الشجاعة المصرية والقضايا السياسية
" ما استحق أن يولد من عاش لنفسه "هكذا يقول الحكماء من العرب ويقول عبدالرحمن الرافعى " الشجاعة خلق عظيم تحرص عليه الأمم الطامحة إلى العلا ؛ والشجاعة هى قوام الأخلاق والفضائل فإذا فقد الشعب الشجاعة وحلت عليه الرهبة مكانها كان ذلك نذيرا ًبإنحلال الحياة القومية وفسادها فإنما الأمم إخلاق وفضائل ".
ويقول الزعيم جمال عبد الناصر " الخائفون لا يصنعون الحرية والمترددون لن تقوى أيديهم المرتعشة على البناء " .
ويقول صلى الله عليه وسلم " ... واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك ..." .
وهكذا أخى القارئ الكريم إستفتحنا هذه المقالة بكلمات الحكمة التى تؤكد على أن الشجاعة هى الدعامة والمنبت الخصيب ومنها تخرج الفضائل والأخلاق إلى حيز الوجود دون خوف أو تردد وبكل الثقة فى قضاء الله وقدره .
والناس مع حركة التاريخ أنواع مختلفة فمنهم من يولد ويعيش لنفسه يخاف ويتردد حتى يموت دون أن يحدث أثرا ً ؛ ومنهم من يدخلون التاريخ يحركونه ويصنعـونه بكل شجاعة وثقة وثبات دون خـوف أو تردد فيسطرون على صفحاته مواقـف من نور وضياء يظل التاريخ يحـفـظها لهم ويحكيها للناس كنماذج وأمثلة عـلى مـر السنين والأزمان.
وفى هذه المقالة أخـترت مجـموعة مـن الشخصيات المصرية التى عاشت وتفاعـلت مع الناس ومع الحدث السياسى المصرى بكل شجاعة وجرأة لا يقوى عليها سواهم ؛ فتركوا بصمات واضحـة ومضيئة وأصبحـت أعمالهم مثلا ونموذجا ً يهـتدى به السائرين عـلى طريق الحـرية والنهـضة الشاملة ؛ نضع هــذه النماذج أمام أنظار الطامعـين فى تولى المناصب العامة والقيادة وهـم يظنون أنها غنيمة وحسب ثم يخلدون للراحة من بعـد أن يظفروا بها ويصبحـون مثلا للتفاهة والخـوروالجـبن والخيانة وحسبنا الله ونعم الوكيل فيهم .
وقبل أن نبدأ فى كتابة المقالة نؤكد على أنها – أى المقالة – ليست تأليفا ً بقدر ماهى تجـميع لنصوص وردت بالمراجع التاريخـية والصحـف والمجلات وأضفـت إليها بعض التصرفات البسيطة لضبط سياق وتسلسل الأحداث أوتوضيح ما نراه مجملا ً حتى لا يمل القارئ وبسم الله نبدأ وعـلى بركته نسير ونجـمع السطور التالية حـول الشجاعة المصرية والقضايا السياسية .
1- الشيخ / رفاعه الطهطاوى :-
من رواد عصر التنوير .. حرك مياه الفكرالمصرى الراكدة وأخرجها من أسر التقليد إلى رحابة التجديد بكل شجاعة ؛ وكان جريئا ً فى طرح أفكاره التى تدعو إلى أن يكون هناك دستور ينظم العلاقة بين الأمة وحكامها و بعـد عـودته من بعثته إلى باريس عاصمة فرنسا أشاد الطهطاوى بالحـرية التى يعيش فيها الفـرنجة وبرر تمتعهم بها بأن فى بلادهم قانون مكتوب يوضح حـق الحاكم والمحكوم ويتراضى عليه الجميع وهـو الدستور .
الشيخ / رفاعه بدأ وعاش حياته شيخا ً عالما ً بالأزهر الشريف ومع هذا وجدناه يتكلم فى السياسة ونظم الحكم ليبرهن على أن الإسلام دين ونظام حياة ويشير إلى أن نظـم الحـكم ثلاثة أنواع متصارعة هـى الملكيـة المطلقـة والملكية المقـيدة والجمهورية ؛ ولفظة الجمهورية هـو الذى أدخلها بهذا المعنى فى اللغة العربية .
وأشار الشيخ إلى قول المفكر الفرنسى/ جان جاك روسو بأن الرعية يجب أن توكل عنها من تختاره منها للحكم وقال بكل شجاعة : -شريعة الإسلام التى عليها مدار الحكومة الإسلامية تشمل الأنواع الثلاثة من نظم الحكم .. المطلق .. والمقيد .. والجمهورى .
2- الزعـيم / أحمد عـرابى :-
تقابل مع رئيس النظار ليعرض عليه المطالب الشعبية فأجابه الأخيرقائلا ً :- ليس فى البلاد من هوأهل لمجلس النواب !! فقال عرابى :- عجبا ً !! إنك مصرى وباقى النظار مصريون والخديوى أيضا ً مصرى أتظن أن مصر ولدتكم ثم عقمت !! ففيها من العلماء والنبهاء والفضلاء والبلغاء ؛ وعلى فرض أنه ليس فيها من يليق كما ظننت أفلا يمكن إنشاء مجلس يستمد معارفكم ويكون كمدرسة إبتدائية وبعد خمسة أعـوام يتخـرج فيها رجال يحـترمون الوطن بصائب فكرهم ويعضدون الحكومة فى مشروعاتها الوطنية؟ فأنبهر رئيس النظار وقال سننظرفى طلباتكم .
أنظر ياأخى إنها شجاعة الرجل المؤمن ؛ والمؤمن كيس فطن لا يهاب أن يقول الرأى والمطلب وشعاره دائما ً " إذا قلت لا تخف".
3- الإمام / محمد عبده :-
أدرك ببصيرته أنه لا يصلح حال هذه الأمة إلا بما صلح به أولها ؛ فالدين هو أساس الإصلاح فى كل زمان ومكان ؛ فشرع الشيخ فى تطوير الأزهر وراح يعـقـد الحـلقات التعليمية ليوضح للناس مراد الله مـن خـلقه وأن إستخلاف آدم فى الأرض لا بد وأن يكون على منهج الدين وشريعة الإسلام ؛ وأخذ يكتب فى الصحف ليرقى بعقول الناس ويعلو بثقافتهم فكان له فى كل وظيفة تقلدها أو عمل تولاه بصمات تجديد واضحة عمل بها فى شجاعة وتحدى ومثابرة .
فـى عام 1871م وفـد إلى مصر الإمام الثائر/ جمال الدين الأفغانى وهـو داعـية للتحرر من الإستعمار الإجنبى ووحدة الأمة الإسلامية لذلك كان الأفغانى يناصب أكبر قوى الأرض العداء ؛ ومع ذلك إلتزمه الشيخ/ محمد عبده وصار من أقـرب تلاميذه وأقدرهم على الفهم ؛ ولم يخف على وظيفته وحياته وأختار الشجاعة الأدبية ليكمل مسيرة الإصلاح بفكر الإمام الأفغانى .
كتب الشيخ / محمد عبده مقالات كثيرة تعبر عن أفكاره المتجددة وكان مما كتبه عام 1877م مقال منشور بصحيفة الأهرام بعنوان
" العلوم الكلامية والدعوة إلى العلوم العصرية " جاء فيها :- علينا أن ننظر إلى أحوال جيراننا من الشعوب والدول وما الذى نقلهم من حالهم الأول وأدى بهم إلى أن صاروا أغنياء أقوياء حتى كادوا أن يتسلطوا علينا بأموالهم ورجالهم إن لم نقل قد تسلطوا بالفعل !!
فإذا حققنا السبب وجب علينا أن نسارع إليه حتى نتدارك ما فات !! وها نحن بعد النظر لا نجد سببا ً لترقيهم فى الثروة والقوة إلا إرتقاء المعارف والعلوم بينهم فقادتهم إلى رشادهم ؛ لذلك أول واجب علينا هو السعى بكل جد وإجتهاد فى نشر هذه العلوم فى بلادنا . طب وهندسة وزراعة وفلك وغيرها . إنتهى النص
هذه الأفكار لا يدرك القارئ الكريم مدى جرأتها وشجاعة من قالها فى ذلك الزمان إلا إذا علم أن الخديوى/ توفيق قد أمر بعزل الشيخ من التدريس فى عام1879م وحدد إقامته فى قريته وبعد عام صدر عنه العفو ؛ وكان الخديوى توفيق قد تولى الحكومة بنفسه وأمر بطرد الزعيم / جمال الدين الأفغانى من الديار المصرية وألزم جميع الصحف بنشر الخبر بالصيغة التى بعث بها فجاء فى بيان الحكومة :--------" أن جمال الدين الأفغانى يرأس جمعية سرية من الشبان ذوى البطش مجتمعة على فساد الدين والدنيا المضر بالحرية ! وأن الحكومة أبعدت هذا الشخص المفسد من الديار المصرية لإزالة هذا الفساد من البلاد !! " وبالطبع كان الشيخ/ محمد عبده من ضمن هؤلاء المفسدين !!
عـندما قامت الثورة المصرية بزعامة / أحــمد عــرابى سارع الشـيخ لتأييدها ومناصرتها بكل شجاعة وجرأة وأفتى بعزل الخديوى توفيق من حكم مصر!! وبعد هزيمة العرابيين ودخول الإنجليز وإحتلال مصرفى 1882م تم نفى الشيخ / محمد عـبده إلى بيروت وكان برفـقـته الأميرآلاى / محـمد بيك الزمر النائب العـسكرى لعـرابى وبقيا هناك لمدة خمس سنوات .
تعين الشيخ مفتيا ً للديار المصرية فى عام 1899م فكانت له فتاوى غير مسبوقة فى أمور تحتاج إلى شجاعة الربان الماهر فى مواجهة الأعاصير المدمرة ؛ منها إباحته للمسلمين الأكل من ذبائح غير المسلمين عند الضرورة ؛ وأفتى للمسلمين بجواز إرتداء الزى والملبس غير التقليدى تيسيرا ً لأمور معاشهم؛ وهو الذى أصدر فتواه التى تعتبر تجديدا ً مهما فى الفقه وهى الفتوى الخاصة بصحة قبول ودائع توفير البريد وصحة نظام التأمين وهو ما ساعد على تأسيس النهضة الأولى للإقتصاد المصرى عن طريق قبول الإدخار الإجتماعى وتشغيله لمصلحة المجتمع والناس .
تضامن الشيخ مع الكاتب والمفكر الروسى " تولستوى " بعد أن حكمت عـليه الكنيسة التابع لها بالحرمان فقال فى رسالته ما نصه:-
إن أرفع مجد بلغته وأكبر جزاء نلته على متاعبك فى النصح والإرشاد هذا هو الذى سماه الغافلون الحرمان والإبعاد فليس ما حصل لك من رؤساء الكنيسة سوى إعتراف منهم أعلنوه للناس بأنك لست من القوم الضالين فأحمد الله على أن فارقوك فى أقوالهم كما كنت فارقتهم فى عقائدهم وأعمالهم. إنتهى النص
وهكذا عاش الشيخ/ محمد عبده وشعاره كلمته الشهيرة التى كان يرددها فى خطبه " إنما بقاء الباطل فى غفلة الحق عنه " .
4- الزعيم / سعد زغلول :-
رافق الشيخ/ محمد عبده إلى مجالس الزعيم جمال الدين الأفغانى وفى ذات يوم قرأ ألأفغانى بحثا ً عن الحرية فقال عنه :- فاتحة خير لمصر أن يكتب مثل هـذا الكلام غـلام لــم يبلغ سـن الشباب وكـان هـذا الغلام هـو سعـد زغلول !!
أنظر وافهم ياأخى وإعتبر!! إن سعدا ً غلام ويصاحب العلماء ويسعى لمجالسة الزعماء وهذا يعنى أن قرابته لم تحـذره ولم تخوفه من مصاحبتهم خوفا ً عليه من الحبس وحرصا ً على حياته ومستقبله كالذى يحدث الآن مــن أولياء الأمــور فيزرعـون فى قلوب الأبناء الخوف والوهن ولك الله يامصر .
الشاب سعد زغلول يؤلف جمعية لإصلاح الأزهر ويقوم بتعليق ا لمنشورات على أعمدته تطالب بالإصلاح وهو صاحب شعار" مصر للمصريين ".
شارك سعد فى تحرير صحيفة الوقائع المصرية بدعوة من رئيس تحريرها الشيخ / محمد عبده وكان سنه يقترب من العشرين.
بعد أحداث الثورة العرابية تم فصل سعد زغلول من عمله بوزارةالداخلية وبقى بالسجن نحو ثلاثة شهور بتهمة مناصرة الثورة.
فى عام 1892م تعين سعد بوظيفة نائب قاض بمحكمة الإستئناف فكان أول محامى مصرى تسند إليه وظيفة القضاء .
حصل على شهادة ليسانس الحقوق من فرنسا عام1897م فى نصف المدة المقررة للدراسة من بعد أن عيره رئيس المحكمة بأنه أقل من أن يأخذ برأيه فى التشريعات والقوانين .
تعين سعد زغلول وزيرا ً للمعارف من بعد حادثة دنشواى 1906م وقبل سعد هذه الوظيفة لينفذ أهدافه وطموحاته وسياسته فأصطدم بالإنجليز وبالأسرة الخديوية الحاكمة وفى ذلك الوقت كتب الزعيم مصطفى كامل يؤيده ويقول : - إن ما يعرفه الناس من أخلاق وصفات سعد بيك زغلول يحملهم على الإرتياح لهذا التعيين الذى صادف مصريا ً مشهورا ً بالكفاءة والدراية والعلم الغزير وحب الإنصاف والعدل .
تعين عام 1910م وزيرا ً للحقانية واختلف مع الإنجليز والخديوى فقدم إستقالته فاستحق أن يوصف بأنه إرادة قارعت المحتل .
5- القاضى / قاسم أمين :-
تولى منصب رئيس نيابة بنى سويف وكان أول عمل قام به فور توليه العمل هو إطلاق سراح الوطنيين الذين سجنتهم الإدارة عدوانا ً وظلما ً لشجاعتهم فى مواجهة المحتل .
عاد يوما ً إلى القاهرة ليجد تظاهرات الطلبة فى كل مكان ؛ ولجأ إليه أحدهم ممن أتهموا بالتحريض على الإضطرابات ومحكوم عليه بالسجن فأخفاه قاسم فى بيته أكثر من عام حتى إستطع أن يستصدرعفوا ً شاملا ً عنه .
فى عام 1891م كان قاسم أمين رئيسا ً لنيابة طنطا عندما تعرض لموقف صعب فتصرف فيه بكل حنكة وشجاعة وأختار الواجب الوطنى والوفاء لأهل مصر ولم يخشى المسئولين فى الوزارة !!
إنه لم يفزع خوفا ً على منصبه ولم يقطع صلته بالناس خاصة ذوى المواقـف الجريئة فى مواجهة الحكام إنه يقف معهم ويدافع عنهم .بعد إختفاء أسطورى دام تسع سنوات سلم الشيخ/ عبدالله النديم نفسه للشرطة وكان من أبرز زعماء الثورة العرابية وأصلب قادتها فى مواجهة القصر والإنجليز ؛ لقد كان البحث على أشده ومع ذلك إستمر مختفيا ً ولم يتقدم أحد للإرشاد عنه حتى سلم نفسه بمحض إرادته لما رأى أن الظهور إختيار مناسب لشخصه فى تلك الفترة .
عبدالله النديم يأتى إلى سراى النيابة لمحاكمته أمام قاسم أمين رئيس النيابة ! ماذا يفعل قاسم أمام النديم الرجل الوطنى الشجاع المجاهد وكيف يتصرف معه ؟
إنه وازن بين واجبه الوظيفى وواجبه الوطنى والشرعى فهو لم ينسحب ولم يتردد فأصدر حكما بوضع النديم رهن الحبس بعد أن هيأ له فى السجن أقصى ما يمكن من الرعاية والراحة وأعطاه من ماله الخاص ليسد حاجته ونفقته ؛ ثم ذهب ليكتب فى الصحف ويتصل بالمسئولين لينعت النديم بالصفات الكريمة التى يستحقها وأنكرها الجميع بعد سقوط عرابى !! واستطاع أن يستصدر قرارا ً بالعفو عنه عام1891م والإكتفاء بإبعاده عن مصر إلى بلاد الشام.
وهكذا كانت الشجاعة والشهامة والرجولة والوطنية وكلها مسميات لأمور شرعية أمر بها رب العزة ورسوله الكريم .
6- الشيخ / أحمد المحلاوى :-
هو رجل الدين الثائر الذى يرفض خدمة كل نظام كما يمثل الصلابة والعفة فى رفضه كل محاولات إغرائه بالعمل المريح واختارالإسلام الخطر الذى يؤدى إلى السجون والحياة على الكفاف والقليل .
كان الشيخ/ أحمد يتصدى بشكل مستمر لمشاكل المسلمين اليومية فى خطب الجمعة مما دفع أوسع الجماهير إلى الذهاب لمسجد القائد إبراهيم بالأسكندريه لسماع خطبه لأنها تعبر عن هـمومهم فى الإسكان والمواصلات والغلاء والحريات والصراع مع اليهود.
رفض الشيخ كل أشكال الترف والبهرجة فى إفتتاح قنال السويس معلنا ً أن هناك الكثيرين من الناس لا يجدون مساكن وكان من الأجدى أن تبنى الحكومة مساكن لهم بالعشرين مليون التى أنفقتها على الإحتفال .
الشيخ أحمد رفض سياسة الإنفتاح لأنها تربط إقتصادنا بالغرب الذى لايضمر لنا أى خير ودعا إلى سلوك نمط خاص فى التنمية الأقتصادية يعتمد على الشريعة الإسلامية .
وقف الشيخ بشدة ضد تزوير الإنتخابات ودعا إلى إطلاق الحريات السياسية وحرية إصدار الصحف وتشكيل الأحزاب وحق الإجتماع والتظاهر وحرية إبداء الرأى .
إستمر الشيخ فى تنديده المستمر بسياسة السلام مع دولة إسرائيل لأنها كيان إستعمارى يستهدف قلب الأمة المسلمة وان التناقض معهم لا يحله إلا فناء أحد الطرفين وإسرائيل تستهدف حضارتناوديننا وأرواحنا .
إنتقد الشيخ إستقبال السادات لشاه إيران معددا جرائم الشاه وأعلن أن مصر لا يليق بها أن تستقبل جلادى الشعوب وسافكى الدماء .
لكل هذه المواقف الشجاعة والمقولات الجريئة بدء السادات يتحرك ضد الشيخ ودبر قرار بوقفه ومنعه من خطبة الجمعة فى يونيه 1981م وتحويله إلى القضاء فحكم له بالبراءة !! ثم صدرالأمر بإعتقاله فى أحداث سبتمبر 1981م وقال السادات فى خطابه على الهواء دون حياء " الشيخ المحلاوى مرمى زى الكلب فى السجن".
وهكذا أدرك الشيخ/ المحلاوى أن عمل الداعية مع الناس وبهم وليس بديلا عنهم لذا فهو يحرك الجماهير نحـو التغيير وهذا الفكر هو ما خوف الحاكم فأنفعل بشدة وجفاء.
يقول الشيخ المحلاوى :- كنت من أشد المعجبين بالسادات فى بداية توليه السلطة خاصة بعد أن خفف قبضته على الإسلاميين وأخرج المعتقلين من السجون ؛ وفى ظاهره كان السادات حريصا ً على التدين !! وعندما قرر زيارة الكيان الصهيونى ظننت أنه يلاعبهم ويخادعهم إلى أن ظهرت الحقيقة فى الإتفاقية وبنودها السرية التى نجنى ثمارها المرة حتى الأن ؛ وبالفعل قمت بتنظيم عدة ندوات ومؤتمرات للتنديد بها وإعلان رفضها وكان الفراق الأخير الذى لا رجعة بعده .
7- المستشار / محمود عبد الحميدغـراب :-
رجل من طليعة القضاة الشرفاء الذين حملوا الرسالة وحكموا بالشريعة فكانت له أحكام وحيثيات غير مسبوقة فى ساحات القضاء ؛ منها حكمه الصادر بجلسة 22/11/1980م بمحكمة قسم بنى سويف فى جريمة سرقة وجاء فيها ما نصه :- .... وحيث أنه إستطرادا ً من المحكمة ودونما قيد عليها وإيمانا ً منها وإدراكا ً لكل المسئوليات الوطنية والقومية والعالمية وعرفانا ً بحق الله ورسالاته فإن قاضى هذه المحكمة يشكو بثه وحزنه إلى الله إبتداء ويبرأ من تطبيق أى نص وضعى يخالف شرع الله ثم إنه إنتهاء وعلى درب الشرفاء الأوفياء من قضاة مصر يذكر أولى الألباب ممن هم على قمة السلطات الثلاث خاصا ًبالذكر السيد رئيس الجمهورية وسماحة رئيس محكمة النقض ورئيس مجلس الشعب ورئيس الوزراء واضعا ً كلا ً منهم وجها لوجه أمام قبس من نور كتاب الله القائل:-" فلا تخشوالناس ولا تشتروا بآيتى ثمنا ً قليلا؛ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون" آيه 44 من سورة المائدة.
ومن المعلوم بالضرورة أن الإسلام عقيدة وشريعة وهو منهج كامل للحياة دين ودولة وعلى ذلك فهناك إلتزام على الحاكم أن يقيم حدود الله . إنتهى نص الحكم الغير مسبوق بنظير فكان علامة مضيئة فى تاريخ القضاء المصرى فى العصر الحديث .
المستشار / محمود غـراب يستمر على ذلك النهج الطيب وفى صف الشرفاء المحبوسين ويعلن وقفته الشجاعة مع عـبود الزمر وضد وزارة الداخلية ووزيرها اللواء زكى بدر وأطلق نداء وتأييد منشور بجريدة الأحرار فى 29/9/1986م قال فيه :- ياعـبود ... نناديك أخا مسلما ً ورجلا ً مناضلا ً وسيفا ً مصلتا ً على رقاب الأعداء ؛ نحن معك قلبا ً وقالبا ً فى كل ما يحيك به صدرك ويثور فى نفسك ويثور فى ذهنك نحس بإحساسك ونكتوى بنارك ؛ إن حكم القضاء واجب الإحترام ولكن أسلوب التنفيذ موضع النقد والإتهام ؛ وإن لم تملك أنت ولا نحن القدرة على التغيير والتعديل فإن الله ناصرك ومؤيدك ونحن نشد من أزرك ونقف معك بغير قيود أو حدود ما دمت على الحق والله يحفظك ويسدد خطاك ... إنتهى النداء.
المستشار محمود لم يكتفى بهذه الكلمات المنشورة بل أرسل إبنه الشاب / نزار ومعه رسالة شفهية مضمونها " والدى المستشار يريد أن يتشرف برؤيتكم " وفى اليوم التالى ذهبت مع عمى الحاج/ عبده زكى الزمر وبصحبة نزار إلى مسكن المستشار بالعجوزه فاستقبلنا بكلمات التقدير والثناء وعبر عن أسفه الشخصى لكون مساندته لعبود الزمر لا تتعدى الكلمات والأحاسيس ؛ وبعد نحو ساعة أردنا
الإنصراف فرفض إلا بعد تناول العشاء ؛ وبعد حل مشكلة منع زيارة عبود الزمربليمان طره ذهب معنا الشاب/ نزار غراب لزيارته نائبا ً عن والده فكان أصغر الزائرين سنا ًحتى ذلك الوقت .
فى7/7/1987م أرسل المستشار برقية إلى رئيس الجمهورية يطالبه بتطبيق الشريعة الإسلامية .
8- المقدم / عبود عبداللطيف الزمر :-
أشهر سجين سياسى بمصر والعالم العربى ؛ فى عام 2005م ترشح لإنتخابات رئاسة الجمهورية من السجن حيث يقضى عقوبته فى قضية إغتيال الرئيس الراحل أنور السادات فى 1981م ؛ وبدلا من الإفراج عنه بعد إنتهاء عقوبته فى 2001م قررت وزارة الداخلية المصرية إستمرار حبسه ليصبح حالة عملية ونموذجا ً فريدا ً لأطول مدة سجن على مستوى العالم.
وكما بدءنا هذه المقالة بموقف شجاع للشيخ / رفاعة سجل فيه أول مطالبة بوضع دستور ينظم العلاقة بين الأمة وحكامها فى العصر الحديث نختمها بموقف آخر شجاع يطالب بتعديل الدستور وتنقيتة من العيوب والقصور !! جاءت هذه المطالبة فى رسالة من عبود الزمر إلى الرئيس محمد حسنى مبارك بمناسبة الإنتخابات الرئاسية وتحت عنوان" مطلوب إصلاح سياسى عاجل بعيدا ًعن المناورات"
وتم نشر الرسالة بحريدة الغد بتاريخ 27/4/2005م وجاء فيها :-
.....إن مصرنا الغالية بحاجة إلى قيادة واعية لا تحمل فى قلبها غلا ً
للذين آمنوا ؛ قيادة تنظر فى اصلاح سياسى عاجل دون تسويف أو مراوغة ؛ إصلاح حقيقى بعيدا ً عن مناورات تفريغ المقترحات والقرارات من المضامين ؛ إصلاح حقيقى لا يستخف فيه أحد بعقول الشعب المصرى ولا يحتمل بين طياته مقص تفصيل الثياب التى لا تصلح إلا لشخص واحد معروف مسبقا ً ... إن حرص وزارة الداخلية على إستصدار بيانات حل جماعة وتفكيك آخرى أمر مثير للضحك لأنه لا يملك أحد هذا القرار لأن المسألة أعمق من أن يصدر بشأنها بيان ولكنها مسألة معالجة شاملة تبدأ من جانب النظام نفسه بنزع أسباب الخروج عليه وليس الإهتمام بتخطئة من يخرج عليه .....إن الأمر يحتاج إلى تدخل سياسى يبعث الأمل فىعودة الإستقرار الدائم والحل الذى يرتضيه من تأبى عليه كرامته أن يظل مضطهدا ً مدى حياته رهنا ً لقهر أصحاب السلطة الذين لا يرون هدفا ً أمامهم سوى الحفاظ على مناصبهم التى لا تدوم أبدا ً لهم مهما طال الزمن .... إن تصدى القضاء المصرى من خلال نظر دعاوى الجنح المباشرة كفيل بردع وزير يمتنع عن تنفيذ أحكام القضاء فيكون ذلك عبرة لغيره إذا تم عزله وحبسه ولكن يبقى التشريع مطلوبا ً لوقف تعديات رئيس الدولة إذا حنث فى يمينه الدستورية مثلا ً فلا يصلح أن تحميه حصانته ولا يصح أن يدافع عنه حرسه. إنتهى النص وفيه تبدو الشجاعة المصرية التى يتميز بها عبود الزمر وهو فى محبسه الطويل .
أخى القارئ الكريم أنظر وتأمل واعتبر ولاحظ فستجد أن مواقف البطولة وكلمات الشجاعة المنتقاة والتى عرضناها على شاشة هذه المدونة هى كلمات ومواقف لشخصيات ونماذج لا مثيل لها فى أنحاء البلاد وكلا ً منهم نسيج وحده ولا يقوى على قولهم وفعلهم أحدسواهم لذا كانت شجاعتهم محفورة فى ذاكرة التاريخ تحت عنوان الشجاعة المصرية والقضايا السياسية .
أخى القارئ الكريم وبعد أن قرأنا سويا ً سطورا ً عن الشجاعة المصرية تثور فى ذهنى عدة أسئلة نسردها عليك حتى تكتمل الفائدة ..
هل ستبقى أحزاب المعارضة مجرد منظر سياسى تتباهى به الحكومة عند حديثها عن الديمقراطية وحكم الشعب للشعب؟
والإجابة لا وألف لا فالمصريون فيها سيعملون على تقويتها حتى تؤثر فى القرار السياسى بكل شجاعة ... يارب قويهم.
هل ستبقى مسئولية رجال الأعمال غائبة وكل همهم هو جمع الأموال وإحتكار الثروة والسلطة والنفوذ ؟
والإجابة لا وألف لا فالمصريون منهم سيعملون على رد الحقوق للشعب واستثمار ثرواتهم فى كل ما هو صالح ومفيد .. يارب تقبل.
هل ستبقى الصحف القومية كما هى تروج للحكام وتبرر أخطائهم وتقدم الوهم والأحلام الكاذبة وتمنع قول الحق والحقيقة ؟
والإجابة لا والف لا فالمصريون فيها سيقفون وقفة رجل واحد لفك القيد وإنصاف المظلومين وتحرى الصدق بكل شجاعة .. يارب إستجب.
هل سيبقى الناس فى دوائرهم الإنتخابية يختارون النواب على أساس القرابة والنفوذ والإمكانات المالية ؟
والإجابة لا والف لا فالناس سيتحركون لإختيار النواب على أساس واعى ومدرك لمصالح الوطن الكبير مصر .. يارب إجمعهم .
وعندما تتحقق كل هذه الإجابات بإذن الله القادر والقدير عندها سنقول إن فى مصر رجال شجعان لا يخافون فى الله لومة لائم ماداموا على الحق والعدل والصدق والله ولى التوفيق .
&&&&&
" ما استحق أن يولد من عاش لنفسه "هكذا يقول الحكماء من العرب ويقول عبدالرحمن الرافعى " الشجاعة خلق عظيم تحرص عليه الأمم الطامحة إلى العلا ؛ والشجاعة هى قوام الأخلاق والفضائل فإذا فقد الشعب الشجاعة وحلت عليه الرهبة مكانها كان ذلك نذيرا ًبإنحلال الحياة القومية وفسادها فإنما الأمم إخلاق وفضائل ".
ويقول الزعيم جمال عبد الناصر " الخائفون لا يصنعون الحرية والمترددون لن تقوى أيديهم المرتعشة على البناء " .
ويقول صلى الله عليه وسلم " ... واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك ..." .
وهكذا أخى القارئ الكريم إستفتحنا هذه المقالة بكلمات الحكمة التى تؤكد على أن الشجاعة هى الدعامة والمنبت الخصيب ومنها تخرج الفضائل والأخلاق إلى حيز الوجود دون خوف أو تردد وبكل الثقة فى قضاء الله وقدره .
والناس مع حركة التاريخ أنواع مختلفة فمنهم من يولد ويعيش لنفسه يخاف ويتردد حتى يموت دون أن يحدث أثرا ً ؛ ومنهم من يدخلون التاريخ يحركونه ويصنعـونه بكل شجاعة وثقة وثبات دون خـوف أو تردد فيسطرون على صفحاته مواقـف من نور وضياء يظل التاريخ يحـفـظها لهم ويحكيها للناس كنماذج وأمثلة عـلى مـر السنين والأزمان.
وفى هذه المقالة أخـترت مجـموعة مـن الشخصيات المصرية التى عاشت وتفاعـلت مع الناس ومع الحدث السياسى المصرى بكل شجاعة وجرأة لا يقوى عليها سواهم ؛ فتركوا بصمات واضحـة ومضيئة وأصبحـت أعمالهم مثلا ونموذجا ً يهـتدى به السائرين عـلى طريق الحـرية والنهـضة الشاملة ؛ نضع هــذه النماذج أمام أنظار الطامعـين فى تولى المناصب العامة والقيادة وهـم يظنون أنها غنيمة وحسب ثم يخلدون للراحة من بعـد أن يظفروا بها ويصبحـون مثلا للتفاهة والخـوروالجـبن والخيانة وحسبنا الله ونعم الوكيل فيهم .
وقبل أن نبدأ فى كتابة المقالة نؤكد على أنها – أى المقالة – ليست تأليفا ً بقدر ماهى تجـميع لنصوص وردت بالمراجع التاريخـية والصحـف والمجلات وأضفـت إليها بعض التصرفات البسيطة لضبط سياق وتسلسل الأحداث أوتوضيح ما نراه مجملا ً حتى لا يمل القارئ وبسم الله نبدأ وعـلى بركته نسير ونجـمع السطور التالية حـول الشجاعة المصرية والقضايا السياسية .
1- الشيخ / رفاعه الطهطاوى :-
من رواد عصر التنوير .. حرك مياه الفكرالمصرى الراكدة وأخرجها من أسر التقليد إلى رحابة التجديد بكل شجاعة ؛ وكان جريئا ً فى طرح أفكاره التى تدعو إلى أن يكون هناك دستور ينظم العلاقة بين الأمة وحكامها و بعـد عـودته من بعثته إلى باريس عاصمة فرنسا أشاد الطهطاوى بالحـرية التى يعيش فيها الفـرنجة وبرر تمتعهم بها بأن فى بلادهم قانون مكتوب يوضح حـق الحاكم والمحكوم ويتراضى عليه الجميع وهـو الدستور .
الشيخ / رفاعه بدأ وعاش حياته شيخا ً عالما ً بالأزهر الشريف ومع هذا وجدناه يتكلم فى السياسة ونظم الحكم ليبرهن على أن الإسلام دين ونظام حياة ويشير إلى أن نظـم الحـكم ثلاثة أنواع متصارعة هـى الملكيـة المطلقـة والملكية المقـيدة والجمهورية ؛ ولفظة الجمهورية هـو الذى أدخلها بهذا المعنى فى اللغة العربية .
وأشار الشيخ إلى قول المفكر الفرنسى/ جان جاك روسو بأن الرعية يجب أن توكل عنها من تختاره منها للحكم وقال بكل شجاعة : -شريعة الإسلام التى عليها مدار الحكومة الإسلامية تشمل الأنواع الثلاثة من نظم الحكم .. المطلق .. والمقيد .. والجمهورى .
2- الزعـيم / أحمد عـرابى :-
تقابل مع رئيس النظار ليعرض عليه المطالب الشعبية فأجابه الأخيرقائلا ً :- ليس فى البلاد من هوأهل لمجلس النواب !! فقال عرابى :- عجبا ً !! إنك مصرى وباقى النظار مصريون والخديوى أيضا ً مصرى أتظن أن مصر ولدتكم ثم عقمت !! ففيها من العلماء والنبهاء والفضلاء والبلغاء ؛ وعلى فرض أنه ليس فيها من يليق كما ظننت أفلا يمكن إنشاء مجلس يستمد معارفكم ويكون كمدرسة إبتدائية وبعد خمسة أعـوام يتخـرج فيها رجال يحـترمون الوطن بصائب فكرهم ويعضدون الحكومة فى مشروعاتها الوطنية؟ فأنبهر رئيس النظار وقال سننظرفى طلباتكم .
أنظر ياأخى إنها شجاعة الرجل المؤمن ؛ والمؤمن كيس فطن لا يهاب أن يقول الرأى والمطلب وشعاره دائما ً " إذا قلت لا تخف".
3- الإمام / محمد عبده :-
أدرك ببصيرته أنه لا يصلح حال هذه الأمة إلا بما صلح به أولها ؛ فالدين هو أساس الإصلاح فى كل زمان ومكان ؛ فشرع الشيخ فى تطوير الأزهر وراح يعـقـد الحـلقات التعليمية ليوضح للناس مراد الله مـن خـلقه وأن إستخلاف آدم فى الأرض لا بد وأن يكون على منهج الدين وشريعة الإسلام ؛ وأخذ يكتب فى الصحف ليرقى بعقول الناس ويعلو بثقافتهم فكان له فى كل وظيفة تقلدها أو عمل تولاه بصمات تجديد واضحة عمل بها فى شجاعة وتحدى ومثابرة .
فـى عام 1871م وفـد إلى مصر الإمام الثائر/ جمال الدين الأفغانى وهـو داعـية للتحرر من الإستعمار الإجنبى ووحدة الأمة الإسلامية لذلك كان الأفغانى يناصب أكبر قوى الأرض العداء ؛ ومع ذلك إلتزمه الشيخ/ محمد عبده وصار من أقـرب تلاميذه وأقدرهم على الفهم ؛ ولم يخف على وظيفته وحياته وأختار الشجاعة الأدبية ليكمل مسيرة الإصلاح بفكر الإمام الأفغانى .
كتب الشيخ / محمد عبده مقالات كثيرة تعبر عن أفكاره المتجددة وكان مما كتبه عام 1877م مقال منشور بصحيفة الأهرام بعنوان
" العلوم الكلامية والدعوة إلى العلوم العصرية " جاء فيها :- علينا أن ننظر إلى أحوال جيراننا من الشعوب والدول وما الذى نقلهم من حالهم الأول وأدى بهم إلى أن صاروا أغنياء أقوياء حتى كادوا أن يتسلطوا علينا بأموالهم ورجالهم إن لم نقل قد تسلطوا بالفعل !!
فإذا حققنا السبب وجب علينا أن نسارع إليه حتى نتدارك ما فات !! وها نحن بعد النظر لا نجد سببا ً لترقيهم فى الثروة والقوة إلا إرتقاء المعارف والعلوم بينهم فقادتهم إلى رشادهم ؛ لذلك أول واجب علينا هو السعى بكل جد وإجتهاد فى نشر هذه العلوم فى بلادنا . طب وهندسة وزراعة وفلك وغيرها . إنتهى النص
هذه الأفكار لا يدرك القارئ الكريم مدى جرأتها وشجاعة من قالها فى ذلك الزمان إلا إذا علم أن الخديوى/ توفيق قد أمر بعزل الشيخ من التدريس فى عام1879م وحدد إقامته فى قريته وبعد عام صدر عنه العفو ؛ وكان الخديوى توفيق قد تولى الحكومة بنفسه وأمر بطرد الزعيم / جمال الدين الأفغانى من الديار المصرية وألزم جميع الصحف بنشر الخبر بالصيغة التى بعث بها فجاء فى بيان الحكومة :--------" أن جمال الدين الأفغانى يرأس جمعية سرية من الشبان ذوى البطش مجتمعة على فساد الدين والدنيا المضر بالحرية ! وأن الحكومة أبعدت هذا الشخص المفسد من الديار المصرية لإزالة هذا الفساد من البلاد !! " وبالطبع كان الشيخ/ محمد عبده من ضمن هؤلاء المفسدين !!
عـندما قامت الثورة المصرية بزعامة / أحــمد عــرابى سارع الشـيخ لتأييدها ومناصرتها بكل شجاعة وجرأة وأفتى بعزل الخديوى توفيق من حكم مصر!! وبعد هزيمة العرابيين ودخول الإنجليز وإحتلال مصرفى 1882م تم نفى الشيخ / محمد عـبده إلى بيروت وكان برفـقـته الأميرآلاى / محـمد بيك الزمر النائب العـسكرى لعـرابى وبقيا هناك لمدة خمس سنوات .
تعين الشيخ مفتيا ً للديار المصرية فى عام 1899م فكانت له فتاوى غير مسبوقة فى أمور تحتاج إلى شجاعة الربان الماهر فى مواجهة الأعاصير المدمرة ؛ منها إباحته للمسلمين الأكل من ذبائح غير المسلمين عند الضرورة ؛ وأفتى للمسلمين بجواز إرتداء الزى والملبس غير التقليدى تيسيرا ً لأمور معاشهم؛ وهو الذى أصدر فتواه التى تعتبر تجديدا ً مهما فى الفقه وهى الفتوى الخاصة بصحة قبول ودائع توفير البريد وصحة نظام التأمين وهو ما ساعد على تأسيس النهضة الأولى للإقتصاد المصرى عن طريق قبول الإدخار الإجتماعى وتشغيله لمصلحة المجتمع والناس .
تضامن الشيخ مع الكاتب والمفكر الروسى " تولستوى " بعد أن حكمت عـليه الكنيسة التابع لها بالحرمان فقال فى رسالته ما نصه:-
إن أرفع مجد بلغته وأكبر جزاء نلته على متاعبك فى النصح والإرشاد هذا هو الذى سماه الغافلون الحرمان والإبعاد فليس ما حصل لك من رؤساء الكنيسة سوى إعتراف منهم أعلنوه للناس بأنك لست من القوم الضالين فأحمد الله على أن فارقوك فى أقوالهم كما كنت فارقتهم فى عقائدهم وأعمالهم. إنتهى النص
وهكذا عاش الشيخ/ محمد عبده وشعاره كلمته الشهيرة التى كان يرددها فى خطبه " إنما بقاء الباطل فى غفلة الحق عنه " .
4- الزعيم / سعد زغلول :-
رافق الشيخ/ محمد عبده إلى مجالس الزعيم جمال الدين الأفغانى وفى ذات يوم قرأ ألأفغانى بحثا ً عن الحرية فقال عنه :- فاتحة خير لمصر أن يكتب مثل هـذا الكلام غـلام لــم يبلغ سـن الشباب وكـان هـذا الغلام هـو سعـد زغلول !!
أنظر وافهم ياأخى وإعتبر!! إن سعدا ً غلام ويصاحب العلماء ويسعى لمجالسة الزعماء وهذا يعنى أن قرابته لم تحـذره ولم تخوفه من مصاحبتهم خوفا ً عليه من الحبس وحرصا ً على حياته ومستقبله كالذى يحدث الآن مــن أولياء الأمــور فيزرعـون فى قلوب الأبناء الخوف والوهن ولك الله يامصر .
الشاب سعد زغلول يؤلف جمعية لإصلاح الأزهر ويقوم بتعليق ا لمنشورات على أعمدته تطالب بالإصلاح وهو صاحب شعار" مصر للمصريين ".
شارك سعد فى تحرير صحيفة الوقائع المصرية بدعوة من رئيس تحريرها الشيخ / محمد عبده وكان سنه يقترب من العشرين.
بعد أحداث الثورة العرابية تم فصل سعد زغلول من عمله بوزارةالداخلية وبقى بالسجن نحو ثلاثة شهور بتهمة مناصرة الثورة.
فى عام 1892م تعين سعد بوظيفة نائب قاض بمحكمة الإستئناف فكان أول محامى مصرى تسند إليه وظيفة القضاء .
حصل على شهادة ليسانس الحقوق من فرنسا عام1897م فى نصف المدة المقررة للدراسة من بعد أن عيره رئيس المحكمة بأنه أقل من أن يأخذ برأيه فى التشريعات والقوانين .
تعين سعد زغلول وزيرا ً للمعارف من بعد حادثة دنشواى 1906م وقبل سعد هذه الوظيفة لينفذ أهدافه وطموحاته وسياسته فأصطدم بالإنجليز وبالأسرة الخديوية الحاكمة وفى ذلك الوقت كتب الزعيم مصطفى كامل يؤيده ويقول : - إن ما يعرفه الناس من أخلاق وصفات سعد بيك زغلول يحملهم على الإرتياح لهذا التعيين الذى صادف مصريا ً مشهورا ً بالكفاءة والدراية والعلم الغزير وحب الإنصاف والعدل .
تعين عام 1910م وزيرا ً للحقانية واختلف مع الإنجليز والخديوى فقدم إستقالته فاستحق أن يوصف بأنه إرادة قارعت المحتل .
5- القاضى / قاسم أمين :-
تولى منصب رئيس نيابة بنى سويف وكان أول عمل قام به فور توليه العمل هو إطلاق سراح الوطنيين الذين سجنتهم الإدارة عدوانا ً وظلما ً لشجاعتهم فى مواجهة المحتل .
عاد يوما ً إلى القاهرة ليجد تظاهرات الطلبة فى كل مكان ؛ ولجأ إليه أحدهم ممن أتهموا بالتحريض على الإضطرابات ومحكوم عليه بالسجن فأخفاه قاسم فى بيته أكثر من عام حتى إستطع أن يستصدرعفوا ً شاملا ً عنه .
فى عام 1891م كان قاسم أمين رئيسا ً لنيابة طنطا عندما تعرض لموقف صعب فتصرف فيه بكل حنكة وشجاعة وأختار الواجب الوطنى والوفاء لأهل مصر ولم يخشى المسئولين فى الوزارة !!
إنه لم يفزع خوفا ً على منصبه ولم يقطع صلته بالناس خاصة ذوى المواقـف الجريئة فى مواجهة الحكام إنه يقف معهم ويدافع عنهم .بعد إختفاء أسطورى دام تسع سنوات سلم الشيخ/ عبدالله النديم نفسه للشرطة وكان من أبرز زعماء الثورة العرابية وأصلب قادتها فى مواجهة القصر والإنجليز ؛ لقد كان البحث على أشده ومع ذلك إستمر مختفيا ً ولم يتقدم أحد للإرشاد عنه حتى سلم نفسه بمحض إرادته لما رأى أن الظهور إختيار مناسب لشخصه فى تلك الفترة .
عبدالله النديم يأتى إلى سراى النيابة لمحاكمته أمام قاسم أمين رئيس النيابة ! ماذا يفعل قاسم أمام النديم الرجل الوطنى الشجاع المجاهد وكيف يتصرف معه ؟
إنه وازن بين واجبه الوظيفى وواجبه الوطنى والشرعى فهو لم ينسحب ولم يتردد فأصدر حكما بوضع النديم رهن الحبس بعد أن هيأ له فى السجن أقصى ما يمكن من الرعاية والراحة وأعطاه من ماله الخاص ليسد حاجته ونفقته ؛ ثم ذهب ليكتب فى الصحف ويتصل بالمسئولين لينعت النديم بالصفات الكريمة التى يستحقها وأنكرها الجميع بعد سقوط عرابى !! واستطاع أن يستصدر قرارا ً بالعفو عنه عام1891م والإكتفاء بإبعاده عن مصر إلى بلاد الشام.
وهكذا كانت الشجاعة والشهامة والرجولة والوطنية وكلها مسميات لأمور شرعية أمر بها رب العزة ورسوله الكريم .
6- الشيخ / أحمد المحلاوى :-
هو رجل الدين الثائر الذى يرفض خدمة كل نظام كما يمثل الصلابة والعفة فى رفضه كل محاولات إغرائه بالعمل المريح واختارالإسلام الخطر الذى يؤدى إلى السجون والحياة على الكفاف والقليل .
كان الشيخ/ أحمد يتصدى بشكل مستمر لمشاكل المسلمين اليومية فى خطب الجمعة مما دفع أوسع الجماهير إلى الذهاب لمسجد القائد إبراهيم بالأسكندريه لسماع خطبه لأنها تعبر عن هـمومهم فى الإسكان والمواصلات والغلاء والحريات والصراع مع اليهود.
رفض الشيخ كل أشكال الترف والبهرجة فى إفتتاح قنال السويس معلنا ً أن هناك الكثيرين من الناس لا يجدون مساكن وكان من الأجدى أن تبنى الحكومة مساكن لهم بالعشرين مليون التى أنفقتها على الإحتفال .
الشيخ أحمد رفض سياسة الإنفتاح لأنها تربط إقتصادنا بالغرب الذى لايضمر لنا أى خير ودعا إلى سلوك نمط خاص فى التنمية الأقتصادية يعتمد على الشريعة الإسلامية .
وقف الشيخ بشدة ضد تزوير الإنتخابات ودعا إلى إطلاق الحريات السياسية وحرية إصدار الصحف وتشكيل الأحزاب وحق الإجتماع والتظاهر وحرية إبداء الرأى .
إستمر الشيخ فى تنديده المستمر بسياسة السلام مع دولة إسرائيل لأنها كيان إستعمارى يستهدف قلب الأمة المسلمة وان التناقض معهم لا يحله إلا فناء أحد الطرفين وإسرائيل تستهدف حضارتناوديننا وأرواحنا .
إنتقد الشيخ إستقبال السادات لشاه إيران معددا جرائم الشاه وأعلن أن مصر لا يليق بها أن تستقبل جلادى الشعوب وسافكى الدماء .
لكل هذه المواقف الشجاعة والمقولات الجريئة بدء السادات يتحرك ضد الشيخ ودبر قرار بوقفه ومنعه من خطبة الجمعة فى يونيه 1981م وتحويله إلى القضاء فحكم له بالبراءة !! ثم صدرالأمر بإعتقاله فى أحداث سبتمبر 1981م وقال السادات فى خطابه على الهواء دون حياء " الشيخ المحلاوى مرمى زى الكلب فى السجن".
وهكذا أدرك الشيخ/ المحلاوى أن عمل الداعية مع الناس وبهم وليس بديلا عنهم لذا فهو يحرك الجماهير نحـو التغيير وهذا الفكر هو ما خوف الحاكم فأنفعل بشدة وجفاء.
يقول الشيخ المحلاوى :- كنت من أشد المعجبين بالسادات فى بداية توليه السلطة خاصة بعد أن خفف قبضته على الإسلاميين وأخرج المعتقلين من السجون ؛ وفى ظاهره كان السادات حريصا ً على التدين !! وعندما قرر زيارة الكيان الصهيونى ظننت أنه يلاعبهم ويخادعهم إلى أن ظهرت الحقيقة فى الإتفاقية وبنودها السرية التى نجنى ثمارها المرة حتى الأن ؛ وبالفعل قمت بتنظيم عدة ندوات ومؤتمرات للتنديد بها وإعلان رفضها وكان الفراق الأخير الذى لا رجعة بعده .
7- المستشار / محمود عبد الحميدغـراب :-
رجل من طليعة القضاة الشرفاء الذين حملوا الرسالة وحكموا بالشريعة فكانت له أحكام وحيثيات غير مسبوقة فى ساحات القضاء ؛ منها حكمه الصادر بجلسة 22/11/1980م بمحكمة قسم بنى سويف فى جريمة سرقة وجاء فيها ما نصه :- .... وحيث أنه إستطرادا ً من المحكمة ودونما قيد عليها وإيمانا ً منها وإدراكا ً لكل المسئوليات الوطنية والقومية والعالمية وعرفانا ً بحق الله ورسالاته فإن قاضى هذه المحكمة يشكو بثه وحزنه إلى الله إبتداء ويبرأ من تطبيق أى نص وضعى يخالف شرع الله ثم إنه إنتهاء وعلى درب الشرفاء الأوفياء من قضاة مصر يذكر أولى الألباب ممن هم على قمة السلطات الثلاث خاصا ًبالذكر السيد رئيس الجمهورية وسماحة رئيس محكمة النقض ورئيس مجلس الشعب ورئيس الوزراء واضعا ً كلا ً منهم وجها لوجه أمام قبس من نور كتاب الله القائل:-" فلا تخشوالناس ولا تشتروا بآيتى ثمنا ً قليلا؛ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون" آيه 44 من سورة المائدة.
ومن المعلوم بالضرورة أن الإسلام عقيدة وشريعة وهو منهج كامل للحياة دين ودولة وعلى ذلك فهناك إلتزام على الحاكم أن يقيم حدود الله . إنتهى نص الحكم الغير مسبوق بنظير فكان علامة مضيئة فى تاريخ القضاء المصرى فى العصر الحديث .
المستشار / محمود غـراب يستمر على ذلك النهج الطيب وفى صف الشرفاء المحبوسين ويعلن وقفته الشجاعة مع عـبود الزمر وضد وزارة الداخلية ووزيرها اللواء زكى بدر وأطلق نداء وتأييد منشور بجريدة الأحرار فى 29/9/1986م قال فيه :- ياعـبود ... نناديك أخا مسلما ً ورجلا ً مناضلا ً وسيفا ً مصلتا ً على رقاب الأعداء ؛ نحن معك قلبا ً وقالبا ً فى كل ما يحيك به صدرك ويثور فى نفسك ويثور فى ذهنك نحس بإحساسك ونكتوى بنارك ؛ إن حكم القضاء واجب الإحترام ولكن أسلوب التنفيذ موضع النقد والإتهام ؛ وإن لم تملك أنت ولا نحن القدرة على التغيير والتعديل فإن الله ناصرك ومؤيدك ونحن نشد من أزرك ونقف معك بغير قيود أو حدود ما دمت على الحق والله يحفظك ويسدد خطاك ... إنتهى النداء.
المستشار محمود لم يكتفى بهذه الكلمات المنشورة بل أرسل إبنه الشاب / نزار ومعه رسالة شفهية مضمونها " والدى المستشار يريد أن يتشرف برؤيتكم " وفى اليوم التالى ذهبت مع عمى الحاج/ عبده زكى الزمر وبصحبة نزار إلى مسكن المستشار بالعجوزه فاستقبلنا بكلمات التقدير والثناء وعبر عن أسفه الشخصى لكون مساندته لعبود الزمر لا تتعدى الكلمات والأحاسيس ؛ وبعد نحو ساعة أردنا
الإنصراف فرفض إلا بعد تناول العشاء ؛ وبعد حل مشكلة منع زيارة عبود الزمربليمان طره ذهب معنا الشاب/ نزار غراب لزيارته نائبا ً عن والده فكان أصغر الزائرين سنا ًحتى ذلك الوقت .
فى7/7/1987م أرسل المستشار برقية إلى رئيس الجمهورية يطالبه بتطبيق الشريعة الإسلامية .
8- المقدم / عبود عبداللطيف الزمر :-
أشهر سجين سياسى بمصر والعالم العربى ؛ فى عام 2005م ترشح لإنتخابات رئاسة الجمهورية من السجن حيث يقضى عقوبته فى قضية إغتيال الرئيس الراحل أنور السادات فى 1981م ؛ وبدلا من الإفراج عنه بعد إنتهاء عقوبته فى 2001م قررت وزارة الداخلية المصرية إستمرار حبسه ليصبح حالة عملية ونموذجا ً فريدا ً لأطول مدة سجن على مستوى العالم.
وكما بدءنا هذه المقالة بموقف شجاع للشيخ / رفاعة سجل فيه أول مطالبة بوضع دستور ينظم العلاقة بين الأمة وحكامها فى العصر الحديث نختمها بموقف آخر شجاع يطالب بتعديل الدستور وتنقيتة من العيوب والقصور !! جاءت هذه المطالبة فى رسالة من عبود الزمر إلى الرئيس محمد حسنى مبارك بمناسبة الإنتخابات الرئاسية وتحت عنوان" مطلوب إصلاح سياسى عاجل بعيدا ًعن المناورات"
وتم نشر الرسالة بحريدة الغد بتاريخ 27/4/2005م وجاء فيها :-
.....إن مصرنا الغالية بحاجة إلى قيادة واعية لا تحمل فى قلبها غلا ً
للذين آمنوا ؛ قيادة تنظر فى اصلاح سياسى عاجل دون تسويف أو مراوغة ؛ إصلاح حقيقى بعيدا ً عن مناورات تفريغ المقترحات والقرارات من المضامين ؛ إصلاح حقيقى لا يستخف فيه أحد بعقول الشعب المصرى ولا يحتمل بين طياته مقص تفصيل الثياب التى لا تصلح إلا لشخص واحد معروف مسبقا ً ... إن حرص وزارة الداخلية على إستصدار بيانات حل جماعة وتفكيك آخرى أمر مثير للضحك لأنه لا يملك أحد هذا القرار لأن المسألة أعمق من أن يصدر بشأنها بيان ولكنها مسألة معالجة شاملة تبدأ من جانب النظام نفسه بنزع أسباب الخروج عليه وليس الإهتمام بتخطئة من يخرج عليه .....إن الأمر يحتاج إلى تدخل سياسى يبعث الأمل فىعودة الإستقرار الدائم والحل الذى يرتضيه من تأبى عليه كرامته أن يظل مضطهدا ً مدى حياته رهنا ً لقهر أصحاب السلطة الذين لا يرون هدفا ً أمامهم سوى الحفاظ على مناصبهم التى لا تدوم أبدا ً لهم مهما طال الزمن .... إن تصدى القضاء المصرى من خلال نظر دعاوى الجنح المباشرة كفيل بردع وزير يمتنع عن تنفيذ أحكام القضاء فيكون ذلك عبرة لغيره إذا تم عزله وحبسه ولكن يبقى التشريع مطلوبا ً لوقف تعديات رئيس الدولة إذا حنث فى يمينه الدستورية مثلا ً فلا يصلح أن تحميه حصانته ولا يصح أن يدافع عنه حرسه. إنتهى النص وفيه تبدو الشجاعة المصرية التى يتميز بها عبود الزمر وهو فى محبسه الطويل .
أخى القارئ الكريم أنظر وتأمل واعتبر ولاحظ فستجد أن مواقف البطولة وكلمات الشجاعة المنتقاة والتى عرضناها على شاشة هذه المدونة هى كلمات ومواقف لشخصيات ونماذج لا مثيل لها فى أنحاء البلاد وكلا ً منهم نسيج وحده ولا يقوى على قولهم وفعلهم أحدسواهم لذا كانت شجاعتهم محفورة فى ذاكرة التاريخ تحت عنوان الشجاعة المصرية والقضايا السياسية .
أخى القارئ الكريم وبعد أن قرأنا سويا ً سطورا ً عن الشجاعة المصرية تثور فى ذهنى عدة أسئلة نسردها عليك حتى تكتمل الفائدة ..
هل ستبقى أحزاب المعارضة مجرد منظر سياسى تتباهى به الحكومة عند حديثها عن الديمقراطية وحكم الشعب للشعب؟
والإجابة لا وألف لا فالمصريون فيها سيعملون على تقويتها حتى تؤثر فى القرار السياسى بكل شجاعة ... يارب قويهم.
هل ستبقى مسئولية رجال الأعمال غائبة وكل همهم هو جمع الأموال وإحتكار الثروة والسلطة والنفوذ ؟
والإجابة لا وألف لا فالمصريون منهم سيعملون على رد الحقوق للشعب واستثمار ثرواتهم فى كل ما هو صالح ومفيد .. يارب تقبل.
هل ستبقى الصحف القومية كما هى تروج للحكام وتبرر أخطائهم وتقدم الوهم والأحلام الكاذبة وتمنع قول الحق والحقيقة ؟
والإجابة لا والف لا فالمصريون فيها سيقفون وقفة رجل واحد لفك القيد وإنصاف المظلومين وتحرى الصدق بكل شجاعة .. يارب إستجب.
هل سيبقى الناس فى دوائرهم الإنتخابية يختارون النواب على أساس القرابة والنفوذ والإمكانات المالية ؟
والإجابة لا والف لا فالناس سيتحركون لإختيار النواب على أساس واعى ومدرك لمصالح الوطن الكبير مصر .. يارب إجمعهم .
وعندما تتحقق كل هذه الإجابات بإذن الله القادر والقدير عندها سنقول إن فى مصر رجال شجعان لا يخافون فى الله لومة لائم ماداموا على الحق والعدل والصدق والله ولى التوفيق .
&&&&&
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق