عبود وطارق الزمر قضوا 28عاما ً في السجن.. ألم يأن الأوان للإفراج عنهما
بقلم د/ ناجح إبراهيم
28 عاماً كاملة بالميلادية.. وقرابة 29 عاماً بالهجرية قضاها الشيخ/ عبود الزمر وابن عمه د/ طارق الزمر في السجون المصرية.. في أول سابقة من نوعها في التاريخ السياسي المصري.. بل أظنها في تاريخ السجون السياسية في العالم كله.. فمانديلا مكث في السجن 27عاماً.. ومع ذلك يضرب به المثل في العالم كله على طول مكثه في السجون.
وقد كان لنا أخ طريف كان يقول للشيخ عبود منذ قرابة عشرين عاما ً كاملة " عبود مانديلا! في وصلات المزاح الليلية أثناء فترات السجن الانفرادي في السجون.. وكان ذلك تقريبا ً في عام 1987م .. وكأنه يقرأ الغيب أو يستشرف المستقبل.
وكان يطلق هذا اللقب أيضاً على عدة إخوة منا.. وكلهم مكثوا قرابة ربع قرن تقريباً.. وكان أطول رقم قياسي للسجون السياسية في الستينات ما مكثه بعض قادة الإخوان المسلمون وهو 19عاماً حيث سجنوا 1954م وخرجوا عام 1973م .. وكان من بين هؤلاء الشيوخ أحمد حسانين ومصطفى مشهور وحامد أبو النصر رحمهم الله جميعاً.
وكنا نظن أن أحداً منا لن يتخطى سقف العشرين.. فلما جاوزناها لم يتصور أحدنا أن يمكث واحد منا أكثر من ربع قرن.. حتى كسر الشيخ عبود ود/ طارق هذه القاعدة ليسجلا سبقاً مؤلماً وحزيناً ومؤسفاً في الوقت نفسه في تاريخ السجون السياسية في تاريخ مصر كله.
والشيخان عبود وطارق من أسرة كريمة وعائلة عريقة معروفة بالرجولة والشهامة والتدين والوطنية والأدب والرقي في الوقت نفسه.. وقد كانت أسرة الزمر دائماً رغم وطنيتها في صف الحكومة وحزبها..ً حتى كسر هؤلاء مع آخرين بعدهم هذه القاعدة.. ليكون بعض الأسرة في صفها.. والبعض الآخر في صف معارضيها.
وقد أدخلت الأسرة الشيخ عبود في شبابه الكلية الحربية ليتأسى بعمه الشهير والبطل المعروف اللواء / أحمد عبود الزمر.
بقلم د/ ناجح إبراهيم
28 عاماً كاملة بالميلادية.. وقرابة 29 عاماً بالهجرية قضاها الشيخ/ عبود الزمر وابن عمه د/ طارق الزمر في السجون المصرية.. في أول سابقة من نوعها في التاريخ السياسي المصري.. بل أظنها في تاريخ السجون السياسية في العالم كله.. فمانديلا مكث في السجن 27عاماً.. ومع ذلك يضرب به المثل في العالم كله على طول مكثه في السجون.
وقد كان لنا أخ طريف كان يقول للشيخ عبود منذ قرابة عشرين عاما ً كاملة " عبود مانديلا! في وصلات المزاح الليلية أثناء فترات السجن الانفرادي في السجون.. وكان ذلك تقريبا ً في عام 1987م .. وكأنه يقرأ الغيب أو يستشرف المستقبل.
وكان يطلق هذا اللقب أيضاً على عدة إخوة منا.. وكلهم مكثوا قرابة ربع قرن تقريباً.. وكان أطول رقم قياسي للسجون السياسية في الستينات ما مكثه بعض قادة الإخوان المسلمون وهو 19عاماً حيث سجنوا 1954م وخرجوا عام 1973م .. وكان من بين هؤلاء الشيوخ أحمد حسانين ومصطفى مشهور وحامد أبو النصر رحمهم الله جميعاً.
وكنا نظن أن أحداً منا لن يتخطى سقف العشرين.. فلما جاوزناها لم يتصور أحدنا أن يمكث واحد منا أكثر من ربع قرن.. حتى كسر الشيخ عبود ود/ طارق هذه القاعدة ليسجلا سبقاً مؤلماً وحزيناً ومؤسفاً في الوقت نفسه في تاريخ السجون السياسية في تاريخ مصر كله.
والشيخان عبود وطارق من أسرة كريمة وعائلة عريقة معروفة بالرجولة والشهامة والتدين والوطنية والأدب والرقي في الوقت نفسه.. وقد كانت أسرة الزمر دائماً رغم وطنيتها في صف الحكومة وحزبها..ً حتى كسر هؤلاء مع آخرين بعدهم هذه القاعدة.. ليكون بعض الأسرة في صفها.. والبعض الآخر في صف معارضيها.
وقد أدخلت الأسرة الشيخ عبود في شبابه الكلية الحربية ليتأسى بعمه الشهير والبطل المعروف اللواء / أحمد عبود الزمر.
وكان اللواء الزمر من أبرز القادة العسكريين المصريين في حرب أكتوبر المجيدة.. وكان قائداً لإحدى الفرق المدرعة التي تصدت للجيش الإسرائيلي في ثغرة الدفرسوار.. والتي دخلت منها قوات شارون من شرق القناة إلي غربها.. ثم استترت بالأشجار الكثيفة في قرى الإسماعيلية.. وفشلت في حصار مدينة الإسماعيلية.. ولكنها حاصرت مدينة السويس وهي تتقدم جنوباً.
وقد أبلت هذه الفرقة بلاءًَ حسناً ودافعت عن الطريق المؤدي إلي القاهرة ببسالة منقطعة النظير.. ورفض اللواء / أحمد الزمر الاستسلام أو إخلاء مركز قيادته أو الإنسحاب منه.. وظل يقاوم بنفسه مع جنوده وضباطه حتى دمرت الدبابات الإسرائيلية مركز قيادته وقتلته.
ولذلك استحق عن جدارة أن ينال أرفع الأوسمة العسكرية ومنها نجمة سيناء من الطبقة الأولى.. وهي أرفع وسام عسكري مصري.
وقد كان اللواء/ أحمد الزمر رغم شجاعته ورجولته يصيبه الزكام كثيرا ً.. فكان يقول للضابط الصغير عبود الزمر: رحم الله والدي هو السبب في ذلك.. فقد أنجبني وهو كبير في السن.
وترجع هذه القصة إلى أن والد اللواء/ الزمر تزوج زوجة أخرى في المنيا بعد أن كبر سنه وأنجب منها اللواء/ أحمد الزمر.
ومن الأقدار العجيبة أن اللواء/ أحمد الزمر كان مشهورا ً بالكفاءة العسكرية منذ صغره.. ومن أجل ذلك كان يعمل ضابطاً كبيراً بمبنى القيادة العامة للجيش المصري في الستينات تحت رئاسة المشير عامر.
فلما حدثت نكسة 1967م احتجز عبد الناصر كل ضباط القيادة العامة لمدة عام كامل في مبنى الكلية الحربية.. ثم سرحهم من الخدمة.. حيث اعتقد أن ولاءهم جميعاً للمشير عامر وشمس بدران.. وكان ذلك خطئاً فادحاً.. وذلك لأن هؤلاء الضباط كانوا من أكفأ ضباط الجيش المصري.. ولم يكونوا جميعاً موالين للمشير عامر أو شمس بدران.. وكان وجودهم بجوار الرجلين طبيعياً بحكم عملهم فقط في القيادة العامة.
وقد أحسن السادات حينما أعاد اللواء/ أحمد الزمر ومعظم هؤلاء الضباط إلى الخدمة العسكرية مرة أخرى.. وأعاد تأهيلهم عسكرياً بدراسات داخل مصر وخارجها.. وكان هؤلاء من أسباب نصر أكتوبر 1973م.. فقد أبلوا جميعاً بلاءً حسنا ً في هذه الحرب ومنهم اللواء/ أحمد الزمر.
وقد كان اللواء/ أحمد الزمر يحب الشيخ عبود حبا ً شديدا ً وخاصة بعد أن أصبح الأخير ضابطاً مثله.. وقد خاض الأثنين حرب أكتوبر فاستشهد الأول..
أما الشيخ عبود الزمر فقد كان وقت الحرب برتبة النقيب في سلاح الإستطلاع في وحدات المدرعات .. وقد أبلى في هذه الحرب بلاءً حسنا ً.
وكان الشيخ عبود يحب والدته حباً شديداً.. وكانت هي تحبه كذلك حباً جماً وخاصة بعد وفاة والده.. وكان يخصها بالدعاء في كل أزمة يمر بها .. فكان يدعو قائلا " يا رب سلمني من أجل أمي "
وقد تحقق دعاؤه وسلمه الله في حرب أكتوبر رغم شجاعته ورجولته.. فلم يحدث له مكروه وعاد إلي أسرته سالماً بعد أن عبر مع من عبر قناة السويس.. وأظنه لم يكن يتصور أنه سيواجه فترة طويلة وعصيبة في سجنه قد تكون أصعب وأشق من أهوال الحرب.
ولما دمرت الدبابات الإسرائيلية في الثغرة عدداً كبيراً في منصات صواريخ الدفاع الجوي المصري تحرك الطيران الإسرائيلي فوق القوات المصرية بحرية وكثافة.. وكان يقصف الجيش المصري بطريقة تسمى القصف المساحي.
وقد دخل السجن في سن السادسة والثلاثين تقريباً.. وكان برتبة المقدم واليوم جاوز الرابعة والستين.
لقد دخله وهو في ريعان شبابه وفتوته وقوته.. واليوم قد تجاوز مرحلة الكهولة إلي مرحلة الشيخوخة وأصيب بعدة أمراض مزمنة.
ولك أن تقارن بين صورته وهو في قضية السادات بثوبه العسكري وعضلاته المفتولة.. وبينه الآن وقد أبيض شعره تماما ً وظهرت التجاعيد في وجهه.
وحياة الشيخ عبود الزمر فيها من العجائب الكثير والكثير.. ومنها ما قصه عليّ في يوم من الأيام حيث قال لي : "إن المرحوم عباس رضوان كان قريباً لأسرتي وكان ضابطاً في الجيش ومن المقربين للضباط الأحرار.. وقد اختير للعمل في المخابرات المصرية.. ثم تدرج فيها حتى أصبح من أكثر المقربين من رئيسها صلاح نصر وكذلك المشير عامر .. ثم أصبح وزيرا ً في عهد عبد الناصر.. تم قبض عليه وسجن في السجن الحربي ضمن تنظيم شمس بدران بعد نكسة 5يونية 1967م .. وحكم عليه بالسجن عدة سنوات"...
وحينما كان عباس رضوان ضابطاً مرموقاً كانت والدة الشيخ عبود الزمر تدعو كل يوم :
يا رب يا عبود يا ابني أراك مثل عباس رضوان .. هكذا كانت تدعو وهي ترجو الخير لإبنها .. حتى صار ابنها ضابطا ً في الجيش.. ثم التحق بالمخابرات الحربية.. ثم دخل السجن الحربي أيضاً.. وفي السجن الحربي جاء الضابط ليدخله إحدى الزنازين وهو يقول :
هل تعلم يا شيخ عبود زنزانة من هذه ؟..ومن الذي كان يسكنها قبل ذلك ؟
فقال : لا
فقال الضابط: إنها زنزانة عباس رضوان الوزير المعروف.
وعندها تذكر كل شريط حياته ودعاء أمه المستمر له.
وبالرغم من أن طريق الشيخ عبود الزمر كان يختلف جذريا ً عن طريق عباس رضوان .. إلا أن جزء ً كبيرا ً من سيناريو حياتهما قد تكرر.
وهذا يجعلنا دائما ً نتوقف عند قوله تعالى " وَيَدْعُ الإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً "
فكثيراً ما يدعو الإنسان بشيء ظاهره حسن وخير ونعمة.. وباطنه شر وسوء ونقمة.
ولذلك فأنا أوصي كل مسلم ومسلمة ألا يدعو بشيء محدد في الدنيا.. فلا يدعو أن يتقلد المنصب الفلاني.. أو يتزوج فلانة.. أو يدخل كلية كذا.. ولكن عليه بالأدعية العامة.. وأعظمها وأفضلها ما هو موجود في القرآن والسنة.
وحينما كان عباس رضوان ضابطاً مرموقاً كانت والدة الشيخ عبود الزمر تدعو كل يوم :
يا رب يا عبود يا ابني أراك مثل عباس رضوان .. هكذا كانت تدعو وهي ترجو الخير لإبنها .. حتى صار ابنها ضابطا ً في الجيش.. ثم التحق بالمخابرات الحربية.. ثم دخل السجن الحربي أيضاً.. وفي السجن الحربي جاء الضابط ليدخله إحدى الزنازين وهو يقول :
هل تعلم يا شيخ عبود زنزانة من هذه ؟..ومن الذي كان يسكنها قبل ذلك ؟
فقال : لا
فقال الضابط: إنها زنزانة عباس رضوان الوزير المعروف.
وعندها تذكر كل شريط حياته ودعاء أمه المستمر له.
وبالرغم من أن طريق الشيخ عبود الزمر كان يختلف جذريا ً عن طريق عباس رضوان .. إلا أن جزء ً كبيرا ً من سيناريو حياتهما قد تكرر.
وهذا يجعلنا دائما ً نتوقف عند قوله تعالى " وَيَدْعُ الإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً "
فكثيراً ما يدعو الإنسان بشيء ظاهره حسن وخير ونعمة.. وباطنه شر وسوء ونقمة.
ولذلك فأنا أوصي كل مسلم ومسلمة ألا يدعو بشيء محدد في الدنيا.. فلا يدعو أن يتقلد المنصب الفلاني.. أو يتزوج فلانة.. أو يدخل كلية كذا.. ولكن عليه بالأدعية العامة.. وأعظمها وأفضلها ما هو موجود في القرآن والسنة.
فيدعو الله أن يرزقه الزوجة الصالحة المباركة.. والعمل الصالح المبارك الحلال.. ويترك أمره لله.. فهو سبحانه الذي يعرف من هي الزوجة الصالحة وما هو العمل الصالح.. وما هو المال الصالح.. والمنصب الصالح.. فإذا أراد شيئاً معـيـنـا محدداً فعليه بالإستخارة.. ولكن لا يدعو به تحديدا.
ورغم تلك الأهوال التي قابلها والتربية العسكرية التي عاشها وفترة السجن الطويلة التي قضاها فإنني لم أر أكثر منه أدباً وخلقاً ولطفا ً وحلما ً وصبرا ًومن د/ طارق الزمر .
فحينما نذهب لزيارتهما ومعنا الشيخ كرم وبعض الإخوة الآخرين نكون في غاية الحرج أن نطرق من قريب أو بعيد مسألة الإفراج عنهما.. لأننا لا نملك من أمرنا أو أمرهم شيئاً في هذه المسألة بالذات.. رغم محاولاتنا المتكررة لتيسير ذلك ولكن دون جدوى.. وهما في الوقت نفسه ومن فرط أدبهما يتحرجان غاية الحرج أن يسألا عن أي شيء يتعلق بخروجهما من السجن أو موضوع الإفراج عنهما.. حيث أنهما يعرفان حق المعرفة مشاعرنا الحقيقية نحوهما.. وأننا لم ندخر في ذلك الملف وسعا ًإلا بذلناه.
وقد يتصور البعض أن هذا الصبر والحلم وتلك السكينة العظيمة أمر هين وبسيط .. ولكنه لن يدرك قيمته وقدره إلا إذا علم بعض قصص من يعتقلون حديثاً.
فهذا ثائر غاية الثورة لأنه مكث ثلاثة أشهر ولم يخرج بعد.. وهذا يضرب عن الطعام بين الحين والآخر تذمراً وتسخطاً وليس لمجرد ضغط على إدارة السجن فقط لأنه مكث أربعة أشهر في السجن .. وهذا يستغرب مكثه في السجن ستة أشهر.
ورغم تلك الأهوال التي قابلها والتربية العسكرية التي عاشها وفترة السجن الطويلة التي قضاها فإنني لم أر أكثر منه أدباً وخلقاً ولطفا ً وحلما ً وصبرا ًومن د/ طارق الزمر .
فحينما نذهب لزيارتهما ومعنا الشيخ كرم وبعض الإخوة الآخرين نكون في غاية الحرج أن نطرق من قريب أو بعيد مسألة الإفراج عنهما.. لأننا لا نملك من أمرنا أو أمرهم شيئاً في هذه المسألة بالذات.. رغم محاولاتنا المتكررة لتيسير ذلك ولكن دون جدوى.. وهما في الوقت نفسه ومن فرط أدبهما يتحرجان غاية الحرج أن يسألا عن أي شيء يتعلق بخروجهما من السجن أو موضوع الإفراج عنهما.. حيث أنهما يعرفان حق المعرفة مشاعرنا الحقيقية نحوهما.. وأننا لم ندخر في ذلك الملف وسعا ًإلا بذلناه.
وقد يتصور البعض أن هذا الصبر والحلم وتلك السكينة العظيمة أمر هين وبسيط .. ولكنه لن يدرك قيمته وقدره إلا إذا علم بعض قصص من يعتقلون حديثاً.
فهذا ثائر غاية الثورة لأنه مكث ثلاثة أشهر ولم يخرج بعد.. وهذا يضرب عن الطعام بين الحين والآخر تذمراً وتسخطاً وليس لمجرد ضغط على إدارة السجن فقط لأنه مكث أربعة أشهر في السجن .. وهذا يستغرب مكثه في السجن ستة أشهر.
والأغرب والأعجب أن هؤلاء جميعا ً يقولون ذلك للشيخ عبود ود/ طارق كل يوم .. ولم يفكروا لحظة في أن هذين الرجلين قد قضوا 28 عاماً كاملة في السجن.. ولا يظهر عليهم تسخط ولا يأس ولا قنوط.
وقد يأتي بعض هؤلاء إلينا ليذكروا شكاواهم لنا.. فيستغرب كل منا لنفاذ صبرهم وعدم استفادتهم من هذه الأشهر القليلة في حفظ القرآن والأحاديث الشريفة أو تعلم العلم النافع.. مع أن أول درس قيل لنا ممن سبقونا في السجون "السجن القصير نعمة من الله.. أما السجن الطويل فيحتاج إلي أولى العزائم من الرجال ولا يصبر عليه إلا القليل"
وهل يصبر رجل 28عاما ً في السجن.. ثم يستحي من مجرد السؤال حتى عن موعد الخروج ؟
وهل من جديد ؟
ولماذا لم يتم الإفراج ؟
ولماذا كذا.. ؟! وهل .....؟! وهل ....؟!
كل هذه الأسئلة التي كان تتردد على أسماعنا سنوات طوال من كل أخ معتقل لم يخرج...
ورغم أنها أسئلة مشروعة ومنطقية.. إلا أن الشيخ عبود والشيخ طارق يستحيان حتى اليوم أن يسألا عنها .. ونحن بدورنا نستحي أن نفتح الحديث عنها .. وذلك لعله بسيطة وهو أنه لا جديد تحت الشمس.
ومنذ عدة سنوات ماتت أم الشيخ عبود بعد طول انتظار لإبنها.. ولكن دون جدوى .. وكانت في سنواتها الأخيرة لا تكاد تعرفه من شدة مرضها وكبر سنها وتدهور صحتها.. حتى أنها قالت له في زيارته المنزلية الأخيرة له وهو يغادر المنزل:
أين أنت ذاهب؟
فقال لها: أنا ذاهب إلى الشغـل يا أمي.
فقالت له: نعم يا بني.. لا تتأخر عن شغـلك وعملك.
فقد نسيت تماماً أنه سجن.. وأنه مازال في السجن.. وأنه قادم إليها لعدة ساعات فقط في زيارة منزلية.
واليوم لم يبق للشيخ عبود من خاصته سوى زوجته الوفية أم الهيثم التي ضربت أعظم الأمثلة في العطاء والتضحية والبذل والوفاء لدينها وزوجها.. وإذا كانت الصحف قد تحدثت كثيراً عن وفاء أ/ جميلة إسماعيل لزوجها د/ أيمن نور ودفاعها الكبير عنه وعدم تخليها عنه.. وعدم طلب الطلاق منه إلا بعد خروجه من السجن.. حتى لا يفهم البعض خطأً أنها تتخلى عنه في محنته.
وقد أعجبني كثيراً وفاء أ/ جميله مع زوجها.. وهي تستحق ذلك وأكثر.. ولكن كل هذه الصحف ووسائل الإعلام حتى الإسلامية منها تغافلت نموذجاً أعظم وأرقى وأوفى عطاءً وتضحية وصبراً ووفاءً وهي "أم هيثم" السيدة "وحدة عبد الموجود الزمر" سليلة الأسرة العريقة الصالحة.
وقد كانت هذه السيدة الجليلة أم هيثم تجهز في كل أسبوع طعاما ً يكفي العـنبر كله الذي يعيش فيه الشيخ عبود.. وكنا وقتها قرابة عشرين فردا ً.. وتجهز لكل أخ من هؤلاء ربع فرخة.. مع أن تجهيز هذا الطعام لهذا العـدد قد يستغرق يومين كاملين.. وخاصة أنه كان يحتوي دوماً على كل أنواع المحشي التي اشتهرت بها قرى الجيزة ومنها نوع نادر من المحشي.. وهو محشي الشـبـت.. فضلاً عن محاشي الباذنجان وورق العنب والكرنب وغيرها.. كل ذلك مع الخضار الذي يعلوه السمن.
وقد يأتي بعض هؤلاء إلينا ليذكروا شكاواهم لنا.. فيستغرب كل منا لنفاذ صبرهم وعدم استفادتهم من هذه الأشهر القليلة في حفظ القرآن والأحاديث الشريفة أو تعلم العلم النافع.. مع أن أول درس قيل لنا ممن سبقونا في السجون "السجن القصير نعمة من الله.. أما السجن الطويل فيحتاج إلي أولى العزائم من الرجال ولا يصبر عليه إلا القليل"
وهل يصبر رجل 28عاما ً في السجن.. ثم يستحي من مجرد السؤال حتى عن موعد الخروج ؟
وهل من جديد ؟
ولماذا لم يتم الإفراج ؟
ولماذا كذا.. ؟! وهل .....؟! وهل ....؟!
كل هذه الأسئلة التي كان تتردد على أسماعنا سنوات طوال من كل أخ معتقل لم يخرج...
ورغم أنها أسئلة مشروعة ومنطقية.. إلا أن الشيخ عبود والشيخ طارق يستحيان حتى اليوم أن يسألا عنها .. ونحن بدورنا نستحي أن نفتح الحديث عنها .. وذلك لعله بسيطة وهو أنه لا جديد تحت الشمس.
ومنذ عدة سنوات ماتت أم الشيخ عبود بعد طول انتظار لإبنها.. ولكن دون جدوى .. وكانت في سنواتها الأخيرة لا تكاد تعرفه من شدة مرضها وكبر سنها وتدهور صحتها.. حتى أنها قالت له في زيارته المنزلية الأخيرة له وهو يغادر المنزل:
أين أنت ذاهب؟
فقال لها: أنا ذاهب إلى الشغـل يا أمي.
فقالت له: نعم يا بني.. لا تتأخر عن شغـلك وعملك.
فقد نسيت تماماً أنه سجن.. وأنه مازال في السجن.. وأنه قادم إليها لعدة ساعات فقط في زيارة منزلية.
واليوم لم يبق للشيخ عبود من خاصته سوى زوجته الوفية أم الهيثم التي ضربت أعظم الأمثلة في العطاء والتضحية والبذل والوفاء لدينها وزوجها.. وإذا كانت الصحف قد تحدثت كثيراً عن وفاء أ/ جميلة إسماعيل لزوجها د/ أيمن نور ودفاعها الكبير عنه وعدم تخليها عنه.. وعدم طلب الطلاق منه إلا بعد خروجه من السجن.. حتى لا يفهم البعض خطأً أنها تتخلى عنه في محنته.
وقد أعجبني كثيراً وفاء أ/ جميله مع زوجها.. وهي تستحق ذلك وأكثر.. ولكن كل هذه الصحف ووسائل الإعلام حتى الإسلامية منها تغافلت نموذجاً أعظم وأرقى وأوفى عطاءً وتضحية وصبراً ووفاءً وهي "أم هيثم" السيدة "وحدة عبد الموجود الزمر" سليلة الأسرة العريقة الصالحة.
وقد كانت هذه السيدة الجليلة أم هيثم تجهز في كل أسبوع طعاما ً يكفي العـنبر كله الذي يعيش فيه الشيخ عبود.. وكنا وقتها قرابة عشرين فردا ً.. وتجهز لكل أخ من هؤلاء ربع فرخة.. مع أن تجهيز هذا الطعام لهذا العـدد قد يستغرق يومين كاملين.. وخاصة أنه كان يحتوي دوماً على كل أنواع المحشي التي اشتهرت بها قرى الجيزة ومنها نوع نادر من المحشي.. وهو محشي الشـبـت.. فضلاً عن محاشي الباذنجان وورق العنب والكرنب وغيرها.. كل ذلك مع الخضار الذي يعلوه السمن.
وقد كانت السجون وقتها سيئة.. وكانت أم هيثم لا تخـدم زوجها فحسب ولكنها تخـدم جميع الإخوة.. وتحضر لهم طلباتهم المختلفة.. فهذا من الصعيد ويريد الكتب الدراسية.. أو جـدول الامتحانات أو المحاضرات من الكلية.. وهذا يريد شراء كـذا وكذا مما يحتاجه.. وهذه الزوجة من أقاصي البلاد لا تستطيع العودة في نفس اليوم فـتـبـيـت عندها.. وهكذا.
وهي اليوم المدافعة الرئيسية عن زوجها في كل مكان.. وهي نموذج للمرأة المصرية المسلمة التي لا تتخلى أبداً عن دينها أو زوجها أو بيتها.. وتضحي من أجلهم بكل غال ورخيص.
ومن العجيب أن اسم زوجة الشيخ "عبود "هو" وحدة " وقد سماها والدها بهذا الاسم حيث ولدت في أيام الوحدة العربية مع سوريا.. ووالدها الحاج عبد الموجود الزمر كان رجلا ً وطنياً من الطراز الأول.. واليوم قد جمع بين الوطنية والإسلام في ثوب جميل من العطاء للدين والوطن.. وهو صاحب وجه منير مشرق.. ورؤيته تذكرك بالله والصلاح والخير..
وقد تأملت هذا الاسم كثيراً طويلاً وانقـدح في نفسي أنها توحـدت مع زوجها برباط وثيق أزلي لا ينقـض ولا ينفـصم أبداً.. مهما طال سجنه وبعـدت الأيام بينهم أو كبر سنه وتخلى الناس عـنه.
وبعــد
ألا يشين بلادنا أن تستبقى في سجونها رجلا ً لمدة تزيد عن 28 عاما ً.
ألا يقلل من قدر أمتنا أن يمكث في السجن رجل جاوز الرابعة والستين بعـد أن دخلها وهـو في ريعان شبابه.
ألا نرحم هـذه المسكينة زوجته.. ونجمع شملها بزوجها وحبيبها بعـد فراق قارب على الثلاثين عاما ً.!!!
وماذا تبقى من عمر هذا الرجل حتى يمكث في السجن سنوات أخرى؟!!!.
إن هـذا الرجل مـن أوفى الناس لعهـوده.. وهـو أكبر مـن أن يخفر عهـداً أو ينكث في وعـد.. وما عهدنا عليه ذلك. وماذا بقي من حياته وصحته حتى يفعـل ما يخافه البعـض؟
وهي اليوم المدافعة الرئيسية عن زوجها في كل مكان.. وهي نموذج للمرأة المصرية المسلمة التي لا تتخلى أبداً عن دينها أو زوجها أو بيتها.. وتضحي من أجلهم بكل غال ورخيص.
ومن العجيب أن اسم زوجة الشيخ "عبود "هو" وحدة " وقد سماها والدها بهذا الاسم حيث ولدت في أيام الوحدة العربية مع سوريا.. ووالدها الحاج عبد الموجود الزمر كان رجلا ً وطنياً من الطراز الأول.. واليوم قد جمع بين الوطنية والإسلام في ثوب جميل من العطاء للدين والوطن.. وهو صاحب وجه منير مشرق.. ورؤيته تذكرك بالله والصلاح والخير..
وقد تأملت هذا الاسم كثيراً طويلاً وانقـدح في نفسي أنها توحـدت مع زوجها برباط وثيق أزلي لا ينقـض ولا ينفـصم أبداً.. مهما طال سجنه وبعـدت الأيام بينهم أو كبر سنه وتخلى الناس عـنه.
وبعــد
ألا يشين بلادنا أن تستبقى في سجونها رجلا ً لمدة تزيد عن 28 عاما ً.
ألا يقلل من قدر أمتنا أن يمكث في السجن رجل جاوز الرابعة والستين بعـد أن دخلها وهـو في ريعان شبابه.
ألا نرحم هـذه المسكينة زوجته.. ونجمع شملها بزوجها وحبيبها بعـد فراق قارب على الثلاثين عاما ً.!!!
وماذا تبقى من عمر هذا الرجل حتى يمكث في السجن سنوات أخرى؟!!!.
إن هـذا الرجل مـن أوفى الناس لعهـوده.. وهـو أكبر مـن أن يخفر عهـداً أو ينكث في وعـد.. وما عهدنا عليه ذلك. وماذا بقي من حياته وصحته حتى يفعـل ما يخافه البعـض؟
وهذا د/ طارق الزمر الرجل الطيب الصالح.. ألا نرحم زوجته التي ظلت تسعى وراءه في السجون المصرية ابتداءً من ليمان طره.. فأبو زعبل.. فوادي النطرون.. فدمنهور قرابة عشرين عاماً كاملة.. ألا نرحم هذه المسكينة التي بذلت شبابها وحياتها كلها في سبيل الله ثم في رعاية زوجها وقد تزوجته وهي في العشرينات من عمرها وهي الآن في الأربعينات.
يا قومي.. رمضان عـلى الأبواب وهـو شهر الرحمة والتراحم.. والعـطف والتعـاطف.. والصفـح والتسامح.. ألا ينبغي عـلى كل قادر على قرار إطلاقهما وتسريحهما بإحسان أن يفعـل ذلك حسبة لوجه الله الكريم.. وتذكراً لقول الرسول العظيم (صلى الله عليه وسلم) "البر لا يبلى".
وهذا والله أعظم البر.. فالمال يبلى.. والمناصب تبلى.. والرتب تبلى.. والدنيا كلها تبلى.. ولكن البر لا يبلى ولا يضيع ولا يزول أبداً.. لا في الدنيا ولا في الآخرة.
إنني أناشد كل صاحب قرار يستطيع أن ينهي هذه المأساة الإنسانية ألا يتردد في ذلك أبدا ً.. وأبشره أنه سيسعـد ويفخـر بهذا القرار في الدنيا.. وكذلك في الآخرة في يوم "لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم".
قد يقول البعـض.. وماذا يفعل الآخرون من غير أهل القرار.. وهم الكثرة الكاثرة من الناس ؟
وأقول لهؤلاء :-
من كان من أهل الشفاعة في هذا الأمر فليشفع في الإ فراج عنهما.. امتثالا ً لأمر النبي (صلى الله عليه وسلم) "اشفعوا تؤجروا" .
ولم يعلق الحديث الشريف الأجر على قبول الشفاعة أو نجاحها في تحقيق المقـصود منها.
ولكنه علق الأجر بالشفاعة نفسها سواء حـقـقـت النتيجة المرجوة منها.. أم لم تحقـق.
فعلى أهل الشفاعة جميعاً أن يسعـوا في ذلك طلباً للأجر وتقرباً إلى الله.. وعليهم أن يبذلوا الوسع في ذلك.
أما من لم يكن من أهـل القرار أو الشفاعة فعليه بالدعاء لهما ولغيرهما من المعتقلين والسجناء.. فهذا هـو النصح بالقلب للمسلمين.. وهو ما فسره بعـض شراح الحديث بحب الخير للمسلمين والدعاء لهم.. والسعادة لسعادتهم والحزن لحزنهم.
فيا رب يا مـن أنجيت إبراهيم مـن النار
وأنجيت يونس مـن بطن الحوت
وأنجيت موسى ومـن معه مـن المؤمنين
وأنجيت نوحا ً ومن معه بالسفينة
وأنجيت هودا ً وصالحا ً وشعيبا ً ولوطا ً
أنج عبادك المعتقلين والمسجونين والمكروبين في كل مكان
ووسع عليهم
وحررهم
وكف أيدي وألسنة الناس عنهم
اللهم فرج كربهم وفك أسرهم وتول أمرهم.. وأحسن خلاصهم
"وآخر دعوانا أن الحمد الله رب العالمين" آمين .