الثلاثاء، 29 يونيو 2010

فــقــه الـسـنــة الـنبــويــة الـشــريـفــة

فـقــه الـسـنــة الـنبــويـة الــشــريـفــة

بسم الله الرحمن الرحيم " وما كان المؤمنون لينفروا كافة ؛ فلولا نفـر من كل فرقة منهم طائفة ليتفـقهوا فى الدين ولينذروا قومهم إذا رجعـوا إليهم لعلهم يحذرون " آيه 122 من سورة التوبة .
ويقول صلى الله عليه وسلم :" من يرد الله به خيرا يفـقه فى الدين وإنما العلم بالتعلم ... "

والسنة النبوية لا غنى عنها ؛ فهى التى توضح لنا ما جاء فى القرآن مجملا وتبين كيفية الأداء وصحة العمل ؛ وترشدنا إلى الطريقة الصواب مصداقا ً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدى أبدا ً كتاب الله وسنتى " .

والسنة النبوية فى حقيقتها هى وحى من الله عز وجـل إلى رسوله الكريم بنص الآيتين 3-4 من سورة النجم " وما ينطق عن الهوى ؛ إن هـو إلا وحى يوحى " ؛ وقـد أمرنا رب العـزة بالتمسك بالكتاب والسنة معـا ً فـقال : " يأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم ؛ فإن تنازعتم فى شئ فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ؛ ذلك خير وأحسن تأويلا ً " آيه 59 من سورة النساء ؛ صدقت ربنا وتعاليت وبلغ رسولك الكريم ونحن على ذلكم من الشاهدين .

ومرت السنون وانقضت القرون من بعد بعثة النبى محمدا ً ؛ وفى كل حين يبعث الله لهذه الأمة من يجدد لها دينها ويوقظها من سباتها ويوجهها الوجهة الصالحة ؛ وها نحن وبحمد الله نعيش فى قريتنا ناهيا فى عصر اليقظة والوعى بفضل جهود علماء شباب وأشياخ أفاضل يتقدمهم فضيلة الشيخ / فتح الله ياسين جزر عضو لجنة الفتوى بالأزهـر الشريف ورائد حركة اليقظة فى قريتنا منذ سنوات طويلة ؛ وإليه يرجع الفضل فى ظهور رواد آخرين من جيل الشباب تذخـر بهم ساحات المساجـد والجـوامع بقريتنا؛ وجميعهم مدينون بوعـيهم ويقـظتهم إلى ذلك الشيخ الجـليل فجـزاه الله عن عـظيم صنيعه وخـدمته للدين خـير الجزاء ؛ وكم من مرة سعـدنا بسماع دروسه فى العبادات والمعاملات يلقيها علينا من بعـد صلاة العصر أو من على منبر جامع سيدى عمر فى خطبة الجمعة ؛ ومن حسن خصاله أنه يعـلن بنفسه عن الدرس فيقـول : إن شاء الله بعـد خـتم الصلاة هناك درس نسأل الله أن يوفـقنا فيه وتكتمل الفائدة ؛ ومن كان لديه متسع من الوقـت فليحضر معنا ومن كان مشغـولا ً بأمر مهم فأمره إلى الله وندعـو له بالتوفيق والسداد.
وهذا القول لا يصدر إلا من فضيلة الشيخ/ فتح الله ياسين ولم أسمع مثل قولته هذه من أى عالم يتقدم للدرس ؛ لذا فهو بحق صاحب المقام العالى والذوق الرفيع .

وكم من مرة سمعنا منه فتاوى قيمة كان أجملها وأهمها ما سمعته من فضيلته فى أواخر السبعينات من بعد أن أشتدت الأزمة الأقتصادية وارتفعت أسعار السلع وشحت من الأسواق فلا تجدها إلا عند بعض التجار المحتكرين وبضعف سعرها المعلن بالجمعيات الإستهلاكية ؛ فى تلك الأيام وقف فضيلته على منبر جامع سيدى عمر ليعلن الرأى فى مسألة إحتكار السلع وبيعها بسعر يزيد عن سعرها الحقيقى فقال : كل من يذهب للجمعـية الإستهلاكية ليشترى منها سلعة بسعـر مدعم ويبيعها للأخرين بسعـر أعلا هو محتكر للسلعة وفعله هـذا قد نهى الشرع عنه ومكسبه هذا حـرام حـرام والواجب عـلى هؤلاء المحتكرين والوسطاء أن يتركوا الفرصة لغيرهم ليشتروا بالسعـر المدعم هكذا قال الشيخ ؛ وكان من نتيجة قوله هذا أن امتنع عـدد كبير من المحتكرين للسلع وتركوا ذلك الفعـل الشنيع وأعلنوا توبتهم.

منذ سنوات وتحديدا ً فى عام 1993م دخلت لصلاة العصر بجامع سيدى عمر وأمنا فى الصلاة الشيخ/ حامد عبدالفتاح السهيد وفى الصلاة ترك الشيخ القعـود للتشهد الأول سهوا ً وهب واقفا ً !! وأخذ المصلون ينبهونه ويقولون سبحان الله .. الله أكبر وهو يشير لنا بالوقوف !! فوقـفت من فـورى ومعى عدد من المصلين ؛ بينما أستمر آخرون فى القعود وسمعت بعضهم يقول : أقعد ياشيخ حامد !! وبعد الصلاة أوضح الشيخ لنا المفهوم الفقهى الذى يفيد أنه لا يصح الرجوع من ركن لإدراك سنة والتشهد الأول سنة والوقوف ركن ؛ لذا فإن الرجوع عن ركن لإدراك سنة يبطل الصلاة وأن كل من خالف الإمام فى هذه الصلاة أوتكلم بخلاف كلمة سبحان الله والله أكبر عليهم أن يعيدوا صلاتهم هكذا قال الشيخ .

فى يوم الأحد الموافق 17/10/2004م الموافق 3من شهر رمضان 1425هـ وفى درس العصر بمسجد سيدى عمر أعلن الشيخ/ فتح الله فتوى تحريم تعاطى الدخان فقال : با مدخنين اتقوا الله فى أنفسكم وأولادكم وأموالكم فالتدخين قد ثبت ضرره وأنه من الخبائث وقد حرم الله علينا الخبائث ؛ فاغتنموا فرصة شهر رمضان الكريم وانتهوا عن شرب الدخان بكل أنواعه . هكذا قال الشيخ حفظه الله ذخرا ً لنا وعونا ً على الصالحات .

فى شهر رجب من عام 1425هـ وفى صلاة الفجر بجامع سيدى عمر وبعد أن ختم قراءة المصحف رفع الشيخ / شعبان عبد الفتاح السهيد يداه بالدعاء من قبل الركوع بخلاف ما تعودناه من الدعاء بعد الرفع من الركوع ؛ فرفعنا أيدينا معه للتأمين ثم وجدناه قد هوى إلى السجود !! فذكرناه بقولنا سبحان الله ؛ فعاد من فوره واقفا ً ثم ركع ؛ والفرق هنا بين السهوين أن حالة السهو مع الشيخ حامد كانت ترك سنة أما الحالة الثانية مع الشيخ شعبان فكانت ترك ركن فلزم الرجوع لإدراك الركن حتى تكون الصلاة صحيحة .

فى جامع سيدى عمر تعودنا الدعاء فى صلاة الفجر بعد الرفع من الركوع الثانية لدرجة أن غالبية المصلين يرفعون أيديهم للدعاء بمجرد الرفع من الركعة الثانية ؛ ولعلمى بأن الدعاء ليس ركنا ً فى صلاة الفجر وليس واجبا ً وأنه من الممكن ألا يدعو الإمام لذلك لا أرفع يدى إلا إذا سمعت الإمام يدعو وحتى لا تكون هناك حركات زائدة فى الصلاة .

فجر الجمعة الموافق 3/12/2004م وبعد صلاة الفجر سمعت الشيخ/ شعبان عبدالفتاح السهيد يقول : الدعاء ليس واجبا ً فى صلاة الفجـر ومن السنة تركه لبعض الوقت حتى لا يظن البعض أنه واجب أو ركن من صلاة الفجر ؛ كما أن قراءة سورة السجدة ليست واجبة فى صلاة الفجر أيضا ً ؛ ولكن نحن فى جامع سيدى عمر نجتهد فى الدعاء لأننا فى أيام نوازل جسام بالأمة الإسلامية وندعو الله أن ينصرنا على عدونا ويرفع رايتنا آمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله .

الشيخ / عرفه الفزانى خطيب جامع سيدى عمر له جهد متميز ومشكور فى توضيح أمور فقه السنة والسيرة النبوية وقصص الأنبياء بطريقة مبسطة مع إسقاط المثل والتجربة على حياة الناس فى براعة لغوية مؤثرة كثيرا ً ما أبكت جمهور المصلين .

وهكذا تذخر قريتنا ناهيا بشبان أماجد وعلماء أفاضل وندعو الله عز وجل أن يمد لنا فى أعمارهم سنين عديدة وأعوام مديدة وأن يبارك لنا فى علمهم ويزيدهم من فضله فتتسع الفرصة لسماع ومعرفة المزيد من العلم النافع لنعمل به العمل الصالح والله المستعان .

ونحن أبناء أسرة الزمر لنا مع هذه النصائح والتوجيهات النبوية الشريفة تجارب ومواقف تدل على حسن التصرف ؛ وكم دعوت الله أن يجعلنا من المتقين الفائزين وأن يرزقنا نور الفهم ويخرجنا من ظلمات الوهم آمين .

دخلت يوما ً لصلاة المغرب بجامع سيدى عمر ودخل معى فى ذات الوقت ثلاثة من الرجال أحدهم الأخ/ محمود من أهالى الحى أما الثانى فهو الأخ/ حسن سامى حمزه الزمر والثالث فهوالأخ/ عبدالمجيد محمد عبدالمجيد الزمر ؛ وحال دخولنا كان الإمام الشيخ/ محمد شعبان أبوالمجد قد إنتهى من قراءته وتهيأ للركوع الأول ؛ الأخ / محمود وضع حذاءه فى المكان المخصص وجرى مسرعا ً ليلحق بالركعة الأولى !! بينما توجهنا نحن الثلاثة / حسن وعبدالمجيد وأحمد فى تؤدة وسكينة نحو الصف وإلى جوار الأخ/ محمود وفى هذه اللحظة رفع الإمام من الركوع فدخلنا الصلاة بتكبيرة الإحرام ثم هبطنا سجودا مع الإمام ؛ وبعد أن سلم الإمام وقفنا لنتم الركعة الفائتة ؛ وهذا التصرف يتفق مع صريح السنة النبوية حيث يقول صلى الله عليه وسلم :" من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة " وقال :" ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا ".

وهكذا التوجيهات النبوية الشريفة إنما جاءت من أجل سلامة المصلين وحفظا ً لهم من كل سوء ؛ وتخيل أخى القارئ ما سيكون عليه الأمر والناس جميعهم تجرى لتلحق بالركعة الأولى !! فمن المؤكد أن بعضهم سيتعثر ويقع على الأرض ومنهم من يصطدم بأخيه فيوقعه مصابا ً بجروح أو كسور ؛ وتخيل أخى القارئ أن هذه الفوضى ستحدث عند كل صلاة ؛ ومع مرور الأيام سيكون هناك عشرات المصابين !! ويصبح الجامع وكأنه سوق أو ساحة قتال ومكان غير آمن؛ كل هذا سيحدث عند مخالفة توجيهات وأوامر النبى صلى الله عليه وسلم لذا كان تصرف أبناء أسرة الزمر فى هذا الموقف أسوة حسنة يدل على حسن الفهم وحسن التصرف وعظيم إدراكهم للسنة النبوية الشريفة .
ويقول صلى الله عليه وسلم :" لا صلاة بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس ولا صلاة بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس " رواه البخارى ومسلم ؛ وجاء فى تفسير أسباب هذا النهى أن الكفار يسجدون للشمس حال شروقها وغروبها ! والنهى هنا جاء فى هذين الوقتين حتى لا يكون هناك وجه شبه بين صلاة المسلمين والكفار ؛ لكن جمهور الفقهاء يرى جواز قضاء الفوائت فى أوقات النهى لقول رسول الله :" من نسى صلاة فليصلها إذا ذكرها "رواه البخارى ومسلم ويقول :" يابنى عبد مناف لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار " رواه أصحاب السنن والترمذى ؛ لهذا يرى الشافعية أن صلاة النفل أو التطوع مباحة وفى أى وقت داخل الحرم المكى .

بكل هذه المفاهيم ذهبت لأداء العمرة فى أواخر شهر رمضان المبارك لعام 1419هـ --1999م وفى أول يوم لنا هناك قعدت بالحرم قبالة الكعبة المشرفة وإلى جوار فضيلة الشيخ / إبراهيم على زياده من بعد صلاة العصر لقراءة القرآن الكريم ثم وقفت لأصلى ركعات تطوع أعود بعدها للقراءة فى المصحف ؛ ورأيت أمامى أناس آخرون يتركعون لكنهم كانوا شرذمة قليلون بينما غالبية المعتمرين قعود ؛ وبعد أن انتهيت من الركعات فوجئت بأحد المعتمرين - ويبدو عليه من ملامحه ولهجته أنه من بلاد الشام – يقول هامسا ً : هذا وقت كراهة لا تصح فيه الصلاة !! فقلت من فورى : نحن داخل الحرم وأوقات الكرهة والنهى خارج الحرم !! ثم أشرت بيدى إلى الشيخ/ إبراهيم وقلت : معنا شيخ من الأزهر الشريف ثم التفت إلى الشيخ وهمست له بمقولة هذا المعتمر فأكد الشيخ على كلامى الذى قلته وأن أوقات الكراهة والنهى خارج الحرم ولا مانع من الصلاة فى أى وقت من ليل أو نهار لأنها فرصة سانحة قد لا تتكرر ولا تأتى مرة أخرى ؛ وصرت أنا أصلى فى الحرم المكى ركعات تطوع فى أى وقت وكلما وجدت همة للصلاة .

ويقول صلى الله عليه وسلم :" إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة " وفى رواية " إلا التى أقيمت " رواه أحمد ومسلم وأصحاب السنن ؛ ولعلمى بأنه لا صلاة إلا بأم الكتاب وأقل الصلاة ركعة ولا تصح الصلاة إلا بالصلاة والتسليم على رسول الله؛ وإنطلاقا ً من كل هذه التوجيهات النبوية الشريفة وبفضل من الله جاءنى فهم فى معالجة بعض الأمور نعرضها على القارئ الكريم حتى تكتمل الفائدة ؛ منها أنه إذا دخلت مسجدا ً للصلاة وقفت لصلاة ركعتى تحية المسجد ؛ وربما فى ذات الوقت أخذ المؤذن يقيم الصلاة المكتوبة ؛ فإنى أكتفى بركعة واحدة أقرأ فيها فاتحة الكتاب ثم أقعد للتشهد وأصلى وأسلم على النبى وأخرج منها لأدخل فى الصلاة المكتوبة .
وبفضل من الله فهمت أيضا ً أنه إذا دخلت مسجدا ً فوجدت القارئ يقرأ القرآن سواء بشخصه أو من خلال المذياع خاصة فى أيام الجمعة فإنى أنتظر واقفا ً حتى ينتهى القارئ من الآية التى يقرأها ثم أدخل فى صلاتى بتكبيرة الإحرام ذلك لعلمى بقول الله عز وجل :" إذا قرئ القرآن فستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون " وكلنا يرجو رحمة الله ؛ ثم لا ضير إن إستمر ذلك القارئ فى قراءته .

وبفضل من الله أيضا ً فهمت أنه إذا دخلت مسجدا ً للصلاة فوجدت الإمام يقرأ " غير المغضوب عليهم ولا الضالين" من الفاتحة وتبين لى أن دخولى فى الصلاة بتكبيرة الإحرام ودعاء الإستفتاح سيفوت فرصة التأمين فإنى أنتظر قليلا ً واقفا ً بالصف وذلك لعلمى بقول رسول الله : " إذا قال الإمام غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقولوا آمين فإن من وافق قوله قول الملائكة غفر الله له ما تقدم من ذنبه " وفى رواية أخرى " فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه " رواه البخارى وكلنا يرجو مغفرة الله ورحمته ؛ فإذا سمعت الإمام يقول "غيرالمغضوب عليهم ولا الضالين" فقل آمين حتى لوكنت خارج المسجد وخارج الصلاة .

ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم جملة أذكار وأدعية يسن للمصلى أن يقولها بعد كل صلاة منها " أستغفر الله ثلاثا ً ؛ اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت ياذا الجلال والإكرام " رواه الجماعة ومسلم ومنها " اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك " رواه أحمد ؛ وهذه الأذكار محببة إلى نفسى وأحرص على قولها بعد كل صلاة خاصة وأن رسول الله قد أوصى معاذ بن جبل ألا يدع قولها فى دبر كل صلاة .

وجاء فى الأثر أيضا ً أن رسول الله صلى بالناس الصلاة المكتوبة فقام رجل بعد الصلاة يصلى فرآه عمر بن الخطاب رضى الله عنه فمنعه وقال له : أقعد يارجل فإنما هلك أهل الكتاب وضلوا أنه لم يكن لصلاتهم فصل !!
فقال النبى : أحسن بن الخطاب .

وعن أبى أمامه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال:" من قرأ آية الكرسى دبر كل صلاة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت " رواه النسائى والطبرانى وفى رواية أخرى " كان فى ذمة الله إلى الصلاة الأخرى " رواه الطبرانى
وذمة الله فى هذه الرواية تعنى حفظ الله ورعايته وإذا كان العبد فى ذمة الله ومات دخل الجنة .

وعن أبى هريرة أن النبى قال : من سبح الله دبر كل صلاة ثلاثا ً وثلاثين وحمد الله ثلاثا ً وثلاثين وكبر ثلاثا ً وثلاثين تلك تسع وتسعون ثم قال تمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير غفرت له خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر " رواه أحمد والبخارى ومسلم .

وإنطلاقا ً من كل هذه التوجيهات النبوية الشريفة فهمت أن ختم الصلاة من تمام الصلاة ولا نافلة إلا بعد الختم وذلك حرصا ً على الفصل بين الصلاة المكتوبة والنافلة ؛ فإذا كنت مشغولا ً بأمر ما يقتضى الخروج من المسجد لا أترك ختم الصلاة أما النافلة فيمكن تأجيلها لبعض الوقت لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :" صلاة المرء فى بيته أفضل من صلاته فى مسجدى هذا إلا المكتوبة ".

كثيرون من المصلين يهرعون إلى صلاة النافلة من بعد التسليم خاصة فى صلاة المغرب من شهر رمضان إلا من رحم ربى وهم أقل من القليل !! مع العلم بأن نافلة المغرب على وجه الخصوص قد وردفيها توصية من رسول الله فقال :" اركعواهاتين الركعتين فى بيوتكم ".رواه احمد والترمذى .
والسنن القبلية يمتد وقتها إلى آخر وقت الفريضة ؛ جاء خبر ذلك على لسان السيدة عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها فى رواية لإبن ماجه قالت : كان رسول الله إذا فاتته الأربع قبل الظهر صلاهن بعد الركعتين بعد الظهر؛ والسنن البعدية يمتد وقتها إلى بعد خروج الوقت فإذا إنشغلت عنها فصلها إذا ذكرتها وجاء خبر ذلك على لسان السيدة أم سلمة أم المؤمنين رضى الله عنها فى رواية لأحمد قالت : صلى رسول الله الظهر وقد أتى بمال فقعد يقسمه حتى أتاه المؤذن بالعصر فصلى العصر وانصرف إلى بيتى وكان يومى فركع ركعتين خفيفتين فقلت ما هاتان الركعتان يارسول الله أمرت بهما ؟ فقال لا ولكنهما ركعتان كنت أركعهما بعد الظهر فشغلنى قسم هذا المال حتى جاء المؤذن بالعصر فكرهت أن أدعهما ".
وفهمت أيضا ً أنه لا يصح إطلاقا ً رفع اليدين بالدعاء بعد التسليم من الصلاة ؛ وإنما الدعاء بعد تمام ختم الصلاة بالكيفية التى أوصى بها صلى الله عليه وسلم ولنضرب لذلك مثلا ً ولله المثل الأعلى ؛ هب أنك دخلت على رجل عظيم من ذوى السلطان وطلبت منه مسألة وهو يسمع لك ثم إنصرفت من عنده وخرجت فهل إذا وقفت لدى الباب وقلت ياأيها الرجل العظيم لا تنسى مسئلتى !! بماذا يصفك الناس ؟ بالتأكيد سيحكمون عليك بالحمق وقلة الأدب !! ومن باب أولى وأنت فى الصلاة وفى معية الله وحضرته تناجيه وهو يسمعك فلا يصح بعد السلام والخروج من المعية أن ترفع يدك بالمسألة والزم الأدب هذا ولله المثل الأعلى .
وهكذا كان نهج رسول الله صلى الله عليه وسلم كله التيسير والسداد لذلك فليس هناك عذر لمن خالف سنته وترك الختم وأتى بالوصل وأساء الأدب .

فى صلاة المغرب ليوم الأحد الموافق 24 من شهر رمضان المبارك 1425هـ دخلت جامع سيدى عمر فوجدت الأستاذ/ محمود الزمر المحامى ومعه ثلاثة أو أربعة من الشباب قد سبقونى للوقوف بالصف الثانى فلما أرادت تلك المجموعة أن تقف وتبدأ الصف من قريب وبعيدا ً عن خلف الإمام وجدت الأستاذ/ محمود يدعوهم للوقوف خلف الإمام لأن الصف يبدأ من خلفه ثم يكتمل ناحية اليمين وناحية الشمال وهذا تصرف يدل على حسن الفهم ويتفق مع صريح السنة النبوية الشريفة .

فى رواية عن أحمد وأصحاب السنن ورواه إبن حبان فى صحيحه عن عبد الله بن يسر قال : جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة والنبى قائم يخطب فقال له : اجلس فقد آذيت وآنيت .. والمعنى تأخرت وآذيت الناس وشغلتهم عن السماع بتخطيك رقابهم ؛ وأكثر ما يقع تخطى الرقاب أثناء إجتماع الناس لسماع خطبة الجمعة أوخطبة العيد أوأثناء إنتظار إقامة الصلاة ؛ وذكر العلماء أن تخطى الرقاب تصرف غير حميد لا ينسجم مع التوجيهات النبوية والأعراف والعلاقات الإنسانية لما فيه من إيذاء للأخرين والإستخفاف بهم !! وقال الترمذى " العمل عليه عند أهل العلم أنهم كرهوا أن يتخطى الرجل يوم الجمعة رقاب الناس وشددوا فى ذلك ".

تخطى الرقاب مشكلة المشاكل فى جامع سيدى عمر وفى غالبية المساجد والمشكلة شاعت بين الشباب والعوام بل وتعدت هذا الوصف إلى تخطى الرؤوس وضرب الأكتاف بالأرجل !!! وهذا شيئ عجيب ومريب يقع فيه غالبية العوام من الشباب بدعوى الوصول للصفوف الأولى !!أو بقصد الذهاب إلى مبرد المياه للشرب ! والبعض يبعث بالصبية يأتون بأكواب المياه مما يثير القلق والإضطراب ويشغل المصلين ؛ وكل هذه التصرفات الشائنة مخالفة للسنة النبوية الشريفة والحل فى إلتزام المصلين بالقعود فى صفوف متراصة بمجرد الدخول للمسجد بدءا بالصف الأول حتى إذا إكتمل الصف نقعد فى الذى يليه وهكذا ؛ ولكن للأسف نرى بالمسجد الناس مبعثرين بعضهم بالصف الأول وبعضهم فى جنبات المسجد دون إنتظام أو حرص على القعود فى صفوف منتظمة !! ولقد فهمت أنا شخصيا ً ذلك النهى الذى قاله النبى صلى الله عليه وسلم فإذا دخلت المسجد بقدمى اليمنى صليت وسلمت على النبى وأجعل همى فى شيئين إثنين أولهما أن أقف بالصفوف الأولى وياحبذا لو وجدت فرجة بالصف الأول فأسعى إليها مع مراعاة الشيئ الثانى وهو عدم تخطى الرقاب ؛ فإذا وجدت فرجة فى صف أمامى بينما يوجد مصلين يقعدون بالصفوف التالية سرت بين الصفوف ذهابا وعودة ومررت من الفرج إلى حيث أقف للصلاة دونما تخطى للرقاب أو المرور أمام مصلى .

وهكذا أخى القارئ الكريم عشنا مع مواقف وكلمات عرضناها عليك فى عجالة لنؤكد أولا على أن العمل الصحيح والمقبول لا بد وأن يكون خالصا ً لوجه الله تعالى وموافقا ً للسنة النبوية الشريفة على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم ؛ فيارب أجعل أعمالنا صالحة ولوجهك خالصة ولا تجعل لأحد فيها شيئا ً وآخر دعوانا الحمد له رب العالمين .
&&&&

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق