الشيخ / محمد المهدي الحنفي
مفتى المذهب الحنفي وأول رئيس وزراء مصري لمصر.
في شهر يوليو سنة 1798م دخلت الحملة الفرنسية إلى مصر بقيادة نابليون بونابرت لغزو مصر واستعمارها بهدف السيطرة على مفاتح التجارة ببلادالشرق وضرب اقتصاد انجلترا العدو التقليدى للثورة الفرنسية ؛خرج نابليون من ميناء طولون على رأس أسطول وجيش تعداده نحو ستة وثلاثون ألف جندى ؛ فلما وصل الأسكندرية ضربها وأستولى عليها ثم توجه إلى القاهرة واستولى عليها بعد معركة قصيرة مع المماليك عند إمبابه شمال الجيزة .
يقول المؤرخ / عبدالرحمن حسن الجبرتى مانصه :-
لما حضر الفرنساوية إلى الديار المصرية وخافهم الناس وخرج الكثير من الأعيان وغيرهم هاربين من مصر { القاهرة } تأخر الشيخ / محمد المهدى عن الخروج ولم ينقبض كغيره عن المداخلة فيهم { يقصد الفرنساوية } بل إجتمع بهم وواصلهم وأنضم اليهم وسايرهم ولاطفهم فى أغراضهم ؛ فأحبوه وأكرموه فقبلوا شفاعته ووثقوا بقوله فكان هوالمشار إليه فى دولتهم مدة إقامتهم بمصر ؛وكان لوجوده وتصدره فى تلك الأيام النفع العام فسد بعقله ثقوبا ً واسعة وخروقا ً وداوى برأيه جروحا ً وفتوقا ً لا سيما أيام الهيازع والخصومات وما يكدر الفرنساوية من مخارق الرعية فيتلافاهم بمراهم كلماته ويسكن حدتهم بملاطفاته. إنتهى النص
وعنه يقول نابليون فى مذكراته :-
الشيخ محمد المهدى أذكى علماء الأزهر وأفصحهم لسانا ً وأكثرهم علما ً وأصغرهم سنا ً.
وعن دوره وتأثيره فى إتخاذ القرار يقول الباحث / لويس عوض :--
الشيخ / محمد المهدى كان بمثابة أول رئيس وزراء مصرى فى العصر الحديث .
الشيخ/ محمد المهدى الحنفى أحد العلماء الذين لعبوا دورا ً كبيرا على مسرح الحوادث السياسية فى أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر ؛ وقريتنا ناهيا تفخر بإنتماء هذا الشيخ إليها فبعد أن ولد فيها وعاش بها فترة طفولته وصباه فارق أسرته المسيحية بعد أن تعلم القراءة والكتابة وحفظ القرآن فى كتاب القرية ؛ وذهب إلى الجامع الأزهر وأعلن إسلامه والتزم الشيخ/محمد الحفنى مدرس المذهب الحنفى بالأزهر الشريف وهو الذى أسماه محمد المهدى العباسى الحفنى الحنفى ؛ فلما رأى منه نبوغا ً وذكاء تولى الإنفاق عليه وأسكنه فى بيته مع أولاده ؛ وتفرغ محمد المهدى واشتغل فى تحصيل العلم وواظب على حضور حلقات الدرس لكبار علماء عصره من مثل الشيخ/ العدوى والشيخ/ الأجهورى والشيخ/ الدردير وتصدى للتدريس بالأزهر فى عام 1776م على المذهب الحنفى ؛ واشتهر بسعة العلم وحسن الإلقاء مع الفصاحة والبيان وسلامة التعبير وتحقيق المشكلات بين الناس فأدرك مكانة كبيرة بين أقرانه ؛ واكتسب أموالا ً كثيرة من ناتج تجارة الكتان والدوبار التى ورثها عن آبائه وأجداده فى نهيا ؛ وهذه الأمور شغلته عن وضع المؤلفات وتحقيق الرسالات العلمية ؛ وعندما يفتقده الناس يبحثون عنه فيجدونه قد رحل إلى بيته ليستريح فى نهيا .
هذه السطور والكلمات هى معانى وخلاصة ما ذكره المؤرخ عبد الرحمن الرافعى فى كتابه الثورة العربية .
ولا شك أن كبار العلماء من مثل الشيخ/ العدوى والدردير والأجهورى وغيرهم قد سألوا ذلك الشاب النابغة المهدى عن أصله وفصله فعلموا أنه من ناهيا ولا شك أيضا ً أن جميع الطلاب بالأزهر قد علموا بموطن ذلك الشيخ المهدى الجهبز فأصبح إسم ناهيا يتردد على الألسن فى جميع قرى مصر وتأكد فضل قريتنا ومكانتها فى الصدر والصدارة والحمدلله رب العالمين .
وعندما سيطر الفرنساوية على القاهرة منعوا أهلها من ركوب الخيل والبغال والحمير مطلقا ً سوى خمسة أنفار وهم الشيخ المهدى والشيخ الشرقاوى والشيخ الفيومى والشيخ الأميروالشيخ محرم وذلك لعلو مكانتهم بين الناس بمصر .
وحقيقة إن الحملة الفرنسية قد تعاملت مع الأهالى بمنتهى القسوة والوحشية والتعسف فترة إحتلالها لمصر من 21/7/1798م وحتى إنخلاعها عن التصرف فى 3/7/1801م ؛ وتسببوا فى وقوع حوادث ومآسى فى العديد من البلدان يصفها الجبرتى بقوله :- صارت كلها خرائب متهدمة محترقة تسكب عند مشاهدتها العبرات وتنقطع النفس من الحسرات .
ومن هذا الحوادث المؤسفة دخول العسكر الفرنساوى إلى نزلة البطران بالهرم فى 17/4/1799م وضربوها بالمدافع وصوبوا مدافعهم إلى الهرم الأكبر وتمثال أبو الهول فكسرت أنف الأخير وقصفت قمة الهرم ؛ ثم ذهبوا إلى دهشور وضربوها بالمدافع . ومن قرية القطا شمال الجيزة خرج أحد الشباب فقتل جندى فرنسى من المعسكرالقريب فطالبت القوات الفرنسية بتسليم القاتل فلما وجدوا عدم أستجابة حاصروا القرية بأربعمائة جندى وقاموا بتفتيش البيوت فلم يجدوا القاتل فأضرموا النيران فى كل بيوت القرية إنتقاما من أهلها .
وحقيقة فقد عمت الفوضى البلاد من كل الجهات من بعد دخول الفرنساوية وهزيمة المماليك و يقول الجبرتى فى تاريخه :-
وقف العربان وقطاع الطرق بحميع الجهات القبلية والبحرية والشرقيةوالغربية والمنوفية والدقهلية وسائر النواحى فمنعوا السبل وقطعوا طريق المسافرين ونهبوا المارين من أبناء السبيل والتجار وتسلطوا على القرى والفلاحين ... ووثب أهل القرى على بعضهم وتقوى القوى على الضعيف . انتهى النص ولسانى يردد اللهم اجعل بلدنا أمن أمان وأحفظ قريتنا ناهيا بحفظك كما حفظتها فى ذلك الزمان .
نعم لقد نجت قريتنا ناهيا من كل هذا الإضطراب بفضل الله وحفظه فقيض لها الشيخين / أحمد الزمر ومحمد المهدى بما لهما من علم وحلم وهيبة وكرامة ؛ كما قيض لها البحر يحيط بها ويمنعها بما له من تخويف ورهبة ؛ هذا الماء حفظ قريتنا فصرف الفرنساوية عن دخولها كما صرف الأخرين عن دخولها من قبل ومن بعد ؛ ومن لطف الله بقريتنا أن يمتلك الشيخ/ أحمد الزمرأرض ناهيا فىعام 1775م من بعد أن كانت أوقافا ً سلطانية فلم تكن للمماليك أى فرصة لدخول قريتنا ليسكنوها أويتملكوا فيها فنجت من دسائسهم وفتنهم ؛ ومن لطف الله بقريتنا أن جاء منها الشيخ/ محمد المهدى وهو من هو فى مكانته المرموقة لدى الفرنساوية فدافع بعلم وحلم وحنكة وسياسة وكلها صفات موروثة وكانت سببا فى تسمية قريتنا بهذا الإسم الطيب ؛ كل هذه الأقدار جعلت قريتنا بعيدة عن أى عمل عسكرى وتأكد لى هذا اللطف وهذا الحفظ من بعد الإطلاع على أمهات المراجع التاريخية .
من المواقف الرائعة الى سجلها التاريخ للشيخ/ محمد المهدى ذلك الموقف الذى دافع فيه عن مصر {القاهرة} وأنقذها من هجوم فرنسى مدمر ؛ فبعد أن راجت الإشاعات بأن أهل مصر عاملون على إثارة الثورة ضد الفرنسيس قام الجنرال/ دوجا بإستدعاء الشيخ المهدى وكلمه فحاجه المهدى ونفى الشائعة فتراجع القائد الفرنسى عن الهجوم وهكذا إستطاع ابن ناهيا أن يدافع عن أهل مصر بحنكة وسياسة وحلم .
فى يوم الأربعاء 10/7/1799م عمل الشيخ / محمد المهدى وليمة عرس لزواج أحد أولاده ودعا نابليون وأعيان الفرنساوية فتعشوا عنده وذهبوا ؛ المصدر تاريخ الرافعى لم يحدد مكان الوليمة ولو كانت فى ناهيا لعلمنا بها بالتواتر من الأجداد والمؤكد والمرجح أنها كانت فى بيت الشيخ بمصر .
بعد مقتل كليبر على يد / سليمان الحلبى فى 14/6/1800م وبعد ماتبين أن سليمان طالبا بالأزهر الشريف جاء كبير الفرنساوية ومعه الأغا المحتسب فى 16/6/1800م وطافوا بأروقة الأزهر وأرادوا حفر أماكن للتفتيش على السلاح ؛ وفطن الشيخ/ المهدى إلى خطورة الموقف خاصة أن مصاب الفرنساوية فادح وأليم وقد يجعلهم يمكرون أثناء الحفرفيهدمون أساس الجامع الأزهر فينهدم معه منارة حفظت الدين واللغة والتاريخ ؛ فقام الشيخ/ المهدى من فوره وبالإتفاق مع الشيخ/ الشرقاوى والشيخ/الصاوى فتوجهوا فى عصر ذات اليوم إلى قائد الحملة "مينو" واستأذنوه فى قفل الجامع وتسمير أبوابه نهائيا ً ؛ وقصد المشايخ من ذلك قطع الريبة بالكليةوالحفاظ على الجامع الأزهر فحاز الرأى قبول القائد الفرنسى وتم غلق الجامع تماما ً من سائر الجهات وجاءت الخيول الفرنساوية فوقفت أمامه ومن حوله حتى أعيد فتحه وتنظيفه وكنسه فى 1/7/1801م ؛ هذه السطور خلاصة ما قاله الرافعى فى كتابه.
وهكذا إستطاع إبن ناهيا أن يحافظ على سلامة الجامع الأزهر الشريف ليستمر فى أداء رسالته على مر السنين ولولا عناية الله وتسخيره وقيضه لذلك الشيخ/ المهدى لأنهدم الأزهر وأنطفأت منارة العلم فى مصر والعالم الإسلامى فالحمد لله على عنايته وحفظه والحمد لله على هذا السبق والتشريف .
ومع كل هذه المكانة وذلك التشريف لم يسلم الشيخ/ المهدى من أذى الفرنساوية فتم حبسه مع الشيخ/ السادات والشيخ/ الشرقاوى والشيخ/ الأمير وأخرين بسجن القلعة حتى أفرج عنهم حضرة الصدر الأعظم قائد الجيش العثمانى فى 2/7/1801م .
ولد محمد على باشا فى عام 1769م بمدينة قوله من بلاد اليونان التى كانت تحت حكم الخلافة العثمانية والتحق بالجيش العثمانى وجاء مع الأسطول لطرد الفرنسيين من مصر.
فى سنة 1804م ثار أهل مصر على حكم المماليك بسبب فرضهم للضرائب الباهظة على الناس واستغل محمد على هذه الفرصة ونزل بحنوده إلى الشوارع والحارات وتعهد لزعماء الثورة بأن يرفع هذه الضرائب وتصدى لعسكر المماليك وحاصر بيوت زعمائهم فانسحبوا من القاهرة إلى الصعيد .
وتولى خورشيد باشا حكم مصر بإقتراح من محمد على ؛ ولم يكن خورشيد مطمئنا ًلموقف محمدعلى وكسبه عطف وحب الشعب المصرى وثقة زعمائه ؛ فحاول التخلص منه فاستصدر فرمانا ً بتولية محمد على حكم مدينة جده فى مايو 1805م فرفض محمد على مستندا ً على تأييد العلماء المصريين وحبهم له ؛وبالفعل إجتمع العلماء والمشايخ وسط تجمع شعبى كبير وأعلنوا عزل خورشيدباشا عن الحكم وتولية محمد على ؛ وتم كتابة محضر هذا الإجتماع فى 13/5/1805م بخط يد الشيخ / محمد المهدى ؛ واستمر محمد على حاكما لمصر حتى جاء الفرمان السلطانى فى 9/7/1805م متضمنا عزل خورشيد والإعتراف بمحمد على واليا ً على مصر حيث رضى عنه العلماء والرعية من أهل البلاد المصرية ؛ هذه السطور هى خلاصة ومعانى ماورد بالمراجع التاريخية والكتب المدرسية.
وهكذا شاركت ناهيا فى الأحداث وعملت على تأكيد الإرادة الشعبية والمطلب الشعبى بكل حماس وصدق .
مفتى المذهب الحنفي وأول رئيس وزراء مصري لمصر.
في شهر يوليو سنة 1798م دخلت الحملة الفرنسية إلى مصر بقيادة نابليون بونابرت لغزو مصر واستعمارها بهدف السيطرة على مفاتح التجارة ببلادالشرق وضرب اقتصاد انجلترا العدو التقليدى للثورة الفرنسية ؛خرج نابليون من ميناء طولون على رأس أسطول وجيش تعداده نحو ستة وثلاثون ألف جندى ؛ فلما وصل الأسكندرية ضربها وأستولى عليها ثم توجه إلى القاهرة واستولى عليها بعد معركة قصيرة مع المماليك عند إمبابه شمال الجيزة .
يقول المؤرخ / عبدالرحمن حسن الجبرتى مانصه :-
لما حضر الفرنساوية إلى الديار المصرية وخافهم الناس وخرج الكثير من الأعيان وغيرهم هاربين من مصر { القاهرة } تأخر الشيخ / محمد المهدى عن الخروج ولم ينقبض كغيره عن المداخلة فيهم { يقصد الفرنساوية } بل إجتمع بهم وواصلهم وأنضم اليهم وسايرهم ولاطفهم فى أغراضهم ؛ فأحبوه وأكرموه فقبلوا شفاعته ووثقوا بقوله فكان هوالمشار إليه فى دولتهم مدة إقامتهم بمصر ؛وكان لوجوده وتصدره فى تلك الأيام النفع العام فسد بعقله ثقوبا ً واسعة وخروقا ً وداوى برأيه جروحا ً وفتوقا ً لا سيما أيام الهيازع والخصومات وما يكدر الفرنساوية من مخارق الرعية فيتلافاهم بمراهم كلماته ويسكن حدتهم بملاطفاته. إنتهى النص
وعنه يقول نابليون فى مذكراته :-
الشيخ محمد المهدى أذكى علماء الأزهر وأفصحهم لسانا ً وأكثرهم علما ً وأصغرهم سنا ً.
وعن دوره وتأثيره فى إتخاذ القرار يقول الباحث / لويس عوض :--
الشيخ / محمد المهدى كان بمثابة أول رئيس وزراء مصرى فى العصر الحديث .
الشيخ/ محمد المهدى الحنفى أحد العلماء الذين لعبوا دورا ً كبيرا على مسرح الحوادث السياسية فى أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر ؛ وقريتنا ناهيا تفخر بإنتماء هذا الشيخ إليها فبعد أن ولد فيها وعاش بها فترة طفولته وصباه فارق أسرته المسيحية بعد أن تعلم القراءة والكتابة وحفظ القرآن فى كتاب القرية ؛ وذهب إلى الجامع الأزهر وأعلن إسلامه والتزم الشيخ/محمد الحفنى مدرس المذهب الحنفى بالأزهر الشريف وهو الذى أسماه محمد المهدى العباسى الحفنى الحنفى ؛ فلما رأى منه نبوغا ً وذكاء تولى الإنفاق عليه وأسكنه فى بيته مع أولاده ؛ وتفرغ محمد المهدى واشتغل فى تحصيل العلم وواظب على حضور حلقات الدرس لكبار علماء عصره من مثل الشيخ/ العدوى والشيخ/ الأجهورى والشيخ/ الدردير وتصدى للتدريس بالأزهر فى عام 1776م على المذهب الحنفى ؛ واشتهر بسعة العلم وحسن الإلقاء مع الفصاحة والبيان وسلامة التعبير وتحقيق المشكلات بين الناس فأدرك مكانة كبيرة بين أقرانه ؛ واكتسب أموالا ً كثيرة من ناتج تجارة الكتان والدوبار التى ورثها عن آبائه وأجداده فى نهيا ؛ وهذه الأمور شغلته عن وضع المؤلفات وتحقيق الرسالات العلمية ؛ وعندما يفتقده الناس يبحثون عنه فيجدونه قد رحل إلى بيته ليستريح فى نهيا .
هذه السطور والكلمات هى معانى وخلاصة ما ذكره المؤرخ عبد الرحمن الرافعى فى كتابه الثورة العربية .
ولا شك أن كبار العلماء من مثل الشيخ/ العدوى والدردير والأجهورى وغيرهم قد سألوا ذلك الشاب النابغة المهدى عن أصله وفصله فعلموا أنه من ناهيا ولا شك أيضا ً أن جميع الطلاب بالأزهر قد علموا بموطن ذلك الشيخ المهدى الجهبز فأصبح إسم ناهيا يتردد على الألسن فى جميع قرى مصر وتأكد فضل قريتنا ومكانتها فى الصدر والصدارة والحمدلله رب العالمين .
وعندما سيطر الفرنساوية على القاهرة منعوا أهلها من ركوب الخيل والبغال والحمير مطلقا ً سوى خمسة أنفار وهم الشيخ المهدى والشيخ الشرقاوى والشيخ الفيومى والشيخ الأميروالشيخ محرم وذلك لعلو مكانتهم بين الناس بمصر .
وحقيقة إن الحملة الفرنسية قد تعاملت مع الأهالى بمنتهى القسوة والوحشية والتعسف فترة إحتلالها لمصر من 21/7/1798م وحتى إنخلاعها عن التصرف فى 3/7/1801م ؛ وتسببوا فى وقوع حوادث ومآسى فى العديد من البلدان يصفها الجبرتى بقوله :- صارت كلها خرائب متهدمة محترقة تسكب عند مشاهدتها العبرات وتنقطع النفس من الحسرات .
ومن هذا الحوادث المؤسفة دخول العسكر الفرنساوى إلى نزلة البطران بالهرم فى 17/4/1799م وضربوها بالمدافع وصوبوا مدافعهم إلى الهرم الأكبر وتمثال أبو الهول فكسرت أنف الأخير وقصفت قمة الهرم ؛ ثم ذهبوا إلى دهشور وضربوها بالمدافع . ومن قرية القطا شمال الجيزة خرج أحد الشباب فقتل جندى فرنسى من المعسكرالقريب فطالبت القوات الفرنسية بتسليم القاتل فلما وجدوا عدم أستجابة حاصروا القرية بأربعمائة جندى وقاموا بتفتيش البيوت فلم يجدوا القاتل فأضرموا النيران فى كل بيوت القرية إنتقاما من أهلها .
وحقيقة فقد عمت الفوضى البلاد من كل الجهات من بعد دخول الفرنساوية وهزيمة المماليك و يقول الجبرتى فى تاريخه :-
وقف العربان وقطاع الطرق بحميع الجهات القبلية والبحرية والشرقيةوالغربية والمنوفية والدقهلية وسائر النواحى فمنعوا السبل وقطعوا طريق المسافرين ونهبوا المارين من أبناء السبيل والتجار وتسلطوا على القرى والفلاحين ... ووثب أهل القرى على بعضهم وتقوى القوى على الضعيف . انتهى النص ولسانى يردد اللهم اجعل بلدنا أمن أمان وأحفظ قريتنا ناهيا بحفظك كما حفظتها فى ذلك الزمان .
نعم لقد نجت قريتنا ناهيا من كل هذا الإضطراب بفضل الله وحفظه فقيض لها الشيخين / أحمد الزمر ومحمد المهدى بما لهما من علم وحلم وهيبة وكرامة ؛ كما قيض لها البحر يحيط بها ويمنعها بما له من تخويف ورهبة ؛ هذا الماء حفظ قريتنا فصرف الفرنساوية عن دخولها كما صرف الأخرين عن دخولها من قبل ومن بعد ؛ ومن لطف الله بقريتنا أن يمتلك الشيخ/ أحمد الزمرأرض ناهيا فىعام 1775م من بعد أن كانت أوقافا ً سلطانية فلم تكن للمماليك أى فرصة لدخول قريتنا ليسكنوها أويتملكوا فيها فنجت من دسائسهم وفتنهم ؛ ومن لطف الله بقريتنا أن جاء منها الشيخ/ محمد المهدى وهو من هو فى مكانته المرموقة لدى الفرنساوية فدافع بعلم وحلم وحنكة وسياسة وكلها صفات موروثة وكانت سببا فى تسمية قريتنا بهذا الإسم الطيب ؛ كل هذه الأقدار جعلت قريتنا بعيدة عن أى عمل عسكرى وتأكد لى هذا اللطف وهذا الحفظ من بعد الإطلاع على أمهات المراجع التاريخية .
من المواقف الرائعة الى سجلها التاريخ للشيخ/ محمد المهدى ذلك الموقف الذى دافع فيه عن مصر {القاهرة} وأنقذها من هجوم فرنسى مدمر ؛ فبعد أن راجت الإشاعات بأن أهل مصر عاملون على إثارة الثورة ضد الفرنسيس قام الجنرال/ دوجا بإستدعاء الشيخ المهدى وكلمه فحاجه المهدى ونفى الشائعة فتراجع القائد الفرنسى عن الهجوم وهكذا إستطاع ابن ناهيا أن يدافع عن أهل مصر بحنكة وسياسة وحلم .
فى يوم الأربعاء 10/7/1799م عمل الشيخ / محمد المهدى وليمة عرس لزواج أحد أولاده ودعا نابليون وأعيان الفرنساوية فتعشوا عنده وذهبوا ؛ المصدر تاريخ الرافعى لم يحدد مكان الوليمة ولو كانت فى ناهيا لعلمنا بها بالتواتر من الأجداد والمؤكد والمرجح أنها كانت فى بيت الشيخ بمصر .
بعد مقتل كليبر على يد / سليمان الحلبى فى 14/6/1800م وبعد ماتبين أن سليمان طالبا بالأزهر الشريف جاء كبير الفرنساوية ومعه الأغا المحتسب فى 16/6/1800م وطافوا بأروقة الأزهر وأرادوا حفر أماكن للتفتيش على السلاح ؛ وفطن الشيخ/ المهدى إلى خطورة الموقف خاصة أن مصاب الفرنساوية فادح وأليم وقد يجعلهم يمكرون أثناء الحفرفيهدمون أساس الجامع الأزهر فينهدم معه منارة حفظت الدين واللغة والتاريخ ؛ فقام الشيخ/ المهدى من فوره وبالإتفاق مع الشيخ/ الشرقاوى والشيخ/الصاوى فتوجهوا فى عصر ذات اليوم إلى قائد الحملة "مينو" واستأذنوه فى قفل الجامع وتسمير أبوابه نهائيا ً ؛ وقصد المشايخ من ذلك قطع الريبة بالكليةوالحفاظ على الجامع الأزهر فحاز الرأى قبول القائد الفرنسى وتم غلق الجامع تماما ً من سائر الجهات وجاءت الخيول الفرنساوية فوقفت أمامه ومن حوله حتى أعيد فتحه وتنظيفه وكنسه فى 1/7/1801م ؛ هذه السطور خلاصة ما قاله الرافعى فى كتابه.
وهكذا إستطاع إبن ناهيا أن يحافظ على سلامة الجامع الأزهر الشريف ليستمر فى أداء رسالته على مر السنين ولولا عناية الله وتسخيره وقيضه لذلك الشيخ/ المهدى لأنهدم الأزهر وأنطفأت منارة العلم فى مصر والعالم الإسلامى فالحمد لله على عنايته وحفظه والحمد لله على هذا السبق والتشريف .
ومع كل هذه المكانة وذلك التشريف لم يسلم الشيخ/ المهدى من أذى الفرنساوية فتم حبسه مع الشيخ/ السادات والشيخ/ الشرقاوى والشيخ/ الأمير وأخرين بسجن القلعة حتى أفرج عنهم حضرة الصدر الأعظم قائد الجيش العثمانى فى 2/7/1801م .
ولد محمد على باشا فى عام 1769م بمدينة قوله من بلاد اليونان التى كانت تحت حكم الخلافة العثمانية والتحق بالجيش العثمانى وجاء مع الأسطول لطرد الفرنسيين من مصر.
فى سنة 1804م ثار أهل مصر على حكم المماليك بسبب فرضهم للضرائب الباهظة على الناس واستغل محمد على هذه الفرصة ونزل بحنوده إلى الشوارع والحارات وتعهد لزعماء الثورة بأن يرفع هذه الضرائب وتصدى لعسكر المماليك وحاصر بيوت زعمائهم فانسحبوا من القاهرة إلى الصعيد .
وتولى خورشيد باشا حكم مصر بإقتراح من محمد على ؛ ولم يكن خورشيد مطمئنا ًلموقف محمدعلى وكسبه عطف وحب الشعب المصرى وثقة زعمائه ؛ فحاول التخلص منه فاستصدر فرمانا ً بتولية محمد على حكم مدينة جده فى مايو 1805م فرفض محمد على مستندا ً على تأييد العلماء المصريين وحبهم له ؛وبالفعل إجتمع العلماء والمشايخ وسط تجمع شعبى كبير وأعلنوا عزل خورشيدباشا عن الحكم وتولية محمد على ؛ وتم كتابة محضر هذا الإجتماع فى 13/5/1805م بخط يد الشيخ / محمد المهدى ؛ واستمر محمد على حاكما لمصر حتى جاء الفرمان السلطانى فى 9/7/1805م متضمنا عزل خورشيد والإعتراف بمحمد على واليا ً على مصر حيث رضى عنه العلماء والرعية من أهل البلاد المصرية ؛ هذه السطور هى خلاصة ومعانى ماورد بالمراجع التاريخية والكتب المدرسية.
وهكذا شاركت ناهيا فى الأحداث وعملت على تأكيد الإرادة الشعبية والمطلب الشعبى بكل حماس وصدق .
المحضر المكتوب فى 13/5/1805م محرر بخط يد الشيخ/ محمد المهدى العباسى الحفنى الحنفى مفتى المذهب الحنفى بمصر وجاء فيه ما نصه :--
إن للشعوب- طبقا ًلما جرى به العرف قديما وما تقضى به أحكام الشريعة – الحق فى أن يقيموا الولاة ولهم أن يعزلوهم إذا إنحرفوا عن سنن العدل وساروا بالظلم ؛ لأن الحكام الظالمين خارجون على الشريعة .
عن هذه الفقرة يؤكد الدكتور/لويس عوض فى بحثه عن الحياة النيابية فى العصر الحديث ويقول ما نصه:-
أنها قننت مبدأ الأمة مصدر السلطات وأن هذه الجملة كانت مقدمة لنشأت الفقه الدستورى فى تاريخ مصر الحديثة .
وأظن أنه لايغيب عن فهم القارئ الكريم أن الشيخ/ المهدى إبن ناهيا قد سبق زمانه بفكرراقى وتصرفات حضارية فسطر كلمات بارعة ومواقف لامعة فى ذاكرة التاريخ .
فى يوليو1806م إستجاب السلطان العثمانى لمطلب إنجلترا فأصدر فرمانا ً بنقل محمد على إلى ولاية سالونيك فى مقدونيا فاستنجد بزعماء الشعب فسارعوا بتقديم التماسا للسلطان العثمانى يعلنون فيه رغبتهم ورغبة الرعية فى بقاء محمد على ليحكم مصر وهكذا انتصرت إرادة الأمة بفضل زعمائها من مشايخ الأزهر الشريف يتقدمهم السيد / عمر مكرم الحسنى نقيب الأشراف والشيخ/ محمد المهدى العباسى الحفنى الحنفى مفتى المذهب الحنفى بمصر .
محمد على إطمأن إلى ثبات مركزه فى مصر وأدرك أنه لابد من القضاء على الزعامة الشعبية التى ساعدته فى تولى الحكم وخاصة السيد/ عمر مكرم والشيخ/ محمد المهدى وحتى تتم له السيطرة والإنفراد بمقاليد الحكم فقام بعزل السيد / عمر مكرم من نقابة الأشراف لأنه عارض فرض الضرائب التى تثقل كاهل أبناء الشعب ونفاه إلى دمياط بالإجبارفى سنة 1809م وفى عام 1811م تولىالشيخ/ محمد المهدى مشيخة الأزهر خلفا للشيخ/ الشرقاوى وبتزكية منه فسار فيها سيرا ً حسنا ً ودان له جميع مشايخ الأزهر وزاد الأمراء فى تعظيمه وقلت على يديه الشرور والمفاسد وكثرت به المرتبات من النقود والكساوى والجرايات المتجددة تولى لفترة قصيرة ولكن محمد على لم يقره عليها وأثر بها الشيخ/ محمد الشنوانى ؛ ورحل الشيخ/ محمد المهدى إلى ثغر الأسكندرية وأقام فيها ، هذه السطور هى معانى ماورد بالخطط التوفيقية جزء رقم أربعة .
ثورة يوليو 1952م أغفلت الإشارة إلى الشيخ/ المهدى من قريب أوبعيد فى حين أنه كان يساوى السيد عمر مكرم والشيخ عبدالله الشرقاوى والشيخ الدردير وغيرهم فى علو مكانتهم بين الناس بل ربما كان يتفوق عليهم بنبوغه وذكائه ومواقفه التاريخية بدليل أنه عندما سيطر الفرنساوية على مصر كان الشيخ المهدى من العلماء الخمسة المسموح لهم على مستوى القطر المصرى بدخول مصروهم يركبون الخيل أوالبغال وهى وسائل النقل المتاحة فى ذلك الوقت وما عداهم من الناس يدخلون سيرا على الأقدام وذلك كدأب المستعمرين لفرض سيطرتهم وسطوتهم على الناس .
وعلى مايبدو أن حكومة الثورة قد قرأت ما قاله الجبرتى عن الشيخ ولم تنظر إلى أفعاله ومواقفه المتميزة التى سجلها الجبرتى وعلى طريقة قراءة أية لا تقربوا الصلاة ... تركوا قراءة بقية التاريخ واعتبروا الشيخ متعاونا ً مع الإحتلال وخائنا ً للوطن !!
أنها قننت مبدأ الأمة مصدر السلطات وأن هذه الجملة كانت مقدمة لنشأت الفقه الدستورى فى تاريخ مصر الحديثة .
وأظن أنه لايغيب عن فهم القارئ الكريم أن الشيخ/ المهدى إبن ناهيا قد سبق زمانه بفكرراقى وتصرفات حضارية فسطر كلمات بارعة ومواقف لامعة فى ذاكرة التاريخ .
فى يوليو1806م إستجاب السلطان العثمانى لمطلب إنجلترا فأصدر فرمانا ً بنقل محمد على إلى ولاية سالونيك فى مقدونيا فاستنجد بزعماء الشعب فسارعوا بتقديم التماسا للسلطان العثمانى يعلنون فيه رغبتهم ورغبة الرعية فى بقاء محمد على ليحكم مصر وهكذا انتصرت إرادة الأمة بفضل زعمائها من مشايخ الأزهر الشريف يتقدمهم السيد / عمر مكرم الحسنى نقيب الأشراف والشيخ/ محمد المهدى العباسى الحفنى الحنفى مفتى المذهب الحنفى بمصر .
محمد على إطمأن إلى ثبات مركزه فى مصر وأدرك أنه لابد من القضاء على الزعامة الشعبية التى ساعدته فى تولى الحكم وخاصة السيد/ عمر مكرم والشيخ/ محمد المهدى وحتى تتم له السيطرة والإنفراد بمقاليد الحكم فقام بعزل السيد / عمر مكرم من نقابة الأشراف لأنه عارض فرض الضرائب التى تثقل كاهل أبناء الشعب ونفاه إلى دمياط بالإجبارفى سنة 1809م وفى عام 1811م تولىالشيخ/ محمد المهدى مشيخة الأزهر خلفا للشيخ/ الشرقاوى وبتزكية منه فسار فيها سيرا ً حسنا ً ودان له جميع مشايخ الأزهر وزاد الأمراء فى تعظيمه وقلت على يديه الشرور والمفاسد وكثرت به المرتبات من النقود والكساوى والجرايات المتجددة تولى لفترة قصيرة ولكن محمد على لم يقره عليها وأثر بها الشيخ/ محمد الشنوانى ؛ ورحل الشيخ/ محمد المهدى إلى ثغر الأسكندرية وأقام فيها ، هذه السطور هى معانى ماورد بالخطط التوفيقية جزء رقم أربعة .
ثورة يوليو 1952م أغفلت الإشارة إلى الشيخ/ المهدى من قريب أوبعيد فى حين أنه كان يساوى السيد عمر مكرم والشيخ عبدالله الشرقاوى والشيخ الدردير وغيرهم فى علو مكانتهم بين الناس بل ربما كان يتفوق عليهم بنبوغه وذكائه ومواقفه التاريخية بدليل أنه عندما سيطر الفرنساوية على مصر كان الشيخ المهدى من العلماء الخمسة المسموح لهم على مستوى القطر المصرى بدخول مصروهم يركبون الخيل أوالبغال وهى وسائل النقل المتاحة فى ذلك الوقت وما عداهم من الناس يدخلون سيرا على الأقدام وذلك كدأب المستعمرين لفرض سيطرتهم وسطوتهم على الناس .
وعلى مايبدو أن حكومة الثورة قد قرأت ما قاله الجبرتى عن الشيخ ولم تنظر إلى أفعاله ومواقفه المتميزة التى سجلها الجبرتى وعلى طريقة قراءة أية لا تقربوا الصلاة ... تركوا قراءة بقية التاريخ واعتبروا الشيخ متعاونا ً مع الإحتلال وخائنا ً للوطن !!
ولكن كيف يكون خائنا ً وهو من رشحه الشيخ الشرقاوى لمشيخة الأزهر خاصة إذا علمنا أن الرأى العام بالقطر المصرى كله يثق بالشيخ الشرقاوى ؟
وعلى مايبدو أن هذا الفهم الخطأ والمعلومة المغلوطة هما سبب إسقاط حكومة الثورة لذكر الشيخ المهدى فأغفلت دوره فى الحفاظ على الجامع الأزهر ودوره فى بناء مصر الحديثة ؛ وهكذا تتباين الأراء وتختلف عند قراءة التاريخ ولكن ستبقى إرادة الله فوق كل إرادة والله المستعان .
وفى سنة 1814م توفى الشيخ /محمد المهدى عن عمر يناهز الخامسة والسبعين ودفن إلى جوار قبر أستاذه/ الشيخ محمد الحفنى وسبحان الحى الذى لا يموت ؛ وهكذا أخى القارئ الكريم يتبين وبكل وضوح أهمية وخطورة الدور الذى قامت به ناهيا فى بناء مصر الحديثة من خلال مشاركة أبنائها فالحمد لله على هذا السبق وذلك التشريف . &&&