة فى أماكن أخرى ؛ وتفتق ذهن على عباس عن أمر وفكرة لم يفصح لهم عنها ؛ ثم أخذهم وذهب بهم إلى منطقة المدافن بجبل أبورواش وأوقفهم هناك فى احدى الطرق على أن ينتظروه ساعة على اهبة الإستعداد سيتم بعدها تصوير اللقطة الصعبة المطلوبة ؛ وانطلق على عباس مسرعا إلى ناهيا وذهب إلى أسرة المتوفى /على خطاب وكان قد توفى منذ أيام فأخبرهم بأن المرحوم على خطاب صحا من موته وخرج من قبره !! وأن الدنيا مقلوبة فى أبى رواش الصحافة والسينما هناك !! وانتشر الخبر سريعا ًفى عائلة المتوفى وبين الجيران والأقارب والأصحاب فتحمعوا فى عجلة من أمرهم وحملوا معهم بعضا ً من الأوعية المملؤة بالطعام وبعضا ً من الأغطية كما أشار عليهم على عباس ؛ وانطلقوا جميعا ً رجالا ونساء وأطفالا فركبوا ماتيس لهم من وسائل النقل ؛ فلما وصلوا إلى مدخل المدافن شاهدوا الكاميرات والمصورين والفنانين واقفين هناك تأكدوا أن الأمر حقيقة فانطلق الصبية يجرون وأخذ الرجال يكبرون ويهللون بينما النسوة يصرخن ويبكين ؛ وأسرع الجميع ناحية مدفن على خطاب وسارع المصورين بتصوير هذا الموقف ونجحت اللقطة واكتشف الناس أنها حيلة من على عباس فوقفوا بعدها يضحكون ويضحك المصورون ويضحك على عباس ويقول : يابلد هو الميت يصحى ثان !!!
الأستاذ / طه أحمد عبدالله الزمر من رواد العمل الإجتماعى والنقابى يقريتناناهيا ترأس جمعية تنمية المجتمع لمدة وصلت نحو ثلاثين سنة متصلة ؛ ترشح للعمل النقابى بمصلحة البساتين بالجيزة أكثر من مرة وفاز على منافسيه بجدارةويقول عنه زميله فى العمل النقابى أ / سيد حسين طلبه نائب مجلس الشعب عن دائرة قسم أول الجيزة :- طه أحمد له خبرة وأسلوب مميز ويعرف كيف يحصل على أعلا الأصوات والفوز بالمركز الأول فى إنتخابات النقابة.
ومن النوادر المحكية عنه أنه رفع لافتة صبيحة يوم التصويت أمام اللجان مكتوب عليها { أحلف بالطلاق سأنتخب طه أحمد الزمر } وبالطبع كل من نظر وقرأ شعر أنه وقع فى الفخ وأنه أقسم بالطلاق ولابد أن يبر بقسمه ويختار طه أحمدالزمر ويدخل الجميع الى اللجنةيضحكون ويدلون بأصواتهم ويفوز طه أحمد بأعلا النتائج .
فى صباح يوم الجمعة الموافق 24/4/2009 م ذهبت إلى مقر بنك البراجيل لتنفيذ مبادرة السيد رئيس الجمهورة على الأجهزة وإسقاط 50% من اجمالى المديونية لعملاء متعثرين فى 30/9/2008م وأصل المديونية لا يزيد عن 25000جنيه ؛ وكما تعودت عندما أذهب للعمل فى يوم الجمعة إتصلت هاتفيا بالأستاذ / اسماعيل أمين خضير فى نحو الساعة التاسعة صباحا ً وأبلغته أنى متواجد فى البنك لتنفيذ المبادرة ؛ فقال لى إنتظر حتى آتى الى البنك وأتابع بنفسى خطوات التنفيذ !! وعن الأستاذ /اسماعيل نقول لمن لايعرفه أنه من أبناء البراجيل وكان يعمل معنا بفرع أوسيم مسئول نظم ومعلومات الحاسب الألى
و له الفضل فى نجاح العمل بمنظومة الأئتمان بفرع أوسيم عام 2003م انتقل بعدها للعمل بالبنك الرئيسى.
فى نحو الساعة العاشرة والنصف لم يأتى الأستاذ/ اسماعيل فرأيت استدعاؤه بطريقة مميزة تليق بمكانته الرفيعة وتفتق ذهنى بالفكرة فقلت لفرد الشرطة المساعد /صلاح اذهب إلى بيت اسماعيل ونادى عليه وأحضره معك ولا تعود إلابه !!! وذهب المساعد/ صلاح وهو يلبس ملابس الشرطة ويحمل سلاحه الميرى فى جنبه ثم عاد بعد قليل ومعه الأستاذ /اسماعيل يضحك ويمشى إلى جواره فلما أقتربا من باب البنك قلت :هل نحن سنتحايل عليك لتحضر الينا ؟ أنا أرسلت لك التشريفة لتأتى بك بسرعة ! وضحك اسماعيل وقال :- أحد أبناء اخوتى حاءنى مسرعا ً يقول : - ياعمى البوليس يريدك ! فقلت له : إنه محمد زغلول حارس البنك فقال :- لا ياعم إنه البوليس ونزلت مسرعا ً فوجدت الصول / صلاح واقف لدى الباب يقول :- الأستاذ أحمد الزمر يريدك حالا بالبنك ويضحك الأستاذ أسماعيل ويقول :- هذا يوم فى التاريخ لن أنساه لقد خرجت بأمر الشرطة وذهبت الى مقر البنك فى يوم أجازة ! ومع هذه المفارقة أخذنا نضحك ونضحك .

الطفل/ أحمد علاء عبدالستار الزمر له من مواقف الطفولة قفشات وتعليقات مرحه منها أنه كان متواجدا ًعندى بالبيت بشارع الحسنية فلما حانت ساعة الغداء فى الرابعة عصرا ً ناديت عليه ليأكل معى فجاء نحوى ونظر فى الطعام فوجده بطاطس مقلية وقطعةمن الجبن الأبيض فقال : أنت ياعمى حاتفطر ! أنا حسبتك حا تتغدى ثم عاد إلى حيث كان يقعد وقال : أنا فطرت ! وبالطبع هو يقصد أن طعام الغداء يختلف عن الإفطار وهو يريد فى الغداء لحم وأرز وأشياء أخرى لكن ما وجده أمامى يتفق مع مفهومه أنها أشياء تؤكل فى الصباح لذا فهو اختار الامتناع وتركنى أأكل لوحدى فأخذت أضحك من هذا الموقف ، وقلت له والله لأشكونك لأبيك ليأخذ لى حقى ، فلما تقابلت مع والده الأستاذ علاء بعد صلاة العصر وكان يقف أمام جامع سيدى عمر ومعه الأستاذ طاهر عبدالمنعم الزمر وحكيت لهما ما حدث من أحمد فأخذا يضحكا فقلت لهما أنا أشكو وأنتما تضحكان أنا أريد حقى فقال الأستاذ علاء : سنأتى لك بكيلو من اللحم هدية لك فضحكت وضحكا .
أخى القارىء الكريم هكذا عشنا مع الفكاهة والمواقف الضاحكة ولا يسعنا إلا أن ندعو لكل من شارك فيها بدعاء النبى فنقول : اللهم سامحهم وأضحكهم وأفرحهم برحمتك وفضلك كما أفرحونا آمين آمين .