الأحد، 14 فبراير 2010

الـشـيـخ / مـحـمـد الـمـهـدى " مـفـتـى الـمـذهـب الـحـنـفـى وأول رئيـس وزراء مـصـرى لـمـصـر "

الشيخ / محمد المهدي الحنفي
مفتى المذهب الحنفي وأول رئيس وزراء مصري لمصر.


في شهر يوليو سنة 1798م دخلت الحملة الفرنسية إلى مصر بقيادة نابليون بونابرت لغزو مصر واستعمارها بهدف السيطرة على مفاتح التجارة ببلادالشرق وضرب اقتصاد انجلترا العدو التقليدى للثورة الفرنسية ؛خرج نابليون من ميناء طولون على رأس أسطول وجيش تعداده نحو ستة وثلاثون ألف جندى ؛ فلما وصل الأسكندرية ضربها وأستولى عليها ثم توجه إلى القاهرة واستولى عليها بعد معركة قصيرة مع المماليك عند إمبابه شمال الجيزة .

يقول المؤرخ / عبدالرحمن حسن الجبرتى مانصه :-
لما حضر الفرنساوية إلى الديار المصرية وخافهم الناس وخرج الكثير من الأعيان وغيرهم هاربين من مصر { القاهرة } تأخر الشيخ / محمد المهدى عن الخروج ولم ينقبض كغيره عن المداخلة فيهم { يقصد الفرنساوية } بل إجتمع بهم وواصلهم وأنضم اليهم وسايرهم ولاطفهم فى أغراضهم ؛ فأحبوه وأكرموه فقبلوا شفاعته ووثقوا بقوله فكان هوالمشار إليه فى دولتهم مدة إقامتهم بمصر ؛وكان لوجوده وتصدره فى تلك الأيام النفع العام فسد بعقله ثقوبا ً واسعة وخروقا ً وداوى برأيه جروحا ً وفتوقا ً لا سيما أيام الهيازع والخصومات وما يكدر الفرنساوية من مخارق الرعية فيتلافاهم بمراهم كلماته ويسكن حدتهم بملاطفاته. إنتهى النص

وعنه يقول نابليون فى مذكراته :-
الشيخ محمد المهدى أذكى علماء الأزهر وأفصحهم لسانا ً وأكثرهم علما ً وأصغرهم سنا ً.
وعن دوره وتأثيره فى إتخاذ القرار يقول الباحث / لويس عوض :--
الشيخ / محمد المهدى كان بمثابة أول رئيس وزراء مصرى فى العصر الحديث .

الشيخ/ محمد المهدى الحنفى أحد العلماء الذين لعبوا دورا ً كبيرا على مسرح الحوادث السياسية فى أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر ؛ وقريتنا ناهيا تفخر بإنتماء هذا الشيخ إليها فبعد أن ولد فيها وعاش بها فترة طفولته وصباه فارق أسرته المسيحية بعد أن تعلم القراءة والكتابة وحفظ القرآن فى كتاب القرية ؛ وذهب إلى الجامع الأزهر وأعلن إسلامه والتزم الشيخ/محمد الحفنى مدرس المذهب الحنفى بالأزهر الشريف وهو الذى أسماه محمد المهدى العباسى الحفنى الحنفى ؛ فلما رأى منه نبوغا ً وذكاء تولى الإنفاق عليه وأسكنه فى بيته مع أولاده ؛ وتفرغ محمد المهدى واشتغل فى تحصيل العلم وواظب على حضور حلقات الدرس لكبار علماء عصره من مثل الشيخ/ العدوى والشيخ/ الأجهورى والشيخ/ الدردير وتصدى للتدريس بالأزهر فى عام 1776م على المذهب الحنفى ؛ واشتهر بسعة العلم وحسن الإلقاء مع الفصاحة والبيان وسلامة التعبير وتحقيق المشكلات بين الناس فأدرك مكانة كبيرة بين أقرانه ؛ واكتسب أموالا ً كثيرة من ناتج تجارة الكتان والدوبار التى ورثها عن آبائه وأجداده فى نهيا ؛ وهذه الأمور شغلته عن وضع المؤلفات وتحقيق الرسالات العلمية ؛ وعندما يفتقده الناس يبحثون عنه فيجدونه قد رحل إلى بيته ليستريح فى نهيا .
هذه السطور والكلمات هى معانى وخلاصة ما ذكره المؤرخ عبد الرحمن الرافعى فى كتابه الثورة العربية .

ولا شك أن كبار العلماء من مثل الشيخ/ العدوى والدردير والأجهورى وغيرهم قد سألوا ذلك الشاب النابغة المهدى عن أصله وفصله فعلموا أنه من ناهيا ولا شك أيضا ً أن جميع الطلاب بالأزهر قد علموا بموطن ذلك الشيخ المهدى الجهبز فأصبح إسم ناهيا يتردد على الألسن فى جميع قرى مصر وتأكد فضل قريتنا ومكانتها فى الصدر والصدارة والحمدلله رب العالمين .

وعندما سيطر الفرنساوية على القاهرة منعوا أهلها من ركوب الخيل والبغال والحمير مطلقا ً سوى خمسة أنفار وهم الشيخ المهدى والشيخ الشرقاوى والشيخ الفيومى والشيخ الأميروالشيخ محرم وذلك لعلو مكانتهم بين الناس بمصر .

وحقيقة إن الحملة الفرنسية قد تعاملت مع الأهالى بمنتهى القسوة والوحشية والتعسف فترة إحتلالها لمصر من 21/7/1798م وحتى إنخلاعها عن التصرف فى 3/7/1801م ؛ وتسببوا فى وقوع حوادث ومآسى فى العديد من البلدان يصفها الجبرتى بقوله :- صارت كلها خرائب متهدمة محترقة تسكب عند مشاهدتها العبرات وتنقطع النفس من الحسرات .
ومن هذا الحوادث المؤسفة دخول العسكر الفرنساوى إلى نزلة البطران بالهرم فى 17/4/1799م وضربوها بالمدافع وصوبوا مدافعهم إلى الهرم الأكبر وتمثال أبو الهول فكسرت أنف الأخير وقصفت قمة الهرم ؛ ثم ذهبوا إلى دهشور وضربوها بالمدافع . ومن قرية القطا شمال الجيزة خرج أحد الشباب فقتل جندى فرنسى من المعسكرالقريب فطالبت القوات الفرنسية بتسليم القاتل فلما وجدوا عدم أستجابة حاصروا القرية بأربعمائة جندى وقاموا بتفتيش البيوت فلم يجدوا القاتل فأضرموا النيران فى كل بيوت القرية إنتقاما من أهلها .

وحقيقة فقد عمت الفوضى البلاد من كل الجهات من بعد دخول الفرنساوية وهزيمة المماليك و
يقول الجبرتى فى تاريخه :-
وقف العربان وقطاع الطرق بحميع الجهات القبلية والبحرية والشرقيةوالغربية والمنوفية والدقهلية وسائر النواحى فمنعوا السبل وقطعوا طريق المسافرين ونهبوا المارين من أبناء السبيل والتجار وتسلطوا على القرى والفلاحين ... ووثب أهل القرى على بعضهم وتقوى القوى على الضعيف . انتهى النص ولسانى يردد اللهم اجعل بلدنا أمن أمان وأحفظ قريتنا ناهيا بحفظك كما حفظتها فى ذلك الزمان .

نعم لقد نجت قريتنا ناهيا من كل هذا الإضطراب بفضل الله وحفظه فقيض لها الشيخين / أحمد الزمر ومحمد المهدى بما لهما من علم وحلم وهيبة وكرامة ؛ كما قيض لها البحر يحيط بها ويمنعها بما له من تخويف ورهبة ؛ هذا الماء حفظ قريتنا فصرف الفرنساوية عن دخولها كما صرف الأخرين عن دخولها من قبل ومن بعد ؛ ومن لطف الله بقريتنا أن يمتلك الشيخ/ أحمد الزمرأرض ناهيا فىعام 1775م من بعد أن كانت أوقافا ً سلطانية فلم تكن للمماليك أى فرصة لدخول قريتنا ليسكنوها أويتملكوا فيها فنجت من دسائسهم وفتنهم ؛ ومن لطف الله بقريتنا أن جاء منها الشيخ/ محمد المهدى وهو من هو فى مكانته المرموقة لدى الفرنساوية فدافع بعلم وحلم وحنكة وسياسة وكلها صفات موروثة وكانت سببا فى تسمية قريتنا بهذا الإسم الطيب ؛ كل هذه الأقدار جعلت قريتنا بعيدة عن أى عمل عسكرى وتأكد لى هذا اللطف وهذا الحفظ من بعد الإطلاع على أمهات المراجع التاريخية .

من المواقف الرائعة الى سجلها التاريخ للشيخ/ محمد المهدى ذلك الموقف الذى دافع فيه عن مصر {القاهرة} وأنقذها من هجوم فرنسى مدمر ؛ فبعد أن راجت الإشاعات بأن أهل مصر عاملون على إثارة الثورة ضد الفرنسيس قام الجنرال/ دوجا بإستدعاء الشيخ المهدى وكلمه فحاجه المهدى ونفى الشائعة فتراجع القائد الفرنسى عن الهجوم وهكذا إستطاع ابن ناهيا أن يدافع عن أهل مصر بحنكة وسياسة وحلم .

فى يوم الأربعاء 10/7/1799م عمل الشيخ / محمد المهدى وليمة عرس لزواج أحد أولاده ودعا نابليون وأعيان الفرنساوية فتعشوا عنده وذهبوا ؛ المصدر تاريخ الرافعى لم يحدد مكان الوليمة ولو كانت فى ناهيا لعلمنا بها بالتواتر من الأجداد والمؤكد والمرجح أنها كانت فى بيت الشيخ بمصر .
بعد مقتل كليبر على يد / سليمان الحلبى فى 14/6/1800م وبعد ماتبين أن سليمان طالبا بالأزهر الشريف جاء كبير الفرنساوية ومعه الأغا المحتسب فى 16/6/1800م وطافوا بأروقة الأزهر وأرادوا حفر أماكن للتفتيش على السلاح ؛ وفطن الشيخ/ المهدى إلى خطورة الموقف خاصة أن مصاب الفرنساوية فادح وأليم وقد يجعلهم يمكرون أثناء الحفرفيهدمون أساس الجامع الأزهر فينهدم معه منارة حفظت الدين واللغة والتاريخ ؛ فقام الشيخ/ المهدى من فوره وبالإتفاق مع الشيخ/ الشرقاوى والشيخ/الصاوى فتوجهوا فى عصر ذات اليوم إلى قائد الحملة "مينو" واستأذنوه فى قفل الجامع وتسمير أبوابه نهائيا ً ؛ وقصد المشايخ من ذلك قطع الريبة بالكليةوالحفاظ على الجامع الأزهر فحاز الرأى قبول القائد الفرنسى وتم غلق الجامع تماما ً من سائر الجهات وجاءت الخيول الفرنساوية فوقفت أمامه ومن حوله حتى أعيد فتحه وتنظيفه وكنسه فى 1/7/1801م ؛ هذه السطور خلاصة ما قاله الرافعى فى كتابه.

وهكذا إستطاع إبن ناهيا أن يحافظ على سلامة الجامع الأزهر الشريف ليستمر فى أداء رسالته على مر السنين ولولا عناية الله وتسخيره وقيضه لذلك الشيخ/ المهدى لأنهدم الأزهر وأنطفأت منارة العلم فى مصر والعالم الإسلامى فالحمد لله على عنايته وحفظه والحمد لله على هذا السبق والتشريف .

ومع كل هذه المكانة وذلك التشريف لم يسلم الشيخ/ المهدى من أذى الفرنساوية فتم حبسه مع الشيخ/ السادات والشيخ/ الشرقاوى والشيخ/ الأمير وأخرين بسجن القلعة حتى أفرج عنهم حضرة الصدر الأعظم قائد الجيش العثمانى فى 2/7/1801م .

ولد محمد على باشا فى عام 1769م بمدينة قوله من بلاد اليونان التى كانت تحت حكم الخلافة العثمانية والتحق بالجيش العثمانى وجاء مع الأسطول لطرد الفرنسيين من مصر.
فى سنة 1804م ثار أهل مصر على حكم المماليك بسبب فرضهم للضرائب الباهظة على الناس واستغل محمد على هذه الفرصة ونزل بحنوده إلى الشوارع والحارات وتعهد لزعماء الثورة بأن يرفع هذه الضرائب وتصدى لعسكر المماليك وحاصر بيوت زعمائهم فانسحبوا من القاهرة إلى الصعيد .
وتولى خورشيد باشا حكم مصر بإقتراح من محمد على ؛ ولم يكن خورشيد مطمئنا ًلموقف محمدعلى وكسبه عطف وحب الشعب المصرى وثقة زعمائه ؛ فحاول التخلص منه فاستصدر فرمانا ً بتولية محمد على حكم مدينة جده فى مايو 1805م فرفض محمد على مستندا ً على تأييد العلماء المصريين وحبهم له ؛وبالفعل إجتمع العلماء والمشايخ وسط تجمع شعبى كبير وأعلنوا عزل خورشيدباشا عن الحكم وتولية محمد على ؛ وتم كتابة محضر هذا الإجتماع فى 13/5/1805م بخط يد الشيخ / محمد المهدى ؛ واستمر محمد على حاكما لمصر حتى جاء الفرمان السلطانى فى 9/7/1805م متضمنا عزل خورشيد والإعتراف بمحمد على واليا ً على مصر حيث رضى عنه العلماء والرعية من أهل البلاد المصرية ؛ هذه السطور هى خلاصة ومعانى ماورد بالمراجع التاريخية والكتب المدرسية.
وهكذا شاركت ناهيا فى الأحداث وعملت على تأكيد الإرادة الشعبية والمطلب الشعبى بكل حماس وصدق .

المحضر المكتوب فى 13/5/1805م محرر بخط يد الشيخ/ محمد المهدى العباسى الحفنى الحنفى مفتى المذهب الحنفى بمصر وجاء فيه ما نصه :--
إن للشعوب- طبقا ًلما جرى به العرف قديما وما تقضى به أحكام الشريعة – الحق فى أن يقيموا الولاة ولهم أن يعزلوهم إذا إنحرفوا عن سنن العدل وساروا بالظلم ؛ لأن الحكام الظالمين خارجون على الشريعة .
عن هذه الفقرة يؤكد الدكتور/لويس عوض فى بحثه عن الحياة النيابية فى العصر الحديث ويقول ما نصه:-
أنها قننت مبدأ الأمة مصدر السلطات وأن هذه الجملة كانت مقدمة لنشأت الفقه الدستورى فى تاريخ مصر الحديثة .
وأظن أنه لايغيب عن فهم القارئ الكريم أن الشيخ/ المهدى إبن ناهيا قد سبق زمانه بفكرراقى وتصرفات حضارية فسطر كلمات بارعة ومواقف لامعة فى ذاكرة التاريخ .

فى يوليو1806م إستجاب السلطان العثمانى لمطلب إنجلترا فأصدر فرمانا ً بنقل محمد على إلى ولاية سالونيك فى مقدونيا فاستنجد بزعماء الشعب فسارعوا بتقديم التماسا للسلطان العثمانى يعلنون فيه رغبتهم ورغبة الرعية فى بقاء محمد على ليحكم مصر وهكذا انتصرت إرادة الأمة بفضل زعمائها من مشايخ الأزهر الشريف يتقدمهم السيد / عمر مكرم الحسنى نقيب الأشراف والشيخ/ محمد المهدى العباسى الحفنى الحنفى مفتى المذهب الحنفى بمصر .

محمد على إطمأن إلى ثبات مركزه فى مصر وأدرك أنه لابد من القضاء على الزعامة الشعبية التى ساعدته فى تولى الحكم وخاصة السيد/ عمر مكرم والشيخ/ محمد المهدى وحتى تتم له السيطرة والإنفراد بمقاليد الحكم فقام بعزل السيد / عمر مكرم من نقابة الأشراف لأنه عارض فرض الضرائب التى تثقل كاهل أبناء الشعب ونفاه إلى دمياط بالإجبارفى سنة 1809م وفى عام 1811م تولىالشيخ/ محمد المهدى مشيخة الأزهر خلفا للشيخ/ الشرقاوى وبتزكية منه فسار فيها سيرا ً حسنا ً ودان له جميع مشايخ الأزهر وزاد الأمراء فى تعظيمه وقلت على يديه الشرور والمفاسد وكثرت به المرتبات من النقود والكساوى والجرايات المتجددة تولى لفترة قصيرة ولكن محمد على لم يقره عليها وأثر بها الشيخ/ محمد الشنوانى ؛ ورحل الشيخ/ محمد المهدى إلى ثغر الأسكندرية وأقام فيها ، هذه السطور هى معانى ماورد بالخطط التوفيقية جزء رقم أربعة .

ثورة يوليو 1952م أغفلت الإشارة إلى الشيخ/ المهدى من قريب أوبعيد فى حين أنه كان يساوى السيد عمر مكرم والشيخ عبدالله الشرقاوى والشيخ الدردير وغيرهم فى علو مكانتهم بين الناس بل ربما كان يتفوق عليهم بنبوغه وذكائه ومواقفه التاريخية بدليل أنه عندما سيطر الفرنساوية على مصر كان الشيخ المهدى من العلماء الخمسة المسموح لهم على مستوى القطر المصرى بدخول مصروهم يركبون الخيل أوالبغال وهى وسائل النقل المتاحة فى ذلك الوقت وما عداهم من الناس يدخلون سيرا على الأقدام وذلك كدأب المستعمرين لفرض سيطرتهم وسطوتهم على الناس .
وعلى مايبدو أن حكومة الثورة قد قرأت ما قاله الجبرتى عن الشيخ ولم تنظر إلى أفعاله ومواقفه المتميزة التى سجلها الجبرتى وعلى طريقة قراءة أية لا تقربوا الصلاة ... تركوا قراءة بقية التاريخ واعتبروا الشيخ متعاونا ً مع الإحتلال وخائنا ً للوطن !!

ولكن كيف يكون خائنا ً وهو من رشحه الشيخ الشرقاوى لمشيخة الأزهر خاصة إذا علمنا أن الرأى العام بالقطر المصرى كله يثق بالشيخ الشرقاوى ؟
وعلى مايبدو أن هذا الفهم الخطأ والمعلومة المغلوطة هما سبب إسقاط حكومة الثورة لذكر الشيخ المهدى فأغفلت دوره فى الحفاظ على الجامع الأزهر ودوره فى بناء مصر الحديثة ؛ وهكذا تتباين الأراء وتختلف عند قراءة التاريخ ولكن ستبقى إرادة الله فوق كل إرادة والله المستعان .

وفى سنة 1814م توفى الشيخ /محمد المهدى عن عمر يناهز الخامسة والسبعين ودفن إلى جوار قبر أستاذه/ الشيخ محمد الحفنى وسبحان الحى الذى لا يموت ؛ وهكذا أخى القارئ الكريم يتبين وبكل وضوح أهمية وخطورة الدور الذى قامت به ناهيا فى بناء مصر الحديثة من خلال مشاركة أبنائها فالحمد لله على هذا السبق وذلك التشريف . &&&


السبت، 6 فبراير 2010

فـكــر راقـى وتـصـرفـات حـضـاريــة

فـكــر راقـى وتـصـرفـات حـضـاريـة
عندما نتأمل الأمور بنظرة فاحصة وصادقة نشاهد العالم كله وقد إنتشرت به منازعات كثيرة تقف من ورائها فئات متخصصة وقادرة على نشر الدسائس وإثارة الفتن والترويج للأفكار المغلوطة خاصة بين الشباب! لدرجة أن الكثير من الشباب ظنوا أن الدين يصطدم بالحضارة ! وأن التمسك بالقيم يعرقل التطور!! وهذا الشباب هو الخاسر وخسروا كل شيئ وهم يحسبون أنهم يحسنون الصنع .

فالحضارة الحق هى التى تعطينا نورا ً نمشى به بين الناس ؛ وعلى ضوءه نتعامل مع الناس ؛ فنرفع الأذى ونعطى الحقوق ونعرف الواجبات والحضارة الحق هى اللجام الذى يمنع الإنسان عن عمل الخطأ ويقوده إلى الخير والنفع فى كل خطوة ومع كل كلمة ، ومعاملة المتحضر الحق لأخيه كريمة ورحيمة وللممتلكات حافظة وأمينة فأين مدعى التحضر من كل هذه المفاهيم والسلوكيات الحضارية .
فليست الحضارة الحق فى بيت كبير فخم ولا فى مركب وثير يقتنى ولا فى لباس زاهى يلبس ولا فى غذاء شهى يؤكل ولا فى آلة حديثة تستعمل ولا فى مصنع أومعمل يقام !!! فكل هذه الأشياء هى مظهر من مظاهر الحضارة وتمثل جانبا ً من جوانبها المادية المدنية ؛ لكن ما فائدة كل ذلك إذا لم يصاحب هذه المادة الجانب الحضارى الحق والأساس ألا وهو الأخلاق .

وما فائدة كل هذه الوسائل المادية إذا كان الأمن مع وجودها مهددا ً!!!
وسلامة الإنسان غير مضمونة ! وأصبح إمتلاك الوسائل المتطورة صورة من صور الفخر ووسيلة للتهور وجرح مشاعر الأخرين ! وما فائدة اللباس الزاهى الجديد والنفس داخله شريرة حاقدة ! بل مافائدة الطائرة والهاتف والتلفاز وشبكة المعلومات إذا كان معها فساد وإفساد ودمار وتدمير!!!
فالحضارة الحق حضارة النفس والداخل قبل أن تكون حضارة الهيئة والخارج وفى هذه المقالة سنبرهن بأمثلة ومواقف تدل على فكر راقى وتصرفات حضارية نضعها أمام القارئ ليتعرف عليها ويستلهم منها العبرة والعظة والقدوة وعلى الله قصد السبيل .
ليست الحضارة مقصورة على المدن بل فى الصحراء وفى الريف حضارة تتضائل وتخجل أمامها حضارة المدن ؛ صحيح أن الوسائل المادية فى الريف متواضعة والبنية التحتية متهالكة أو منعدمه لكن فى روح أهلها من التقدم والرقى ما يجعلها الحضارة الحق ؛ وفى السطور التالية سنضرب المثل بقريتنا ناهيا وبعضا ً من تصرفات أبنائهاالذين عاشوا بها وتعلموا منها وعملوا فيها بكل الحب والود والإحترام .

لقد كانت فى قريتنا ناهيا حضارة حق وكان فى روح أهلها من التقدم والرقى مايجعلها جديرة بأن تتسمى نهيا أو ناهية أو نهيه أو ناهيا فلقد كان لأهلها حكمة وعلم وحلم فتعاملوا مع الأخرين بكل حنكة وصبر وسياسة وأنجزوا كل أمر فى تؤدة ويسر ولين ومن قديم كانت صفات أهلها سببا ًفى تلك التسمية المتميزة على مر السنين والعهود .
قريتنا ناهيا كانت نموذجا ً ومثلا ً يحتذى فى الترابط والتعاون والتوحد خاصة خلف الذين يتقدمون منها ليمثلونها فى المجالس النيابية وهذا تصرف حضارى حق لأن التوحد يحقق النجاح وبالفعل كان النجاح حليف أبنائها المرشحين وخرج منها أكبر عدد من النواب بالمقارنة بالقرى الأخرى !!
الدكتور لويس عوض توصل فى بحثه عن الحياة النيابية فى مصر الحديثة لنتيجة مشرفة مضمونها أن النواب من ناهيا أبناء أسرة الزمر ظلوا يمثلون الجماهير بالمجالس النيابية لمدة مائة سنة متصله الأمر الذى لم يتحقق لأى أسرة فى بر مصر كله !!وهذا يعنى أن قريتنا هى القرية البرلمانية الأولى.

وبكل أسف نضع خطوطا ً سوداء تحت كلمة كانت لأننا أصبحنا نتكتل ضد إبن البلد لا لشيئ سوى أنه ينتمى إلى هذه الأسرة أو تلك وهذا أمر غريب وعجيب يحتاج إلى وقفة وإعادة نظر تناولنا جوانبها فى مقالة "دروس مهمة فى علو الهمة "على صفحات هذه المدونة .
قريتنا ناهيا كانت نموذجا ً للقرية النظيفة شوارعها ؛ لمست ذلك وشاهدته بعينى حتى أواخر الستينات من القرن العشرين ؛ لقد تعودت النسوة والبنات فى قريتنا على كنس ورش الشوارع من قبل طلوع الشمس حتى إذا أشرق الصباح وجدت شوارعها نظيفة تماما ً ؛ وهذا السلوك مع كونه مطلب شرعى فهوأيضا ً مظهر حضارى؛ وأجمل ما فى الأمر أن ناتج الكنس يتم حرقه كوقود فى الأفران البلدية بالبيوت ؛ ولم يكن للحكومات حتى ذلك الوقت إعتناء بأمر النظافة والصحة فكانت القاذورات تلقى بجوانب الحارات وعلى أبواب الأزقة فى جميع القرى عدا قريتنا ناهيا ! ولكن ومع الأسف نضع خطا ًأسودا ً تحت كلمة كانت لأن النسوة والبنات فى قريتنا قد تراجعن عن هذه العادة بدعوى الرقى والتمدين ولكنها فى الحقيقة إستكبارا ًفى غير موضعه ودعوة للتقهقر والتخلف .

قريتنا ناهيا كان فيها النائب حفناوى بيك الزمر وقف فى البرلمان عام 1926م وبحضور الزعيم سعد زغلول باشا وعلى رؤوس الأشهاد من الوزراء والنواب ليطالب بشق وتمهيد الطرق بمديرية الجيزة عموما ويطالب بكنس ورش وإنارة شوارع بلدتى إمبابه والعجوزه ويقول ما نصه:-
هل لا يرى معالى الوزير أنه من دواعى العمران وإستتباب الأمن سرعة تنفيذ هذا المشروع ؟
هذا الفكر المستنير والمطلب الحضارى ليس بالأمر الغريب خاصة أنه نابع من ابن ناهيا المتحضرة ؛ ولكن وبكل أسف نضع خطا ً تحت كلمة كان لأنه أصبح هناك نوابا ً يعتبرون أمر النظافة من المواضيع الهامشية فإن تكلموا فيها فعلى إستحياء وبلا متابعة !!!

ولقد جاء فى السنة المطهرة أن الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا ً رسول الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ؛ وهذا لا يعنى أنك ترمى الأذى بالطريق وغيرك يميطه ! بل إن الإمساك عن رمى الأذى داخل فى باب إماطة الأذى أيضا ً وهو الأولى فى حق المسلمين؛ ولقد تفهمت أنا شخصيا ً معنى إماطة الأذى عن الطريق بمفهومها الأوسع فأمسكت عن إلقاء أى شئ بالطريق حتى ولو كانت ورقة صغيرة جدا ً كتذكرة الأتوبيس أحتفظ بها حتى ألقيها فى المكان المخصص ولقد تعودت أن ألقى هذه الوريقات فى صندوق القمامة وأنا ذاهب إلى عملى فى الصباح بفرع إمبابه ؛ وقد لاحظت السيدة العاملة فى جمع القمامة بهذا الحى تصرفى فشكرتنى وقالت:ياليت الناس كلها زيك كنا إرتحنا من الكنس .

ولا شك أن الإمساك عن رمى الأذى بالطريق العام يوفر الطاقات المبذولة فى الكنس ويدخر الأيدى العاملة لأشياء أخرى منتجة ومفيدة ويرفع جهدا ً وحرجا ً كبيرين عن الأخوة العاملين بهيئة النظافة والتجميل .
فى يوم الأربعاء الموافق 1/4/2009م خرجت مبكرا ً فى نحو الساعة السادسة والنصف ؛ وأثناء خروجى من الشارع لمحت ثلاثة أكياس من القمامة ملقاة بجوار سور بيت المهندس / سامح الزمر !! فالتقط بيدى اثنين منها وسرت بها حيث ألقيتها فى المكان المناسب بعيدا ً عن طريق المسلمين وأنا أدعوا الله بقولى:- اللهم اهدى قلب من آذانى وانصرنىعلى من عادانى.
فى يوم الأربعاء الموافق 16/12/2009م ركبت السيارة من أرض اللواء فى نحو الساعة السادسة والنصف صباحا ً متوجها إلى مقر عملى بالبراجيل ؛ وقعدت إلى جوار السئق مباشرة بالكرسى الأمامى ويقعد عن يمينى راكب آخر بينما الركاب فى الكراسي الخلفية عددهم يتعدى عشرة ما بين رجل وإمرأة وتلميذ جمعوا الأجرة من بعضهم وأرسلوا ورقتين من فئة الخمسة جنيهات على أن يرد لهم السائق فرق الإحتساب ولكن السائق أعاد الورقتين وقال : أريد فكه وليس معى ما يسد الباقى !! وهذه عادة غالبية السائقين خاصة فى الصباح الباكر ! إنهم يخروجون وليس معهم الهواء !!
الركاب تحاوروا مرة أخرى وأعادوا النظر وتم جمع الأجرة فكه وأرسلوها للسائق بينما أحدهم أرسل ورقه من فئة الخمسة جنيهات فأمسك السائق بالنقود الفكة وأرسل منها بقية الخمسة جنيهات ؛ وظننت أن الأمر قد إنتهى وفجأة وجدت الزبون يعيد للسائق جنيها من الورق يريد إستبداله بآخر لأنه فاسد فقال السائق : هذا الجنيه جاء لى منكم أعيدوه لمن دفعه ! فسمعت أحد الركاب يقول : من دفع هذا الجنيه ؟ مرتين أوثلاث ولا أحد يرد عليه ! فأعاده للسائق ورفضه السائق وأعاده لهم فأعادوه وأوشك الموقف أن ينفجر بمشكله لولا مسارعتى بمناولة السائق جنيه معدن بدلا ً من الجنيه الفاسد فى صمت ونظرت فيه فوجدت آثار حرق .
السائق دخله السرور ونظر لى بإعجاب ودهشة بينما ساد الهدوء والتزم الجميع الصمت .
ولولا مسارعتى بالإستبدال لكان هناك بدائل مؤلمة وموجعة نذكرها حتى يعلم القارئ الكريم عظم ثواب هذا التصرف البسيط ؛ فالسائق كان سيتوقف ويعود بنا إلى الموقف ويعطينا النقود وفى هذه الحالة ستكون المشكلة بين الركاب وبعضهم علاوة على تأخيرنا عن مواعيد العمل ومن المؤكد أن الركاب سيشتبكون معه بالسب والشتم حال عودته ؛ صاحب الجنيه الفاسد الذى أنكر نفسه وهو يسمع ويرى هذا الأذى الذى صنعه ورمى به بريئا ً غير معلوم ولو علم الناس حقيقته وشخصه لضربوه وسبوه وشتموه ولكن شيئا ً من هذا لم يحدث وفزت أنا بالثواب ونحسبه عند الله مدخرا ً .

فى يوم الجمعه 25/12/2009م الموافق 9/1/1431هـ وبعد صلاة العشاء وقف فضيلة الشيخ/ حامد عبد الفتاح السهيد ليعطينا درسا ً فى أركان الإسلام والإيمان فأوضح أن الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها قول "لاإله إلا الله " وأدناها " إماطة الأذى عن الطريق" ومنها " أن تقرأالقرآن وتحفظه "وأسهب الشيخ وأكد على أن حافظ القرآن هو أغنى الناس وأنه بقدر حفظنا للقرآن وقراءته تكون طهارة القلب وسلامته , ثم قال :- إماطة الأذى عن الطريق له معى موقف وحدث منذ سنوات بعيدة !! لقد خرجت من بيتى فى الصباح فوجدت قطعة من الزجاج المكسور ملقاة بالشارع نظرت إليها ولم أهتم بها وانصرفت إلى عملى فلما عدت آخر النهار وجدت أحد أبنائى الصغار قد خرج يجرى فوقعت قدمه على قطعة الزجاج فنزفت دما ً !! سبحان الله لقد قدر لى عقوبة فورية على ترك إماطة الأذى الذى رأيته فى الصباح وهذا الموقف درسا ً لكل من يترك العمل الصالح ولو كان عملا ً بسيطا ً . وهكذا أعطى الشيخ / حامد درسا ً نبهنا فيه أن العلم لا بد وأن يكون معه العمل الصالح والخالص إبتغاء مرضاة الله عز وجل .

صباح يوم الإثنين الموافق 28/12/2009م نزلت من السياره الأجره أمام مزلقان أرض اللواء فى نحو الساعة السابعة صباحا ً واتجهت نحو موقف سيارات البراجيل وأثناء السير نظرت أمامى فوجدت سيارة تاكسى عداد تقف على جانب الطريق والسائق قد أخرج يده وألقى بلفافة من الورق المهمل والممزق !! نظرت إليه فشعرت بالغيظ والألم وهممت بنصحه والشيطان يخوفنى منه ! إنه سائق وربما يتطاول عليك بالقول !!وبحمد الله تذكرت كلمات الشيخ/ حامد السهيد وقوله بأن ترك العمل والنصح من بعد العلم يعتبر ذنبا ً يستوجب العقوبة من الله عز وجل فقويت همتى وأسرعت نحو السائق ونظرت إليه من الشباك وقلت وأنا أشير إلى الزبالة : هذا العمل يستوجب العقوبة والغرامة !! السائق إنبسطت أساريره أولا لقد كان يظن أنى زبون سيركب معه !! ثم إنقبض بعد أن سمع كلماتى حيث ظن أنى مباحث المرور !!ثم إندهش وتبسم عندما قلت : إحنا فى مصر نرمى الزبالة فى أكبر الشوارع ومن أفخم السيارات دون أى مسئولية ولك الله يامصر !! ثم انصرفت والسائق قد ألجمته المفاجأة ؛ وهكذانبهته أن فعلته خطأ وذكرته بعقوبة ولى الأمر وهى الأنسب لمثله لأن الله يزع بالسلطان مالا يزع بالقرآن والحمد لله .

فى يوم الخميس الموافق 23/9/2004م خرجت لصلاة العصر فى جامع سيدى عمروتركت الحاج/ محمد الروبى وعددا من العاملين يعملون بمحارة البيت ؛ وبعد الصلاة عدت فوجدت الصبى/ محمد السيد يقف لدى الباب وقد ألقى بعضا ً من بقايا الجبس التالف بالشارع ووقف ينفض يديه !! فأسرعت إليه وقلت : لا..لا تلقى شيئا فى الشارع هذه الأشياء ستؤذى الجيران والمارة خاصة عندما يأخذها الأطفال ويعبثون بها أمام البيوت وعلى الحوائط !! خذها وعد بها إلى داخل البيت ! فاسرع الصبى وعاد بها وهو يضحك فى دهشة وأستغراب ! وكان الحاج/ محمد الروبى يقف عن قرب وسمع ما أقول فضحك وقال : من لديه هذا الفكر!! الله ينور عليك ياحاج أحمد.

فى لقاء مع الأستاذ/ علاء محمد الزمر عضو مجلس شعبى القرية بعد صلاة المغرب الموافق السبت
2/1/2010م أفادنى بأنه سيتم إصلاح وتمهيد مداخل القرية بالجهود الذاتية وتبرعات الأهالى وأنه قد تم عقد اجتماع موسع بين المجلس ورؤساء الجمعيات الإجتماعية وخطباء المساجد لتنسيق الجهود وتحفيذ الأهالى للتبرع العينى والنقدى أوبالعمل والجهد التطوعى لإصلاح وتمهيد المداخل من ناحية بولاق الدكرور وبنى مجدول وكرداسة وحتى يتمكن قائدى السيارات من الدخول والخروج ويمكن إعادة خط هيئة النقل العام للعمل من بعد إنقطاع إمتد نحو سنة بسبب سوء حالة الطرق والمداخل نتيجة تنفيذ أعمال المرافق بالقرية ؛ وخرجت لجنة مشكلة من الأستاذ/ سامح قاسم شحاته رئيس المجلس الشعبى المحلى والحاج/ عادل مأمون الحلفاوى عضوا ً للمرور على بعض الرموز بالقرية من الذين نتوسم فيهم حب المشاركة فى العمل العام وجاءت الإستجابة سريعة وكريمة من بعض رجال الأعمال فساهموا بمبالغ نقدية معتبرة ومنهم على سبيل المثال وحتى إعداد هذه المقالة للنشر :-

الحاج / ربيع البشيهى ...
الحاج / عادل مأمون الحلفاوى ...
الأستاذ/ مجدى محمود حسين الزمر..
الحاج / محمد على حسين الزمر ...
الحاج / خالد على عبد السيد شحاته ...
الأستاذ / يحيى محمد عبدالعال شنن ...

وأخرين ساهموا بإحضارنقلات من حصوة البانده اللازمة للعمل وهم :-
الحاج/ محمود عباس الزمر ..
الحاج/ خالد حنفى العفيفى ..
الحاج/ سعد عتمان ..
الدكتور/ رشوان مراد الزمر ..
كما جاءت تبرعات من رواد عدد من المساجد وهى :-
مسجد سيدى عمر .. ساهم الأهالى بمبلغ 2000جنيه .
مسجد أبو سنه .. ساهم الأهالى بمبلغ 500جنيه.
مسجد عبد الهادى .. ساهم الأهالى بمبلغ 500جنيه .
وكان فضيلة الشيخ/ عرفه الفزانى قد أعلن من على منبر مسجد سيدى عمر فى يوم الجمعة الموافق 1/1/2010م أن حصيلة تبرعات المصلين اليوم لصالح هذا العمل العام ؛ لذلك كانت مساهمة رواد المسجد كبيرة ومعتبرة .
كما جاءت تبرعات من الجمعيات الأهلية وهى:-
جمعية الخدمات الدينية .. ساهمت بـ 5 نقلات من الحصوة .
الجمعية الشرعية .. ساهمت بمبلغ 500جنيه .
ونحن نتوجه بالشكر والعرفان لكل من ساهم فى هذا العمل العام وندعو لهم بالسداد والتوفيق .

فى صباح يوم الخميس الموافق 21/1/2010م خرجت مبكرا ًإلى عملى وفى حوالى الساعة السادسة والنصف ؛ فوجدت الطريق متعطل ومذدحم بالعربات عند تقاطع المريوطية وشارع السهراية فأخذت أقول فى نفسى لاحول ولا قوة إلا بالله لعلمى ويقينى أنها تأتى بالفرج ؛ ثم قلت متحدثا ً إلى الركاب من حولى : نحن السبب فى هذا الزحام لأننا نأكل محشو الكرنب والباعة يأتون بالعربات الكارو والنصف نقل وخاصة فى يومى الأحد والخميس من جميع القرى ويقفون لبيعها فى هذا المكان !!! الركاب ضحكوا جميعا ً واعترفوا بمسئوليتهم فى هذا التزاحم بكلمات بسيط ومعبرة كمثل " آه والله إحنا السبب " و " نحن لا يمكن نبطل أكل المحشى".
المجلس المحلى كان ينظم ويحكم المكان ومنع العربات من الوقوف فى هذا التقاطع الحيوى بالطريق ثم حدث تراخى وعادت العربات تقف وتتزاحم وتعطل السير والمرور ، وعددت فى صباح أحد أيام الخميس نحو خمسين عربة تقف فى هذا التقاطع ونصفها محملة بالكرنب .
بعد التوقف لنحو عشر دقائق السائق وجد فرجة فى إتجاه شارع السهراية فدخل منها على أمل أن يجد طريق داخلى يخرج منه إلى شارع المريوطية فلم يجد سوى الطريق المار بجوار دوّار الزمر ومنه إلى شوارع أخرى حتى خرجنا من شارع أحمد ناصر بحرى البلد؛ وصلت بنا السيارة إلى مزلقان أرض اللوا ء فى نحو الساعة السابعة والربع فوجدت سيارة البراجيل تتحرك فأسرعت نحوها وركبت ونظرت فوجدت مكان خالى بالكرسى الأخير فهممت أن أدخل رابع ثلاثة فوجدت فتى بالكرسى الأوسط ينتقل إلى الخلف لأقعد مكانه فى الكرسى القريب فشكرته مبتسما ً ؛ وقبل الطريق الدائرى نزل أناس وركب آخرون منهم رجل أعرج فانتقلت بسرعة إلى الكرسى الأخير بجوار الفتى وأقعدت الأعرج مكانى فشكرنى فلما وصلنا للبراجيل نزلت من السيارة وأمسكت بالباب حتى لا يرتد على رؤوس الركاب ووقفت حتى نزول آخر راكب الذى نظر نحوى وقال: شكرا ً فقلت له : عفوا ً وهذا نهجى دائما إذا وجدت أناس ينزلون معى أمسك لهم الباب للإطئنان على سلامتهم ؛ وهذه الأمور قد تبدو بسيطة ولكنها مهمة فى التعامل مع الناس فلابد وأن يشعر كل واحد منا أن المجتمع متعاطف ومتعاون ومتراحم مع بعضه حتى تسرى روح المحبة والتآلف وما أظن هذه التصرفات الحضارية إلا نتاج فكر راقى نسعى اليها ونحرص عليها بحمد الله وفضله وننشرها فى هذا الموقع الطيب لتتسع الفوائد وتعم الفضائل .

فى السطور التالية سنعرض بعضا من التصرفات الحضارية عظيمة الدلالة فى شرح نفسية أبناء ناهيا وتصور عواطفهم وأحاسيسهم تجاه المجتمع الذى يعيشون فيه لتكون سيرتهم منارة للقادمين ومثلا ًللسائرين وسنجعل لكل واحد منهم مفتاحا ًلشخصيته يدل على نوعية مساهمته فى الفكر الراقى والتصرف الحضارى .

1- العمدة/ عبداللطيف عبود الزمر .... والدى يرحمه الله وجدته يحنو على ذوى الحاجة ويتسامح مع المخطئين .
لقد عشت أنا أحداثا ًوقعت فى مطلع الستينات وكنت شاهد عيان أنظر وأسمع وأتعجب من عظمة هذه التصرفات ؛ منها أنه جاء فى يوم من الأيام رجل يستأجر من والدى مساحة فدانين أرض زراعية ؛ جاء هذا الرجل باكيا ً ينعى وفاة زوجته أم العيال ! وزوجة الفلاح هى زوجة عاملة ومنتجة تساند زوجها وتعينه وهذه سجية نساء الريف كلهن ؛ والرجل كان على حق عندما قال لوالدى " أم العيال ماتت وخرب البيت " فهل تدرون كيف كانت مواساة العمدة فى هذا المصاب ؟ هل اكتفى العمدة بالكلمات المعتادة فى مثل هذه الحالات "شد حيلك " أو "البقاء لله " أو "أعظم الله أجرك " نعم لقد قالها للرجل وقالها الحاضرون ولكن العمدة له مواقف وتصرفات تؤكد أنه نسيج وحده لقد كانت مواساة العمدة أكبر من الكلمات لقد قال له " إيجار السنة دى تركته لك تعويضا ًومواساة فى هذا المصاب" يرحمك الله ياأبى فلقد كنت فى مجلس الكبراء كبيرا ً ومع الضعفاء معينا ً .
وسمعت من الناس عديدا ً من المواقف التى تؤكد تأثره بأخلاقيات جدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان سترا ً وعونا ً للمسلمين مصداقا ً لقوله صلى الله عليه وسلم " من ستر مسلما ً ستره الله يوم القيامة "؛ ومما يحكى عنه فى هذا المعنى أنه خرج ذات ليلة من ليالى الشتاء الباردة ومعه الخفراء للمرور فى شوارع القرية للإطمئنان على الأمن وسلامة الناس ؛ وفجأة وفى جنح الظلام الدامس ظهر لهم رجل يسحب من خلفه جاموسة وقد سرقها توا ً من إحدى الحظائر القريبة ؛ وتسمر اللص مكانه عندما رأى العمدة أمامه والخفراء من حوله !!! فقال له العمدة :- هل رأك أحد غيرنا ؟
فقال اللص : لا فقال العمدة : اذهب وأدخل الجاموسة فى مكانها وأغلق الباب !! فذهب اللص مسرعا ً وعاد للعمدة فأمره أن يأتى إليه صباحا ً فى الدوّار ؛ يرحمك الله يأبى فلقد تمثلت فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الرجل الذى وجده يسأل الناس فقال له " إذهب واحتطب ثم عد " بعد أن هيأ له حبلا ً وقادوما ً يحتطب به ؛ لقد أعطى العمدة لهذا الرجل مبلغا ً من المال وقال له " اذهب واشتغل فى الدوبارة صناعة الكتان اليدوية "وكانت رائجة فى قريتنا إلى وقت قريب وذهب الرجل وتاب ثم عاد وقد إنصلح حاله بفضل الله وبركة هذا التسامح الحضارى الناتج عن فكر راقى .

2- النائب / حفناوى عباس بيك الزمر .... يحب الناس ويعتز بكرامتهم ومن دلائل حبه للجماهير وتواصله معها وخدمته لها أنه إتخذ لنفسه مسكنابشارع عبد المنعم بالقرب من ميدان الجيزة ليكون قريبا ً من مقر المجلس النيابى وفى وسط الأحداث ينفعل بها ويتفاعل معها فأحبته الجماهير وأعطته ثقتها فى فترة من أدق الفترات السياسية فى مصر ؛ الأمر الذى جعله يفوز بالأغلبية المطلقة ويحصل على 90% من الأصوات الصحيحة فى أربع دورات من الدورات الخمس التى نجح فيها !! وفى وثائق مجلس النواب وجدت عبارة " فاز بالأغلبية المطلقة " مكتوبة قرين أسمه بما يوحى بأن نجاحه كان شيئا ً باهرا ً .

سمعت من أهل مدينة الجيزة قسم أول الذين عاصروه أنه كان من عادته يرحمه الله أن يقف على باب منزله لينادى على أقرب صديق يمر بالشارع فى وقت الظهيرة يدعوه ليأكل معه وعادة ما يكون الغذاء " فتة ملوخية بالأوز " وهى أكلة شهيرة ومعتادة فى أسرتنا الزمر ؛ والطريف أن بعضا ًمن أصدقاءه قد طلبوا من زوجاتهم عمل " فتة الملوخية " وعملنها لكن لم تكن بحلاوة تلك التى أكلوها فى بيت النائب حفناوى بيك ؛ وهكذا كان حفناوى بيك يشيع نوعا ً من السعادة والآلف بين الناس بفكر راقر وتصرفات حضارية.

الزعيم / سعد زغلول تعجب من تعدد نجاحاته وحصوله على نسبة الأغلبية المطلقة فى الإنتخابات فما كان من حفناوى إلاأن قال قولته الشهيرة وبكل كرامة " المجلس يشرف بنا ولا نشرف به ".

3- العمدة/ حسين عامر الزمر ....يتصف بروح الدعابة والتسامح مع البسطاء خرج عمدة بلدة طناش مع مجموعة من أصدقائه لقضاء بعض الواجبات بمركز إمبابه وذهبوا ليقعدوا على إحدى المقاهى بميدان الكيتكات وفجأة سمعوا رجلا ً يصيح بأعلا صوته ويقول : الجلة الطناشى ياجلة !! بكسر الجيم الأولى والأخيرة{ أقراص جافة من روث البهائم مضاف اليها بعض دريس التبن وتستخدم كوقود فى الأفران البلدية } وتعجب العمدة وساد الصمت الحذر بين أصدقاءه وتوقعوا منه تصرف صارم مع ذلك الرجل الذى أحرجه فى ميدان الكيتكات الشهير !! وأسرع أحد الأصدقاء ليأتى بذلك الرجل عنوة ونظرالعمدة اليه فلم يعرفه فقال:أنت من أى بلد ؟ فقال الرجل : أنا من بلدة البراجيل !! كل هذا يحدث فى دقائق والأصدقاء يتوقعون أن يقوم العمدة لضرب الرجل الذى أساء الى بلدة طناش وأحرجه ولكن كانت المفاجأة !! العمدة يقول: الربح للبراجيل والفضيحة لطناش !! ويضحك ويضحك الأصدقاء ويضحك الرجل ويعود إلى حمارته وهو يصيح : الجلة الطناشى ياجلة .

4- المهندس/ عبود بيك الزمر.... راعى الشباب ومحقق حاجات المجتمع
لقد كان رجلا بألف رجل ويحب الشباب ويرعاهم ويجمعهم من حوله ليحاورهم ويقدم لهم مايشغلهم ويساعدهم فى حل مشاكلهم بكل تواضع يندرأن يتحلى به رجل فى مثل مكانته وسلطانه .

فى أحد أيام الصيف من عام 1948م كان هناك لغزا ً عجيبا ً طرحه المهندس/ عبود على مجموعة من شباب الأسرة فى سؤال نصه:- اُريد إسم شخص أخواله من اُسرة الزمر فى ثلاثة أجيال متعاقبة ؟ وذهبت مجموعة من الشباب تبحث وتسأل فى الأنساب والأخوال فتعذر عليهم التعرف على الشخص المطلوب ؛ وبعد أيام تقابل الحاج/ محمود حسين حسين أفندى الزمرمع العمدة/ عبداللطيف عبود الزمر واشتكى له قله الحيلة لأنه ومجموعة الشباب قد تعذر عليهم الوصول إلى ذلك الشخص الذى يريده عبود بيك ؛ فضحك العمدة وقال : أولادى لهم أخوال فى أربعة أجيال متعاقبة من اُسرة الزمر وليس هناك سواهم !! فأم أولادى هى / نظيره عبد المجيد محمد الصياح الزمر والحاج/ هانى خال أولادى فى جيل أول ؛ وأمه/فاطمة حسانين حسن بيك حسن أغا الزمر والحاج/ لبيب خال أولادى فى جيل ثان ؛ وأمه /مبروكة حسين أفندى الزمر وأبوك الحاج/حسين حسين أفندى الزمر خال أولادى فى جيل ثالث ؛ وأمه/ زبيدة عباس بيك حسين الزمر وحضرة / حفناوى بيك خال أولادى فى جيل رابع .

وحقيقة فإن شغل الشباب بمثل هذه الأفكار ينمى لديهم روح الود والحب لزويهم والإنتماء لأسرتهم خاصة وأن معرفة الأنساب تؤلف بين القلوب .
وقضية العاطلين من الشباب كانت تشغل بال المهندس /عبود بيك حتى تفتق ذهنه عن فكرة سبق بها زمانه فى مطلع الأربعينات من القرن العشرين ويؤكد الشيخ/ ابراهيم على زيادة على هذه المعانى بصفته شاهدعيان ويقول:- عبود بيك يرحمه الله كان له مواقف وتصرفات نتعجب منها ونندهش لها لكن بعد مرور الوقت والسنين علمنا وفهمنا أنها فكر راقى وتصرفات عبقرية لا تأتى إلا من مثل هذا الرجل ؛ لقد كان يأتى بالعمال الشبان من قريتنا لبناء حائط فى بيته خلال يومين أوثلاثة أيام يتناولون فيها طعام الفطور والغذاء ويعطيهم أجورهم ؛ وبعد أيام يأتى بعمال آخرين ويأمرهم بهدم الحائط فيهدمونه فى يوم أو يومين يأكلون فيها الفطور والغذاء ويعطيهم أجورهم !!! وبعد أيام يأتى بعمال آخرين يأمرهم ببناء الحائط من جديد وبعد أيام يأتى بأخرين للهدم وهكذا على مر السنين !!!
وكان العمال أنفسهم يتعجبون من هذا التصرف وكان عبود بيك يقول لهم حججا ً واهية !! مثل أريد حائطا ً أعلا من هذا أو أطول من هذا أو أقل ! ولا يقبل إلا بالهدم والبناء من جديد ؛ ويزداد العمال تعجبا ً من هذه الحجج الواهية ونتعجب نحن طلبة العلم أيضا ً ! وأستمر عبود بيك فى هذا المسلك لفترة طويلة حتى قيل أنه فقد عقله وإتزانه؛ لكن تبين لنا نحن طلبة العلم بعد أن كبرنا وتعلمنا تبين أن ما عمله عبود بيك كان سبقا ً حضاريا ً ليس له مثيل لمساعدة العمال والشباب المتعطلين عن العمل !! فبدلا أن يعطيهم أموالا من باب الصدقة والإحسان – فيجرح مشاعرهم ويقلل من شأنهم لدى ذويهم – كان يفتح لهم باب العمل بعبقرية غير مسبوقة ليعطيهم أجورهم دون مذلة أو إنكسار وهذا التصرف من أرقى المعاملات الإنسانية ولا يأتى إلا من رجل مثل جدك عبود بيك رحمة الله علية . إنتهى

5- الأستاذ/ مراد بيك الزمر ..... يعى تماما المسئولية الملقاة على عاتقه ويفرق بين واجباته الوظيفية والنيابية ؛ وجدناه يتقدم بالسؤال غير مكترس بنتائجه وما يسببه له من حرج لأن حبه للجماهير جعله لايهتم بأى شئ سوى رضا الجماهير عنه ؛ وعندما يعود إلى مكتبه بالوزارة يسخر كل إمكانياته لخدمة الجماهير فهو معها وبها ولها فى المجلس أو فى الوزارة على حد سواء ؛ ودليل هذه الصفة الحضارية وجدناه فى مظبطة الجلسة رقم 39 بمجلس النواب فى يوم الإثنين 31/7/1950م الموافق 16 من شهر شوال 1369هـ برياسة حضرة صاحب السعادة / إسماعيل صبرى باشا ؛ والسؤال موجه إلى صاحب المعالى وزير الصحة العمومية وهذا نصه :- إنتشرت الحمى المخية الشوكية بالبلاد إنتشارا ً يخشى منه على الصحة العامة فهل لمعالى الوزير أن يدل ببيان مفصل عن حالة هذا المرض وهل أخذ شكلا ً وبائيا ً وهل إتخذت الوزارة العدة الكافية لمحاربته ؟ وما عدد الإصابات به منذ ظهوره حتى الأن ؟ وهل أصدرت إلى الجمهور نشرات وإذاعات طبية للوقاية منه وماهى ؟
يتبين من هذا السؤال أن النائب مراد ابراهيم حمزة الزمر لم تمنعه تبعيته لوزير الصحة العمومية من تقديم السؤال ليعلم الناس حقيقة إنتشار الوباء فى البلاد وأن تأتى هذه الحقيقة على لسان المسئول الأول ؛ فعلى الرغم من علمه بتفاصيل المرض المنتشر بحكم وظيفته كما أشار إلى ذلك معالى الوزير بقوله: - "أظن أن حضرة النائب المحترم يعلم قبل غيره".
إلا إن ولاءه كان للجماهير التى أحبته وتربع فى قلوبها وهو الأن يمثل الجماهير فوجب تقديم السؤال لتأتى الإجابة بكل تفاصيلها ليعلمها الجميع ويطمئنوا تماما ً .

6- الأخ / عماد فتحى ..... شاب معوق يتصرف على الفطرة فجاءت أعماله حضارية!! فلما شاهدت منه إندفاعا ً ومسارعة لتلك الأعمال الحضارية وهو بالتأكيد لا يدرك معانيها لأنه معوق فى عقله وقدمه ولسانه أحسست بأنى مقصر فى تحصيل الأجر والثواب من مثل هذه الأعمال البسيطة فى فعلها والكبيرة فى معناها .
فى صلاة العشاء بجامع سيدى عمر يوم الأربعاء الموافق 6/1/2010م
وقفت بالصف الثانى أقصى يسار الإمام ولفت نظرى ذلك الشاب الذى يقف
أمامى تماما ً بالصف الأول إنه يتلفت من حوله ويسابق الإمام فى سجوده وقيامه إنه الأخ/ عماد المعوق ولا حرج عليه !! وبعد الصلاة وقف عماد فى مكانه وأخذ يتلفت كعادته بينما أخذت أنا أختم صلاتى ؛ وبعد دقائق وجدت الحاج/ عبدالعزيز غزاله وكان يصلى بجوار عماد يحاول الوقوف ويتسند على يديه فهو رجل مسن تخطى السبعين من عمره فوجدت عماد يمد يده فى صمت إلى الشيخ عبد العزيز فأمسك بيده ليعينه على الوقوف لصلاة السنة البعدية ! ثم وقفت أنا لصلاة السنة وعماد لم يزل يقف أمامى يتلفت وينظر للمصلين فلما فرغت وفرغ الأخرون من الصلاة بدء المصلون فى النهوض والإنصراف فوجدت عماد قد أسرع مندفعا ً إلى مكان وضع الأحذية فنظرت إليه اُتابعه فوجدته قد أمسك بحذاء ثم ناوله لأحد الرجال فى يده وأخذ الرجل يتحسس الحذاء ونظرت فى وجه فتبين لى أنه الأخ / إمام صفار الذى فقد نظره فى جراحة خطأ وأصبح كفيفا ً !!
وهكذا تسابق المعوق فسبق الأصحاء العقلاء ولله فى خلقه عظة وعبرة .

7- المقدم / عبود عبد اللطيف الزمر ....
أخى وشقيقى وجدته فى مقالته المنشورة بجريدة الدستور فى يوم السبت الموافق 2/3/2005م وتحت عنوان " الرد الوقائى فى مواجهة الحرب الوقائية " يقول مانصه :- الإسلام دعوة خير وبر وصدق جاءت لتخرج الناس من الظلمات إلى النور وهداية للبشرية ؛ واليوم الإسلام يعيش محنة تشويه وتشكيك من أعدائه " يريدون ليطفؤا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولوكره الكافرون " آيه 8 من سورة الصف ؛ حيث بلغوا المراد وأدركوا الغاية بعد وقوع أحداث سبتمبر 2001م فسارعوا إلى إلصاق هذا الحدث الخطير بالاسلام معتبرين أنه بعينه نقطة تحول الغرب ضد الإسلام بشكل نهائى ونسوا الصراع الممتد منذ قرون طويلة إعتدى فيها الغرب على المسلمين فيما عرف بالحروب الصليبية ثم تلتها المرحلة الإستعمارية التى مزقت الأمة الإسلامية إلى دويلات ضعيفة يعد أن كانت خلافة إسلامية قوية يهابها الجميع .... فلم تكن أحداث سبتمبر فى الحقيقة سوى مبرر مصطنع للمجاهرة بالعداء المستحكم
أصلا ً واستغلاله كتكأة لبدء حملة عسكرية ترويضية للدول المعارضة لسياسة الولايات المتحدة بعد أن كانت مكتفية بالغزو الثقافى والفكرى والإقتصادى ....

إن حملة التشويه التى يقودها الغرب ضد الإسلام بعد حالات التساؤل هناك عن ماهية الإسلام بعد أحداث سبتمبر توجب على المسلمين اليوم المبادرة لصياغة خطاب إسلامى عالمى معاصر من خلال عمل منظومى لا مركزى يعالج القضايا فى ضوء الأصول والقواعد العامة للشريعة وبعيدا ً عن عصبيات المذاهب التى تؤدى إلى تردد المدعوين وإنصرافهم؛ ونرى أن الخطاب لا بد أن يشمل:-
1- الرد الوقائى من خلال مجموعة الإحراءات الدفاعية عن الإسلام وإبطال حملة التشويه التى نسبت إلى الإسلام وتوضيح موقف الإسلام من القتل العشوائى وضرورة الفصل بين المنهح وأخطاء التطبيقات وإخفاقات بعض المنتسبين إليه ..... كما أن الروح الإنتهازية التى إعتمدها الغرب فى تطوير هجومه على الإسلام تعطى لنا المبرر القوى لطرح رؤيتنا النقدية لسلوكيات الغرب ومبادئه وعرض تاريخه الأسود ضد البشرية كى يعيش بين جنبات خطاياه .
2- العرض المنهجى ونقصد به عرض الإسلام فى صورته الكاملة فى مجالات العقيدة والأخلاق والاقتصاد والحكم والقضاء والسياسة والحسبة والفتيا والأسرة وحقوق الإنسان والتعامل مع غير المسلمين فى الداخل وعلاقة الدول الإسلامية بالدول الأخرى .
3- المعالجة الحياتية ونقصد بها الأحداث اليومية والمستجدات المستمرة التى يطلب فيها رأى الإسلام بشرط ألا نتخلى عن ثوابتنا فى الدعوة أوننسلخ من هويتنا للتقارب مع الغرب تحت دعوة السماحة والمرونة ....

ولقد نوع القرآن الكريم فى طريقة الدعوة إلى الله باستخدام الوعظ والقصة والمثال والمحاجة العقلية وسار النبى صلى الله عليه وسلم على هذا النهج فأعطى مساحة كبيرة للإقناع ومخاطبة العقل بالحجة والبرهان وهى تلك التى يفتقدها كثيرمن الدعاة اليوم ... كما تحتل القدوة مرتبة مؤثرة فى الدعوة إلى الله حيث أن التزام المسلمين بأخلاق الإسلام فى الدول غير الإسلامية يعتبر فى حد ذاته أحد وسائل الدعوة التى تجذب المدعوين للإسلام وتشعرهم بالإطمئنان حيث يتطابق القول مع العمل.
وجدته يدعو لمكارم الأخلاق ومعالى الأمور فى تحيته للسادة الأشراف فقال فى رسالته من ليمان طره:-
إلى السادة الأشراف .. حبا ً وكرامة ياآل بيت النبى أنتم أخيار الناس ؛ فنسبكم الطاهر موصول بالنبى صلى الله عليه وسلم ينفعكم يوم القيامة ما دمتم للإسلام ذخرا ً وللمؤمنين أنصارا ً وللأعداء قهارا ً ؛ وأينما حللتم سدتم وحيثما نزلتم تقدمتم ؛ مودتكم صدق وإيمان وبغضكم نفاق وخذلان ؛ فالحب لكم بين الجوانح مابقيت السماوات والأرض ؛ ندعو للمحسن منكم ونشكر له ؛ ونعفو عما سوى ذلك إجلالا ً وإعظاما ً لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ياذرية صاحب الشريعة لستم كأحد من الناس ؛ فجدكم الرسول الخاتم صاحب الفضل على العالمين أوصى الخلق بكم خيرا ً ومودة وقربى ؛ فكونوا على المستوى اللائق بكم فلا تفرطوا فى صلاة ولا صيام ولا زكاة ولا تتخلفوا ما استطعتم عن حج بيت الله وعضوا على سنه نبيكم بالنواجذ فأنتم أولى الناس بها وأحق .

يا آل بيت الرسالة لقد ضحى أجدادكم من أجل الإسلام فقتل الإمام على رضى الله عنه شهيدا ً والحسين رضى الله عنه شهيدا ً وكادت أن تفنى الذرية وتستأصل لولا أن تداركتكم رحمة الله فمن وحفظ ليبلغكم شرف النسب فأحمدوا الله على هذه النعمة واشكروا.


يـاآل بيت رسـول الله حـبـكـمـو
سـكـن الـفـؤاد فـلا بغـض ولا حـسـد
شـرف الـنبـوة تـاج زان بيتكـم
فــســمــا بـمـكـانـة مـا نـالـهــا أحــد


فأنتم أحرص الناس على الدين وأولاهم بالدفاع عن حياضه والبذل من أجل رفعته ؛ فالنصرة النصرة للإسلام وأهله ولشريعة الله وحكمه وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله . إنتهى النداء .

وهكذا وجدنا الأشراف – وأسرة الزمر منهم – قد قاموا بالنهوض بمجتمع الأمة على كلمة التوحيد والقدوة الحسنة وبإخلاصهم لله عز وجل فقدموا من البطولات والمفاخر الشئ الكثير ونحسبه عند الله مدخرا ًونأمل أن يعود لقريتنا الوجه الحضارى المشرق الذى يتفق مع تاريخها ودورها على مر السنين .
أخى القارئ الكريم هذه نماذج على سبيل المثال لا الحصر كتبت فيها وعبرت عنها بغية تحفيزك للكتابة عن نماذج من أسرتك وقريتك ونأمل أن تتواصل معى وترسل بها فى التعليقات على المقالة حتى تتسع الفائدة وعلى الله قصد السبيل .
ويبقى أن نصلى ونسلم على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين وأول المتحضرين وإمام المفكرين والعقلاء المبصرين ؛ فالحضارة كل الحضارة فى السير على هديه والرقى كل الرقى فى التمسك بسنته صلى الله عليه وسلم تسليما ً كثيرا ً والحمد لله رب العالمين ,،،،،